قضت محكمة سودانية في الخرطوم السبت على الرئيس المعزول عمر البشير بالسجن عامين ومصادرة الأموال التي وجدت بمقر اقامته في قضية الإثراء الحرام وحيازة نقد أجنبي بطريقة غير مشروعة. وشهدت جلسات المحكمة أجواء مشحونة وتعالت هتافات مؤيدي البشير وذويه في مواجهة قاضي المحكمة بعد اتهامه بالجنوح الى حكم سياسي. وثارت ثائرة مؤيدي البشير ومحاميه حين تحدث القاضي عن اعتبار إعدام البشير لتاجر العملة مجدي محجوب في 89 سابقة قضائية مدعاة لتشديد العقوبة. ورأى محامو الرئيس المعزول في ذلك تسييسا للإجراءات ضد موكلهم . وامر القاضي بطرد مثيري الشغب داخل المحكمة كما غادرت هيئة الدفاع عن البشير القاعة قبل سماع تفاصيل الحكم النهائي. وأصدر القاضي الصادق عبد الرحمن حكمًا بإيداع البشير لعامين الإصلاح الاداري ومصادرة الأموال بالنقد الأجنبي التي وجدت في مقر اقامته بعد إن ادانه بالفساد المالي والثراء الحرام. وكانت قوات نظامية دهمت مقر إقامة البشير بعد عزله بأيام ووجدت في أحد المكاتب الملحقة بمقر اقامته مبلغ7 ملايين يورو، و350 ألف دولار، و5مليارات جنيه سوداني. وأفاد القاضي أن العقوبة المنصوص عليها في القانون بشأن التعامل بالنقد الأجنبي والثراء الحرام والمشبوه تقضي بإيقاع عقوبة السجن م بين 3-10 سنوات. ولفت الى أن المتهم – البشير – تجاوز السبعين من العمر لا يمكن معاقبته بالسجن في هذه المواد وانما يتم تغريبه – النفي من البلاد-الا ان مواجهته اتهامات في قضايا أخرى لا تتيح هذه العقوبة. وأمر القاضي تبعا لذلك بتخفيف العقوبة الى السجن عامين في الإصلاح الإداري. الا أن مواجهته بلاغات أخرى سيحتم ابقائه في سجن كوبر. وأمر القاضي أيضا بمصادرة العملات التي عثر عليها في مقر اقامته. وكان البشير رفض عبر محاميه تقديم التماس للقاضي لتخفيف العقوبة. وقال عضو هيئة الدفاع هاشم الجعلي، متجاهلا تحذيرات القاضي "طرحنا في مرافعة الدفاع بشهودها العدول كل ما يبرّئ موكلنا بحجج داحضة. المتهم لم يتسلم دولاراً واحداً، ولم يأخذاً دولاراً واحداً لمصلحته الشخصية". وتابع: "المحاكمة جرت في ظروف سياسية سيئة جداً تؤثر بالعدالة، وهو فوق السبعين من عمره، وهو ضابط في القوات المسلحة السودانية، وترقى إلى أن وصل القائد العام، وهو لن يسترحم أحداً، ولو أرادت المحكمة أن تحكم عليه بالإعدام، فلا يهمه ذلك". وفي اول رد فعل على الحكم قال تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير إن التهم المصوبة الى الرجل "لا تعدو أن تكون غيضا من فيض فساده وبداية لا أكثر لجرد الحساب". وأشار في بيان الى أن "هذا الحكم يمثل إدانة سياسية وأخلاقية للمخلوع ونظامه، وتكشف حيثيات المحكمة عن جانب من سوء إدارة الدولة والمال العام، لكنه قطعا ليس نهاية المطاف". وقال البيان إن صحائف اتهام البشير على موبقاته الأكبر تعمل عليها عدد من اللجان والنيابة العامة في مراحل مختلفة، وهي تشمل انقلابه على الديمقراطية، وتقويض الشرعية في 1989، وكل جرائم نظامه منذئذ. والبشير مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرتي اعتقال بحقه في عامي 2009 و2010 لتهم تتعلق بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية في منطقة دارفور السودانية.