بسم الله الرحمن الرحيم إسلام الإنقاذ.. عامل هدم أحمد عيسى محمود [email protected] بعد أن عمّ جزيرة العرب والعالم كله الشرك فالله سبحانه وتعالى نظر لأهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ومعهم عدد قليل من حنفاء العرب. ثم بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخالدة من أجل إقامة العبودية الحقة له فأقام الدولة الإسلامية الأولى التي حوت في بداية تكوينها عناصر عديدة لا تمت للإسلام والعروبة بصلة اللهم إلا الإنسانية القاسم المشترك بينها فكانت الجالية اليهودية جزء لا يتجزأ من تلك الدولة. فنشأة الدولة وسارت بعدالتها الركبان طيلة القرون المفضلة "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". [رواه: الإمام أحمد]. ثم بدأت مرحلة النكوص والتكلس الفكري وضيق الأفق السياسي في الدولة السياسية خاصة في زمن الدولة العثمانية التي وقفت حجر عسرة في وجه تقدم المسلمين بخاصة عندما قفلت باب الاجتهاد التي رأت أنه لا حوجة له رغم تقدم الأمم من حولنا.. وخير دليل على ذلك اجتماع العلماء في الأستانة لمدة ثلاثة أشهر بالتمام من أجل مناقشة طباعة المصحف الشريف بالآلة الكاتبة المخترعة حينها. فخرجت التوصيات بعدم طباعة المصحف وذلك لأن الآلة الكاتبة تضغط على اسم الجلالة فهذا لا يجوز.. يا للعجب على الفقه المستنير!!!!. ثم توالت المراحل المحزنة في تاريخ الأمة الإسلامية.. فنحن في السودان لم نكن بدعاً عن واقع الحال في بقية أنحاء العالم الإسلامي من تخلف فكري وانحطاط قيمي وعجز سياسي فمنّا من يحاول محاولات خجولة استنطاق الشريعة الغراء من أجل إيجاد مخرج لما نحن فيه من أزمات ومنّا من يرجع القهقرى وينزوي في طيات التاريخ ممنياً نفسه الأماني.. ورغم القناعات الراسخة رسوخ الجبال بأن الشريعة الإسلامية غير عاجزة عن التماشي مع واقع الحياة بل أكثر من ذلك مقدرتها على قيادة البشرية جمعاء لكن المرء يشعر بالأسى بأن يصبح الدين عامل هدم وليس عامل وحدة في بلادٍ بدأت ثمار التطرف الديني تؤتي أكلها. وبعد أن استولى الإسلاميون على الحكم في السودان فأصابتهم عظمة السلطة فعاسوا فساداً باسم الدين فحادوا عن ركب الواقع حتى أصبحت الشريعة والشعارات الإسلامية مادة تندر في الشارع.. ومنبع ذلك عجز الفكر الإنقاذي من تقديم الإسلام بصورته الحضارية وهرعوهم إلى دين الخزعبلات والأوهام وليس مقاتلة القرود مع الكتائب التكفيرية في الجنوب ببعيدة عن الأذهان، وكذلك نزول الأمطار على مجاهدي الإنقاذ في الجنوب فكأنهم أهل بدر الكبرى الذين قال الله فيهم ((إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ)) فقد أوهموا الشارع بأن قتالهم في الجنوب ما هو إلا لإعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. في الوقت الذي ترسخت في أذهان العباد بأنهم ((يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)).. والمصيبة الكبرى أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل تجاوز محطة اللاعودة إلى المجتمع السوداني البسيط لأن هؤلاء القوم ((فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً)) حيث ((خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا)). فهم قد جمعوا بكل المتناقضات في الساحة الدينية فأصبح السودان الآن مهدداً للسلم والأمن من الناحية الدينية فهو أصبح بؤرة شقاق ديني ليس من السهل علاجها بالتي هي أحسن.. حيث أدخل هؤلاء القوم التشيع السودان والذي يعتبر بوابة للقارة الإفريقية كلها.. والكل يعلم ما هو التشيع فنقول لهم لكم البشرى بحديث أبي القاسم ((وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ)) [رواة أحمد]. فالتشيع أصبح خطراً يهدد أمن المجتمع الديني وكما نعلم حجم العداء المستحكم بين أهل السنة والتشيع.. وكذلك لم يتركوا أهل السنة في حالهم فاستخدموهم شر استخدام.. فالتصوف بحكم بساطته قد وجدوا ضالتهم فيه حيث ركبوا على ظهره من أجل التوصل إلى غالبية الشعب المتصوف في السودان.. والتيار السلفي بكل أنواعه المتطرف والمعتدل كان له حظ وافر في خارطة الإنقاذ الدينية.. والشيء المؤسف أن أهل السنة [الصوفية والسلفيون] الآن أصبحوا فرسي رهان في الساحة الدينية والسياسية.. والعلاقة بينهما ليس على ما يرام بل ظهر تيار ثالث [التكفيري] وهو نتاج طبيعي للتزمت الناتج من التخندق في مربع صفر الاجتهادي الافتراضي عند بعض الجماعات الإسلامية.. والإنقاذ ما زالت في غيها سادرة لا يهمهما مستقبل السودان.. فيجب على أهل السودان أن يجلسوا حتى يجدوا مخرج من هذا المأزق الديني الذي خلقته الإنقاذ في واقع الحياة.. فهذه الحكومة ليس لها علاقة بالدين الصافي المنبع فالدين عندها ترياق اجتماعي ليس إلا وليس منهج حياة فعندما تداهمهم الملمات يهرعون إليه مخدرين أفكار الشارع.. فمتى زالت المدلهمات يعودون إلى ما كانوا عليه من غيي ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)) نشر بتاريخ 16-08-2011