[email protected] رغم قناعتي بان الافراد مهما كانت درجة كارزيميتهم لن يغيروا مجرى التاريخ مالم تتوفر الظروف الموضوعية الباعثة على التغيير الا انني في نفس الوقت لن اقلل من دور الافراد في احداث التغيير بتطويعهم للظروف الموضوعية وكمثال على هذا النوع الاخير الاستاذ بونا ملوال الذي عقد مؤتمرا صحفيا قبل يومين اعلن فيه اعتزاله للنشاط السياسي المباشر وانكفائه فيما تبقى له من عمر على الكتابة صحفيا ومؤلفا للكتب وباحثا اكاديميا ونسال الله له طول العمر ولكن وبما انني لم اكن من حضور ذلك المؤتمر لست متاكدا ان كان سيادته قد ربط اعتزال النشاط السياسي بفصل الجنوب على اساس ان هذا هو الهدف الذي كرس له كل عمره السياسي وان جاء الامر على يد غيره من السياسين ؟ الاستاذ بونا ملوال سطع نجمه السياسي بعد اكتوبر وبالتالي فهو مجايل للذين قادوا العمل السياسي في السودان منذ ذلك الوقت من امثال الترابي ونقد والصادق وغيرهم كان بونا يقود جبهة الجنوب وهذة كانت متطرفة في موقفها من الشمال مقارنة بحزب سانو الذي كان يقوده الراحل وليم دينق الذي كان اميل للتفاهم مع الشمال ومن دعاة الفدارلية كما ان جبهة الجنوب بقيادة بونا سعت لفرض مبدا تقرير المصير في مؤتمر المائدة المستديرة . عمل بونا مع النميري خاصة بعد التخلص من اليسار ومن غريمه الراحل جوزيف قرنق وبعد اديس اببا سطع نجمه وكان وزيرا للاعلام ومقربا للنميري ولكنه اختلف معه بعد تفكيك اتفاقية اديس اببا وتقسيم الجنوب في مارس 1983 لابل ادخله نميري السجن من كرسي الوزارة مباشرة عند ظهور الانقاذ كان بونا من اكبر معارضيها وكان من المطالبين بالانفصال وكان من الذين روجوا لحكاية ممارسة الرق في السودان وكان الساعد الايمن للبارونة كوكس وتبلور نشاطه في الصحف التي راس تحريرها وفي منبر السودان الديمقراطي الذي اسسه في لندن وكان مسموع الكلمة لدى الجهات الغربية النافذة اختلاف بونا مع جون قرنق يتمثل في ان بونا كان قوميا جنوبيا ومن المنادين بانفصال الجنوب وعدم ربط قضية الجنوب بقضايا السودان الاخرى بينما قرنق كان قوميا سودانيا ورافعا لشعار التهميش وليس الاسترقاق استطاع بونا ملوال ان يغذي التيار الانفصالي داخل الحركة الشعبية خاصة بعد وفاة جون قرنق وكان قريبا من القائد سلفا . رغم اختلافه التكتيكي مع الحركة الا انه كان مؤيدا لمستخرجات نيفاشا خاصة فيما يتعلق بتقرير المصير الذي اعتبره مكسبا كبيرا ومن ثم عاد الي البلاد ومارس نشاطه من الداخل وكان قريبا من المؤتمر الوطني ومستشارا للبشير على اساس انه هو الذي يمكن ان ينفذ تقرير المصير . كما جمعه بالانقاذ عداء الحركة على طريقة عدو عدوك صديقك . رغم حسن علاقته الخاصة بالشمال الا انه ظل مع الانفصال قلبا وقالبا وقالها ذات مرة بصريح العبارة انه بعد ان ينفصل الجنوب سيعود للاقامة في بيته بضاحية اركويت بالخرطوم حيث زوجته اولاده المشبعين بثقافة الشمال وبهذة المناسبة كانت زوجته قد فتحت بيتها للشماليين الذين تعرضوا للمضايقة في احداث الاثنين الاسود الذي اعقب مقتل قرنق . الانفصال كيفما جاء هو هدف استراتيجي للسيد بوانا اما عدائه للحركة الشعبية فامر تكتيكي واخيرا عادت الحركة لما نادى به بونا وبعد رحلة طويلة وشاقة وربما يكون بونا من دعاة اقامة علاقات طيبة مع دولة الشمال وان يكون توجه الجنوب شماليا وليس نحو شرق افريقيا وربما يكون بونا غير راض عن طريقة ادارة الحركة للجنوب ولكن كل هذا لن ينفي ان الانفصال الذي تم ثمرة من ثمرات نضاله الطويل وبالتالي حق له ان يترجل ويتوسد وسادة شوق وينوم مرتاح وخالي البال (في اركويت) كما غنى وردي لاسماعيل حسن في (اسفاى) ويكتب للصحافة ويؤلف الكتب وعقبال بقية السعبنيين الاخرين. نشر بتاريخ 27-06-2011