زمان مثل هذا الملكية الفكرية.. لم ينهض أحد الصادق الشريف مثالٌ آخرٌ (وليس أخيراً) في الحياة السودانية يشبه مسرحيات اللاجدوى التي كتبها الأدباء الوجوديون والعدميون في شرح احتجاجي لاعتقادهم بأنّ العبث و(اللانظام) هو أصل للحياة. والكاتب الفرنسي فرانسوا ماري والذي اشتهر باسم (فولتير) كتب - كما أسلفنا من قبل - مسرحية من عدة فصول.. يجسد فيها العبث والمفارقات التي كانت تعيشها أوربا في تقلباتها بين تعاليم الكاثوليكية.. ومتطلبات الحياة الضاغطة. في نهاية كلِّ فصلٍ من تلك الفصول المسرحية.. يهتف أحد أبطالها مطالباً الآخرين (هيا بنا ننهض).. ثُم يكتشف القارئ في بداية الفصل التالي أنّه (لم ينهض أحد).. الى أن يقارب ذلك الفصل نهاياته فيصرخ بطلٌ آخر (هيا بنا ننهض).. ثمّ لا ينهض أحد. المثالُ موضع الحديث هو مبادرة قدمها الأستاذ صلاح الرضي، الرئيس الأسبق لاتحاد المخترعين السودانيين.. الى الحكومة من أجل نهضة الدولة (والدولة هي شعب، وأرض، وحكومة).. بمعنى أنّ الحكومة مُضمنة في النهضة تلك وذات مصلحة... ولكن!!!. للرجل رأي يُكثِرُ من تردِيدِهِ وهو أنّه من الأفضل تنمية (خيال) طلاب في التعليم العام من أجل تمليكهم مفتاح الإبداع والاختراع.. أي تمليكهم مفتاح المستقبل. كما أنّ له مبادرة لادخال مادة الملكية الفكرية ضمن المنهج الدراسي.. لكي يلم الطلاب بفكرة المحافظة على حقوقهم الأدبية وحقوق الآخرين.. بل ويدفعهم هذا المنهج للاهتمام بأفكارهم باعتبار أنّها ذات قيمة. لخَّص صلاح كتاب الدكتور كامل إدريس (الملكية الفكرية.. أداة للتنمية الاقتصادية).. وخاطب المنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو) بجنيف، فارسلت إليه خطاباً طويلاً تشكره فيه على مبادرته.. وتعلن عن دعمها اللامحدود (طباعة كتب/ تدريب معلمين/ توفير معينات) لتدريس الملكية الفكرية بالمدارس السودانية. ذهب الرجل الى وزير التربية والتعليم.. فتدارس الأمر مع مستشاريه.. وأعلن عن ترحيبه بالفكرة.. وقال (هيا بنا ننهض). والنتيجة (لم ينهض أحد). اتحاد طلاب ولاية الخرطوم.. أحد المعنيين بالأمر.. تشجع وكتب لوزارة التربية الولائية لتقوم بالواجب. والنتيجة (لم ينهض أح..). أمّا الدكتور الحبر يوسف نور الدائم رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العملي بالمجلس الوطني فقد أوصى وزارة التربية والتعليم بإضافة إرشادات في حقوق الملكية الفكرية للمناهج التعليمية.. وما قاله هو ثمرة ورشة عمل أقامها المجلس الوطني. والنتيجة (لم ينهض أ......). وقامت وزارة التربية والتعليم بمخاطبة المركز القومي للمناهج ببخت الرضا.. والذي تحمس للأمر وقال إنّه يمكن تطوير منهج الملكية الفكرية كمادة مصاحبة للمنهج كما حدث مع الإيدز والتربية المرورية وثقافة السلام و... و... و... فماذا كانت النتيجة... (لم ينه..............). كل ما ذكرته من توصيات ومكاتبات أملك نسخاً منها.. بإمضاءات وأختام المسؤولين.. ولكنّ المفاجأة هي أنّ مبادرة رئيس اتحاد المخترعين بدأت في العام 2006م. منذ خمس سنوات.. والجميع موافقون على المبادرة.. وفرحون.. ومرحبون.. والنتيجة حتى يوم الناس هذا (لم ين.............). التيار نشر بتاريخ 10-08-2011