في 25 ديسمبر 2005م اجتمع بضعة آلاف في نادي جامعة الأحفاد، بعضهم إعلاميون يريدون تسجيل الحدث السنوي الذي يعقد هذه المرة بشكل مغاير، فبدلا عن أن يكون في بيت الإمام الصادق المهدي باحتفال مصغر بيوم مولده ينظمه مكتبه الخاص كان حينها كبيرا في جامعة الأحفاد للبنات تنظمه لجنة قومية للاحتفال بالعيد السبعيني للإمام الصادق المهدي. وحينما اتصلت اللجنة القومية بالفنان الأستاذ سيف الجامعة للمشاركة في المناسبة لبى على الفور، وقال لي وقد كنت مقررة اللجنة، إن لديّ مفاجأة للحبيب الإمام. كانت المفاجأة أغنية من تأليف الشاعر الأستاذ مدني النخلي وتلحينه شخصيا، من كلماتها: لو ينحني الصخر الأصم وارتدَّ وش الضي غرِبْ لو عدى عكس الريح شراع وانهدَّ حيلاً فيك تعبْ أتجرع الحنضل واقيف فوق المسامير بالغصب لا تنحني وفيها أيضا: ليك السلام وعليك سلام/ يا منتمي لي فكرة ضد الانهزام/ ما بتَّ يوم والجار جعان/ ما شفت قدامك مهان/ وقدلت يا فرس الرهان/ يوم كبوتك إن شاء الله ما فال البنات/ الزغردن غنوك يا جبل الثبات/ وهتفنا من كل الشتات/ لا تنحني. كانت المفاجأة برأيي مركبة، فلم تكن للأستاذ النخلي أية علاقة مباشرة ولا حتى لقيا من قبل مع الإمام، على خلاف الأستاذ سيف الذي اجتمع به في المنافي القاهرية في ظروف قاهرة تجعل بينهما أخوة الخندق. ولكن سيفا كان يومها متأثرا بدرجة (قف) أوقفت مشاعر الحاضرين على رجلين، وبينما كنت في قمة التأثر، لاقيت خال الإمام الحبيب وأصغر أبناء كسّار قلم مكميك (المهندس الحبيب بشرى عبد الله جاد الله) وكخال يعرف خلال ابن اخته قال لي: لو كانت الأغنية: ما بتنحني! وفي الحقيقة فإنها وهي بحالها كانت تعبر عن قمة الإطراء والتعاطف. وقد ولدت في وقت ومكان معبرين، وعلى يدي فنانين برؤية مقصودة. هذا هو الجد يا صاح ويا صاحبتي! أما الهزل، فقد كان بحدائق النخيل بأم درمان أمسية السبت 31 مارس المنصرم، حيث أقام جمع من شباب (لحم رأس) في حزب الأمة لقاء كانت خطاباته (سمك- لبن- تمرهندي)، وحينما قام خطيب الشباب أو مذيعهم يومها مقدما لكلمة السيد مبارك الفاضل، قدمه بكلمات الأستاذ مدني النخلي ذاتها وزاد بأنها لا تقال إلا لمستحقها الذي يفهم أنه صاحب الكلمة المنتظرة! وإذا كان تعديل الخال الحبيب بشرى لكلمات الأستاذ النخلي حتى تكون مناسبة مع حالة الحبيب الإمام هو أن تصير (ما بتنحني)، فإن التعديل المناسب على لسان أحد الأحباب لها لتناسب حالة السيد مبارك فهو: لا تنحني.. مرة أخرى! فقد حدث ذلك مرارا، للحركة الشعبية مرة، وللمؤتمر الوطني أخرى. إذ انضم لركب الأولى موافقا على كل ما نادت به حتى العلمانية بشّر بها، وحينما عرضت عليه ناعيا وحدة حزب الأمة! قال السيد مبارك الفاضل، الذي دائما ما تفارق أقواله الحقائق بشكل مريع يذكرنا بجده الذي رفض أن يغش حتى السمك في البحر بوضع طعم في السنارة من باب الشاعر: نعم الجدود ولكن بئس من خلفوا! قال في لقاء معه نشر بصحيفة البيان الإماراتية الشهر الماضي إنه ذهب بخيرة كوادر الحزب، وإن الذين بقوا في الحزب يخافون على مناصبهم من تلك الكوادر. وعاد مخاطبا مبارك فارق الحزب قبل عشر سنوات، ففي مثل هذه الأيام من عام 2002م كان أوج حروبه الإعلامية على الحزب، بدأها بحوارات صحفية نارية نشرت في بعض الصحف العربية (أيضا) ثم عرج على المخاطبات الشبابية والخطابات النارية بأحرف مستعارة حينا وباسمه المجرد آخر، ثم بمذكرة أربعينية، وكلها ضرب وفل في حزب الأمة وفي تاريخه وبالذات في الإمام الصادق المهدي. وكانت نهاية «المسرحية التي لا تستحق جائزة» على حد تعبير الأستاذ الصحفي عبد الحميد عوض، عانيا بذلك مؤتمر سوبا في 14 يوليو 2002م.