[email protected] عيناه المتعبتان تحدّقان فى سماء الغرفة الكبيرة.....ذاكرته الفارغة لم تفلح فى إيجاد تفسير لوجوده فى ذلك المكان....بقايا من آثار المورفين لا تزال عالقة فى أوردته، تُبقي عقله تائهاً...في تلك المساحة الفاصلة بين اليقظة و التوهان.. دوي هائل...غبار كثيف...دخان....لا أرى ما حولي....ماء حار يسقط على وجهي.....سكين حاد ينغرس فى صدري....لا أستطيع التنفس....المسجد....الأجساد تتطاير أشلاؤها فى الهواء....صراخ...عويل....أنا لم أمت... أنا موجود فى هذا المكان...لا أنا ميت...لقد قتلوني....نعم قتلوني وجعلوا مني شهيداً....دفنوني فى باحة ذلك المسجد....قبري أصبح ضريحاً يحج إليه المريدون... تتقاطر من فوق أسواره النذور و يحرق فى جنباته البخور...تُنسج حولي الحكايات و تُروى عني الكرامات و تُرفَع على ضريحي الرايات.... يفيق من تهويماته و تصاويره....لا أنا موجود.أنا حي أتنفس...خصني الله بالنجاة....أبقاني حياً فأموت فى كل لحظة و فى كل حين....أموت بذلي و انكساري وقهري وعاري....الجماهير خرجت.... و الرصاصة انطلقت... و الرصاصة اذا خرجت لن ترجع .. أخي فى "الإنسانية"....أخي الأسد...عد إلى عرينك أيها الأسد فأنت في نظر هذه الجموع الزاحفة قط هرم....و بلا مخالب كمان...عد إلى عرينك أيها الأسد فالجماهير خرجت ...و الرصاصة انطلقت و .... قذاف الدم....دون كيشوت زمانه.. يا من تصارع طواحين الهواء و تناطح أشباح الظلام... الجماهير خرجت والرصاصة انطلقت و..... أخي....علي عبد الله صالح....شباب الفيس بوك و تلاميذ الإنترنت عقولهم صاحية لم يغيبها "القات"...الجماهير خرجت... والرصاصة انطلقت.....ولكن من هو "علي عبد الله صالح"؟ شيخا مصر و تونس لم تقتلكما أمراض الشيخوخة، و لم تقض عليكما الأدواء حميدها و خبيثها...أطال الله عمريكما لتشهدا ذلاً و هواناًً طالما أذقتماه لتلك الجماهير التى خرجت و لم ترجع و لم تتراجع . و الآن يا إخوتى فى "الإنسانية"....يا من إلى الاحتفالات تهرولون و على المنصات ترقصون...أقول لكم أن [من لم يمت بالسيف مات "بغيره"]. ها هي قد جاءت.... تلك الفلبينية القصيرة ذات العينين الضيقتين المليئتين بالخبث جاءت تحمل معها ابتسامتها البلاستيكية الساخرة....قطعاً إنها تسخر مني... تدس فى يدي حفنة من تلك الحبوب كريهة الطعم...أتجرعها مرغماً. تودعنى بتلك الابتسامة البلهاء الساخرة.... الآن فقط تيقنت أن الله قد أمدّ في عمري لأنظر إلى هذه المرأة الغبية....أطال الله في عمري لأتجرع مرارة الذل و الإنكسار مثلما أتجرع هذه الحبوب اللعينة التي تدسها فى يدي هذه الفلبينية القصيرة ذات العينين الضيقتين و الابتسامة الساخرة البلهاء....آه نسيت أن أذكركم يا إخوتي في "الإنسانية" ... يا من إلى الاحتفالات تهرولون و على المنصات ترقصون...نسيت أن أقول لكم أن [من لم يمت بالسيف مات "بغيره"]... والآن أنا في سبيلي لأن أنام ...تصبحون على خير.