الإحباط شعور يتسيد دوائر الخرطوموجوبا، بعد تبدد حلمهما في جوار آمن وسلام مستدام بعد جملة من الاتهامات المتبادلة بالسهر على تأزيم الأولى واستنزافها دوماً برغم سيل من الاتفاقات تشارف على الانهيار، فالتوتر يبدأ لينتهي وينتهي ليبدأ. هذا هو شكل العلاقة بين السودان وجنوب السودان رهينة لاتفاقات هشة ما تلبث إلا وتنهار. طيلة العامين اللذين يمثلان عمر دولة جنوب السودان التي انشطرت عن السودان الأم في مثل هذه الأيام من شهر يوليو من العام 2011م. ورغم جولات التفاوض المتواصلة بين وفود البلدين الا ان واقع الحال الذي تؤكده الأحداث يشير الى ان ما تبقى من اتفاقية السلام الشامل من قضايا لا يزال عالقا، وهناك من المراقبين من يربط معالجة تلك القضايا بالتوصل لاتفاق مرض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال المتمردة باعتبار ان قواتها كانت ولا تزال هي القوة الضاربة في الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب اذ يقدر خبراء حجم قوات قطاع الشمال بجيش الجنوب بحوالي (80) ألف مقاتل جميعهم ينحدر من مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق، وبمنطق الثوار لا يمكن ان يتخلى قادة الجنوب عن رفقاء السلاح الذين ناضلوا معهم لأكثر من عشرين عاما حتى حققوا استقلالهم. محطات التواصل وبالوقوف عند اهم محطات التواصل بعد ان صار الجنوب دولة مستقلة نجد ابرزها زيارة الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت للخرطوم في أكتوبر من العام 2011 عقب ثلاثة اشهر من الانفصال ليعلن بعدها الطرفان انهما بدءا صفحة جديدة لأجل بناء الثقة وتطبيع العلاقات بينهما حتى يصبحا جارين مستقرين، غير ان واقع الأحداث كذب ما اتفق عليه الطرفان ابان زيارة كير إلى الخرطوم ولم تمض اشهر معدودة الا واقتحمت قوات الجيش الشعبي منطقة هجليج الحدودية. والاستيلاء عليها وحينها اعلن الرئيس السوداني عمر البشير وقف اي عمليات تفاوضية مع الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب الا بعد تحرير كل الأراضي السودانية الحدودية التي احتلتها وكادت الدولتان ان تدخلا في حرب شاملة لولا الضغوط الدولية والإقليمية التي مورست واجبرت الطرفين بالعودة الى طاولة المفاوضات. وبعدها عقدت عدة جولات بأديس أبابا تمخضت عن برتوكول للتعاون في السابع والعشرين من سبتمبر من العام الماضي شمل تسع اتفاقيات تناولت عدة ملفات؛ ابرزها اتفاق أمني بين الدولتين يمنع دعم وإيواء المتمردين وإنشاء منطقة عازلة بين حدود البلدين بعرض 10 كيلومترات في كل بلد، إضافة إلى اتفاق نفطي حدد رسوم عبور ومعالجة النفط الجنوبي في المنشآت السودانية، غير ان الاتفاقيات التسع لم تشمل قضيتي ابيي وترسيم الحدود اللتين ظلتا معلقتين حتى الآن وتنذران بتجدد التوتر في اي لحظة. بارقة الأمل وشكلت تلك الاتفاقيات بارقة امل لكلا الشعبين سيما بعد زيارة الرئيس السوداني عمر البشير التي وصفت بالتاريخية لعاصمة جنوب السودان في أبريل الماضي عقب توقيع ما عرف بالمصفوفة الأمنية التي حددت مواقيت تنفيذ كل تلك الاتفاقيات. ونزلت تأكيدات الرئيسين البشير وسلفاكير من جوبا بأن الزيارة حققت النتائج المرجوة على شعبي البلدين بردا وسلاما سيما بعد الاتفاق على تشكيل لجنة عليا برئاسة نائبي رئيسي البلدين للنظر في كل القضايا وتطوير مجالات التعاون بين البلدين وكان ثمرة لذلك استئناف ضخ النفط الجنوبي الى موانئ التصدير ببورتسودان. ولكن سرعان ما تبددت تلك الآمال وعاد البلدان الى مربع الاتهامات بعد ان قرر الرئيس السوداني عمر البشير في التاسع من يونيو الماضي وقف عبور النفط عبر أراضي السودان على خلفية اتهام الخرطوملجوبا بمواصلة دعم المتمردين.