شرع بنك السودان المركزي بالتعاون مع اتحاد أصحاب العمل الأحد في تسويق مبادرة تحت اسم (إيداع) ترمي لإعادة الكتلة النقدية الى المصارف بإقناع كبار التجار في أسواق العاصمة الرئيسية بإيداع أموالهم في حسابات البنوك شريطة الحصول عليها حال الاحتياج. مقر البنك المركزي السوداني وسط الخرطوم وقاطع الاف العملاء المصارف السودانية منذ عدة أشهر بعد تفاقم أزمة السيولة النقدية وعجز المصارف عن الإيفاء بمستحقات العملاء الموجودة في حساباتهم المصرفية، وعمد كبار التجار الى الاحتفاظ بأموالهم في المنازل والمتاجر بدلا عن ايداعها في الحسابات البنكية. ولم تقدم السلطات السودانية تفسيرا مباشرا لضياع أموال العملاء واكتفت بين الفينة والأخرى بتقديم وعود وتعهدات بأن حل الأزمة سيكون وشيكا دون أن تفي بما تقول. وطبقا لمعلومات حصلت عليها (سودان تربيون) فإن بوادر الأزمة أطلت برأسها منذ مطلع العام 2018 حين،دفعت شركة مطابع العملة الكائنة بالخرطوم، لإحدى الشركات الأوربية 27 مليون يورو لشراء مجموعة ماكينات جديدة، لكن مسؤولي مطابع العملة فوجئوا بعد وصول الماكينات وتركيبها إنها تعمل بكفاءة متدنية للغاية، بينما لم يسعف الوقت لصيانة اثنين من الماكينات القديمة وواجهت الشركة صعوبات كبيرة منذاك الوقت في توفير النقد. ومع انسداد افق الحل اضطر بنك السودان لطباعة العملة خارج البلاد، وأعلن رئيس الوزراء معتز موسى أن شحنات من النقد المطبوع في الخارج ستبدأ الوصول على أربع دفعات لمعالجة شح السيولة وبالفعل وصلت خلال نوفمبر الماضي إحداها لكن لم تحل الأزمة حتى اللحظة. وقال محافظ بنك السودان المركزي في تصريح حديث إن طباعة العملات خارج البلاد كلفت 200 مليون يورو. وحددت البنوك سقفا للسحب من الودائع بألفي جنيه خلال اليوم، لكن المبلغ نفسه تقلص إلى أن توقف تماما لدى بعض البنوك خلال الأيام الماضية. ومع تفاقم الأزمة أصبح مشهد الصفوف أمام ماكينات الصرافة الآلية مألوفا، كما تشهد ردهات البنوك اكتظاظا يوميا من العملاء أملا في أن يتكرم شخص ما بإيداع مبلغ يمكن شخص آخر من سحبه. وإزاء هذا الوضع أطلق بنك السودان المركزي مبادرة (إيداع) بالتعاون مع اتحاد المصارف واتحادات الغرف التجارية وأصحاب العمل يوم السبت مبادرة (إيداع) التي وقعها في حفل مشهود محافظ البنك المركزي محمد خير الزبير وسعود البرير رئيس اتحاد أصحاب العمل بحضور رئيس اتحاد المصارف السوداني عباس عبد الله عباس ومديري عموم المصارف العاملة في السودان. وتنص المبادرة على إيداع رجال الأعمال لأموالهم بالمصارف، على أن تلتزم المصارف بتوفيرها عند الطلب. وأكد محافظ بنك السودان خلال الحفل أن أي مبالغ تورّد نقدا من أصحاب العمل للمصارف ستوضع كأمانات تسدد عند الحاجة. وأضاف الزبير أن المبادرة تؤكد الروح الوطنية للقطاع الخاص السوداني لمواجهة الأزمات، وأنه بهذه المبادرة قد ضرب مثالا قويا لمواجهة المشكلة النقدية بالمصارف. الأحد تم تدشين هذه المبادرة من سوق ليبيا بأم درمان وهو أحد أكبر الأسواق في العاصمة السودانية، بايداع التجار مبلغ (500) مليون جنيه كدفعة أولى في عدد من البنوك بمحلية أمبدة. وقال نائب محافظ بنك السودان المركزي يحي جنقول إن القطاع المصرفي يمر بظرف غير طبيعي فيما يخص علاقة البنوك مع العملاء معلنا دعم المصارف بالنقد والسيولة الكافية. وأعتبر مبادرة ايداع النقود خطوة جادة في اتجاه إعادة الكتلة النقدية للمصارف ووجه البنوك بتمديد ساعات العمل لإنجاح المبادرة. وأوضح جنقول أن البنك المركزي ضخ خلال العام 2014 حوالي 7 مليار جنيه وفي العام 2016 16 مليار وخلال العام الجاري 48 مليار جنيها. وتابع " برغم الكمية الضخمة إلا أن الأزمة حدثت لأن الأموال التي تسحب لا يتم ايداعها"