شاهد بالفيديو.. كواليس حفل زواج الفنان عبد الله كنة.. إيمان الشريف تشعل الفرح بأغنية (الزول دا ما دايره) ورؤى نعيم سعد تظهر بأزياء مثيرة للجدل والمطربون الشباب يرقصون بشكل هستيري    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    شاهد بالفيديو.. كواليس حفل زواج الفنان عبد الله كنة.. إيمان الشريف تشعل الفرح بأغنية (الزول دا ما دايره) ورؤى نعيم سعد تظهر بأزياء مثيرة للجدل والمطربون الشباب يرقصون بشكل هستيري    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرحان أبو زيد Firmin Abauzit معلم جان جاك روسو البيعة (العلمانية).. وعقيدة أبن تيمية الجديدة
نشر في سودانيات يوم 07 - 07 - 2011


فرحان أبو زيد Firmin Abauzit
معلم جان جاك روسو البيعة (العلمانية)..
وعقيدة أبن تيمية الجديدة
1-2
دعما لمقالتي: العلمانية في مواجهة تأله الدولة الإسلامية - شبرا بشبر وذراعا بذراع، أجد أن أهم نقطة في مقالتي هذه هي النقطة التي تتعلق بالفيلسوف أبي زيد الذي علم الفلاسفة الفرنسيين البيعة الدنيويةsecular contract التي تؤسس لدولة لشعب nation-state (جان جاك روسو، مؤاف كتاب: العقد الإجتماعي Social Contract)، في مواجهة تأله الكنيسة وإعتقالها للدولة وتأسيس دولة الكنيسة church-state. والبيعة الدنيوية secular contract في جوهر أمرها هي ليست سوى (العلمانية) التي ضج بها شيوخ نجد وصدعوا بها العالم العربي فقسموه إلى إسلاميين وعلمانيين ملحدين منذ أكثر من نصف قرن – لمحاصرة جمال عبد الناصر وشعار الوحدة الذي رفعه.
بالله عليك كيف يمكنك أن تترجم البيعة الإسلامية المعروفة لدينا إلى الإنجليزية أو الفرنسية سوى بأنهاsocial contract . وعليه يجب أن يفهم القارئ الكريم أن كلمةcontract هي بمعنى البيعة.
إذن يجب على جانب الإسلاميين الحقيقيين، الذين يغلبون إعمال العقل ويؤمنون بالبحوث العلمية الحقيقية الجادة على أنها السبيل الوحيد كمنهج لتبيين الحق وإزهاق الباطل، وكذلك على جانب القوى الديموقراطية الحديثة التي دمغت ظلما بمصطلح العلمانية الهلامي الفارغ المحتوى، وحشرت بفضله في زاوية ضيقة، كلا من الجانبين عليهما أن يبطلا إستعمال مفردة العلمانية التي أستخدمت في غير محلها كرديف للإلحاد وفصل الدين عن الدولة. فالإسلام علماني (دنيوي secular) في سياق مشروعية الحاكمية المستمدة من بيعة الشعب، وحقيقة الإيمان في الإسلام إنه حالة فردانية رغم أن للجماعة وللعقل الجمعي دورا وظيفيا، كذلك الإسلام (القرآن) هو عقلاني لأنه خاطب ويخاطب العقل الإنساني ويطالبه بالترقي العلمي بكلياته دون تجزئة – إذ كل شيء في الكون يدخل في سنن الله ولا يخرج من سلطان الله.
تمشكلت مشكلة الإسلام قديما وحديثا فور رحيل صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم، ونجملها في التالي: لم ترغب السلطة السياسية في تطبيق البيعة ولم ترغب في الترقي العقلي – أعتقلت السلطة السياسية الدين. كلاهما –أي البيعة والترقي العقلي- يشكلان خطرا على نظام الحكم الإسلامي عند مبتدأه (لم تقم خلافة الخلفاء الثلاثة الأوائل على بيعة المسلمين بإستثناء خلافة الأمام علي عليه السلام)، وتعاظم ذلك الشعور بالخطر في نظام الحكم العائلي مع بدأية الحكم الأموي وإنتهاءا بعوائل دول الخليج. ولم يكذب الشيخ حسن الترابي حين قال: المسلمون (العرب) يعيشون في ضلالة سياسية عمرها أربعة عشر قرنا.
النقطة االتي أسمح لنفسي بذكرها وقد تغضب البعض، هي أن المعارضة السياسية في السودان بكل ألوانها قد استغرقت طاقتها ونفسها في دائرة مغلقة بلا طائل - دارفور والمؤتمر الوطني. نعم دارفور مشكلة سياسية وحزب المؤتمر الوطني نفسه مشكلة سياسية، ولكن أدوات المعارضة الأدبية والفكرية وخطابها السياسي هي أبعد من أن تحل أو أن تعالج هاتين المشكلتين.
لم ينتبه الجميع أن هنالك إختراق أيديولوجي سلفي تم تصديره من المملكة السعودية إلى السودان، وهذا الإختراق ليس لديه لافتات وعناوين بارزة حتى تراه قوى المعارضة السياسية وتتحصن ضده، بل تم الإختراق سرا عبر كتب أبن تيمية وتلاميذه التي تسربت بخفية وبنعومة إلى أيدي الإسلاميين داخل دائرة المؤتمر الوطني – وحتى في دائرة الشيخ الترابي الشعبيين، الذين آمنوا بغفلة وجهل بعقيدة ابن تيمية السعودية – وابن تيمية هو السلاح الإيديولوجي والتكتيكي والإستراتيجي (السياسي) للمملكة السعودية ودول الخليج. هذا الإختراق السعودي هو المتسبب في رفع بعض ضحايا ابن تيمية شعار الشريعة وتطبيقها بهيستيرية شبيهة الهوس العقلي.
لعبة المملكة السعودية السياسية الماكرة لإفتراس الجيران من الدول العربية هي اللعب على "وتر العقيدة"" – يشككون أولا في "عقيدة المسلم الموحد" لله بنفس أسلوب اللعب اللفظي لمفهوم العلمانية، وقد شرحنا لفظة العلمانية بمقالة مستقلة كيف أنهم أستخدموها بمكر وأستفادوا منه سياسيا. وبالمثل إذا آمنت أنت بما كتبه ابن تيمية وتلاميذه من عقائد ومعتقدات لفظية صرت رجلهم أي وهابيا. ومن أشهر تلاميذ ابن تيمية: ابن القيم الجوزية، وابن كثير، والذهبي، المزي، ابن أبي العز، ابن مفلح، وابن عبد الهادي ثم جنوده من ابن باز، ومحمد صالح العثيمين، ومقبل الوادعي، وسفر الحوالي، وسلمان العودة وعصام أحمد البشير الخ وحينها لن تركب مركبهم السياسي فحسب، بل ستصبح معتنقا لعقيدة جديدة a new belief يطلقون عليها زورا تصحيح العقيدة، أو تنزيه أو توحيد الخالق، وليس هنالك أقوى من العقيدة كدافع للسلوك في الإنسان، وعبر هذه العقيدة الجديدة سترى كل المسلمين من حولك غير موحدين – وإذا كنت أرعنا ستكفرهم.
وقبل أن أسترسل لتبيين هذه العقيدة الجديدة أحب أن أذكر نقطة مهمة جدا وهي أن الفتنة الإلهية في السياق الرباني لأمة محمد هي بلا شك متمثلة في ابن تيمية الحراني (661-728ه) – يقول الله تعالى: (الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) العنكبوت، آية 1-3. هذه الفتنة هي ملزمة للناس ..لا فرار منها، وهي بمعنى الإمتحان أو الإختبار –حتى يقيم الله عليك الحجة. وكان الإمام علي عليه السلام يعلم شيعته قائلا: لا تقولوا نعوذ بالله من الفتنة، قولوا نعوذ بالله من مضلات الفتنة!! لأن الفتنة بمعنى الإختبار هي قدر مقدور وقضاء مسطور – لا إنفكاك منها وهي جزء من الإيمان.
حين تدرس سيرة محمد عبد الوهاب، ستجد أن جده سليمان (شلومان) القرقوزي وهو في الأصل من يهود الدونم تركي، لذا ينسبون أنفسهم ليس إلى جدهم بل إلى أل الشيخ للتعتيم على الأصول. ولإضطهاد السلاطين العثمانيين لليهود هاجر سليمان القرقوزي لسوريا وأستوطن مدينة دوما، وكان يستخدم التقية بأنه مسلم، وحين كشف الأهالي خدعته فر بعائلته لمصر، ثم أيضا هرب من مصر فأستوطن الجزيرة العربية. الرجل سليمان القرقوزي أسلم، ثم أنجب أبناء منهم عبد الوهاب وبدوره هذا أسلم وحسن إسلامه حتى صار قاضيا شرعيا على مذهب الحنابلة. وبما أن بيت القاضي عبد الوهاب ابن سليمان ملئ بالكتب والمصادر الإسلامية خاصة لإبن تيمية وتلاميذه، ترعرع ابنه محمد في حضن كتب ابن تيمية وتلاميذه – ومن هنا أنطلقت الشرارة، أو خرج قرن الشيطان. تنبأ الأب سليمان بزيغ أبنه محمد ومنعه من التحدث في الدين، وكذلك أخيه سليمان كان يعلم بزيغ أخيه وكتب فيه كتابا: الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية. إذ هو في سن العشرين كان ابن عبد الوهاب يرى في زيارة البقيع والأضرحة كفر – وساح أرض العراق طلبا للعلم في البصرة ثم نحو كربلاء والنجف فطردوه أهل العراق الشيعة. وفي العراق لقطه الجاسوس الأنجليزي همفري 1710م الموكل من التاج البريطاني بفتح الطريق لتجارة الفلفل لشركة الهند الشرقية البريطانية ضد المنافسة الهولندية. ولكي يطمسوا هذه الحادثة التاريخية غيروا من تاريخ مولد ابن عبد الوهاب. لماذا لقطه همفري؟ البريطانيون ذاقوا الأمرين على يد الهنود المسلمين في الهند، فوجدوا ضالتهم في ابن عبد الوهاب لكي ترتفع سيوف المسلمين وتضرب بقوة على رقاب بعضهم البعض – قوى همفري من ظاهرة محمد ابن عبد الوهاب التكفيرية ودعمها – فكانت الوهابية.
تاريخ الوهابية له ثلاثة مراحل وفترات، يستحسن دراستها – ولكن الأهم هنالك كثير من الخلق لا يفهمون الصلة ما بين ابن تيمية ومحمد عبد الوهاب، الوهابية هي مجموعة كتب وتعاليم ومعتقدات ابن تيمية وتلاميذه لا غير، ونضيف شيئا آخر – ابن تيمية وتلاميذه بمجموعهم شاميون دمشقيون منحرفون عن آل البيت وينافحون ويبررون لمعاوية وأبنه وللأمويين قاطبة فسقهم وفسادهم – أي منحازون لبني أمية.
فما هي هذه العقيدة الجديدة!؟ نقول: يدور محورها في دائرة المحكم والمتشابه من آيات القرأن الحكيم. المتشابه لا يقصد به أن الآيات متشابهة - هذا إعتقاد سطحي لدى الكثير من الناس، وأنما التشابه المقصود هو ما بين اللفظ ومعناه المتجسد في الواقع. إذا سمعت او قرأت الكلمتين يد زيد، ستتكون في ذهنك صورة اليد التي تعرفها، وأذا سمعت أو قرأت مفردة بقرة، سترى في ذهنك صورة البقرة المتجسدة في الواقع. كيف بك إذن إذا قرأت في القرآن قوله تعالى: يد الله فوق أيديهم!! فماذا يمكن أن تتخيل؟ هل تستطيع أن تتخيل أن لله تعالى يد مثل ايدينا المحددة؟ إذا تخيلت ذلك فقد حددت الله تعالى وجعلته جسما. هذه هي الإشكالية. ولكن إذا علمت أن الاية (يد الله فوق أيديهم) من الآيات المتشابهة، وأن المتشابه من الايات يتبع المحكم من الايات مثل: (ليس كمثله شيء) أنحل الإشكال، وفهمت إستحالة أن يكون لله يدا مثل مخلوقاته.
ولكن ابن تيمية وتلاميذه صنعوا عقيدة جديدة، وهي: إذا انكرت أن لله يدا فقد (عطلت) في رأيهم احد صفات الله وانكرت آية من القرآن وهي في مثالنا الآية (يد الله فوق ايديهم)، وإذا كنتم جماعة تنكر هذه اليد يطلقون عليكم لفظة (المعطلة) لصفات الله، وإذا (عطلتها) فأنت أو انتم في نظرهم غير موحدين بل كفرة. هذه اللعبة اللفظية تفوت على عامة المسلمين لأنهم لا يعرفون المحكم والمتشابه من آيات القرآن الكريم. وقد تفوت حتى على المتعلمين لأنهم ايضا لا يعلمون المحكم والمتشابه من آيات القرآن الكريم، فضلا عن ان هذه الأمر لا يناقش لا سرا ولا علنا، وتوزع كتب ابن تيمية وتلاميذه في خفية للخاصة وللمتنفذين في مفاصل الدولة السودانية. ولا يخفى على الحصيف أن التناقض الظاهري بانكارك مدلول آية قرآنية إذا انكرت أن لله يدا كأنك انكرت القرآن كله، هو الذي يسقط الضحايا في شرك ابن تيمية وتلاميذه. ومعنى ذلك بالجملة ان ابن تيمية وتلاميذه لا يعملون بالمحكم والمتشابه في القرآن الكريم ولا يعترفون به – واترك جانبا ان لفظة المعطلة ليست مصطلحا شرعيا وهي من إختراع المتفقهة في علم الكلام.
هذه المقاربة التشبيهية، يد الله فوق ايديهم – هي مقاربة لفهمنا البشري، حتى نفهم مراد الله.
إذن السعودية تبني عقيدة جديدة بالإسلوب الخفي الذي تعودت عليه الماسونية، بل تمارس نفس طقوسها أي السرية، إذا اصبحت عضوا في دائرة ابن تيمية لن تعدم ان تفتح لك كل الأبواب من دعم مالي وتوظيف في السودان او في السعودية الخ. أخطر ما في هذا الأمر هو أن تعتقد الضحية أن المسلمين الموحدين غير موحدين، وإذا كنت احد ضحايا معتقد ابن تيمية قد يصل بك ابن تيمية وتلاميذه وجنوده إلى درجة تكفير المسلمين الموحدين قاطبة.
ونقول للمعارضة السياسية، أن هذه العقيدة الجديدة قد تسربت إلى العديد من الشخصيات التي لها موقع في الدولة السودانية والحياة العامة، فمثلا الطيب مصطفى صاحب صحيفة الإنتباهة أعتقلته متلبسا بالكتابة في عموده بعنوان كبير وصريح عن: درر ابن تيمية – ويشيد صاحب الإنتباهة بشيخ التكفيريين. نفس هؤلاء الضحايا يتحالفون مع الخط السلفي الوهابي الصريح الذي يقوده عبد الحي يوسف واضرابه وانصار السنة ويحثون بحماسة لرفع راية الشريعة – ولكنها شريعة ابن تيمية. وهذه الحماسة من قبل هؤلاء مردها الوهم بأن عقيدة كل السودانيين غير صحيحة في نظرهم وإنهم غير موحدين – إذن هنالك ثورة إنقاذ ثانية متدثرة بثورة الإنقاذ الأولى ولا تمت لها بصلة. وما مشروع اهل القبلة، ودمج التعليم الأصيل بالتعليم الحديث الخ ليست سوى مؤامرات محبوكة لتذويب الطرق الصوفية وشيوخها بسلاح ابن تيمية.
لماذا يمارسون أسلوب السرية لدعوتهم العقيدية الجديدة؟ أولا لأن ابن تيمية وتلاميذه من ضعف الحال والهزال الفكري بما لا يقاس – إذا اصبحت أفكار ابن تيمية موضوعا للبحث على الصعيد العام انكشف حال الرجل، ولتغطية هذا الضعف والتوهيم على ضعاف العقول يفخمون ابن تيمية ويلقيونه بشيخ الإسلام، وثانيا أن قضية تعطيل الصفات هذه قضية قديمة، وهذا الجدل حولها لا يستحق ان يكفر من أجلها المسلمون الموحدون، ولكن أسألوا أهل نجد او آل سعود فلديهم مآرب اخرى كأن يوحدوا المسلمين تحت راية ابن تيمية، ليس أقل من أن يضمنوا إستمرارية عروشهم. الأن دول الخليج تعمل على اللعب باسماء الله الحسنى بإخراج إسم وإدخال آخر، وهي اسماء توقيفية لا يمكن تغييرها بالزيادة أو النقصان، وبالرغم من ذلك لم نرى احدا في السودان من أدعياء الدين يمتلك حمية الرجال في دمه لكي يقول لا لدول الخليج.
وإن لم يكن هنالك من يقول لا لدول الخليج من رجال الدين السودانيين، فما هو دور المعارضة السياسية؟
في تقديري أن قيادة سياسية للمعارضة لا تفهم ما يتم تفعيله بخفية وما يعد للسودان من سيناريوهات خارجية خليجية، هي قيادة ليست جديرة كأن تقود المعارضة السياسية.
خاصة إذا فهمنا أن ظاهرة الدين هي أس الصراع ما بين الفئة القليلة المتسعودة وعموم الشعب السوداني الغافل، فليس أقل من فتح هذا الملف من قبل المعارضة السياسية، أي ملف أبن تيمية وتلاميذه، وفتح الأسئلة مثل إلى أين يقودنا المتسعودون ودول الخليج دينيا وسياسيا؟ ولا شك أن تفكيك المؤامرة السعودية وتفكيك طابورها الخامس وتحييدهما يبدأ من فتح ملف ابن تيمية والسؤال عن ماذا يكون هذا الرجل، وماذا يمثل في سياق الدين الحنيف، وهل تمثل عقائده الباطلة التوحيد الصحيح؟ وماذا هو موقفه من آل البيت وخاصة طعنه وبغضه لإمام المتقين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهم السلام؟ وماذا كان رأي معاصريه من العلماء في شخصه وتعاليمه وأفكاره - حتى لقبوه بالمنافق لقول النبي (ص) في علي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق!! وسخريته من إستشهاد سبط النبي (ص) الحسين عليه السلام؟ وهرطقاته أو سفاهته المتطاولة على الذات الإلهية: ابن تيمية يثبت في كتبه استقرار الله على العرش ويجوز استقراره على ظهر بعوضة – هذا هذا هو معتقده التوحيدي في رب العالمين، وينزل ابن تيمية درجتين على منبر مسجد دمشق ويقول للمصلين: هكذا ينزل الله من السماء العليا إلى السماء الدنيا – رجل هكذا معتقداته في تنزيه الخالق فكيف صار شيخا للإسلام في السودان في ليلة وضحاها؟!
أنبه بشدة على قيادات المعارضة السياسية أن تفتح ملف ابن تيمية وتلاميذه – ولا يجوز أبدا تجاهل هذا الأمر..
فرحان أبو زيد Firmin Abauzit
معلم جان جاك روسو البيعة (العلمانية)..
وعقيدة أبن تيمية الجديدة
2-2
بقلم: فايد العليوي:
فيلسوف وعالم أوروبي موسوعي من أصول عربية أندلسية، عاش ما بين 1670- 1767 أي في ما يعرف في التاريخ الأوروبي بعصر العقل. برز في حقول علمية عدة كالفلسفة والفيزياء والكيمياء والتاريخ واللاهوت والفلك والجغرافيا والآثار واللغات، ولد في مدينة تولوز الفرنسية لأبوين بروتستانتيين، فبعد وفاة والده هرب إلى جينيف إثر محاولة الكنيسة تدريسه الكاثوليكية، عاصر أشهر علماء ذلك العصر أمثال إسحاق نيوتن وجان جاك روسو والفيلسوف الألماني غوتفريد لايبنتز الذي ساهم بشكل كبير بتأسيس علم التفاضل والتكامل.
ولم يحظ بمعاصرة هؤلاء العلماء فحسب بل كان قد تحاور معهم وناقشهم حول علوم شتى، وكانت تجمعه بجان جاك روسو صداقة وثيقة حتى ان روسو قد كتب مقالاً يمتدح أبوزيد، قال فيه: لا! إن هذا القرن الذي يعتبر قرن الفلاسفة، لن يمر دون أن يقدم لنا فيلسوفاً بمعنى الكلمة، وإني لأعرف واحداً فقط من هذا النوع، وإنه لمن حسن الحظ أنه في بلدي، وأنه لا يزال حياً! وهل يتعين علي أن أفصح عن اسمه..؟ وهو الذي عاش شهرة عظيمة دون أن يعرف باسمه..! إنه حقاً عالم متواضع.. إنه «أبو زيد». الذي ألتمس من شخصه أن يغفر لي زلة قلبي، وأنا أفصح عن اسمه، إنني لا أريد فقط أن أعرف بشخصكم في هذا القرن الذي لا يليق بمقامكم..! بل أريد أن تشرف مدينة جنيف بشخصكم! أريد لسكان جنيف أن يتشرفوا بشخصكم... لقد عشتم مثل سقراط.. غير أنه قتل بأيدي مواطنين من بني جلدته.. وأنتم حظيتم بتقدير سكان جنيف»...
أعجب به ملك بريطانيا وليام الثالث وطلب منه البقاء إلا أنه اعتذر رغبة في التفرغ للعلم والبحث، وطلبت منه جامعة جينيف أن يقبل بمرتبة أستاذ فاعتذر للتفرغ للعلم والبحث، ثم عرضت عليه الجامعة أمانة مكتبتها فقبل بذلك بغية أن يكون بجانب المراجع وأمهات الكتب، توفي مخلفاً وراءه عشرات الكتب في شتى العلوم التي برع بها.
كرمته بلدية جينيف بإطلاق اسمه على أحد شوارع جينيف عقب وفاته.
ظل أبوزيد مجهولاً من العرب و«المستغربين» والعقلانيين العرب، ولم يفد إلينا اسمه ضمن أسماء فلاسفة النهضة أو فلاسفة التنوير أمثال روسو وفولتير وديكارت وأنجلو ومنتسكيو وغيرهم الكثير.
فقد عرف في التاريخ الأوروبي باسم «فرمن» ولم يشر أحد هناك إلى أنه يعود إلى أصول عربية أندلسية، بل بات يعرف بأنه فيلسوف سويسري أو من أصول فرنسية.
أما كيف وصل اسمه إلى هنا وكيف عرفناه كفيلسوف عربي شارك في التنوير الأوروبي فهذا يعود لجهد وفضل مشترك - عبر فترات متفاوتة - بذله كل من: السياسي السوري محمد معروف الدواليبي والمفكر الإسلامي السعودي حامد الرفاعي والأمير شكيب أرسلان وأخوه (لا أعرف اسمه) وعالم الجزائري يدعى محمود بوزوزو والدكتورة مروة الداوودي.
ففي كتاب «البيعوية والديمقراطية» لحامد الرفاعي وتحديداً الفصل الثاني من الباب الرابع يروي لنا الرفاعي هذه الحكاية (باختصار مني) قائلاً: «للأمانة المنهجية في البحث العلمي، وللتوثيق التاريخي الموضوعي المنصف أثبت هنا وعن لسان أستاذنا الكبير الأستاذ محمد معروف الدواليبي الذي طلب أن أعمل جهدي وأحقق في شأن الشارع الذي يحمل اسم العالم الأندلسي «فرحان أبو زيد» الذي اكتشفه لأول مرة شقيق المفكر والأديب شكيب أرسلان عندما كان يتجول في شوارع جينيف فلفت نظره لوحة شارع تحمل اسم شخص عربي، فذكر الأمر لشقيقه، ولم يكترث لذلك ومع إلحاح شقيقه عليه ذهبوا إلى بلدية جينيف ليجدوا المفاجأة التي تقول إن أبو زيد هو عالم عربي من الأندلس كان له دور كبير في خدمة العلم والمعرفة، وتكريماً له سمي هذا الشارع باسمه! وكالعادة العربية المتكررة بشأن التراث لم يثبتوا هذه المعلومة في كتاباتهم حتى طواه النسيان مثل غيره من آثار هذه الأمة. وتلقف الدكتور الدواليبي هذا الخبر من شكيب أرسلان وأخذ يتفاعل مع الخبر ويحلله حتى ربط بين علاقة أبوزيد وبين ولادة فكرة العقد الاجتماعي لروسو، وحاول أن يتعرف على الشارع من جديد إلا أن التوسع العمراني لمدينة جينيف حال دون الوصول إليه.
كان الدكتور الدواليبي يلح علي باستمرار بتحقيق هذا الأمر والبحث عن العلاقة بين جان جاك روسو وفرحان أبوزيد، وجعلت ذلك أحد أهدافي المعرفية، وأخذت في كل زيارة لجينيف أسأل من أتصل بهم عن الأمر فلم يسعفني أحد، سيما وأن معظم الجيل القديم من العرب قد رحل، وفي عام 2004 قدر لي أن أزور جينيف للمشاركة في اجتماعات الدورة السابعة والستين للجنة الدائمة لحقوق الإنسان في مقر الأمم المتحدة... مما أتاح لي فرصة البحث بشأن هذا الأمر، ومن فضل الله تعرفت على بعض الشخصيات من المغرب العربي الذين يعملون لدى الدولة السويسرية ممن لهم اهتمام بالجانب الثقافي والمعرفي فمنهم فيصل العزاوي وعبدالقادر، فسألتهم عن الأمر إلا أنه لم يكن لهم علم بذلك، فسألتهم عما إذا كان هناك بقية من كبار السن العرب؟ فأجاب أحدهم بأنه يعرف عالماً جزائرياً يدعى محمود بوزوزو يعيش في مأوى المسنين في جينيف، هناك التقيت بالشيخ بوزوزو الذي دلنا على الشارع إلا أنه لم يكن يعرف سبب تسميته، ونصحنا بالذهاب إلى مركز متخصص بهذا الشأن بجامعة جينيف، فذهبنا إلى الشارع والتقطنا الصور ثم ذهبنا إلى جامعة جينيف بمساعدة الأخت مروة الداوودي، حيث يسر لنا الاطلاع على المراجع المتعلقة بالموضوع...».
من كتاب البيعوية والديمقراطية لحامد الرفاعي الفصل الثاني من الباب الرابع ص 161-171.
هذا الكتاب الذي ضم هذه المعلومات القيمة حديث نسبياً على الساحة الفكرية إذ إنه نشر عام 2007، وكما قال الدكتور حامد الرفاعي فالموضوع في بدايته، فهنا يبدأ التساؤل، لماذا لم يشار في المراجع الغربية إلى أنه يعود لأصول عربية؟!، فقد بحثت في موسوعة ويكيبيديا (النسخة الانكليزية) فلم أجد أي جملة تدل على عروبته، وبالنسبة لاسمه كيف حرف إلى فرمن وهل فعلاً كان اسمه فرحان؟! كذلك أين العقلانيون العرب والمهتمون بالتنوير الأوروبي أمثال علي حرب وهاشم صالح والراحل أركون وغيرهم عنه؟ كذلك فرضية الدواليبي حول العقد الاجتماعي بين أبوزيد وروسو بحاجة إلى بحث وتمحيص مركزين، كما أن أعماله بحاجة إلى ترجمة ولا أعلم هل بقي بيننا من هو يعنى بذلك بعد رحيل فؤاد زكريا؟!، وأخيراً باعتقادي أن مضي أكثر من أربع سنوات على صدور كتاب الرفاعي ولم يتلقف أحد هذا الفيلسوف العربي؛ ربما يعود إلى أن حامد الرفاعي - المحسوب على التيار الإسلامي - لم يكن أحد من بني تياره ليكترث بالتنوير الأوروبي، كما أن التيار العقلاني العربي لم يكن يفكر يوماً بقراءة كتاب ناشره المؤتمر الإسلامي! عندها بقي فرحان أبوزيد «عالماً من جينيف» - كما كتب تحت اسمه في ذلك الشارع - عاش ومات هناك.
ونقول نحن: هذه هي قضية البيعوية الفرنسية أو (العلمانية) التي يوصمون بها المسلمين التقليديين على أنهم ملحدون، أو أنها العلمانية تسعى لفصل الدين عن الدولة – وهي معركة مصطنعة وفي غير معترك. أستاذ علوم أصول الفقه والقانون الروماني في كلية الحقوق، الدكتور في الحقوق من جامعة باريس، حامل شهادة الدراسات العليا في الحقوق الرومانية، ومجاز في العلوم الإسلامية من الكلية الشرعية بحلب، وأمين منظمة مؤتمر الدول الإسلامية سابقا، محمد معروف الدواليبي، وله كتاب من اهم الكتب المرجعية: المدخل إلى علم أصول الفقه، وهو سوري الجنسية ضليع بدراسة القانون الدولي، وكان رئيس منظمة مؤتمر الدول الإسلامية التي يقودها الآن التركي إكمال الدين أوغلو، وشتان بينهما، هو أي الدواليبي من الجازمين أن الإسلام هو العلماني!! وربما لنفس هذه المقولة طيرته المملكة السعودية ولم يعمر في قيادة المنظمة الإسلامية!!
شوقي إبراهيم عثمان
كاتب ومحلل سياسي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.