الخرطوم 21 أكتوبر 2016 بدأت جنوب أفريقيا إجراءات للإنسحاب من المحكمة الجنائية الدولية عبر الأممالمتحدة، وسط موجة انتقادات من منظمات حقوقية دولية للقرار الذي جاء بعد أيام من قرار اتخذته بوروندي بالإنسحاب أيضا من الميثاق المؤسس للمحكمة. البشير وكنياتا وجاكوب زوما في صورة تعود لقمة الاتحاد الافريقي العادية ال 21 باديس ابابا مايو الماضي حيث إجتمع المطلوبين للمحكمة الجنائية لأول مرة وأكدت وثائق نشرت يوم الخميس أن حكومة جنوب أفريقيا أخطرت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بانسحابها من المحكمة الجنائية الدولية. وبعث وزير التعاون والعلاقات الدولية ماتي نوكونا ماشابان في حكومة جنوب أفريقيا برسالة للأمين العام الأممي يبلغه فيها بقرار بلاده الانسحاب من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وأرجع الوزير قرار الانسحاب إلى "أن بلاده وجدت أن التزاماتها المتعلقة بإيجاد حلول سلمية للصراعات لا تتفق مع تفسير المحكمة الجنائية الدولية للالتزامات المدرجة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية". وأضاف في رسالته "نظرا لأن المادة 127 (أ) من نظام روما الأساسي تتطلب توجيه إشعار إلى الأمين العام للأمم المتحدة بالانسحاب منه، الذي سيدخل حيز النفاذ بعد عام من وصول هذا الإشعار إلى الأمين العام، وعلى هذا فإن جمهورية جنوب أفريقيا تنسحب من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية". وذكرت صحيفة "ديلي مافريك" التي تصدر في جوهانسبرغ، الجمعة، أن جنوب أفريقيا أخطرت الأممالمتحدة بهذه الخطوة الخميس، مشيرة إلى "انحياز" المحكمة الواضح ضد الدول الأفريقية. يذكر أن محكمة الجنايات الدولية أصدرت مذكرتي توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، في 2009 و2010 تتهمه بأرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتدبير إبادة جماعية في أقليم دارفور. ومنذ تأسيس المحكمة في 2002 شهدت 23 قضية في مراحلها المختلفة، منها 7 أجرت فيها تحقيقاً، جميعها بأفريقيا ما جعلها موضع إنتقاد من معظم دول القارة، وعليه قدم الرئيس الكيني أوهورو كينياتا مقترحا لقمة الاتحاد الأفريقي في يناير الماضي لإنسحاب جماعي من المحكمة، وأيد المقترح الرئيس التشادي إدريس ديبي الرئيس الحالي للقمة الأفريقية. ولم يتضح ما إذا كانت خطوة الحكومة الجنوب أفريقية ستحظى بموافقة البرلمان، حيث رفضت الحكومة العام الماضي توقيف الرئيس السوداني المطلوب لدى المحكمة لدى مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي في جوهانسبورغ. وقالت جنوب افريقيا في وثيقة الانسحاب إنها "وجدت أن واجباتها المتعلقة بالحل السلمي للنزاعات في بعض الاوقات لا تتناسب مع تفسيرات المحكمة الجنائية الدولية". وكانت جنوب أفريقيا قد أفادت لدى طلب المحكمة منها توقيف البشير "إنه يتمتع بحصانة بوصفه رئيس دولة عضو في الاتحاد"، كما صرح وزير العدل مايكل ماسوثا أن بلاده ستنسحب من المحكمة الجنائية الدولية لأن التزامات جنوب أفريقيا تجاه المحكمة لا تتوافق مع التزاماتها بتعزيز السلام في أفريقيا. وفي وقت سابق من هذا الشهر ألمحت كل من ناميبيا وكينيا لاحتمال الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية وتقول بعض الحكومات الأفريقية إن المحكمة أظهرت انحيازا ضد قادة القارة، على حد ما ذكر الرئيس الأوغندي يوري موسفيني الذي اعتبر المحكمة غير مجدية. من جانبها اعتبرت منظمة العفو الدولية في بيان، الجمعة، انسحاب جنوب أفريقيا من المحكمة الجنائية الدولية "خيانة عميقة الملايين من الضحايا في جميع أنحاء العالم"، ودعت البرلمان في هذا البلد للإنعقاد على وجه السرعة لإعادة النظر في قرار الحكومة. وقال مدير أبحاث منظمة العفو الدولية نتسانت بيلاي "إن قرار جنوب أفريقيا المفاجئ للانسحاب من المحكمة أمر مخيب للآمال للغاية ويقوض نظام العدالة الدولية". وتابع "دعم جنوب أفريقيا للمحكمة الجنائية الدولية، بعد تعرض البلاد خلال عقود من الفصل العنصري، كان خطوة هامة نحو خلق حقوق احترام المجتمعات في جميع أنحاء العالم". ونصح بيلاي جنوب أفريقيا لمناقشة مخاوفها المشروعة مع المحكمة بصورة بناءة، "بدلا من إتخاذ إجراءات تؤدي تضر بسمعة البلاد والنضال العالمي من أجل السلام والعدالة". وبحسب بيان المنظمة فإن قرار جنوب أفريقيا للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية يأتي في ظل قضية تنظرها المحكمة الدستورية في البلاد لتقرر ما إذا كانت الحكومة قد انتهكت التزاماتها بموجب القانون الدولي والمحلي عندما فشلت في إلقاء القبض على الرئيس البشير. وأشار إلى أن إخطار الانسحاب لا يؤثر على القضية وجنوب أفريقيا لا يمكن تجنب مسؤولياتها بموجب القانون المحلي والدولي من خلال الانسحاب من النظام الأساسي. كما انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قرار انسحاب جنوب أفريقيا من المحكمة الجنائية الدولية، وقال كبير الباحثين في المنظمة بفرع جنوب أفريقيا ديوا مافينغا بحسب (BBC) "إن مشروع جنوب أفريقيا بالانسحاب من المحكمة يحمل في طياته إزدراءا للعدالة من دولة عرفت بالريادة في الاقتصاص لضحايا الجرائم الكبرى". وأضاف أنه "في مصلحة جنوب أفريقيا والمنطقة كلها أن يتوقف الهروب من المسؤولية، وأن تستعيد البلاد رصيدها التاريخي في الوقوف مع ضحايا الجرائم الجماعية". ونشرت التقارير عن الانسحاب بعد أسبوع من زيارة رئيس جنوب أفريقيا، جيكوب زوما، إلى كينيا، التي انتقدت المحكمة الجنائية الدولية، لأنها اتهمت رئيسها، أوهورو كينياتا، بالضلوع في جرائم ضد الإنسانية، ونفى كينياتا الاتهامات وأسقطت التهم لاحقا لعدم كفاية الأدلة. وكانت بورندي، أعلنت الخميس انسحابها رسميا من المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة وصفتها المحكمة بأنها "انتكاسة لمكافحة الإفلات من العقاب". ولا يعني انسحاب بوروندي أنها ستكون تلقائيا بمنأى عن العدالة الدولية. فإذا لم يكن بمقدور المحكمة التحقيق في بلد غير عضو، فإنها يمكن أن تفعل ذلك إذا حصلت على ضوء أخضر من مجلس الأمن الدولي مثلما حدث بالنسبة للنزاع في دارفور وليبيا. وأثار قرار حكومة جنوب أفريقيا ردود أفعال على مستوى البلاد، وقال حزب التحالف الديمقراطي إنه سيتجه للقضاء لإبطال اعلان الانسحاب باعتباره غير قانوني، بينما دافع وزير العدل قائلا إن المعاهدات الدولية من صميم اختصاص الجهاز التنفيذي، والبرلمان تنحصر مهمته في تعديل القوانين. وطبقا لتوقعات فإن قرار جنوب أفريقيا مرتبط بزيارة الرئيس جاكوب زوما لكينيا قبل 10 أيام، وربما تتخذ الحكومتين الكينية والأوغندية قرارا مماثلا.