بعد أن اعلن جنوب السودان استقلاله في 9 يوليو هل يصبح الاخوة الجنوبيون الذين ولدوا وترعرعوا في الشمال معلقين «دون جنسية» كما يطلق على الكويتيين الذين لا تعتبرهم حكومتهم كويتيين أصليين؟ شعرنا نحن الشماليين بارتياح بالغ عندما أكدت حكومة الجنوب أنها مستعدة لمنح الجنسية المزدوجة للراغبين من الشماليين، بينما فعلت حكومة الشمال العكس. وقالت انها لن تعامل الاخوة الجنوبيين بالمثل ولن تمنحهم الجنسية المزدوجة «الشمالي شمالي والجنوبي جنوبي» حسب تعبير بعض المسئولين في حكومة الخرطوم. هذا رغم ان عدداً كبيراً من المواطنين الشماليين بينهم مسؤولون حكوميون كبار «يتمتعون» بجنسيات مزدوجة ويحملون جوازات سفر بريطانية أو امريكية أو كندية أو حتى استرالية. الواحد فينا يندهش من موقف حكومتنا التي تفتقر الى الانسانية ازاء الاخوة الجنوبيين الذين شردتهم المؤسسات الحكومية بسرعة مريبة. ونستغرب اكثر عندما تكون حكومتنا أقل كرماً وانسانية فيما يتعلق بعلاقاتها مع الدولة الجديدة الجارة واقل أريحية من مفوضية الاممالمتحدة لشئون اللاجئين. فعندما سئل دومنيك باريش مدير العمليات في المفوضية في مؤتمر صحفي عقد الاسبوع الماضي في جنيف عن وضع قوانين الجنسية في الدولتين قال «ان جنوب السودان قد اجاز قانون الجنسية فجاء قانوناً كريماً جداً وينص على الاعتراف بالجنسية لكل الشماليين. ولكن الشمال لم يصدر حتى الآن قانوناً مماثلاً». ويضيف المسئول الاممي قائلاً« ولكن يبدو ان مطالبة بعض الجنوبيين (في الشمال) بتوفيق اوضاعهم لا تحل المشكلة لان بعض الجنوبيين ولدوا وترعرعوا ونشأوا في الشمال وبنوا حياتهم على هذا الاساس، واقتلاعهم من جذورهم من الشمال وارجاعهم للجنوب لمجرد ان آباءهم ولدوا هناك امر صعب لانهم لا يحسون بالانتماء للجنوب» هذه افادات منتهى العقلانية والمنطق طالما تمنينا ان تسلك حكومتنا مثل هذا المنهج. سؤال: اذا استمر الموقف الشمالي حول منح الجنسية للجنوبيين هل يمكن ان يفرز ذلك جنوبيين بلا جنسية؟ دومنيك باريش «هذا سؤال بالغ التعقيد لان الجنوبي الذي يفشل في الحصول على جنسية الشمال لا يعتبر تلقائياً بدون جنسية».. فامامه فرصة لينال جنسية الجنوب ولا يمكن ان يرفضها إلا اذا ثبت انه اذا عاد للجنوب فانه سيتعرض للاضطهاد.. ان إحتمال ان يصبحوا بلا جنسية إحتمال وارد لأن بعد قيام دولة الجنوب اصبحت هناك حدود دولية جديدة وجنسية جديدة». وضرب المسئول الاممي مثلاً بوضع الدارفوريين الذين هربوا من الحرب الى جنوب السودان كان «نازحاً» داخل بلاده عندما كان السودان بلداً واحداً ولكن بعد التاسع من يوليو تحول الدارفوري الى «لاجئ» اجنبي لانه من دولة الشمال ونزح إلى دولة الجنوب فاصبح «لاجئاً» وليس «نازحاً». الرأي العام