يطالب ملايين السودانيين من العاملين في المشاريع الزراعية لعشرات السنوات بإسكانهم في قرى نموذجية تتوفر فيها الخدمات وفتح تحقيق بلانتهاكات الإنسانية التي ارتكبت بحقهم أثناء حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وقرر اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والجبهة الثورية في 3 أكتوبر الجاري، إقامة مؤتمر ل(الكنابي) بعد 45 يوم من التوقيع على الأراضي. و(الكنابي) هي مجتمعات مستقرة قرب المشاريع الزراعية المروية في عدد من ولايات السنوات، في مجمعات سكانية تفتقر للخدمات الحياتية وخدمات المياه والصحة والتعليم، لكون المساكن جرى تشييدها بطريقة عشوائية. وقال أمين شؤون الإدارات الأهلية لمركزية مؤتمر الكنابي، مصطفى ضيف الله، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء "يوجد 9 مليون من سكان الكنابي في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار والقضارف والنيل الأزرق وكسلا، يعملون بالزراعة". وأشار إلى أن أول سكان الكنابي ظهر بعد سقوط الدولة المدنية، بعد أن منع المستعمر الإنجليز أهالي دارفور وكردفان من العودة إليها خوفًا من اصطفافهم هناك ضده. وقال إنه بعد إنشاء مشروع الجزيرة الزراعي استقروا فيه، لتوفيره فرص عمل ، وذلك قبل أن يتمددوا في جميع المشاريع الزراعية. وأكد على أن موجة الجفاف التي ضربت إقليم دارفور في 1984، دفعت الكثير من أبناءها للرحيل إلى المشاريع الزراعية، لينضموا إلى سكان الكنابي. وكشف ضيف الله عن ممانعة نظام الرئيس المعزول عمر البشير تحويل أراضٍ زراعية إلى سكنية قام بعض سكان الكنابي بشرائها من أصحابها بغرض الاستقرار فيها. وقال إنه يوجد 300 قرية لم توافق الحكومة على تحويلها لمستقر سكني لهم، رغم شرائهم أراضيها من أصحابها في ولاية الجزيرة. ويعيش بعض سكان الكنابي قرب قنوات الري الزراعية، الأمر الذي عرضهم لأمراض مميتة مثل البلهارسيا والفشل الكلوي وأنواع السرطانات لعدم توفر مياه الشرب الصالحة. وقال ، إنهم أحصوا ألفين و95 كنبو في ولاية الجزيرة فقط. وطالب عابدين بتحويل الكنابي إلى قرى ومدن نموذجية في الأراضي المملوكة للدولة، مع توفير الخدمات الصحية والتعليمة ودور العبادة فيها. وتأسست مركزية مؤتمر الكنابي في 2003، لكن بدأ نشاطه فعليًا في 2013 من مصر، وذلك بسبب الأوضاع السياسية في البلاد إبان حكم البشير. وطالب عابدين بفتح تحقيق في الانتهاكات والعنف الذي مُورس ضد سكان الكنابي، بما في ذلك عمليات إحراق لبعض أبناء الكنابي والتهجير القسري، مشيرًا إلى أن تلك الانتهاكات جرت تحت غطاء قوات الشرطة والنيابة العامة. وقال إنهم يعكفون على إعداد ملف بهذه الانتهاكات لوضعه في منضدة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأكد عابدين وجود تمييز عرقي من مؤسسات الدولة على سكان الكنابي خاصة في استخراج الوثائق الثبوتية لتشككيها في عدم سودانيتهم. وهدد باللجوء إلى الأممالمتحدة لتُنصفهم حال لم تلبي حكومة الانتقال مطالبهم. وأدرجت قضية الكنابي ضمن القضايا ذات الخصوصية في اتفاق السلام التي أقرت بضرورة معالجة مشكلاتهم. وقال عابدين إن بعض الحركات المسلحة وضعت (متاريس) لمنع مناقشة قضية الكنابي في مفاوضات السلام، غير أن تدخل رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي جعل الكفة تميل لصالح مناقشة القضية.