الخرطوم 20 يوليو 2014 تظاهر مئات الصحفيين السودانيين في الخرطوم، الأحد، احتجاجا على اعتداء نفذه مسلحون مجهولون على رئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني، إثر اقتحامهم لمقر الصحيفة الكائن وسط العاصمة السودانية مساء السبت. محتجون من الصحافيين أمام صحيفة (التيار) وسط الخرطوم وتجمع نحو 500 صحفي في مقر الصحيفة ظهر الأحد، وتوجهوا سيرا على الأقدام إلى المجلس القومي للصحافة والمطبوعات وهم يحملون لافتات تطالب بحرية التعبير وكتب عليها عبارات مثل "صحافة حرة أو لا صحافة" و"لا لتكميم الأفواه". وسلم المحتجون المجلس مذكرة، تطالبه بالتدخل والقيام بواجبه في حماية الصحفيين. وأعادت واقعة الاعتداء على صحيفة "التيار" ورئيس تحريرها الى الاذهان، حادثة اغتيال الصحفي محمد طه محمد أحمد رئيس تحرير صحيفة "الوفاق" الذي اختطفته مجموعة مجهولة من منزله في سبتمبر 2006، واصطحبوه في سيارة مظللة بلا لوحات، وعثر على جثمانه جنوبي الخرطوم، وقد تم نحره وفصل الرأس عن الجسد. ووصف رئيس المجلس القومي للصحافة علي شمو الاعتداء على ميرغني ب"الغاشم والوحشي والغريب"، وشدد على أن الرأي الحر لا يقاوم بالضرب والتهديد. وقطع شمو مخاطبا الصحفيين الذين احتشدوا امام المجلس بوقوف الجميع صفا واحدا في مواجهة هذا النوع من "الإرهاب" ودعا أجهزة الأمن والشرطة للاسراع في توقيف الجناة، وتقديمهم للعدالة حتى ينالوا القصاص الذي يستحقونه. واضاف "إذا كان لميرغني رأياً لا يعجب الآخرين فعلى الآخرين أن يحاوروه أو يردوا عليه اما أن يستخدموا القوة بهذا الإسلوب فنحن نستنكره جدا ولا أعتقد أن الرجل الشجاع يجنح إلى مثل هذا النوع من الممارسات". وأكد شمو ان مجلسه يساند حرية الرأي و التعبير، وزاد "الصحافة إن لم تكن حرة فهي ليست صحافة". ووصف نقيب الصحفيين السودانيين محي الدين تيتاوي الاعتداء على عثمان ميرغني بأنه عمل جبان ومتخلف ويستحق الاستنكار، وقال "نرفض مقابلة الرأى بالعنف". من جانبها أدانت حركة "الإصلاح الآن" بزعامة غازي صلاح الدين الاعتداء على "التيار" وصاحبها عثمان ميرغني. وقالت الحركة في بيان، الأحد، "أن العدوان الآثم الذي تعرض له ميرغني وهو آمن في مكان عمله ما هو إلا تجسيد لواقع مؤلم وبائس يعيشه السودان حاليا"، وتابع البيان: "إن الشعوب الكريمة واأمم الحرة أضحت مدعاة للذل والإضطهاد من قبل فاقدي القيم والأخلاق ومحدودي العقل وشذاذ الآفاق من الناس". وقالت الحركة المنشقة من المؤتمر الوطني الحاكم أخيرا، إن البلاد بلغت مرحله تتداعى فيها عروة العقد الإجتماعي بين الدولة كسلطة مطلقة محايدة تجاه مواطنيها وبعض مكونات المجتع التي تتعامل مع الحياة وفق قانون الغاب. واعتبرت العدوان محاولة لمصادرة الحقوق الربانية في إبداء الرأي والتعبير عن الآراء بكل حرية بلا حذر أو خوف وطالبت بإجراء تحقيق فيما جرى وإلقاء القبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة في أقرب وقت ممكن "حتى لا تنجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه". واقتحم مسلحون ملثمون مقر صحيفة "التيار" قبيل افطار الرمضان بدقائق وأوسعوا رئيس التحرير ضربا قبل أن يبلغوه بأن موقفه من غزة "مخزي"، ونقل ميرغني على إثر ذلك للمستشفى. وكان ميرغني دخل في مساجلات بشأن التطبيع مع إسرائيل عبر برنامج تلفزيوني وعلى زاويته المشهورة "حديث المدينة" في صحيفة "التيار". ورد ميرغنى على منتقديه بأن الحلقة التلفزيونية جرى تسجيلها قبل نحو ثلاث أسابيع لكنها بثت في توقيت وصفه بالغريب بالتزامن مع الهجمات الاسرائيلية على قطاع غزة، مبديا قناعته الشديدة بما طرحه. يذكر أن صاحب عمود "حديث المدينة" كان قد كتب على زاويته في نفس يوم الاعتداء عليه عمودا انتقد فيه منهج أحد أئمة المساجد في الخرطوم الذي عاب على الناس طلب الرحمة لعازف الكمان المشهور محمد عبد الله "محمدية" الذي توفي الأسبوع الماضي". وتشير "سودان تربيون" إلى أن الفحوصات الطبية وصور الاشعة التي أجرت لميرغني أكدت عدم وجود إصابة بالغة أو خطيرة، باستثناء بعض الكدمات في الرأس والعين اليمنى. وأمر الأطباء ببقائه بالمستشفى لمزيد من الاطمئنان.