تعرضت مصر لاثنين واربعين نوعا من الاستعمار ورغم ذلك حافظت مصر على هويتها شعبا وارضا. بل تم تمصير القوى الاستعمارية فحمد على باشا اصبح مصريا اكثر من كونه البانيا.المصريون فى حالة اتصال تام بماضيهم البعيد ويعتزون ويفتخرون بذلك الماضى. ويظهر ذلك جليا فى تسمية منتخبهم الوطنى الميادين العامة خطوط الطيران وغيرها من الشواهد التى تجسد اعتزاز المصريون بتأريخهم. نتيجة لارتباط المصريون بارضهم فانهم استطاعوا ان يتصدوا لمشروع الاخوان المسلمين. فنجد كل القوى المصرية الحية بما فى ذلك مؤسسة الازهر الدينية وقفت فى خندق واحد ضد الاخوان وضد مشروعهم الذى يقصى الاخر ويهدم الدولة. اما السودانيون فهم فى حالة انفصال تام عن ماضيهم البعيد فى كوش و الممالك المسيحية وكذلك هم فى حالة انفصام وجدانى عن موروثهم الثقافى السنارى. فلذلك نجد السودانيون يقدسون الوافد بدلا عن سودنة الوافد.لذلك وجد الاخوان بيئة يتمددون فيها كما وجدوا قوى سياسية حاضنة لهم باعتبارهم رصيد احتياطى. فى ظل هذا المناخ استطاع الاخوان المسلمين السودانيون ان يبنوا تنظيمهم سياسيا وواقتصاديا وجماهيريا مثتثمرين كل الفرص التى اتيحت لهم سواء ظل الانظمة العسكرية او المدنية. وعندما استولوا على الحكم بانقلاب عسكرى سارعوا الى تنفيذ سياسة التمكين وبالتالى سيطروا على كافة مؤسسات الدولة العسكرية والامنية والمدنية.ومما ساعد على ذلك مرجعيتهم الدينية التى يتقاسمها معهم قوى اليمين الدينى والطائفية الدينية. فأخوان السودان ومنذ الثمانينات سوقوا انفسهم بانهم الفصيل الوحيد الذى يدافع عن العروبة والاسلام وفعاليتهم فى تلك المرحلة تعبر عن ذلك مثل موكب امان السودان ومهرجانات دعم القوات المسلحة. اخوان السودان استطاعوا ان يمرروا الدستور الاسلامى فى 1968 كما انهم تبنوا حملة طرد نواب الحزب الشيوعى السودانى من البرلمان بالرغم من انهم اقلية فى ذلك البرلمان الذى كان يسيطر عليه حزبى الامة والاتحادى الديمقراطى. اخوان السودان يدركون ان القوى السودانية التى حكمت السودان تدعم برنامجهمم خاصة تلك القوى الت تنادى بالصحوة الاسلامية او تلك التى تنادى بالجمهورية الاسلامية وعليه مضوا فى تنفيذ سياساتهم وهم على يقين بان هذه القوى لن تتصدى لهم. فها هو الرئيس البشير يمثل زاوية الرأس بينما جعفر الصادق وعبدالرحمن الصادق يمثلان زاويتى القاعدة.