لا تزال خطوة إعلان حكومة الانتقال بدء إجراءات التطبيع مع إسرائيل تثير جدلا كثيفا في السودان، فيما توسعت دائرة القوى السياسية المؤيدة للخطوة. وترفض التطبيع قوى في اليسار ومناصري القومية العربية على راسهم الحزب الشيوعي والبعث العربي علاوة على حزب الأمة القومي وكذلك الاحزاب اليمينية وعلى رأسها المؤتمر الشعبي والاصلاح الان، فيما تؤيده قوى المؤتمر السوداني والحزب الجمهوري وحزب الامة بزعامة مبارك الفاضل. وانحصر الجدل في السودان بصورة كبيرة حول منافع إقامة علاقات مع إسرائيل وعدم امتلاك الحكومة تفويض لاتخاذ قرار في هذا الشأن، لكن وزير العدل قال إن الحكومة تمتلك تفويضا لإدارة علاقات السودان الخارجية بما يحقق مصالح للبلاد مؤكدًا على وجود فوائد للتطبيع، دون أن يذكرها، رغم إشارته إلى جنيها سيكون في الأيام المقبلة. ورحب حزب المؤتمر السوداني، في بيان، تلقته "سودان تربيون"، ببدء الحكومة إجراءات اتصالات مع إسرائيل وإنهاء العداء بين الدولتين. وقال الحزب إن الخطوة تتطلب "من جميع بنات وابناء السودان إعادة تعريف علاقاتنا الخارجية لتقوم على قاعدة المصلحة الوطنية، وجعلها فوق كل اعتبار، وتغليبها على كل المصالح الأخرى". وأشار إلى أن التطبيع يجب أن يقوم على قاعدة "التأمين الكامل على تنفيذ مقررات الأممالمتحدة وحفظ كافة الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في قيام دولته المستقلة تأسيساً على مقترح حل الدولتين". ويعتبر المؤتمر السوداني من أبرز القوى السياسية المنضوية تحت لواء اتئلاف الحرية والتغيير – الحاضنة السياسية لحكومة الانتقال، الذي يبحث، الأحد، إعلان بدء إجراءات التطبيع مع إسرائيل. والجمعة، أعلن بيان مشترك بين رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء السودانيان ورئيس اميركا ورئيس وزراء إسرائيل، عن اتفاق إنهاء العداء بين الخرطوم وتل أبيب وتطبيع العلاقة بينها. وأعلن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، السبت، عن زيارة وشيكة لوفد من بلاده إلى السودان لبحث التعاون بين البلدين. من جانبه، قال الأمين السياسي للحزب الجمهوري عصام الدين خضر، إن حزبه يرحب بإقامة علاقات بين بلاده وإسرئيل، مشيرًا إلى أن هذا "هو الوضع الطبيعي وأن السودان يجب أن يتمتع بعلاقات جيدة مع كل دول العالم". وأكد خضر على أن موقف حزبه المؤيد لإقامة علاقات مع إسرائيل غير مرتبط بتحقيق أي مصالح. والحزب الجمهوري، أسسه المفكر الإسلامي الراحل محمود محمد طه الذي كان يطالب بإقامة علاقات مع إسرائيل قبل أكثر من 40 عام. وقالت وكالة السودان للأنباء إن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي يتزعمه مرشد طريقة الختمية محمد عثمان الميرغني، أعلن تأييده لخطوة التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب. من جانبها، قالت كتلة أحزاب نداء السودان إن رفع اسم السودان من القائمة يجعل البلاد تتخلص من أثقل تركات نظام الرئيس المعزول عمر البشير. واعتبر التحالف، في بيان، إعلان السودان التطبيع مع إسرائيل يضع البلاد في المسار الصحيح الذي يحقق مصالحها العليا. وفي صعيد ذي صلة، قال المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، السبت، إنه يرفض إقامة علاقات مع إسرائيل، مشيرًا إلى الأمر "يفتح باب مخاطر لوضعنا الانتقالي الهش، والفتن التي تؤججها قوى الردة والجماعات المتطرفة وكل المتربصين بالثورة". وأشار إلى أن قرار التطبيع "يشكل علامة فارقة في بيان خطل وانفرادية التصرفات المرتكبة خارج تفويض حكومة الفترة الانتقالية بمجلسيها السيادي والوزراء، وتتطلب مواجهته موقفاً قوياً يردع هذا التردي ويمنعها من الانفلات بسبب قرارات غير مسؤولة تخرق الوثيقة الدستورية، وتخلخل التوازن الهش القائم، مما يمهد الأوضاع لكافة سيناريوهات الانهيار".