أعلن بنك السودان المركزي اليوم في بيان متداول ومنسوب له عن عزمه للبدء في اجراءات جديدة تفضي لتغير العملة خاصة فئة الخمسين جنيه، وارجع ذلك بسبب تزوير او التداول لعملة مزورة في السوق الحالي، وقال بيان البنك انه لا يعلم مصدر تلك العملة، وانه وضع إجراءات وعلامات تأمينية على الفئة الجديدة لحمايتها، دعنا نقبل ذلك العذر الغير مقنع لنأتي له لاحقا. بالنسبة لنا قد عرفنا أنهم يريدون تبديل العملة (فئة الخمسين جنيه)، ولكن نتسأل ما العلاقة التي تربط بين عملية التبديل وإجبار المواطنيين على فتح الحسابات في البنوك المختلفة، وعملية الإجبار جاءت مبطنة في سطور البيان، علما بأن الكل يعلم أن البنوك تعاني من شح في السيولة، وقد شكى عدد من المواطنين بانهم وجدوا صعوبة في سحب أموالهم من حساباتهم في الايام السابقة(رفعوا وكيلهم لله)، فضلا عن الصفوف التي تشهدها البنوك واكتظاظ العملاء فيه، وكذلك انعدام السيولة في الصرافات الالية، والحكاوي الكثيرة في ذلك الشأن، فما الذي يمنع التفكير بأن الحكومة تريد أن تستولى على ماتبقى من أموال المواطنيين؟. الأمر مثير للريبة والواضح أنه عملية احتيال جديد تبتكرها الحكومة عبر بنكها المركزي للإستحواذ على ماتبقى من أموال المواطنين كما قلنا، والتي اصبحت خارج يدها، والمواطن اصبح لا يثق في النظام المصرفي والبنوك لادخار امواله فيها، او انهم ابتكروا طرق تقليدية اخرى خارجها لحفظ اموالهم. فما فائدة البنك الذي يفشل في استرداد اموال عملائه وقت الحاجة؟ هذا اذا ما تركنا المزايا الاخرى التي يجب ان يتمتع بها العميل، وما الذي يجعل العميل ذليل للحصول على حقه؟. إجراء التغير حسب بيان البنك سيسبقه إجراءات اخرى مثل توفيق الأوراق الثبوتية لكل من يريد فتح حساب في البنك بالاضافة لاجراء فتح الحساب نفسه، وهذا سيشكل مصدراً آخر ابتكرته الحكومة لاستدرار بعض السيولة قبل عملية الاستيلاء الكبيرة على الاموال الموردة في الحسابات. الحكومة عليها أن تغير العملة متى ما أرادت وفق حسابات التكلفة، والمواطن له الحق في تبديل عملته مباشرة عبر المواقع المختلفة أو عبر تغذيته في حسابه، والعميل له الحق في إتخاذ أي إجراءات تكفل له الحصول على حقه خاصة إذا فشل البنك لتوفيرها، ولكن أزمة السيولة الاخيرة جعلت المواطن حائر أمام عجز البنوك لامداده بما في حسابه، لذلك عملية اجبار المواطنين لفتح حسابات هي سرقة واضحة. اخيرا البيان يدين تقاعس جهاز أمن النظام ويؤكد فشله في القيام بدوره لتأمين عملة الخمسين جنيه، لذا علي الجهاز إتخاذ المزيد من الإجراءات بالتعاون مع البنك المركزي لتأمين العملة الجديدة. أعتقد أن الأمر لا يستدعي تبديل واجبار المواطنين لفتح حسابات، بل يجب إتخاذ إجراءات لمحاصرة العملة المزورة بدلا من عملية الاستبدال المكلفة والباهظة الثمن، فاذا نفس التقاعس لحماية العملة موجود فهل سنغير كل مرة وما الذي يمنع من تزوير العملة الجديدة غدا.