الصادق المهدي الشريف/ صحيفة التيار [email protected] الخبر الطريف والغريب يقول (دعا مجلس تشريعي ولاية الخرطوم، لمقاطعة اللحوم.. وقال أحمد دولة رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس في منتدى حماية المستهلك أمس، إن مقاطعة المواطنين للحوم لا تعني موتهم وإنما هي حل جذري لكبح جماح الأسعار). أمّا وقد خرج الخبر الى الحيز الإعلامي.. فلا بُدّ وأنّ تجار المواشي والقصابين (الجزارين) يجتمعون سراً لإسقاط الحكومة عن طريق (اللحوم).. حتى ينظر المجلس التشريعي في أمر معاقبتهم. ولا بُدّ أنّ الحكومة تخشى أن تسقط (لحمة ناشفة) بفعل هذا الهجوم الكاسح من الجزارين.. لذا – وبتجاربها المريرة مع التدويل - قررت أنّ تحصر حملتها ضد الجزارين في أضيق نطاقٍ ممكن حتى لا تُهيُّج عليها المجتمع الدولي.. وجمعيات حماية الجزارين العالمية.. فقررت مواجهة ذلك الهجوم عن طريق المجلس التشريعي الولائي.. وهي تضعُ رجلاً على رجلٍ.. تنظرُ بعيداً كأنّما الأمرُ لا يعنيها. مالكم.. كيف تحكمون؟؟. الجزار بمفهومه المعروف للسودانيين هو من وجهة النظر الإقتصادية (تاجر نهائي).. ولكي يقوم ببيع اللحوم لا بُدّ أن تمر بضاعته أولاً بمالكي المواشي.. ثُمّ تجارها.. والحكومة برسومها المختلفة.. وسماسرة المذابح.. وأخير تُنقل اللمواشي مذبوحة الى الجزار.. ومنه الى المستهلك النهائي. التركيز والنظر بُحمرة عين الى الجزار ليس من الحصافة في شيئ.. ولا يمكن تحميل المسؤولية الكلية للجزارين وحدهم. إنّه النظر القاصر لجزء من الصورة الكلية.. ثُمّ إصدار الأحكام بناءاً على تلك الجزئية. والعتب هُنا ليس على النظر.. إنّما على العقل الذي يُحرك العيون فيحصرها في أضيق الزوايا.. وهو يتبحجُ بسعة الرؤية. ما الذي يتوقعه رئيس اللجنة الإقتصادية بالمجلس التشريعي؟؟.. أن يخاف الجزارون مثلاً وينتابهم الهلع فيبيعون اللحوم بأقل من التكلفة التي اشتروها بها؟؟.. أم يُبجلون سيادته فيعلنون تخفيضاً مؤقتاً في الأسعار حتى تنجلي العاصفة؟؟. اللحوم أيُّها السادة.. مثل بقية السلع.. ضربها إعصار التحرير الإقتصادي.. فصارت سلعة منفلته.. مثل كثيرٍ من الأشياء المنفلته.. والأشخاص المنفلتون!!!!. وإعلان الحرب على الجزارين هو طعنٌ – ولا أخيب – في ضل الفيل.. وفيلنا معروفٌ للجميع.. ولكن لا أحد يستطيع أن يطعن فيه مباشرةً. تنفيذ سياسة (التحرير الإقتصادي) كان قاسياً حدّ القتل.. وكان من الأوجب أن تتبعه مواعين بديلة.. تقلل من حجم الأضرار الناتجه عنها. مثلاً في مسألة السلع هذي.. أن تُفعِّل الحكومة الجمعيات التعاونية للمحلياتِ أو الأحياء.. وتجد لها تمويلاً صغيراً أو أصغراً من البنوك.. توفر المتطلبات اليومية لمواطني الأحياء بالتعاون مع جمعيات المحليات.. فتصبح سوقاً موازية لذلك السوق الجحيم. أو على أقلّ تقدير أن ترفع الحكومة يدها المثقلة بالجبايات والرسوم.. عن كاهل المنتجين (أصحاب المزارع.. في حالة اللحوم).. حتى تصل المواشي باقل تكلفة (ممكنة). لكن ليس من المعقول أم تُثقِل الحكومة عبر الجهاز التنفيذي أسعار السلع بالضرائب والجمارك والعشور.. ثُمّ يأتي الجهاز التشريعي ليطلب من المواطنين مقاطعة تلك السلع لفحش أسعارها. نشر بتاريخ 13-09-2011