كثف دبلوماسيون غربيون تواجدهم في ساحة ميدان الاعتصام بمحيط قيادة الجيش السوداني خلال الأسبوع الماضي. ورجحت مصادر موثوقة تحدثت ل (سودان تربيون) وجود تنسيق مشترك بين البعثات الدبلوماسية الأوربية والسفارة الأميركية للتواجد الدائم وسط المعتصمين لتأكيد دعم هذه الدول مطالب تسريع نقل السلطة الى حكومة مدنية، وبالتالي ممارسة نوع من الضغط غير المعلن على المجلس العسكري لحسم خلافاته مع قوى المعارضة والموافقة على نقل السلطة. وأطاح انقلاب عسكري بعد ضغط شعبي واسع بحكومة الرئيس عمر البشير في 11 أبريل المنصرم في أعقاب حكم امتد 30 عاما. غير أن المجتمع الدولي والإقليمي لا يفضل هذا النوع من التغيير، ولا يدعم سوى الحكومات التي تأتي للسلطة عبر تفويض شعبي أساسه الانتخاب. ومنذ السادس من أبريل اعتصم آلاف السودانيين في محيط قيادة الجيش لحث القوات المسلحة على الانحياز لمطلب تغيير النظام، وبالفعل استولت قيادات عسكرية على السلطة، لكن الاعتصام تواصل بدعم من قوى المعارضة لتشجيع العسكر على نقل السلطة لقيادة مدنية. سفير الاتحاد الأوربي لدى الخرطوم يشارك المعتصمين إفطار رمضان .. الخميس 9 مايو 2019 واستبدلت بعثة الاتحاد الأوربي الاحتفاء بيوم أوربا الذي يوافق التاسع من مايو في كل عام بتنظيم إفطار وسط المعتصمين بالميدان، بعد أن كانت تقيم في العادة حفل استقبال رسمي بمقرها في الخرطوم. وأشار تصريح للبعثة نشر على صفحتها ب"فيس بوك" الى أنهم أرادوا "التواصل مع شعب السودان، خاصة الشباب، في سعيهم لتحقيق العدالة والحرية والسلام ونقل السلطة إلى هيئة انتقالية مدنية قادرة على تلبية تطلعات الشعب السوداني". ونقل عن سفير الاتحاد الأوربي جان ميشيل خلال حفل الإفطار: " تشرفت بمقابلة العديد من الشباب من جميع أنحاء السودان الموجودين هنا بحثًا عن العدالة والحرية والسلام. إنه تذكير كبير بقوة الروح الإنسانية والرغبة في الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، وسيواصل الاتحاد الأوروبي دعم تلك القيم في السودان". وزار القائم بالأعمال الأميركي لدى الخرطوم استيفن كوتسيس ميدان الاعتصام ثلاث مرات، كانت الأولى في العاشر من أبريل أي قبل سقوط البشير ونظامه بيوم، ثم كررها بعد التنحي، والأربعاء الماضي تناول الإفطار في محيط الميدان مع احدى الأسر القادمة من ضاحية بري. وهاتف نائب وزير الخارجية الأميركية جون سوليفان الأسبوع الماضي رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان حاثا إياه على تسريع تسليم السلطة لقيادة مدنية والتوافق مع قوى المعارضة ممثلة في تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير". وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي السفيرة الهولندية وهي تخضع للتفتيش في أحد الحواجز التي أقامها الثوار على مشارف الميدان لضمان التأمين والحماية للوافدين. بدورها نشرت السفارة الفرنسية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تدوينة حول زيارة السفيرة ايمانويل بلاتمان بالميدان شكرت خلالها المتظاهرين الذين قالت إنهم استقبلوها بحرارة وشرحوا دلالة نشاطهم. وأضافت" شعرنا بنسائم الحرية التي اجتاحت هذا المكان واثار اعجابنا مستوى تنظيم المتظاهرون -مراكز الرعاية الطبية، والامن، والواي فاي، والامداد-فضلا عن ثراء المناقشات والمداخلات. وقالت إن طاقة وعزم المتظاهرين لبناء سودان جديد أكثر ديموقراطية، وانفتاحا وشمولا يدل على ان صفحة من تاريخ السودان طويت، بسقوط نظام حكم 30 عاما. وأردفت "تقف فرنسا الى جانب الشعب السوداني، الذي يجب الاستماع الى صوته ومطالبه بنقل السلطة الى المدنيين، ولديها الثقة في قدرته على بلورة رؤية مشتركة وتوافقية للحكم في مرحلة الانتقال التي اشرعت أبوابها". وتداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو ظهر فيه نائب السفير الألماني لدى الخرطوم ودبلوماسيين آخرين أثناء مشاركتهم المعتصمين الغناء والرقص. وعبر السفير البريطاني لدى الخرطوم عرفان صديق في تدوينه بتاريخ 30 أبريل عن اعجابه الشديد بمستوى التنظيم الدقيق في ميدان الاعتصام. وقال " مستوى التنظيم الذي تم تطويره في الموقع مثير للإعجاب بشكل كبير.. حراس يفتشون الذين يدخلون الموقع لضمان الأمن؛ مراكز طبية مجهزة بلوازم الإسعافات والأدوية وأجهزة التنفس الصناعي لعلاج المحتاجين؛ منطقة للفنانين لرسم الجداريات والكتابة على الجدران لإلهام الحاضرين؛ المطابخ والمقاهي المتنقلة لتوفير المرطبات؛ خيام للذين يحتاجون إلى الراحة من أشعة الشمس الحارقة، أركان نقاش للتنوير". ويضيف " لكن كل هذا في خطر، لأن عدم الاستقرار السياسي الذي يحوم حاليًا على المشهد يهدد بتدمير كل ما تم تحقيقه .. لم يقم المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس السابق بتسليم السلطة إلى سلطة مدنية.. تخشى قوى الحرية والتغيير، وهي الجهة التي تقود المحادثات من أجل الانتقال للحكم المدني، أن يحاول الجيش إحباط الثورة ومنع تحقيق تغيير حقيقي". ودعا المتحدث باسم الأممالمتحدة، فرحان حق، الخميس، المجلس العسكري الانتقالي وبقية القوى السياسية بالبلاد، إلى العمل من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة بما يحقق تطلعات الشعب في الديمقراطية والحكم الرشيد والتنمية. وقال حق، خلال مؤتمر صحافي في نيويورك إن المنظمة تحث جميع الفرقاء على إجراء حوار شامل تلبية لاحتياجات المرحلة. وأشار إلى أن مستشار الأمين العام، نيكولاس هايسوم، عقد، الأربعاء في العاصمة الخرطوم، اجتماعاً مع المجلس العسكري الانتقالي، كاشفاً عن انخراط هايسوم مع قوى إعلان الحرية والتغيير من أجل إنجاز عملية انتقالية بقيادة مدنية.