سمع من نافذين في( قعدة ) بشأن الأموال المنهمرة من التمويل الأصغر ، فحمل بعد أيام تزكية من فلان ودخل على مدير البنك الإسلامي، وشرح له ما يريد ( من الآخر) ، وفهم من طرف خفي ما يريده المدير السادن ( برضو من الآخر) . كتب طلباً بناء على نصيحة المدير أعلاه ، في ورقة مروسة باسم ( منظمة أبو علامة لتمويل اليتامي ) وذيله بالجملة المعهودة لكم القرار ولنا القبول بعد أن بدأه بالصلاة على الرسول . علق على صالون بيته، لافتة رخيصة الثمن ، مكتوب عليها اسم المنظمة وشعار على شكل وجه طفل في فمه ملعقة طعام . رن تلفونه بعد أيام ، وكان المتصل المدير السادن يبشره بأن البنك وافق على طلبه وأنه سينال حصة من المبالغ المخصصة للتمويل الأصغر قدرها 20 مليون جنيهاً ، لتمويل 1000 يتيم بواقع 20 ألف جنيهاً لليتيم الواحد، وذكره بالطبع بالاتفاق السابق بينهما ( أي العمولة ) . استلم من البنك الإسلامي 18 مليون جنيهاً ( جديد )، بعد خصم عمولة المدير ، وعلق إعلاناً في باب منظمته الوهمية يهيب باليتامى أن يتقدموا بطلباتهم بعد إرفاق دراسة جدوى وشهادة من اللجان الشعبية تفيد أنهم يتامى ، على أن يحضر كل يتيم شيك من ضامن . ووقف اليتامي بالصفوف أمام بابه، وتقدموا بطلباتهم بعد دفع دمغة قدرها 10 جنيهاً عن كل طلب، ونال المحظوظون منهم تمويلاً ( صغيراً) استلموا بموجبه 13 ألف جنيهاً بعد أن وقعوا على أوراق تفيد باستلام 20 ألف جنيهاً – والفرق طبعاً عمولة المنظمة الوهمية – بعد شهرين ، إنتهى مولد التمويل وأغلقت المنظمة أبوابها ونزعت اللافتة، وكان جرد الحساب على النحو التالي : الأموال المستلمة 20 مليون جنيهاً ، من البنك الإسلامي والتي استلمها بدوره من البنك المركزي والتي هي عبارة عن تمويل أجنبي لما يسمى بمشروعات التمويل الأصغر . 2 مليون منها راحت لمدير البنك ( عمولة ) و 6.3 مليون عمولة المنظمة الوهمية و11.7 مليون جري توزيعها للمحاسيب باسم اليتامي بفائدة قدرها 35% في كل تمويل . استلم السادن مدير المنظمة عمولته نقداً ، وسلم مدير البنك الإسلامي عمولته نقداً واستلم البنك الإسلامي ورصيفه المركزي ورقاً أبيض إسمه شيكات يحين موعد سداده يوم القيامة العصر . بعد شهر على إغلاق المنظمة وإزالة اللافتة ، سيجتمع السادن ( إياه) بمدير بنك آخر ، وفي جعبته تزكية وخطاب مروس يفيد بأن منظمته( ود مكين لتمويل المساكين ) ترغب في كذا وكذا ، وستدور حلقات المسلسل ( شيلني واشيلك ) .. يا تمويل صغيّر يا محيرني ومتحير.