استيقظت الخرطوم صباح الاربعاء على نبأ غير متوقع حول بدء سحب القوات السودانية من حرب اليمن ، وهو ما كان يصعب التكهن به في الوقت الراهن بالنظر الى تأكيدات قوية من نافذين عسكريين بأن السودان سيواصل المشاركة في حرب اليمن. وبحسب صحيفة (التيار) فان عضو مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) ابلغ لاجتماع الثلاثي المنعقد ليل الاثنين بين مجلسي السيادة، والوزراء وقوى الحرية والتغيير، بسحب 10 آلاف من قواته المتواجدين في اليمن بعد انتهاء مدتهم كما أكد أنه لن يرسل قوات بديلة وتحدث وفقا للصحيفة عن بدء الانسحاب الفعلي للقوات السودانية المشاركة في "عاصفة الحزم". ويقدر عدد قوات (الدعم السريع) المشاركة في اليمن ب 30 ألف تصفهم تقارير يمنية بأنهم (بيادق وضحايا الحرب) في إشارة لمهامهم من جانب ولتعرضهم للقتل في جانب آخر. ولايعرف حتى الآن العدد الحقيقي لقتلى القوات السودانية في حرب اليمن حيث تحجم السلطات المختصة عن إعطاء أرقام بالخصوص، لكن العشرات من ذوي الجنود سيما في ولاية جنوب دارفور استقبلوا جثامين أبنائهم وسط تعتيم اعلامي كما تم دفن عدد آخر في المملكة العربية السعودية. وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان رهن قرار سحب هذه القوات بموقف الحلفاء في تحالف (عاصفة الحزم) السعودية والإمارات وفي تصريحات لصحيفة الانبدنت العربية قال "هذا الأمر يعتمد على شركائنا في التحالف وطالما ان هذه الشراكة لا تزال قائمة ومستمرة ستبقي قواتنا في اليمن ومغادرتها ترتبط بفض هذه الشراكة". وعقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في أبريل الماضي تزايدت المطالبات بسحب القوات السودانية من حرب اليمن، لكن باستثناء الدعوة الصريحة التي أطلقها الحزب الشيوعي، اكتفت مكونات سياسية في قوى الحرية والتغيير بالقول إن قرار سحب القوات " سيادي" في المقام الأول ورهنه اخرين بما يتوافق عليه اعضاء المجلس التشريعي الذي لم يتم تكوينه حتى اللحظة. وفي أغسطس الماضي قال قائد (الدعم السريع) محمد حمدان دقلو إنه " أكثر الخاسرين" من وجود القوات السودانية في اليمن، ومثل هذا التصريح بداية التكهن بأن المهمة أوشكت على النهاية. لكن الرجل أشار في ذات التصريح الى أن قرار سحب هذه القوات "متروك للشعب السوداني وللحكومة الجديدة"، غير أنه فيما يبدو قرر سريعا تنفيذ عملية السحب دون انتظار أن تبحث الحكومة الانتقالية الأمر ودون أن يتخذ الشعب قراره. ويؤكد مسؤول رفيع في قوى (الحرية والتغيير) حضر الاجتماع الثلاثي ل (سودان تربيون) الأربعاء أن الحديث عن سحب القوات من اليمن جاء في سياق التداول حول تقييم اداء الحكومة الانتقالية والأوضاع المعيشية والمشكلات الخاصة بانعدام المواصلات العامة، وأن حميدتي أعلن وعلامات الغضب تسيطر عليه، وقف مساهمات قواته بتخصيص سيارات لنقل المواطنين أو تنظيم القوافل بعد أن اعتبر البعض في ذلك محاولة منه لتلميع نفسه سياسيا، كما أبلغ المجتمعين بأن قوات (الدعم السريع) بدأت الانسحاب من اليمن، وهو ما يفسره مراقبون بأن الأمر اتخذ دون دراسة أو تخطيط مسبق. ولا يستبعد الخبير في العلاقات الدولية صلاح الدومة في حديثه ل (سودان تربيون) أن يكون الدور الدولي والتحولات الاقليمية سببا لإعلان الانسحاب خاصة وأن الحلفاء في السعودية والامارات يبحثون حاليا عن مخرج، بعد أن باتوا على يقين بأن الحرب لا يمكن ان تحسم الأزمة أو تحقق في الوقت ذاته اهدافهم خصوصاً مع بروز خلافات بين الرياض وأبو ظبي. ويشير الدومة كذلك الى تمدد الرفض الدولي لاستمرار الحرب من بين العوامل التي ساهمت في اعلان بدء سحب القوات غير أنه يلفت أيضا الى ان الواقع الداخلي والرفض لاستمرار حالة (الارتزاق) بالقوات -حسب تعبيره، هي التي دفعت كذلك لتسريع قرار الانسحاب.