وجه حزب المؤتمر الوطني انتقادات حادة للاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير حول الإعلان الدستوري المحدد لهيكل الحكم خلال الفترة الانتقالية، قائلا إنه "أفسح المجال أمام توجهات علمانية" واتسم بالثنائية بنحو يعقد مستقبل المرحلة المقبلة. وتوصل المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك في الشارع السوداني الى اتفاق في وقت متقدم من صباح السبت حول الإعلان الدستوري الذي يمهد الى تسليم السلطة لحكومة مدنية بشراكة محدودة مع قادة المجلس العسكري. وقال بيان للمؤتمر الوطني الذي أقصي من المشهد السوداني بعد عزل رئيسه عمر البشير، صدر السبت "إن الاتفاق الثنائي الذي أبرم بين الطرفين، أقصى كل مكونات الحياة السياسية والاجتماعية بما يعقد للأسف الشديد مستقبل الفترة الانتقالية من ممارسات سياسية متوقعة تقوم على الإقصاء والعزل والشمولية". وأشار الى أن الاتفاق تجاوز دستور 2005م، الذي جاء بإجماع كافة الأحزاب السياسية بدون استثناء، بعد اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)، والتي حظيت بتأييد كل دول المنطقة والمؤسسات الإقليمية والدولية. وأضاف "على خلاف تأكيد دستور 2005م على مرجعية الشريعة الإسلامية في التشريع، نجد أن الاتفاق سكت عن ذلك مفسحا المجال واسعاً أمام توجهات علمانية مطروحة في الساحة هي الأبعد عن روح الشعب وأخلاقه". ولفت الوطني في بيانه الى أن الاتفاق نص على تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني "بدون أي تفويض شعبي عبر برلمان منتخب". ورأى في ذلك انذارا بحجم الانتهاكات المتوقعة فيما يخص الحريات العامة والنشاط السياسي، ويقود البلاد إلى نظام دكتاتوري مستبد، "وإن تدثر بشعارات المدنية والديمقراطية تتحكم فيه مجموعة سياسية تأبى أن يشاركها الآخرون في تحقيق أهداف المرحلة الانتقالية وتجاوز تحدياتها". وتهكم الحزب مما أسماه فشل الوثيقة في الفصل بين السلطات السيادية والتشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم انها من أبجديات علم السياسة والفقه الدستوري وإنها بذلك " لا تستحق الاطلاع عليها". كما انتقد نص الاتفاق على تشكيل مجلس تشريعي بأغلبية من لونية سياسية واحدة، دون أي انتخابات أو تفويض، بنحو يصادر سلطة الشعب في التشريع، عبر قوانين ذات طبيعة سياسية بما يتوافق مع أجندتها الحزبية في تصفية حساباتها، وفي تجاوز وعزل واضح للعديد من القوى السياسية الوطنية ذات التاريخ العريق والدور الوطني البارز. وحمل المؤتمر الوطني المجلس العسكري الانتقالي باعتباره المستولي على مقاليد الأمور مسؤولية تسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بنهاية الفترة الانتقالية. وتابع " ولا يعفيه أي اتفاق أو وساطة لتجاوز هذا الواجب الجسيم، كما يقع عليه عبء الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وسلامتها، وحماية وحدة ترابها". وأردف البيان "إن أي وثيقة تعطل هذا الدور للمجلس وتمنحه لمجموعة سياسية لها أجندتها المعلنة في تفكيك عرى المجتمع، ومؤسسات الدولة وأجهزتها، بما فيها القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يجب أن تكون محل نظر من كل مشفق وحريص على البلاد وأهلها ومصالحها".