[email protected] لست متشائما ولكن ما عادت المؤتمرات وتوصياتها هى المنقذ فاين ذهبت مخرجات مؤتمر قضايا التعليم لولايات الشرق فكم من مؤتمرات عقدت ورفعت توصياتها وظلت فى اضابير الساسة والمختصين دون دراسة او تفكير فى تنفيذ جزء ضئيل منها ليكون شمعة تضئ ظلام نفق التعليم الطويل ، والمسألة وما فيها كيف يكون التعليم واحدا من الاولويات ولكن نظريا هو اولوية دولة ومن على منابر الولاة بالولايات وجالسها التشريعية حتى البرلمان ونسمع بتمجيد المعلم والثناء عليه وكاد المعلم ان يكون رسولا الى ان اصبح خفيرا لاتحقيرا لمهنة الخفارة ولكن لضآلة راتبها وشظف عيش شاغلها , وتحضرنى هنا طرفة الاستاذ عبدالباسط سبدرات حين كان وزيرا للتربية والتعليم فى مؤتمر قضايا التعليم الذى انعقد بمحافظة القضارف وقتها وفى كلمة رئيس النقابة تحدث عن المعلم مستهجنا الثناء والتغزل بالمعلمين من على المنابر فقط وحين جاءت كلمة الوزير استهلها بحديث رئيس النقابة قائلا (سأتغزل فى المعلمين رغم انف ريس النقابة ) ونحن نقول تغزلوا فينا فقط ردوا الينا حقوقنا، فمتى يكون التعليم اولوية حقيقية ويتم الصرف عيه بسخاء من لايخشى الفقر والاهتمام بالانسان لاشك هو التنمية الحقيقية فالتوسع الذى طال التعليم فى هذا العهد لم يشهد له مثيل ففى ولاية القضارف على سبيل المثال كانت المدارس الثانوية حتى العام 1995م فقط17 مدرسة وصلت الان الى 108 مدرسة غطت كل انحاء وفرقان الولاية وفق استراتيجية محكمة تولتها الولاية عبر اعمار الشرق والمنظمات التى لوكانت رجلا لدخلت الجنة هذا من حيث المبنى ومتى تهيأ المبنى الصالح للبيئة المدرسية ياتى دور المعلم والمنهج والمتلقى والاجلاس والمعينات الدراسية والتى يمثل فيها المعلم حجر الزاوية الاساسى لارساء دعامته وفك شفرة التردى فى المواد الاساسية اللغة العربية والرياضيات والانجليزى والتى تشهد ترديا بيّنا لايخفى على أحد ، ونحن ننتظر فى خواتيم ديسمبر الجارى المؤتمر القومى للتعليم لانتشال المعلم والمدرسة والمنهج من وهدته بعد أن طالته التغييرات التى سببت فجوة تعليمية كان خريجوها وبالا على مستقبل البلد لا سيما الطب الذى اصبح مسخرة ومهزلة والتى لا يفرق خريجوها بين التتراسايكلين والكوكايين ( والبقول راسى موجعنى بربطولو كراعو) ننتظر المؤتمر القومى العودة لمصانع المعلمين معاهد التربية لعامين بعد الثانوى بمنهج مدروس فى طرائق التدريس وتمكين المعلم من مادته التى يفتقده اليوم وفاقد الشئ لا يعطيه والنأى بالمنهج عن السياسة وزجها فى المناهج والعودة للطريقة الجزئية بعد ان اثبتت الطريقة الكلية فشلها الذريع اذ وضح ذلك فى خريجيها الذين اصبحوا ضحية فى ضعفهم البين فى الكتابة الصحيحة املائيا ورداءة الخط ولا نحمل التلميذ وحده وزر المنهج بل يشاركه المعلم نفسه الذى لم يجد فرصا للتدريب فى هذا المنهج فان لم يكن مغذى التلميذ صاحب امكانات وابداع فى فنون التدريس فهل ننتظر تلميذا متفوقا فالمسألة التعليمية اساسها المعلم فالنوفر له حاجته من تأهيل وتدريب وولوج مهنة التدريب من بوابة كليات التربية والمعاهد وما اصاب التعليم من انتكاسة هو دخول تخصصات لاعلاقة لها بالتربية متمسكا بها الخريج كمحطة عبور الى ان يجد فرصة اخرى فى مجال تخصصه وهاهى مؤتمرت التعليم بالولايات تنعقد تباعا تناقش واقعها التعليمى بالصراحة والشفافية لترفع توصياتها للمؤتمر القومى ولا اشك فى ان مشاكل التعليم فى دارفور والبحر الاحمر والنيل الازرق والقضارف والشمالية هى مشاكل مشتركة وسيظهر ذلك جليا حين مناقشتها وقد تظهر مجانية التعليم التى ترفعها الوزارة الاتحادية شعارا كواحد من القرارات الجمهورية ولكن هل هناك مجانية تعليم ؟ ورفع نصيب التعليم من الدخل القومى والذى يمثل الان 1,7% لايمكن ان يوفر بيئة تعليمية ولا تعليما جيد النوعية ما حدا بالناس حنين العودة للتعليم فى سابق عهده والذى خّرج جيلا (جيد النوعية) ما فتئ يقود دفة العمل التنفيذى والسياسى وفيهم من قضى نحبه وفيهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وهاهم يشارون ويستشارون فى فى كل هم ويضعون لبنات التعليم للالفية الثالثة، وقد جلست اتحادات المعلمين المنوط بها ترقية المهنة وشاغلها فى المقاعد الخلفية تسرف فى الصرف من اموال المعلمين على نفسها وتشيد العمارات السوامق ولا نعلم الى اين يذهب ريعها ؟ واين تمهين المعلم ؟ ان مؤتمر التعليم القادم سيكون قنبلة موقوته او طوق نجاة فليعلم حكامنا الا تعليم دون رفع سقف الصرف على التعليم الى 7% على اقل تقدير من الدخل القومى ومراجعة المناهج مراجعة دقيقة للتتوافق مع هذا الجيل الاسفيرى ،وتوفير كل معينات التعليم من فصول وكتاب واجلاس ومراشد ومعدات رياضية ،واعادة معاهد التأهيل التربوى أثناء الخدمة لخريجى الثانوى بدلوم لعامين دراسيين للخروج بمعلم يقود دفة الصف ،ونحن ما زلنا نبكى على معلمى معاهد التربية نظام العامين واربعة اعوام والعمل على انهاء ما يسمى بمعلم الصف فالذين تولوا هذه المهمة جلهم كانوا سببا اساسيا فى كل ما آل اليه التعليم من ضعف اكاديمى اضافة الى الفجوة والطفرة الكبيرة حين ينتقل التلميذ من الحلقة الاولى الى الحلقة التانية او الصف الرابع وهنا تبدأ معاناة المعلم والتلميذ فلا هو بالقارئ ولا الكاتب وثالثة الاثافى اسناد التعليم الاساسى للمحليات ذات الدخل المحدود مما جعل التعليم الاساسى عبئا ثقيلا على المواطن (والمواطن الفيه مكفيه) ننتظر المؤتمر القومى ليبرئ الكلم الذى اصاب التعليم سنين عددا وضاع خلاله اجيالا بل ارتالا من الفاقد التربوى لتستوعبهم (الركشات) وفروا مدارس ثانوية ذات داخلية بحاضرة كل محلية تسمى مدارس كبرى على نسق حنتوب وخور طقت ووادى سيدنا تجمع المتفوقين من ابناء الولاية ، وفروا السكن للمعلم بالمدرسة حتى تختفى نغمة الاستئناف حين النقل، ولا ننسى دور الخلاوى فى اذكاء روح التلاميذ بحفظ القران لتوسيع مداركهم والاهتمام ، بالخط العربى والسؤال الذى يطرح نفسه اين منهج التربية الوطنية الذى كان يدرس قبلا؟ فلا شك ان مشاعر انتماء الفرد لمجتمعه ومضامين حبه لوطنه تعد من أكثر العواطف قوة وان مفهوم حب الوطن والتمسك به لا يعنى فقط انه ذلك المكان الذى نولد ونسكن فيه الى حين رغما عنا بل هو مسئولية جسيمة يحملها المرء على عاتقه لحظة ولادته وليس الوطن كأى شئ يمكن ان نفقده أو نفرط به او نتخلى عنه وأن العيب ليس بالوطن بل العيب فى ترك المفاهيم الخاطئة على عواهنها لتعود لاحقا الى سلوكيات مدمّرة العيب فى عقليات لم تربى جيدا على مفهوم الانتماء الوطنى والمضامين الحقيقية لمعنى الولاء المستحق لحمل الحقوق وواجبات المواطنة المثلى وبعدم وجود التربية الوطنية كمادة مدروسة سنخسر المزيد من العقول والكفاءات التى تترك الوطن بالمئات يوميا تحت عنوان البحث عن طريقة جديدة لرسم مستقبل افضل وصورة جديدة لوطن مستقبلى يمكنهم من الاقتراب من منابع الثروة واعادة بناء الذات والتمتع بمباهج الحياة ، انزعوا نظاراتكم السوداء ومدوا ايديكم لمن مدها اليكم فلولا الوطن ما كنا ولا كنتم ، نأمل ان يخرج المؤتمر القومى للتعليم بما يصحح المسار التعليمى فيه ما ينفع الناس بعيدا عن ساس يسوس والله المستعان على ما تصفون.