منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي بركلات الترجيح    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    الحركة الإسلامية السودانية ترد على كندا    مصر.. فرض شروط جديدة على الفنادق السياحية    شاهد بالصورة والفيديو.. ببنطلون ممزق وفاضح أظهر مفاتنها.. حسناء سودانية تستعرض جمالها وتقدم فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية الفنانة إيمان الشريف    ماذا كشفت صور حطام صواريخ في الهجوم الإيراني على إسرائيل؟    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    مقتل 33899 فلسطينيا في الهجوم الإسرائيلي منذ أكتوبر    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    محمد بن زايد وولي عهد السعودية يبحثان هاتفياً التطورات في المنطقة    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    رباعية نارية .. باريس سان جيرمان يقصي برشلونة    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    رسالة من إسرائيل لدول المنطقة.. مضمونها "خطر الحرب"    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمحة امدرمانية 7 ...... الإستبالية
نشر في سودانيات يوم 22 - 08 - 2011


[email protected]
بعد تشنج ولؤم الانقاذ ، ومسلسل طرد الجنوبيين من ا لشمال ، تذكرت جارنا فى العباسيه من الجهه الغربيه العم جمعه ، بقامته الفارعه . وهو من جنوب السودان . وتذكرت زوجته وهى من جبال النوبه . العم جمعه كان حارس مستشفى امدرمان . كان معلماً لذلك الصرح الشامخ . ابنه عوض الذى كان صديقاً لاخوتى الاصغر منى كانوا يسمونه عوض توست . عوض صار من اعلام امدرمان وكان من اصحاب حلقات الذكر فى حمد النيل وكان احد العازفين فى النوبه . هل سيخرج امثال هؤلاء اللذين صنعوا امدرمان من امدرمان والشمال ؟ .
عندما نشرت هذا الموضوع فى موقع سودانيات تداخل معى احد ا لاخوه . وذكر ان والدته قابلت والدتى رحمة الله عليها ، وهى تحمل عمود للطعام وتيرمس للشاى . وبالسؤال راقد ليكم منو فى الاسبتاليه ؟ فقالت والدتى ما ياها الاسبتاليه . ما هو طوالى فى زول راقد فى السبتاليه . والدتى وبعض اهل امدرمان كانوا يأخذون العمود والشاى ويزورون المستشفى . حتى اذا لم يكن عندهم مريض فالكل اهل .
...........................................................................................................................
جدتي ومربيتي زينب بنت الحرم رحمة الله عليها, كانت تتكلم عن زيارة الاستبالية . وهذا الاسم الذي كان يستعمله الكبار في امدرمان للمستشفى . والاسم طبعا تحريف لكلمة
hospital
الانجليزية.
المستشفى قديما , لم يكن مكانا للإستشفاء فقط. بل كان مؤسسة اجتماعية ترفيهية اعلامية ومركز تلاقي . ومكان لتقديم الخبرات وتلقي المعلومات , الاخبار والاستشارات الاجتماعية . وكان مكانا للتلاقي والتعارف . ومن هنا عقدت كثير من الزيجات واختلس الشباب النظرات والضحكات .
السنة الماضية اتصل بي الاخ معتصم قرشي لكي يخبرني , عن تكوين لجنة من ابناء امدرمان للنهوض بمستشفى امدرمان . وان اللجنة برئاسة الامير- امير عبدالله خليل . وطلب مني مناشدة ابناء امدرمان والآخرين بدعم ذلك النشاط .
قديما كانت المستشفى تمتاز بالانضباط والنظافة. وكانت تعمل كالساعة السويسرية وكان العلاج مجانيا . ويقدم الطعام للمرضى . وهنالك طباخين , وفراشين ومشرفين وكناسين وجناينية وبوابين. لا يسمحون بدخول اي انسان غير مسموح له . وهنالك شيء اسمه الباص . وهو تحريف لكلمة انجليزية
Path
وهنالك لونين الازرق والاحمر احدهم يسمح بالدخول كل الاوقات والثاني يسمح بالدخول في ساعات معينة لإحضار فطور او غداء.
اذكر ان الدكتور محمد محجوب عثمان رحمة الله عليه ذكر لي انهم عندما كانوا جلوس في منزلهم في فريق السيد المكي وليس بعيدا عن المستشفى. وهم جلوس في الحوش والباب مفتوح كعادة امدرمان . ان دخل صبي وسلم عليهم. ومن الجلوس عبدالخالق محجوب وعثمان وعلي محجوب وآخرين . وابلغهم الصبي بان والدته توفيت . وانه كان ملازمها في المستشفى وانهم من كردفان.وانه يريد المساعدة لكي يرجع لدياره . وكان اسمه عثمان . وردا على الاسئلة عرفوا انه كان يسكن مع والدته في المستشفى في فترة علاجها. وان المستشفى كان يقدم له و لها الطعام. وكانوا يحصلون على طعام اكثر. لان كل مريض كان اهله يحضرون عمود من المنزل. ويتشارك الجميع في الاكل . ويعزمون على الآخرين وان الناس تكفلت بدفن والدته وان فراشي المستشفى حملوها للمقابر . وساعدت اسرة محجوب عثمان الصبي عثمان في الرجوع الى اهله .
وصار عثمان سائق لوري وكان يحضر لزيارة الاسرة الامدرمانية . وكان لا يحضر ابدا خالي اليدين من منتجات كردفان .
اذكر ان جدتي زينب بت الحرم كانت تعاني من السرطان في عام 1959 وكانت والدتي وخالاتي يتواجدن معها في المستشفي باستمرار. وكنا نسكن وقتها في السردارية على بعد خمسمائة او ستمائة متر من المستشفى . وكنا نضع حلتيين ضخميتين في فريزر الثلاجة بعد ملئهم بالماء ليصيروا ثلجا . ونأخذ كل يوم الثلج في جردل, و عمودا ضخما من سته طاسات مليئة بالاكل للمستشفى. وعندما كان البعض يستغرب للكمية الكبيرة كانت والدتي تقول ما لينا ولي التانيين. ما كلنا تعبانين وشقيانيين سوا . والعنبر الذي توفيت فيه جدتي كان العنبر الاخير في الركن الشمالي الشرقي وفي الطابق الثاني وله بلكونه ضخمة كانت والدتي وخالاتي وكثير من النساء يفترشن فيها بطاطين . ويشدون من ازر بعضهن البعض ويتسامرن ويتآنسن .
وانا صغير كان النساء والرجال يحضرون في غير اوقات الزيارة اللتي كانت يوم الاربعاء ويوم الجمعة . ويحاولون اقناع الحراس بالسماح لهم بالدخول. وبالرغم من توسلاتهم كانوا لا ينجحون. وفي احد المرات حاولت احد السيدات ان تعطيه ريال ابوعشرين.والريال كان ضخما من الفضة الخالص. لكي يسمح لها بالدخول ولكنه رفض.
وكما اوردت في كتاب حكاوي امدرمان, فقد بدأت احس بأن حرس الاستبالية شخصية عظيمة. وعندما سألوني وانا في الخامسة من عمري عاوز تبقى شنو لمن تكبر؟ اجبت . بدون تردد... حرس استبالية. وكان الخالات في بيت المال يسألونني فارد باصرار حرس استبالية ويضحكن.
وفي الثمانينات عندما كنت احضر في اجازات وااعمبب واعمل سبعة بي قرش . قالت لي احد الخالات وربما بغرض تحجيمي وتذكيري بالماضي ( اها يا ولدي انت في بلدك ديك ربنا ما فتح عليك وسووك حرس استبالية) وانا كنت قد نسيت القصة .
واوردت كذلك ان احد اهل الرباطاب لم تشفع له انه جاي من بعيد وانه يريد ان يزور احد اقربائه. وبعد تشدد الحارس يئس الرباطابي وبدأ في تسلق السور فقال له الحارس مهددا بجيب ليك البوليس. فقال الرباطابي (ها الغبيان ده, انا بدور اسرقلي مورود )
كنت استغرب وانا صغير لزيارة الكبار للمستشفى واهتمامهم بهذه الزيارة. ولكن عندما صرنا شبابا اذكر اننا في المرات اللتي ذهبنا لزيارة شخص في قسم الرجال الذي كان في الجانب الجنوبي والمواجه لساحة بيت الخليفة وقبة المهدي. كنا نتأسف عندما تنتهي مواعيد الزيارة. ومن تلك الزيارات كانت زيارة الكوتش النعيم فرج الله الذي لزم سرير المستشفى وكان هنالك مجموعة ضخمة من اولاد العباسسية السروجية والهاشماب وفنقر وبعض زملائه من البريد والبرق. واذكر اننا ملئنا العنبر والشرفة الطويلة امام العنبر .
في سنة 1964 كنا نقف على تلك الشرفة وكان هنالك تمرين كرة قدم وكنا نطالع الزوار والمجلس البلدي وكان معي شقيقي الشنقيطي وحسن اميقو من الموردة وعبدالمنعم عبدالله حسن عقباوي وعثمان ناصر بلال وآخرين . وكان يمر علينا كثير من الاهل والشبابا والمعارف . واضطر التمرجي عدة مرات لاخبارنا بان مواعيد الزيارة قد انتهت . ونحن والمريض في حالة بهجة وسرور وونسة . الى ان استدعى الامر حضور الباشتمرجي وخرجنا بخطى ثقيلة .
الدكتور هوفل البريطانى الذي ادار المستشفى وادار مستشفى الدايات وتفانى في خدمة المستشفى والسودان , واضطر في احدى المرات لان يجر احد الزوار جرا لاخراجه من المستشفى بعد انتهاء موعد الزيارة الا انه اضطر لان يذهب للشيخ الزائر ويعتذر له . لقد ذهب الشيخ شاكيا . وهو حسب فهمه كان يقوم بعلاج المريض فلقد كان يقرأ عليه بعض الادعية والاوراد. وهو ليس بزائر عادي, بل مشارك في العلاج. واحترمت السلطة البريطانية (الدكتور السوداني) الذي يعالج بالدعاء .
الدكتور عبدالرحمن عبدالحميد في كوبن هاجن قام بطرد احد القسسة من المستشفى والذي كتب خطابا يشتكي بدعوى انه كان يعالج المريض روحيا ولكن ادارة المستشفى غضبت غضبا شديدا لتتدخل القس و ارسلو خطابا ناريا يطالبون منه الابتعاد عن المستشفى .
اغنية الكاشف واللتي يتطرق فيها الشاعر عبيد عبدالرحمن للالوان حمر اخضر اصفر كانت بسبب يوم الزيارة فلقد الهم شكل البنات والوانهم وملابسهم الشاعر . و عندما وصل مع الكاشف الجامع الكبير كانت القصيدة اكتملت في ذهنه. فجلس وكتبها وقبل الوصول الى حي العرب كان الكاشف الذي لم يكن يجيد القراءة والكتابة قد حفظها . وفي الساعة الثانية صباحا كان قد فرغ من تلحينها. وهذا كان يؤكد ان الزيارة عبارة عن فستفال. وهذه المعلومة استقيتها من ابن عمتي الاستاذ الطيب ميرغني شكاك رحمة الله عليه .
من الشخصيات اللتي ارتبطت بالمستشفى كان بائع الباسطة كاكوم. وكان نحيفا ضئيل الجسم وكان يختفي في بعض الاحيان ويترك شخص آخر ليقوم ببيع الكنافة . الا ان انكشف امره فلقد كان يلبس ثوب ويتبلم ويندس وسط النساء . الا ان سلط الله له امراءة شرسة قوية قامت بضربه بعد ان طرحته ارضا لدرجة ان كان ينادي... يا بوليس .
في يوم الزيارة كان الشارع الذي يفصل المستشفى من مدرسة الامريكان يمتليء بالباعة منهم من يبيع الكبابي والعدة والحلل. ومنهم من يبيع القماش. وهنالك باعة الفواكه التي ياخذها الزائرون للمرضى . او زجاج العصير, وهذا هو عصير معلوف الشهير الذي كان يعبئه الشامي معروف في الحرطوم . والزجاجة كانت بتسعة قروش وهو عصير مركز يضاف اليه الماء. وكانت هدية قيمة للمريض وارتفع السعر الى اثنا عشر قرش. واذكر انهم ارسلوني لمريضة من اهلنا . ووجدت انها قد تركت المستشفى. الا ان صديقي عكاشة سعد خضر اقنعني بشرب الزجاجة فتقاسمناها بدون ماء ...
ابن عمتي مختار مجذوب مالك عرف بكاكوم وكانت له شركة تجارية اسمها اعمال كاكوم. وكان له مصنع بهذا لاسم . وسبب الاسم انه مع اشقائه ابراهيم وسعيد كانوا يسكنون مع جدهم بابكر بدري. لان والدهم كان يعمل في الاقاليم . وكان هناك مجموعة كبيرة من ساكني حوش بابكر بدري منهم كمال ابراهيم بدري ومحمد خير البدوي والطيب ميرغني شكاك وفاروق ميرغني شكاك وصوماليين واثيوبيين . الا ان كاكوم كان اسرعهم في المراسيل . وكل ما يحتاج بابكر بدري لسائق العربية في فترة بعد الظهر لمناسبة مريض او جنازة. كان مختار سريعا في احضار السائق الذي يكون قد استلقى للراحة وكان يجده حتى عندما لا يكون في منزله. ولانه كان نحيلا صغير الحجم فقال له السائق متضايقا ...انت والله يا كاكوم محل ما امشي تحصلني . وكان التشبيه بكاكوم بتاع المستشفى . وطبعا كاكوم الاصلي هو فقيه سلطان دارفور الذي كان يعرف بكاكوم بحر العلوم.
خالي الدكتور عبدالعزيز نقد كان حكيم باشا مستشفى امدرمان. وكان صارما نشطا . يتحرك وكأنه يجري. وفي زمنه كان بلاط المستشفى يلمع. وكل انسان يعمل بجد . وكان منزله في بيت المال يمتليء بالزائرين والاهل. ارتبط في ذهننا بالصرامة . ولم تتغير هذه الفكرة الا ان اكرمني بساعات جميلة عندما زارني في سنة 1988 في دارنا. وسعدت بسماع ذكرياته ومعلوماته الثره عن الدنيا وفارقني وانا قد ازددت طولا وكان في ذلك شرفا من حكيم باشا مستشفى امدرمان الذي عرفته كل امدرمان. له الرحمة.
بعض اهل امدرمان مثل العم عبدالكريم بدري اخ بابكر بدري الاصغر كان مع شقيقه المهندس المحاضر خضر بدري يزورون كل نزلاء مستشفى امدرمان . وكانا يحتفظان بالكفن والحنوط ويظهران قبل اهل الميت ويغطون كل منطقة امدرمان من القماير الى بانت وكانا يعرفان حالة المرضى .
حكى لي حسين خضر رحمةالله ود الحاوي انه بعد تعب وتذلل, سمح له شقيقه رحمة الله عليه عمر الفاروق بإستلاف السيارة تاونز الانيقة الجديدة, لان عنده مواعيد كاربة. الا انه شاهد خضر بدري وعبدالكريم بدري فاوقفاه كعادتهم مع كل من يعرفون او من لا يعرفون في بعض الاحيان. وانتهى به الامر في القماير. وفي غرفة آيلة للسقوط, كان يشارك في غسيل رجل ميت لاول مرة في حياته. وليس هنالك رجل في امدرمان رفض لعبدالكريم بدري طلبا لان جل مشاويرهم كانت لخير او عقد زواج او عيادة مريض او لاصلاح ذات البين. وحسين كان يقول بدل بت جميلة لقيت نفسي ماسك لي زول ميت .
احمد داؤود احد مشاهير امدرمان, وهو من بيت المال وصاحب اجزخانة امدرمان اللتي اسسها عميد كلية الصيدلة ابراهيم قاسم مخير, كان كذلك يقوم بكل مراسيم الدفن والكفن,. والزيارة في المستشفى. وكان طويل القامة نحيفا كما قال صديقه العم مبارك ميرغني عندما حضر سنة 78 احتفاءا بمولد حفيدته الاولى ( احمد داؤود الزول الوحيد لمن يكون خالف كراعو رجلينو الاتنين بكونوا في الواطه).
احمد داؤو من مشاهير امدرمان ومن ظرفائها. كانوا يجلسون مرة مع صديق تعرض لحادث وكسور مضاعفة ومغطى بالجبص , وهم في حالة وجوم . ودخل احد المتطفلين وبدون مراعاة لشعور الناس قال ده مالو؟.. ده حصل لي شنو ؟ عندما لم يرد عليه اي انسان ردد سؤاله بثماجة اكثر . قال له احمد داؤود ( ده وقع من راس بيت في بير). ولاول مرة من الحادث ضحك الجميح حتى المصاب .
احمد داؤود استلم رجل صديقه اللتي قطعت. فأخذها وقام بدفنها في احمد شرفي . وعلم المكان . وبعد سنين مات الصديق. ولكن احمد داؤود لم يحضر مراسم الدفن الا انه حضر غاضبا لمنزل البكاء وقال محتدا لولد المرحوم ( ابوك ده انا كراعو دفنتها في احمد شرفي تقوم تدفنو في البكري يعني يوم القيامة يقوم شدت )..
في احد الايام ذهب احمد داؤود للاشراف على حفر احد القبور وانتظار الجنازة . فتأخرت الجازة وطال الانتظار. وفجأة يظهر بعض الناس ومعهم طفل صغير . فقال احمد داؤود بطريقته المرحة, مستحثا لهم. طيب تعالو نقزقز بالشافع ده لحدي الجنازة ما تجي ....
عندما يدخل الانسان من البوابة الرئيسية يجد الانسان العيادة الخارجية على يساره وهي صالة كبيرة بكنبات من الخشب الثقيل تمتليء بالجالسين في الصباح . اغلبهم ناس الدبر والعواوير. ويحضر التمرجية اوعية ضخمة مليئة بالشاش والقطن والديتول والمراهم والشرطان. ويقومون بالتغيير على الجروح ولفها بالشرطان الجديدة ويقدمون النصائح . وينفذون كل هذا برح طيبة . وعلى ارتفاع عدة درجات يقف المرضى لمقابلة مساعدي الحكما الذين يواجهون طوابير المرضى ويكتبون لهم الادوية المجانية. في قطع من الاوراق امامهم . ويذهبون الى الاجزخانة . ويستلمون الدواء. واذا لم يكن عندهم زجاجة فارغة يقومون بشراء الزجاج الفارغ او الفتايل من العم محمود الذي كان عنده عربة يدفعها بيديه لتقف امام البوابة..
على يمين المدخل هنالك قسم الجراحة . وأنا فى الخامسة وقبل الدخول للمدرسة مباشرة أتى ابن خال أبى العم أحمد الحاج ادريس ، وكانت وقتها مساعد حكيم فى الهشابة ، وأخذنى وشقيقى الشنقيطى الى المستشفى. وبعد ربع ساعة كانت عملية الختان قد انتهت. ورجعنا الى المنزل . وهذه الخدمة كانت متاحة للمواطنيين فى المستشفى بدون أجر. ولأن والدى ووالدتى لم يكونا مؤمنين بالاحتفالات والهيلمانات فلم يعرف حتى خالاتنا بموضوع ختاننا.
من أشهر الطهارين كان العم اسماعيل الطهّار ، ومنزله كان فى شارع الوادى بعد الهجرة وقبل ودنوباوى. العم ابراهيم النور الذى كان ضخم الجثمان وله أصابع غليظة كانم يغطى منطقة جنوب أمدرمان والعباسية والموردة .حضرت عملية ختان قام بها لعبدالمنعم وعبدالرحمن وعبدالفتاح أشقاء صديقى عثمان ناصر بلال . وكان سريعا وبارعا بالرغم من أن أحد الحاضرين قال (ما عارف بأصابعينو الكبار ديل بيقدر يشتغل كيف؟ ). وفى أقل من نصف ساعة كانت عملية الختان للصبية الثلاثة قد انتهت وأخذ دراجته وانطلق الى مهمة اخرى.
انا كنت احد المترددين لا كل ظافر اقدامي قد اقنلعت عدة مرات بسبب الدافوري. والجروح بسبب الزجاج المكطسر والشيطنة. والبعض قد يحتد مع الممرضين ومساعدي الحكما . وهم على اقتناع بانهم اصحاب حق..
احد المرضى من البادية كان هزيلا جدا . وبالسؤال عن سبب جضوم ناس امدرمان . قالوا له ده ما من اكل البرتقال والتفاح. وفي احد الايام قدم له اهل بعض المرضى برتقالة . وبعد ان اكلها شاهدوه في المراية يتحسس خدوده ..
الاسبتالية كانت شيئا رائعا واذا سمحت الظروف سأكتب عن المستشفى الآخر مستشفى الارسالية ..
التحية للامير – امير عبدالله خليل . ولنهب جميعا لمساعدة مستشفى امدرمان. هذا نداء لكل ابناء امدرمان والآخرين . واشيد بالمغتربين والمهاجرين الذين في امكانهم ان يتحصلوا على كثير من المعدات والمواد ....
التحية ,,,,
شوقي,,,,
نشر بتاريخ 21-08-2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.