المشاعر المقدسة: طارق الثقفي وعلي شراية ونادر العبد الرحمن تصوير: غازي مهدي وعدنان مهدلي ومسفر الدوسري وأحمد حشاد بمغيب شمس هذا اليوم ثالث أيام التشريق، تنتهي في المشاعر المقدسة، شرعيا، مناسك الحج لهذا العام 1433ه، ولكنها تستمر في المسجد الحرام لمن لم يؤد العمرة أو طواف الوداع. وأعلن الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، نجاح حج هذا العام، مهنئا بهذه المناسبة حجاج بيت الله الحرام الذين توافدوا من كل أنحاء العالم ليؤدوا هذه الفريضة على سلامتهم، وعلى كل ما قدم لهم من خدمات من المملكة العربية السعودية التي نذرت نفسها لخدمة ضيوف الرحمن، وعلى اهتمام قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده، اللذين وفرا جميع السبل وأسباب الراحة والخدمات لحجاج بيت الله الحرام، شاكرا لجنة الحج العليا، برئاسة الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية، على كل الجهود التي بذلها الأعضاء والمؤسسات والهيئات المشاركة في خدمة الحجيج. بدوره، أعلن الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، وزير الصحة السعودي، أمس، سلامة حج هذا العام، وخلوه من الأمراض الوبائية أو المحجرية، مؤكدا أن حجاج بيت الله الحرام يتمتعون بالصحة والعافية. وفي الوقت الذي استقبلت فيه المدينةالمنورة مع مغيب شمس يوم أمس، طلائع الحجاج المتعجلين من ضيوف الرحمن، القادمين إليها من مكةالمكرمة بعد انتهائهم من أداء مناسك حجهم، قادمين لزيارة المسجد النبوي الشريف، والتشرف بالسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضوان الله عليهما والمكوث بطيبة الطيبة - بدأ حجاج بيت الله الحرام من المتعجلين مغادرة مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة تطبيقا لقول الله تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه)، معبرين عن سعادتهم بما من الله به عليهم من أداء نسك الحج بكل يسر وطمأنينة بفضل الله، ثم بفضل ما وفر لهم من الخدمات المتكاملة والرعاية الشاملة التي أحاطتهم بها الأجهزة المعنية بخدمة الحجاج. وقد تمكن حجاج بيت الله الحرام يوم أمس ثاني أيام التشريق من رمي الجمرات الثلاث بكل يسر وسهولة، مبتدئين بالجمرة الصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة، ثم توجه الحجاج المتعجلون إلى بيت الله الحرام لأداء طواف الوداع، وشهدت منشأة الجمرات تدفق حشود كبيرة من الحجيج الذين تمكنوا من الرمي براحة تامة وفي وقت يسير، ويرجع ذلك إلى خطة تفويج الحجاج عند منشأة الجمرات، حيث قامت قوات الأمن بتحديد مسارات متعددة للذاهبين إلى الجسر ومسارات أخرى للعائدين منه ويشرف عليها رجال الأمن العام وقوى الأمن الداخلي والحرس الوطني والمرور والكشافة والدفاع المدني، وغيرهم من الجهات المعنية بخدمة الحجيج، لتنظيم حركة التفويج على المنشأة لمنع الاختناقات والتدافع، فضلا عن سيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي التي توزعت في عدة مناطق تحت جسر الجمرات وفي جنباته. وكان الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، عقد مؤتمرا صحافيا بمقر الإمارة بمنى أمس، أوضح فيه أن هناك ما يزيد على 120 ألف رجل أمن في القطاعات الأمنية في خدمة ضيوف الرحمن، إضافة إلى 10.000 آلية و25 طائرة عمودية للدفاع المدني، و20 طائرة عمودية للأمن العام، يعمل بها 360 طيارا وفنيا، إضافة إلى 30 ألف كاميرا للمراقبة، و100 دورية أمنية متجولة، و200 مركز أمني. وكشف عن أن أمانة العاصمة المقدسة وفرت خلال حج هذا العام 12 ألف عامل نظافة في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، كما تم ضخ 3600 مليون متر مكعب من المياه في المشاعر المقدسة، وتم توفير طاقة كهربائية دون أي قصور أو انقطاع لأحمال تصل إلى 3300 ميغاواط. صحيا، أشار الفيصل إلى أن حجاج بيت الله الحرام حصلوا على خدمات صحية ذات جودة عالية من خلال 3500 سرير في 8 مستشفيات في مكةالمكرمة، و7 في المشاعر المقدسة، و150 مركزا صحيا، وتم إجراء أكثر من 2500 عملية متنوعة، بينها 400 عملية قلب وقسطرة، و8 حالات ولادة. واستعرض جهود هيئة الهلال الأحمر السعودي التي أقامت 152 مركزا للهلال الأحمر، ووفرت 510 سيارات إسعاف، و400 طبيب وإخصائي مساعد، و6 طائرات إسعاف جوي، وبين أنه شارك في خدمة ضيوف الرحمن 4500 كشاف في 8 معسكرات، وتم إرشاد 25 ألف حاج في عرفات ومنى. وأكد أن عدد الحجاج في هذا العام، وبحسب مصلحة الإحصاء، كان 3 ملايين و161 ألف حاج في هذا العام، «وفي الحقيقة، هناك إحصاء آخر، أو تعداد آخر من منشأة جسر الجمرات يبين أنه قد مر من فوق منشأة جسر الجمرات في أول يوم من الرجم في هذا العام (يوم العيد)، أكثر من 3 ملايين حاج، هناك فارق كبير في التعداد، وأنا أعتقد أن الرقم كبير جدا، وهو قريب جدا من 4 ملايين حاج في هذا العام». وأضاف: «للأسف الشديد، هناك زيادة كبيرة جدا من الحجاج غير النظاميين، الذين لا يحملون تصريحا، وهم بالذات سبب الافتراش، وهم سبب الكثير من المشاكل التي تحدث في الحج، ومعظم هؤلاء من المقيمين بالمملكة وغير سعوديين»، واستطرد: «ومع هذه الزيادة في الأعداد التي لم تكن محسوبة أصلا، لأنها غير نظامية، فإن الأمور - ولله الحمد - سارت بشكل جيد. ويعد موسم حج هذا العام أنجح المواسم التي مضت، ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يتم الأمر على خير، وألا نشهد في هذا اليوم أي تكدس في الحرم». ووصف رسالة الحج التي تقدمها المملكة العربية السعودية بأنها رسالة المملكة الحقيقية، قائلا: «هي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي تبرهن في كل عام على أن المسلمين إذا أخلصوا النية لله سبحانه وتعالى تجاوزوا اختلافاتهم الفرعية»، وأضاف: «إن اجتماع المسلمين ليس خطرا على العالم، وإنما اجتماع المسلمين هو في صالح هذا العالم، وإن الإسلام دين وسطية، وتحاب، وتعاون، وتكاتف، وتضامن». عن فشل مقاول النظافة في مكةالمكرمة في أعمال النظافة، قال الأمير خالد الفيصل: «لا أعرف لماذا هذا الفشل، لأن هذا من اختصاص وزارة الشؤون البلدية والقروية، وأمانة العاصمة المقدسة، لكن الذي أعرفه الآن أن هناك خطة ودراسة متكاملة لموضوع النظافة سوف تطبق في مشروع تطوير المشاعر المقدسة». وأكد رئيس لجنة الحج المركزية أن لجان الحج ليست مضطرة للرد على كل ما يرد في وسائل الإعلام الجديد، وقال: «هناك بعض الأمور التي تستدعي الرد، وهناك أحيانا مغالطات للحقيقة، إن المهم هو النقد البناء، وإذا كان هناك نقد بناء في وسائل الإعلام الجديد أو القديم، فنحن نرحب بالنقد البناء، ونشكر كل من يكتب عنه، وإذا أردنا الإصلاح فعلينا أن نبدأ بأنفسنا قبل أن نصلح الآخرين، أما إذا كان التهجم والافتراء لمجرد محاولة تشويه الصور الجميلة، فهذه لا تعنينا». وحول مسألة الافتراش والتزام مؤسسات حجاج الخارج بالتعليمات، قال: «إن معظم المفترشين، ومعظم الذين يحجون من دون تصريح ليسوا من حجاج الخارج، وإنما هم من حجاج الداخل، وهم من المقيمين في داخل المملكة، لأن حجاج الخارج كلهم يتبعون شركات تؤمن لهم السكن»، مبينا أن لجنة الحج المركزية تقوم كل عام بدراسة التقارير الميدانية التي تعالج المشاكل في وقتها. وأشار الأمير خالد الفيصل إلى أن هناك دراسة لتسوير المشاعر المقدسة، أعلن عنها في مجلس الوزراء، وأمر بها خادم الحرمين الشريفين في شهر رمضان الماضي، وبين أن هناك لبسا في معنى كلمة «تسوير»، وأن المقصود بها «التحكم في مداخل المشاعر المقدسة»، وهو جزء من أجزاء مواجهة الافتراش، ومواجهة الحج من دون تصريح. بينما أعدت الحكومة السعودية أجمل وأعظم هدية يعود بها الحاج إلى بلاده، حيث اعتمد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة هذا العام توزيع أكثر من مليون و800 ألف نسخة من المصحف الشريف بإصدارات وتراجم وأحجام مختلفة يحمل عبارة «هدية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى حجاج بيت الله الحرام» لضيوف الرحمن بعد أدائهم نسكهم والمغادرين إلى بلادهم عبر مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينةالمنورة، ومطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة وعبر المنافذ البرية والبحرية. يشار إلى أنه منذ صدور أمر خادم الحرمين الشريفين بتوزيع المصاحف لحجاج بيت الله الحرام من زوار مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم، تم توزيع أكثر من 30 مليون نسخة بإصدارات وأحجام متنوعة وبتراجم مختلفة. الشرق الأوسط