بآمال كبيره تنظر الطوائف المسيحية في السودان إلى أن تتنزل شعارات ثورة ديسمبر الى الأرض لينعموا بالحرية والسلام والعدالة وإنهاء عقود من المشكلات التي عانتها الأقليات الدينية خاصة في التمييز بسبب الدين. وعلى مدى عقود خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير عانت الطوائف المسيحية من مشكلات أبرزها منع التصديق ببناء كنائس جديده إضافة إلى التضييق على زيارات كبار رجال الدين المسيحي من الخارج إلى السودان، فضلا عن معاناة الطلاب الأقباط في العطلات بالاضطرار للدراسة أثناء العطلات والأعياد المسيحية احيانا. ورغم غياب إحصاءات دقيقة لعدد السكان بالسودان وتقسيماتهم الدينية، الا أن الأقباط يشكلون الفئة الغالبة من الطائفة المسيحية بعد انفصال جنوب السودان عام 2011. وتقدر إحصائيات غير رسمية لبعض المراكز البحثية عدد المسيحيين في السودان بعد انفصال الجنوب بنحو 1.4 مليون نسمة. وأثناء الاحتجاجات العارمة التي شهدتها البلاد وليالي الاعتصام الطويلة أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم شكلت طائفة الاقباط حضورا لافتا وانسجاما عكس رغبة وامنيات بحدوث تغيير كبير في السودان ينهي سنوات معاناة طويلة برغم شعارات التسامح والحرية للمعتقد التي كان يطلقها قادة النظام المعزول لكن ما يجري على الأرض بيد السلطات الأمنية كان منافيا لما يقال. وبزوال نظام البشير لم تخيب الحكومة الانتقالية آمال الطائفة المسيحية فجاء تعيين رجاء نيكولا عبد المسيح في المجلس السيادي كأرفع منصب رسمي تحوز عليه الطائفة بردا وسلاما واشاع ارتياحا واسعا اواسطهم. ويقول وزير الشؤون الدينية والاوقاف نصر الدين مفرح ل (سودان تربيون) إن الحكومة الانتقالية تعمل على إصلاح القوانين خلال الفترة المقبلة لإتاحة المجال المسيحين لأداء شعائرهم الدينية دون أي قيود، وأن يحظوا بالحرية الكاملة حيث تضم وزارته حسبما أوضح إدارة متخصصة لشؤون الكنائس، ونفى في ذات السياق ما اشيع مؤخرا عن تعيينه مسيحيا وكيلا للوزارة. وردا على ما كانت الوزارة تعتزم السماح ببناء كنائس جديدة، قال مفرح إن وزارته حاليا في طور ترتيب الملفات، واضاف "هناك ملفات خاصة بالكنائس لم يتم فتحها بعد". وأصدرت حكومة ولاية الخرطوم في العهد السابق قراراً بإزالة 27 كنيسة في مناطق متفرقة من العاصمة بذريعة وجود مخالفات في بنائها. وبدأت بالفعل في إزالة بعضها، ما أدى إلى انتقادات داخلية ودولية عاصفة، ردّت عليها الخرطوم وقتها بأنّ الخطوة لم تقتصر على الكنائس، بل طالت الإزالة مساجد وخلاوي ومدارس مخالفة في سياق إعادة تخطيط الأراضي. وزير الشؤون الدينية نصر الدين مفرح والاثنين الماضي التقى وزير الشئون الدينية وكيل مطرانية كنيسة مارى جرجس انطونيوس فاكيوس وبحثا مطولا التعايش الديني بين المسيحيين والمسلمين. واكد الوزير اشتراكهم في الانسانية والديانات السماوية التي تجمع أكثر مما تفرق مضيفا ان الهدف الأساسي لكل انسان هو "الامان والسلام والمحبة". ويؤكد وكيل مطرانية كنيسة ماري جرجس انطونيوس فاكيوس ل (سودان تربيون) انه لم يكن مسموح لهم في السابق بناء كنائس. وأضاف" ما نطلبه من حكومة الثورة تطبيق شعارات الحرية والسلام والعدالة وحرية الشعائر الدينية والتي ينضوي تحتها بناء الكنائس متى احتاج عدد السكان المسيحيين". وقال إن الاجتماع الأخير مع الوزير ناقش مراعاة الدولة للعطلات في الأعياد المسيحية وتضمينها في العطلات الرسمية للدولة خاصة أن الطلاب المسيحيين في المدارس والجامعات في بعض الأحيان يجلسون لأداء الامتحانات حتى في العطلات الخاصة بالمسيحيين. وأوضح فاكيوس أن الوزير وعد بمعالجة القضايا التي تهم المسيحيين وقال إنهم ناقشوا أيضا مسألة دخول رجال الدين من الخارج خاصة أنه كان يشهد تعثرا في ظل النظام السابق مشددا على أهمية إتاحة ذلك بشكل أفضل في ظل حكومة الثورة. وأكد القمص أن التعايش الديني سيكون أفضل كثيرا مما كان عليه سابقا في عهد النظام المعزول مشيرا إلى أنهم لم يعيشوا ابدا في مشكلات دينية مع الشعب السوداني الذي يستوعب بقدر عال الاختلاف الديني ويتقبله. وبرغم حالة التفاؤل هذه لكن ثمة مخاوف لازالت تسيطر على بعض المنتمين للطائفة، حيث يشكو نادر عمانوئيل من ان التمييز على أساس ديني لم ينتهي. ويقول ل "سودان تربيون" إن بعض القضاة لا يقبلون شهادة المسيحيين مطالبا الحكومة تحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة لكل الأديان مع تحسين وضع الخطاب الديني في المنابر والجوامع وهو ما سيسهم في التئام نسيج المجتمع السوداني.