يبدو أنّ الصراع والتنازع والخلاف بين دولتي السودان وجنوب السودان لم يحن أوان حسمه بعد، لاسيّما في أعقاب الانهيارات المتتالية التي تتعرّض اتفاقاتهما منذ انفصال الشطرين عن بعضهما البعض في التاسع من يوليو 2011. إذ خيّب رئيسا البلدين عمر البشير وسلفاكير ميارديت، عشية لقائهما في اديس ابابا أول من أمس، آمال شعبيهما، وكأنهما على موعد مع الفشل في التوصّل إلى تسويات لقضايا الخلاف، خاصة الترتيبات لمنطقة أبيي وقضية الميل 14 الحدودية. ويشير المراقبون إلى أنّه «وقبل ثلاثة أشهر، وقّعت الدولتان ثماني اتفاقيات للتعاون المشترك استبشر السودانيون بها خيراً في ظل الضغوط الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها مواطن البلدين، إلّا أنّ شيطان التفاصيل وعقبات التنفيذ حالت دون تنزيل الاتفاقيات إلى أرض الواقع»، لافتين إلى أنّه وعلى الرغم من الفشل الذي ظلّ حليفا للقمم الثنائية بين زعيمي البلدين، إلّا أنّ جلوس البشير وسلفاكير هذه المرة كان بارقة أمل لتجاوز حالة «ألّا سلم وألاّ حرب» التي سيطرت علي العلاقة بين الجارين»، مشيرين إلى أنّ «فشل قمة البشير وسلفاكير في اديس ابابا ليس بأمر المفاجئ في ظل انعدام الثقة بين الطرفين». قصف كلامي وكما العادة، تبادل الطرفان الاتهامات عقب فشل القمة، إذ أكّد وزير الخارجية السوداني علي كرتي في تصريحات أنّ بلاده «مستعدة لتنفيذ كافة الترتيبات التي اتفق عليها البلدين مؤخراً بشأن قضية ابيي، متهماً جنوب السودان بوضع العراقيل أمام تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بالترتيبات المؤقّتة»، لافتاً إلى أنّ جوبا «ترمي إلى وضع السودان أمام فوهّة المجتمع الدولي الذي تم الآن في مجلس السلم والأمن الإفريقي باعتبار أي تقدّم لن يحسب لصالح جنوب السودان وإنما لصالح السودان». في المقابل، حمّل كبير مفاوضي دولة جنوب السودان باقان اموم السودان مسؤولية عدم حدوث اختراق في قمة البشير وسلفاكير، متهماً الخرطوم ب«التعنت والتنصل عما اتفق عليه البلدان». عقبات الحلول من جهته، يرى الخبير الأمني اللواء عبدالرحمن ارباب ل«البيان» أنّ «عدم توصّل البشير وسلفاكير إلى اتفاق ليس الأمر المفاجئ»، مشيراً إلى أنّ «انعدام الثقة ولعب الطرفين بكروت الضغط يمثّل عقبة أمام إحداث أي اختراق، موضحاً أنّ «جوبا تسعى لوضع الحبل على قارب الخرطوم من خلال الضغط بالملف الأمني وفك الارتباط مع متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال، وإدخال مناطق حدودية جديدة لدائرة النزاع». ويرى ارباب أنّ «الخرطوم تسعى من خلال ملف النفط للضغط على جوبا لإدراكها حاجة الجنوب الماسة لعائدات النفط»، مُرجعاً التوتر وحالة «اللاسلم واللاحرب» إلى «التلكؤ في معالجة القضايا قبل وقوع الانفصال».