1 - مقدمة ! + هذه مقالة من ثلاثة حلقات ، تحاول أستعراض سيرة ومسيرة العلاقة بين مصر والسودان من زمن الفرعون الاله تحتمس الثالث الي الفرعون الأخواني مرسي ، كما يطلق عليه أهله . علي مر القرون ، كانت مصر مصدرا لكثير من ( دروس العصر ) المفيدة للسودان ... مفيدة سلبا عندما تحتم ضرورة تجنبها ، وإيجابا عندما كانت تدعو إلى فائدة يجب اتباعها . في هذه الحلقة الاولي نتوقف عند الحقبة الفرعونية ، ونواصل الأستعراض في الحلقة الثانية ! 2 - مبادرة المنتدى العالمي للوسطية ؟ + وهو في القاهرة ، قاد السيد الامام مبادرة المنتدى العالمي للوسطية لحل الأزمة التي اندلعت في مصر عقب صدور الإعلان الدستوري ( الاربعاء 21 نوفمبر 2012 ) . يعمل السيد الامام علي هدي التوجيه الرباني في الاية 85 في سورة النساء : ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ...) . والشفاعة هي الوساطة ! + في يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2012 ، قاد السيد الامام وفدا من منتدى الوسطية العالمي ومن أهل النظر من المصريين ، وناقش مبادرته مع : * الرئيس مرسي وممثلين للقوى الشعبية المؤيدة له ، * زعماء جبهة الإنقاذ الوطني ، وعلي رأسهم البرادعي ! ناشد السيد الامام الجميع قبول المبادرة ! راي السيد الامام ، بعيني زرقاء اليمامة ، ان الاستقطاب بين ثوار مصر ، الذين أطاحوا بمبارك في 18 يوم ، تطور بعد 80 اسبوع علي الاطاحة بنظام مبارك الي أحتقان ، والذي قاد بدوره الي أحتكاك ، كانت نتيجته عنفأ لفظيأ ، انتهي الي عنف مادي ، وموت عشرات الثوار في معارك بين الثوار ، وجرح المئات . رأي السيد الامام مصر تمشي في نفس الطريق الوعر الذي سلكه السودان طيلة ال 23 سنة المنصرمة ، فانقسم الناس الي فسطاطين ، علي مرجعيات في الاساس دينية ، ولكنها تحتوي علي ملامح سياسية وفكرية وثقافية جد مختلفة : فسطاط الاسلاميين مقابل بقية المصريين ! كما في السودان ، تطور الصراع بين الإسلاميين وغيرهم إلى صراع وجود ... صراع استهدف إقصاء الآخر وتغييبه وإخراجه من الساحة. وعلي عكس السودان ، سمي المعارضون أنفسهم جبهة الأنقاذ ، التسمية التي أحتكرها الحكام المستبدون الفاسدون في السودان . وأنطلاقأ من العلاقات الأزلية التي تربط السودان بمصر منذ عهد الفرعون الاله تحتمس الثالث ، ولانه عاش لمدة 23 عاما منصرمة نفس التجربة التي تمر بها مصر حاليأ ، تطوع السيد الامام بمبادرته التي البسها لبوس المنتدي العالمي للوسطية ، لتكون أكثر قبولا من مبادرة شخصية . بمبادرته الخيرة ، سعي السيد الامام لتجنب صدور البيان العسكري الاول لمجلس قيادة الثورة ، وعودة حكم العسكر ؛ بعد ان وفر زعماء الاستقواء بالمظاهرات المليونية من الجانبين ، الفرصة الذهبية للجيش للعودة للساحة السياسية . فعلأ وحقأ للسيد الامام عيون زرقاء اليمامة . ففي يوم الثلاثاء 11 ديسمبر 2012 ، ( أسبوعين بالتمام والكمال بعد تدشين مبادرة السيد الامام ) أصدر الفريق عبد الفتاح السيسي ، وزير الدفاع البيان العسكري الأول يدعو فيه الرئيس مرسي وقوي المعارضة الى حوار وطني تحت رعايته ( الاربعاء 12 ديسمبر 2012 ) لحل الأزمة السياسية في مصر . الوزير المروؤس يدعو رئيسه الرئيس والقائد الأعلي للقوات المسلحة لاجتماع مع اخرين معارضين للرئيس ، ويقبل الرئيس دعوة مروؤسه ؟ ولم يتم اللقاء لأن بعض مكونات المعارضة لم تلبي الدعوة ! بمبادرته ، سعي السيد الامام لابعاد شبح الفوضى في مصر وتجنب عودة الدولة العسكرية بالتالي. ولكن وقعت مبادرته علي أذان بها وقر ؟ هذا يحدث في أمة ضحكت من جهلها الأمم ، كما قال المتنبي ؟ 3- البرادعي يطلب وساطة الغرب ! + في حواره مع مجلة ( دير شبيجل ) الألمانية ، ناشد الدكتور محمد البرادعي ، مؤسس حزب الدستور المصري ، ومنسق جبهة الأنقاذ الوطني القوي الغربية قائلأ : ( إذا كان الأمريكيون والأوروبيون يؤمنون حقًا بالمبادئ التي يرددونها دائمًا، فيجب عليهم مساعدتنا والضغط على مرسي . ( . وزايد البرادعي : ( أن الشباب في مصر يريدون من الغرب رد فعل واضحا ضد مرسي . ) . طلب البرادعي من الغرب البعيد ، غير المسلم ، وغير العربي ، وغير الافريقي التوسط لحل الازمة في مصر . 4 – عيب البرادعي ؟ نفس هذا البرادعي ، صرح بعد أطلاق السيد الأمام لمبادرة المنتدى العالمي للوسطية : ( عيب علينا أن يأتي المهدي من السودان ليجد لنا حلأ ) ! يطلب البرادعي من الغرب التوسط ، ويستنكف ويستهجن ويعيب علي أهله توسط ( السوداني ؟ ) السيد الامام بينهم ، وهم الأعلون ؟ تناسي البرادعي ان السيد الأمام يقود مبادرة المنتدى العالمي للوسطية ، ولم يتوسط بشخصه ؟ حلال علي بلابله الدوح حرام علي الطير من كل جنس 5- ثقافة جئت لكم بالسيادة علي السودان ! تعييب ( عيب ؟ ) البرادعي لوساطة السيد الامام عرض من أعراض طبيعة العلاقة الفوقية التي ينتهجها المصريون تجاه اشقائهم في السودان . ويعلم البرادعي أنه: ما نال مصر نعمة أو نقمة إلا وجدت لنا بذاك نصيباً لا ينطق البرادعي من فراغ ، وأنما من ثقافة تجذرت علي مر الاف السنين ، وربما جسدها فأحسن تجسيدها ، صدقي باشا ، رئيس الوزراء المصري السابق . أختزل صدقي باشا العلاقة بين مصر والسودان في مطار القاهرة ، عام 1936 ، عند عودته من لندن بعد محادثاته مع بيفن وزير الخارجية البريطاني ، حول جلاء الانجليز من مصر والمسألة السودانية ! قال صدقي باشا وهو يلوح باوراق في يده اليمني : جئت لكم بالسيادة علي السودان ! أنطلق البرادعي ، رغم كونه دبلوماسي دولي سابق وحائز علي جائزة نوبل للسلام ، من هذه الثقافة الأستعلائية وهو يجد العيب علي أهله في وساطة السيد الامام ؟ 6 - أستعراض تاريخي للعلاقة بين مصر والسودان ! مقولة البرادعي تستدعي بعض الافكار عن العلاقة بين مصر والسودان ، خصوصأ والاخوان المسلمون في مصر يستعدون لمحاكاة الاخوان المسلمين في السودان ، الذين ساموا الشعب السوداني العذاب طيلة الثلاثة وعشرين عامأ الماضية . نعم ... من المفيد أن ننظر نظرة أعمق قليلا مما يجرى على السطح ، بل وان نبحث فيما قد يكون له من جذور فى التاريخ المصرى- السوداني ، فربما ألقى هذا وذاك ضوءا يساعدنا فى فهم مقولة البرادعي ، ووضعها في سياقها الصحيح ، وبالتالي فهم العلاقة بين مصر والسودان . نختزل هذه العلاقة في عدة محطات أدناه : اولأ : + أثرت مصر ، تأثيرأ فاعلأ ومباشرأ ، علي مجريات الأحداث في السودان ، منذ فجر التاريخ ، وبالتحديد منذ 3437 سنة عندما أعتلي عرش مصر الفرعون الاسطورة تحتمس الثالث ، سادس فراعنة الأسرة الثامنة عشر ! وأول فرعون يغزو ويحكم بلاد النوبة حتي الشلال الرابع ( كريمة حاليأ ) ! كانت مصر الفرعونية تعتبر السودان شأنا خاصأ ، تمامأ كنهر النيل ، منذ زمن الفراعنة الالهة وحتي ما بعد الثورة المصرية في يوليو 1952 ! ثانيأ : تمثل الفترة الممتدة من سنة 785 قبل الميلاد الي سنة 656 قبل الميلاد ( 129 سنة ) نقطة سوداء في كتب التاريخ في المدارس المصرية. لا يأتي علي ذكرها أحد ، حتي بين المثقفين من أهل النظر . خلال هذه الفترة ، حكمت ألاسرة ال 25 مصر . امتدت الرقعة الجغرافية لحكم هذه الأسرة فشملت سوريا ، فلسطين ، لبنان ، الأردن ، وجنوب تركيا . هذه هي الأمبراطورية الكوشية ( الفراعنة السود ) ، من نوبة شمال السودان . من أشهر ملوكهم بعانخي وترهاقا . بني الفراعنة السود في شمال السودان ( نبتة الدولة ) أكثر من 220 هرمأ ، أضعاف الاهرامات الموجودة في مصر . نبتة الفرعونية هي مدينة مروي الحالية ! هزم الفراعنة السود الامبراطورية الفارسية والرومانية ، وهزمهم الأشوريين لان سلاحهم كان من الحديد وسلاح الكوشيين كان من البرونز . بعد هزيمتهم ، اسس الكوشيون مملكة نبتة ... مروي الحالية عند الشلال الرابع ( من 656 الي 590 قبل الميلاد ) ، ثم مملكة مروي ... بالقرب من كبوشية الحالية شمال الشلال السادس ( من 590 قبل الميلاد الي القرن الرابع الميلادي ) ! يرفض مصريو ما قبل ثورة 25 يناير 2011 الاعتراف بحقائق التاريخ . لا يتصور المصريون ان السودانيين يمكن ان يكونوا حكاما لمصر ، حتي في زمن قصي . هذه هي ثقافة المصريين التي تربوا عليها ، حتي صار السودان شأنأ مصريأ خاصا في مصر الخديوية ، وما قبلها وما بعدها . نواصل في الحلقة الثانية ... ثروت قاسم [email protected]