دعوني أعترف لكم بأنني لا أحب زيارة المستشفيات -حفظنا الله وإياكم من الأمراض- وأقسام البوليس -حمانا الله وإياكم من الجرائم والعقاب-، إلا أن المرء يحتاج إلى التعامل مع هذه المؤسسات في بعض الأحيان ويأمل أن يجد فيها ما يحفظ صحته وما يحميه وممتلكاته من العدوان. إضافة لذلك فإننا، أهل السودان عامة، نجيد انتقاد الآخرين بما في ذلك تجريح أنفسنا، ولكننا لا نحسن الشكر ولو لأنفسنا بل نستهجن ذلك خاصة عندما يكون للرؤوساء والمديرين وكبار المسؤولين. *سقت هذه المقدمة لكي أتحدث عن إعجابي وتقديري بمجموعة من الشابات والشبان طبيبات وأطباء والفريق العامل بمستشفى الفيحاء “مركز الفيحاء الطبي" سابقاً في العيادة وغرفة العمليات وفي المعمل وفي الصيدلية وحتى موظف الاستقبال بل عامل النظافة، فقد خرجت من المستشفى بانطباع إيجابي. أعترف بأنني كنت أشارك زوجتي نفس المخاوف ونحن نذهب إلى المستشفى لمقابلة الطبيب العمومي دون سابق معرفة به أو تعامل معه للكشف عن “دمل" في كتفها الأيسر، ولكن سرعان ما تراجعت المخاوف والشكوك من حسن المقابلة والنظافة التي لمسناها في كل المستشفى خاصة في الحمامات. نقول هذا لكي نؤكد أهمية تشجيع شبابنا الذين يعملون في ظروف مادية صعبة، وطاردة، ولكنهم يخلصون في عملهم ما داموا قائمين عليه، وهم أولى بالرعاية والاهتمام والتحفيز حتى لا يلحقوا بالطيور المهاجرة، ونشيد في نفس الوقت بحسن المقابلة والمعالجة والصبر على المرضى بلا كلل أو ملل. نقول هذا لأن شبابنا مظلوم وأنه بالعكس متابع ومواكب بما توفر له من إمكانات تقنية تساعده على الاستزادة والتعلم أكثر، ولكنه لا يجد التقدير المستحق ولا حتى الفرصة لتقديم خبرته عملياً. *نقطة مهمة أيضاً لا يكفي الإشارة إليها في معرض الحديث عن النظافة، خاصة وأن صورة المستشفيات في الماضي كانت مشوهة، لا تخلو من قذارة، فقد لاحظنا حجم الحرص على النظافة حتى على الحوائط وفي الحمامات بمستشفى الفيحاء. نكرر الإشادة والتقدير لأسرة مستشفى الفيحاء الطبي خاصة الطبيبات والأطباء الشباب بمختلف تخصصاتهم المهنية ونقول لهم ولغيرهم من العاملين في الحقل الطبي: إذا كانت النظافة من الإيمان فإنها أيضاً نصف العلاج.