الصادق المهدي الشريف [email protected] مهما بدأ الأمر إعتيادياً في شوارع الخرطوم.. وسار هذا السبت مثل بقية أيام السبت الأخري.. لكنِّي (عارف الوجع في الجوف شديد). هذا اليوم التاسع من يوليو ستدرسه الأجيال القادمة على أنّه اليوم الذي حدث فيه تقسيم السودان الى جزئين شمالاً وجنوباً.. هو أنصع الأمثلة وأكثرها وضوحاً على فشل النخب السياسية في إدارة الصراع لصالح الوطن. ليست هذه بكائية.. فالذي حدث لا يمكن إرجاع عقارب الساعة الى الوراء لتداركه... فالشريكان سارا ب(عناد) إتجاه هذا اليوم.. عناد لا يمكن تبريره إلا باستصحاب الدوافع الشخصية والحزبية. لسنا عاجزي رأي.. ولن نعاتب القدر.. ف(عاجز الرأي مضياعٌ لفرصته/حتى إذا ضاع أمراً عاتب القدر).. ولن نذرف الدموع على خطأ لم نرتكبه.. وإن كُنّا ندفع ثمنه. هذا اليوم يشهد على أنّ السياسيين السودانيين (في الحكومة والمعارضة) لم يستطيعوا الحفاظ (مجرد الحفاظ) على هذا الوطن موحداً. أين حديث الرئيس البشير الذي قاله لأجهزة الإعلام (تسلمتُ هذا السودان موحداً.. وسوف اُسلمهُ موحداً)؟؟؟. وحتى لا تفرح المعارضة.. فهي شريكٌ أصيل في مأساة هذا اليوم... فهي التي شجعت المؤتمر الوطني على القبول بحقِّ تقرير المصير حينما أقرت للجنوبيين بذلك الحقّ في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995م. فيما يخص الجنوب.. فالبكائية لن تجدي.. لعلّهم يُجربون البعد عن الشمال.. ولعلّ الأيام تجبرهم على طلب العودة للوحدة الطوعية. فهذا الرأي قال به الرئيس الأمريكي الاسبق جيمي كارتر عقب نتائج الإستفتاء (ستغمرهم الفرحة هذه الأيام.. لكنّهم سوف يستيقظون على حقائق مفزعة.. انّ الجنوب يفتقد لابسط مقومات الدولة). لكنّه خيارهم.. أمّا بالنسبة لقادة الشمال – كلّ سياسيي الشمال – ف(الجفلن خلهِن.. اقرع الواقفات).. دعونا نتمنى أن يكون هذا اليوم هو آخر الأحزان.. هناك أحلامٌ كثيرة تراود الكثير من أبناء الوطن بتكوين دولتهم المستقلة.. طالما أنّ الحكومة الحالية لا توفر لهم أبسط مقومات إنسانيتهم. ياساسة الشمال... تعالوا جميعاً لنبني حائط نار (Firewall) يمنع ما تبقى من السودان من التمزق. العدل أولاً.. والعدل أخيراً.. تعالوا لنبطن هذا الجدار من الداخل بالعدل... فلايمكن تحصين هذه الدولة إلا بالعدل.. فالدولة التي يشعر فيها الإنسان بأنّه مظلوم.. يفقد الإنتماء إليها في البدء. وإشاعة العدل لا تحتاج الى قروض أجنبية (ربوية أو غيرها). ثمّ المساواة في الحقوق والواجبات.. هذه المساواة التي يشعر البعض حيالها بأنّه أجنبي.. لا يتساوى مع (آخرين) في حق التعليم ولا التوظيف... والمساواة لا تحتاج الى قوات مراقبة دولية لتثبيت أركانها. والحرية.. فأن يمشي المواطنُ حراً فقيراً، خيرٌ له من أن يمشي غنياً ذليلاً.. أبعدوا كلّ قانون من شأنّه أن يذّل المواطن.. هذه أشياء في مقدرونا أن نفعلها لأنفسنا.. وأن نقوم بها دون مساعدة (دول أجنبية).. هذه عناوين عريضة (لا) يجب ان يتربص بها (شيطان التفاصيل). لنوقف البكاء.. ولنبني هذا الجدار الناري.. حفاظاً على ما تبقى من وطن. التيار نشر بتاريخ 09-07-2011