أهم ما تضمنه الاتفاق الإطاري الذى تم توقيعه مؤخرا، بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة ، فى الدوحة ،وقف كافة الأعمال العسكرية والدفاعية التى يمكن أن تهدد السلام والثقة، التى انعقدت بين الطرفين، ويلزم الاتفاق الطرفين لتعاون كامل مع قوات اليوناميد بهدف تمكينها من القيام بدور فاعل، كمراقب محايد لوقف العدائيات وحماية المدنيين ،الذين يتوقع عودتهم الى ديارهم التى هجروها ونزحوا منها، الى المناطق الآمنة بالقرب من عواصم ولايات دارفور الثلاث ،ولا يتم ذلك إلا من خلال سعى الطرفين الجاد لمساعدة أولئك المواطنين فى تسهيل حرية حركتهم وتوفير مقومات الاستقرار فى ديارهم تلك بعد العودة . ولعل التزام الطرفين التام، بوقف العدائيات وحده، يعد انجازا كبيرا فى منطقة فقدت الاستقرار قرابة تسعة أعوام ،وهو ما حدا بمواطني الإقليم وبالعديد من الدوائر الإقليمية والدولية، وفى مقدمتها الأممالمتحدة وأمريكا وروسيا وفرنسا، للترحيب به ،غير أن الترحيب باتفاق كبير كهذا قوبل بترحيب حذر من بعض القوى السياسية فى الداخل ،لسبب معلوم وبين هو أن الاتفاق تم توقيعه قبيل انتخابات رئاسية وعامة يتوقع إجراؤها فى ابريل المقبل ،الأمر الذى يجعل تلك القوى السياسية تنظر إليه ككسب سياسي انتخابي لحزب المؤتمر الوطني بقيادة المشير البشير مرشح الحزب ،لانتخابات رئاسة الجمهورية ، ذلك أن الحزب نجح فى احداث اختراق كبير فى جدار أزمة دارفور الصلبة، من خلال التوافق مع حركة متمردة امتد ذراعها بدعم تشادي ، حتى العاصمة الوطنية امدرمان صيف العام 2008،ولم يكن هذا الاختراق المهم ليحدث لولا استيعاب كل من الخرطوم وانجمينا لعبر وعظات السنوات الماضية، التى أغلق فيها أفق الحوار بين البلدين الجارين ،بسبب دعم كل طرف للعناصر المسلحة والمتمردة فى الطرف الاخر ،غير أن ارتفاع صوت العقل عند قيادتي البلدين، يجعل المراقب يشيد بهذا التحول الكبير الذى طرأ على المشهد السياسي فى المنطقة و ساهم فى تطبيع سريع وقوي لعلاقات البلدين ،وما كانت لإرادة البشير ونظيره التشادي إدريس ديبي ،أن تنفذ بين عشية وضحاها، لولا تلك الجهود المقدرة التى قام بها قادة كبار، فى محيطنا الإفريقي والعربي والإسلامي ،ثم متغيرات كثيرة فى ذات المحيط جعلت قضية دارفور لا تحتل صدارة نشرات الأخبار فى وكالات الأنباء وشبكات التلفزة والإذاعات الدولية ،وهو الأمر الذى أحبط حاملي السلاح، ومن قبلهم ،سكان المعسكرات واللاجئين فى دول الجوار ،حيث قلت المساعدات التى تقدم إليهم ،كما أن بؤس تلك المعسكرات ونظرة قاطنيها ، لمصير ومستقبل أبنائهم، فى انتظار وعود من أبنائهم قادة الحركات المسلحة ،خاصة عبد الواحد نور المقيم فى باريس، ثم وعود دولية بالضغط على حكومة السودان، لحل مشكلتهم من خلال إشهار سيف ما يسمي بمحكمة الجنايات الدولية ومدعيها العام أوكامبو أو حتى إسقاط حكومة البشير من خلال صناديق الاقتراع ، لم تعد كافية لإقناع المواطنين فى معسكراتهم الذين ضاقوا ذرعا بسراب سلام يحسبونه قريبا وهو يبعد عن معسكراتهم وديارهم كل يوم ، بمزيد من الصبر والبقاء فى تلك المعسكرات ،الأمر الذى جعلهم يحسبون أن بعض من يتحدثون باسمهم ،ويعرضون قضيتهم فى كل محفل ومنبر إعلامي ، ليسوا سوى مغامرين، ومتاجرين بتلك القضية وطلاب سلطة ،أو كما قال الراحل الكبير الطيب صالح عن أحدهم بأنه مجرد ولد صغير ، وقبل أن يتمكن الإحباط ويأخذ منهم كل مأخذ كان لابد أن يفي البشير بوعد ظل يقطعه على نفسه فى كل لقاء جماهيري أو حديث يدلي به لوسيلة إعلام محلية أو دولية، مفاده : أن السلام فى دارفور سوف يأتي رغم أنف الأعداء ،وبتوقيع الاتفاق الإطاري يكون قد أوفي بقدر كبير من وعده لأهل السودان عامة ودارفور خاصة، فمعلوم أن بعض قادة الحركات المسلحة الذين يعيشون فى صقيع أوربا، وفى فنادقها الفخمة ويعاملون معاملة رؤساء دول عندما يحلون فى بعض عواصمها ، لا يحسون بمعاناة أهلهم الحقيقية، فى معسكرات النزوح واللجوء ، فلم يعد إرغامهم بالبقاء فى تلك البيئات البائسة التى تفتقد الى ابسط مقومات الحياة الإنسانية الكريمة، أمرا يجدي مما جعل كثيرين منهم يخاطرون بحياتهم ويعودون الى ديارهم ،بمجرد أن لاحت هناك أشعة سلام واستقرار فيها ،وكان طبيعيا أن يردد عبد الواحد نور المجمد داخل حركته، كما يقول يحي بشير بولاد الناطق الرسمي باسم الحركة ،ويشير بولاد الى ان سبب تجميد الحركة لعبد الواحد هو رفضه التمسك بحق تقرير المصير، والجري خلف دولة ديمقراطية علمانية ،يرد عبد الواحد كرة اللهب الى بولاد زاعما :ان بولاد لايمثل إلا نفسه ،مما يشير بوضوح لضعف وتفكك يعتري هيكل الحركة الرئيسي ، ولم يعد نضالهما سوى مزيد من رفع الصوت داخل الفضائيات ،ظانين بذلك انهما يخدمان قضية أهلهم العادلة ، ثم ليوجه إليها الاتفاق الإطاري ضربة مؤلمة ، لاسيما بعد الانشقاقات التى أقعدت بحركة عبد الواحد ، وشلت قدرتها فى القيام بأي عمل ذي قيمة فى الإقليم يعيد إليها بعض بريقها ، الذى فقدته بسبب مواقف زعيمها الذى رهن ارادته الى كل من تل أبيب وباريس، وتتمثل الضربة الموجعة التى وجهها الاتفاق الإطاري بين الحكومة وحركة العدل ، لحركة عبد الواحد ،أنه تضمن كافة المطالب التى ظل ينادى بها كشرط أساسي ، للجلوس الى طاولة المفاوضات مع الحكومة ،ومنها وقف العدائيات ووقف إطلاق النار ، والتحول الديمقراطي والتعددية الحزبية وسيادة حكم القانون، واستقلال القضاء فضلا عن التوزيع العادل للسلطة بحيث يكون لدارفور تمثيل فاعل فى رئاسة الجمهورية والمؤسسات الفيدرالية، ومنح دارفور النصيب الذى تستحقه من الثروة حسب نسبة سكان الإقليم ، مع ضرورة إنشاء صندوق لتعويض المتضررين بشكل فردي وجماعي ، الشئ الطيب هنا هو أن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفه الذى ترعي بلاده المفاوضات وتوفر لها منبرا قل أن نجد مثله ، أعلن دون من أو أذى عن تبرعه بمبلغ مليار دولار خصيصا لمصرف تنموي لإقليم دارفور، وسيكون بوسع كافة الدول الخليجية والعربية وغيرها دعم رأسمال هذا المصرف مما سيعود خيرا ونماء على الإقليم وأهله الذين نكبوا سنين عددا . وسوف تبت المفاوضات التفصيلية فى كل هذه القضايا من خلال حوار جاد يؤمل أن تشارك فيه بقية الحركات المتواجدة بالدوحة فى حال نجحت الحكومة فى توقيع اتفاق إطاري مماثل معها ،ولم يغفل الاتفاق الإطاري مسألة العدالة والمساءلة فيما يتعلق بالجرائم التى ارتكبت فى دارفور خلال فترة النزاع ،مع عدم إفلات اى أحد ممن ارتكبوا جرائم بحق المدنيين وسيكون ما تتوصل إليه الأطراف هنا فى الدوحة جزءا من الدستور القومي الانتقالي أسوة باتفاق السلام الشامل الذى وقعته الحكومة مع الجنوبيين فى نيفاشا ،ولذلك لا يرى المراقبون أن هناك مبررا لاى من الحركات التى تحمل السلاح أن تنضم للمفاوضات التى سوف تجري فى الدوحة تحت رعاية الاممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ودول غربية فاعلة ،وعلى قادة الحركات أن يتحلوا بروح الشجاعة الممزوجة بالحكمة والنضج السياسي ووضع مآلات أهلهم وواقعهم المرير اليوم نصب أعينهم وعدم المراهنة على حلول يمكن أن تأتى إليهم من قوى لها أغراض غير مصلحة أهلهم فى الإقليم ،وأن يثبتوا للعالم أجمع انهم لا يبحثون عن مناصب وثروة تعود الى جيوبهم ومجد يعود الى ذواتهم الفانية ،فيكفي أهلهم ماعانوه وما قاسوه من ويلات وقد حان وقت تعمير وتنمية كافة المناطق التى تضررت بفعل الحرب ،فالتعويض الحقيقي فى انطلاق عجلة التنمية فى الإقليم وفى السلام الذى يعم كافة إرجائه وليس فى ما تجود به الحكومة لهم فرادى وجماعات التعويض الحقيقي فى ان يعود الطلاب الى مدارسهم فى امن وسلام، التعويض الحقيقي فى وجود خدمات صحية جيدة فى كل مدن وقرى الإقليم ،التعويض الحقيقي فى عودة الناس لممارسة زراعتهم ورعي مواشيهم، التعويض الحقيقي يتمثل فى رتق النسيج الاجتماعي بين كل مواطني الإقليم وقبائله ،وأحسب أن الاتفاق الإطاري تضمن خطوطا عريضة لكل هذا وغيره، فقط تبقى أن يتحلى كل أبناء الإقليم ، بالحكمة اللازمة لانجاز سلام عادل وشامل لا يقصى ولا يستثنى أحدا من أبناء الإقليم ،وكان طبيعيا أن يدفع توقيع هذا الاتفاق الإطاري بعض القوى السياسية الوجلة والخائفة من خوض الانتخابات الى ضرورة تأجيلها ،دافعهم الى ذلك حرصهم كما يقولون على إشراك كل أهل دارفور فى الانتخابات وتمكين مقاتلي العدل والمساواة وغيرها من الحركات من الانخراط فى التعبئة وسط جماهيرهم استعدادا للانتخابات حال تأجيلها ، ينسي هؤلاء أن أتفاق نيفاشا حدد جداول معلومة للانتخابات واستفتاء الجنوب وبالتالي لا يستطيع المؤتمر الوطني وحده البت فى أمر كبير كهذا بمعزل عن شريكه فى الحكم الحركة الشعبية وبقية أحزاب حكومة الوحدة قبل أن يستجيب المؤتمر الوطني للدعوات المطالبة بالتأجيل ، هل توافق الحركة الشعبية التى أشادت بالمؤتمر الوطني كونه وافق على منح 40 دائرة للجنوب كحل لمشكلة التعداد السكاني هل يوافق على التأجيل ليس للانتخابات فحسب بل حتى لاستفتاء تقرير المصير المزمع إجراؤه عام 2011 ، هذا السؤال ينبغي أن يوجه للحركة الشعبية حيث أن تأجيل الانتخابات وكذلك تقرير المصير لأبناء الجنوب لعام أو عامين من شأنه أن يهيئ ربما أرضية جيدة لوحدة السودان وإحلال السلام فى دارفور وربما يمكن من تواضع القوى السياسية فى الجنوب والشمال، للتوافق على رئيس جنوبي فليكن الفريق سلفاكير مثلا للولاية الرئاسية الأولي للسودان الواحد الموحد ثم بعدها يتم التداول السلمي للسلطة بين أبناء الوطن الواحد ومن شأن ذلك أن يعزز الوحدة الوطنية ويجعل أهلنا فى الجنوب يغيرون نظرتهم تجاه اخوانهم فى الشمال وبغير ذلك فلتجر الانتخابات فى موعدها تنفيذا لاتفاق السلام الشامل وبالإمكان تأجيل الانتخابات فى بعض الدوائر فى دارفور لتجرى فى وقت لاحق ذلك أن تأجيل الانتخابات فى كل انحاء البلاد من شأنه أن يؤثر فى استحقاقات نصت عليها نيفاشا فضلا عن التكلفة الباهظة لإجرائها فى موعد لاحق وخسائر بالطبع للاستعدادات الحالية ، وعلى كل حال ،لاينبغي أن يتجاهل الناس رأي الشريك الأصغر الحركة الشعبية فى أمر التأجيل . صعب : أن تتمنى عودة زمان جميل ولي . أن تضطر الى تغيير بعض مبادئك لتساير الحياة .أن تصافح بحرارة يدا تدرك مدي تلوثها .أن تضحك بصوت مرتفع كي تخفي صوت بكائك .أن يداخلك احساس مقلق بأنك تسببت فى ظلم إنسان ما.أن تقف عاجزا عن الإحساس بشعور جميل يتضخم به قلب أحدهم تجاهك .أن تجلس مع نفسك فلا تجدها .أن تلوح مودعا لأشياء لاتتمنى توديعها أبدا .أن تبدأ تتنازل عن أشياء تحتاج إليها باسم الحب .أن تتظاهر بما ليس فى داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة .أن تعاشر أناسا فرضت عليك الحياة وجودهم فى محيطك .أن يداخلك الشعور بالشك فى كل ما حولك حتى نفسك .أن تشعر بالظلم وتعجز عن الانتصار لنفسك .أن ترتدي قناع الفرح كى تخفي ملامح وجهك الحزين .أن تطرح على نفسك أسئلة لاتملك الإجابة عليها .أن تخسر أشياء .. لا يكون فى حسابك خسرانها . قال أبي الفتح البستي : من استعان بغير الله فى طلب فإن ناصره عجز وخذلان . من كان للخير مناعا فليس له على الحقيقة اخوان وأخدان من جاد بالمال مال الناس قاطبة إليه والمال للإنسان فتان من سالم الناس يسلم من غوائلهم وعاش وهو غرير العين جذلان ولا تحسبن سرورا دائما أبدا من سره زمن ساءته أزمان إذا جفاك خليل كنت تألفه فأطلب سواه فكل الناس إخوان * كاتب وصحافي سوداني مقيم فى الدوحة