[email protected] مع اختلاف العنوان ولكن نواصل فيما بدأنا في مقال الأمس حول تجديد الدماء في كراسي قيادات أحزاب المعارضة مواكبة لمحدثات الزمن من خلال برامجها وتنشيطا لمسيرتها بتبديل مفاصل حراكها في الشارع الذي يبدو أنه يفتقر الى القدوة التى توجهه في غفلته وقد طالت سنواتها به ولا نقول سلبيته..أو خنوعه مثلما فهمت سلطة الانقاذ وقيادات حزبها التى استمرأت الاستخفاف بشعبنا وتستعد لدلدلة رجليها بعد أن توهطت على ظهره كثيرا .. فداخلها الوهم بأن ذلك هو الرضاء ذاته الذي يعطيها الحق في تطبيق ما يحلو لها من نظريات فيما سمى بجمهوريتهم الثانية التى دخلوها مبتورة من يمين خارطتها وليس لديهم مانع ولا يهمهم التضحية بشمال ذلك اليمين المتاخم للجزء المبتور ممتدا الى الغرب. طالما أن ذلك يريحهم من قذارة هواء الاثنيات التى لا تشبههم و نجاسة الديانات الأخرى ..ليسهل عليهم اقامة الجمهورية الاسلامية العربية النقية..حيث لا يملك شعبها المؤمن بهم . وهم على ظهره الا الشراب حينما يصفرن له .. وان أعلف شكر وهتف .. وا ن منع صبر وصمت..! طبعا كثيرا ما يحتار العالم الخارجي في سكوت شعبنا المريب ويسأولننا في المجالس والمكاتبات عن سره وهم يشهدون غضبة الشعوب وهي تقود ربيع ثوراتها لشهور طويلة منها من نجح ومنها من لا زال يذاكر ليوم الامتحان في مفرق الحبايب عن كراسيهم ونحن قد سبقنا تلك الشعوب في صرع الديكتاتوريات بعقود عددا..وكنا نرد على تلك التساؤلات باستحياء .. وخجل .بان لكل وقت اذان.. ونحن نعلم ان الشارع محبط في مصيبة معارضتة ربما أكثر من صبرة على كارثة الانقاذ.. فالكبار من ابناء شعبنا الذين عاصروا عثرات الديمقراطية أو اية مرحلة من سقطاتها يرعبهم مجرد تذكر ذلك.. فيطنشون عن جن الانقاذ الذى عرفوه طويلا و أصبح في رأى البعض مثل صداقة مرض البول السكري ..ان لم تجد امكانية توفير الدواء له ..فيمكنك أن تهرب منه الى الامام والتعايش معه ببرنامج المشي ..عضا على طرف الثوب هياما في الطرقات..! أما الصغار من أبناء الأجيال الجديدة فهم في حالة فصام عزلتهم عن فهم الواقع والحاصل ..بين توقهم للتغيير وانحباسهم خلف حائط القيادات التى يوقرونها ويتأدبون أمامها ولا يودون تجاوزها طالما أن فيها الطالع والنازل من النفس..! وذلك كله جعل الوطن مستهدفا في وحدته وكرامة شعبه وسمعته وقد سقط في تلك الهوة التى فصلت بين طموحاته في عمل شيء ما من أجل التغيير وخوفه من تكرار هزلية الديمقراطية السابقة وتكالب قادتها على المناصب والمكاسب ..فوسّع ذلك الفصام من ممرات نظام الانقاذ حكومة وحزبا لتنفيذ كافة برامجهما وفقا لما أرادا .. وطالت بنا دروب الماساة.. ربما كل الدول التي انتفضت شوارعها ضد جلاديها قد ساعدها عدم وجود طائفية متأصلة وقيادات أحزاب متحصنة خلف قداستها التاريخية الخارجة من رحم الارث والنسب ..أو التي تتمترس خلف زعامتها الفكرية . أو العقائيدية .. مثلما هو عندنا في السودان ..لذا وحينما تقدم شبابها الى ساحات التحرير لم يجدوا كوابح الكبار ليستاذنوها في التخطى نحو مفاتيح الحواسيب للتواصل مع بعضهم لتفجير ثورات لم تعد تسقط دكتاتورياتها برفع أغصان الأشجار أو تكتفي بعدد محدد من القرابين..! والحقيقة المرة التي نواجهها ونحن نشهد تمزق وطننا وامتهان شرف اهلنا وتلويث تاريخنا الناصع بدماء بعضنا ويشهر بنا نظام غاشم في الشاشات التي تدخل كل بيوت العالم ليفهم أهلها اننا مجرد مجموعة لاجئين ونازحين وجوعي ..كسالى يتسولون القروض وبلادهم تتحزم بالانهار وتحت أقدامهم تبر وليس تراب يمشون عليه..! لا مفر أمامنا الا أن نبدأ مشوارنا الطويل بأول خطوات التغيير من داخل ذاتنا أحزابا وتنظيمات مجتمع مدني..فعلى صعيد الأحزاب الكبيرة فصل الامامة عن الحزب في طائفة الانصار والخلافة عنه في طائفة الختمية.. وعلى شيخ الشعبي أن يتحول الى فقيه دون ولاية.. وزعيم اليسار الى كاسترو.. ويبحث له عن راؤول وان لم تلده أمه.. وهكذا البعث الخ.. آن لهم أن يرتاحوا في قلوب جماهيرهم قبل أن تلفظهم من طول الملل ..وسوء المآل.. فحواء الأحزاب السودانية ولود رحمها للشباب قوة وعنفوانا وفكرا متجددا و توثبا للقيادة وقد ارتادها شباب في بلاد الثورات العربية لطالما ظننا فيهم الانسياق وراء الأهلى والزمالك ..وثامر حسني وليلى علوي والترجي والأفريقي ولطيفة.. والقات ونسيان الجولان.. فخرج لنا أسود من عرائن مكان آخر بعد أن حسبناهم جرذانا اكتفوا بفتات بصل القائد الذي قال أنا الدائم الذي لا ملوك من بعدى.. فقالوا له كما لغيره .. ما الدائم الا وجه الله الكريم .. انه المستعان .. وهو من وراء القصد.. نشر بتاريخ 17-09-2011