بصوت خافت وبنبرة حزن لاتخطيء الاذن أتاني صوته ومن خلال الرقم الذي ظهر على شاشة الموبايل عرفت أن الرقم يخص استراليا والتي يتواصل فيها معي الصديق العزيز والوطني الجسور والضابط السابق في الجيش السوداني نقيب معاش عصام مصطفى. وقبل أن يتواصل الحديث عقب التحيه أحسست أن هناك من يقاسمني الالم الذي أعاني منه وهو ألم من النوع الذي لايمكن وصفه , وحينها ووفقا لتوقيتهم ربما كانت الثالثه صباحا , ولم أتجاسر لاقول له لماذا لاتنام لانني مررت بنفس الحاله في ليلة سابقه. أعلم أن الصديق عصام مصطفى وطني بغيرما تصنع ومقاتل دونما خوف واجه في سنوات عمره الباكر بعد تخرجه ظروف اقل مايمكن ان يقال أنها تهد الجبال والرجل وقبل أن يدخل العقد الثالث من العمر رأى الموت بعينيه , وشاهد زملائه الضباط الذين شاركوا في هبة رمضان 1990 ميلاديه والتي لم يكتب لها النجاح يذبحون ويسحلون بشكل لايليق بكرامة الانسان والذي كرمه القران , لكن الوحوش المنفلته قدمتهم لمحاكم صوريه انحصرت في سؤالين للمتهمين وهي مشارك أم غير مشارك؟ مذنب أم غير مذنب؟ وقبل أن تستمع الى اجاباتهم كان السونكي يخترق ظهور بعضهم وتم توثيقهم مع بعضهم البعض واطلق الرصاص من على ظهورهم وطمروا في مكان حفرة واحدة وأكد شهود عيان أن منهم من كان يسمع أنينه ولكن قساة القلوب مصابون بطرش مزمن. قضى النقيب معاش سنوات عقوباته في سجون مختلفه الى أن أكمل فترة الحكم, وبعدها غادر السودان واختار أن يكون من المؤسسين لقوات التحالف السودانيه والتي كان اسمها يدخل الرعب في قلوب أهل النظام , ولكن لظروف مختلفه لم يكتب لقوات التحالف أن تكمل مسيرتها وتحقق الاهداف التي قامت من أجلها. ساهم ولازال عصام مصطفى يساهم بالراي والوقت والمال في سبيل اي دعم مناهض للنظام لانه مؤمن بأنه لامناص سوى اعادة الوطن السليب. ولان قلبه الكبير احتمل الكثير ينفعل الرجل كلما سمع كلمة السودان ومن استراليا البعيدة يتابع وبدقه متناهيه اخبار الوطن. اليوم جاءني صوته الحزين طارحا سؤاله الصعب كيف يمكن للانسان ان يكون فرحا و حزينا في لحظة واحدة أو كيف يمكن للانسان أن يبكي ويضحك, كان يقصد مايجري لحظتها من فرحة عارمة عمت الاخوة في جنوب السودان, بينما كانت بعض القلوب تنزف نزفا غير منظور وهم يرون جزء عزيزا وعظيما من الوطن يذهب بعيدا عنه وهناك مناطق أخرى ربما تلحق بنفس المصير, : جاء اليوم الموعود وظن البعض أن هناك معجزة ستحدث وان الانفصال لن يقع ولكن ساء ظنهم و حدث ماهو متوقع وذهب الجنوب الى حال سبيله واحتفى شعبه وعبر عن سروره بالشكل الذي اراد , لكن ماذا كان نصيبنا من ذلك الانفصال والانفصالات القادمه. تحول الوطن الى فسيفساء. مصر سطت على حلايب ووطنت أمرها وفقا لذلك , أثيوبيا توغلت وضمت الى حدودها منطقة الفشقه ربما اكتفت وربما توغلت أكثر, طالبت امريكا ببعض المعلومات وجاء الرد سريعا (انبهلت) أمامها الملفات التي طالبت بها والتي لم تطالب. وختم ليقول : الكيزان ديل ممكن يعملوا أي حاجه يجمعوا الحزن والفرح .. الرقص والبكاء وهذا يقودني الى حقيقة واحدة توصلت اليها بعض تفكير مضن ووصلت الى ان الكيزان هم الشيطا