بروفيسور/ محمد زين العابدين عثمان [email protected] جامعة الزعيم الأزهرى لقد طالعتنا الصحف السودانية فى الأيام القليلة الماضية وكذلك الشبكات السفيرية أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعى قد أصدرت قراراً وبياناً أن الحزب الشيوعى السودانى ليس له علاقة بما دار فى أجتماع جنيف مؤخراً بين بعض أحزاب قوى الأجماع الوطنى والجبهة الثورية بحضور مندوبين من المجتمع الدولى وأن الذين حضروا الأجتماع من ممثلى بعض أحزاب قوى الأجماع الوطنى غير مفوضين وأن الحزب الشيوعى حلول القضايا السودانية بواسطة الأجنبى. ولعمرى أن هذا تناقض عجيب ومواقف غريبة على الحزب الشيوعى السودانى وبذلك صاروا أقرب لنظام الأنقاذ منهم كجزء من المعارضة السودانية ولا أدرى هل يقوم الحزب الشيوعى بهذه الأدوار تطوعاً للأنقاذ أم أنهم مدفوعين م أن وراء الأكمة ما وراءها. أن الحزب الشيوعى من ضمن أحزاب قوى الأجماع الوطنى قد وافق على حضور هذا الأجتماع ومعلوم لديهم ما هو الغرض من هذا الأجتماع وكان مندوبه فى الوفد المغادر الى جنيف الزميل صديق يوسف لو لا أن حكومة الأنقاذ قد منعت الوفد من السفر بعد أن أعطتهم تأشيرات الخروج. والحزب الشيوعى كان يعلم أن فى هذا الأجتماع بالأضافة للجبهة الثورية ممثلين للمجتمع الدولى من أمريكا والأتحاد الأوروبى وبريطانيا وفرنسا وسويسرا وكندا ، فلماذا لم يرفضوا المشاركة فى وفد قوى الأجماع الوطنى لهذا الأجتماع وهم يعلمون واقعاً أن المجتمع الدولى قد تدخل فى الشأن السودانى من ماشوكوس مروراً بنيفاشا وأبوجا وأديس ابابا وحتى الآن وأن القوات الأجنبية بالسودان وصلت أكثر من 35 ألف جندى خمسة أضعاف جنود المستعمر البريطانى للسودان، فأى مزايدة على القوى الساسية الوطنية هذه وأدعاء بطولات من غير طحين. وهل لقاء صديق يوسف وهو يقود وفد قوى الأجماع الوطنى الى أمريكا ولقاؤه بالأدارة الأمريكية ومبعوث أمريكا بريستون ليمان ومبعوثها لدافور دان أسميث لم يكن تدخل فى الشأن السودانى وبحث الحلول منهم؟ ولمعلومية الحزب الشيوعى أن الذين حضروا الأجتماع من أحزاب قوى الأجماع الوطنى لم يقولوا أنهم مفوضين من قبل قوى الأجماع الوطنى ولكنهم مفوضين من قبل احزابهم كما أنهم تناقشوا وتحاوروا برؤاهم كمعارضين ولم يوقعوا على أى أتفاق/ أولاً حفاظاً على وحدة المعارضة السودانية وثانياً لأن الأجتماع لم يغلق حتى الآن بطلب من مركز الحوار الأنسانى الداعى للأجتماع ليعطى الفرصة لأقناع حكومة الأنقاذ بالسماح لكل ممثلى قوى الأجماع الوطنى بالداخل للمشاركة فى الأجتماع. ونتساءل أى ثقل لقوى الأجماع الوطنى بدون الأحزاب التى حضرت الأجتماع وهم يمثلون الحزب الأتحادى وحزب الأمة وحزب المؤتمر الشعبى وحزب التحالف وحزب الوسط الأسلامى وجبهة الشرق المتحدة؟ وهل للحزب الشيوعى فيتو على هؤلاء سواءاً كانوا فى قوى الأجماع الوطنى أو خارجه؟ وهؤلاء الذين حضروا كلهم مفوضين من قبل أحزابهم ولا يحتاجون لتفويض من الحزب الشيوعى أو قوى الأجماع الوطنى للحوار والوصول الى أتفاق يؤدى الى حل القضايا السودانية والوصول الى دولة الحرية والديمقراطية دولة المؤسسات الدستورية والعدالة الأجتماعية دولة المساواة فى الحقوق والواجيات بغض النظر عن اللون والعرق والجنس واللغة والدين. وأظن أن الزملاء الشيوعيين ليس لهم أدنى معرفة بما دار فى جنيف من حوار وكان الأجدى لهم أن يسألوا بدلاً من القاء القول على عواهنه. فقد كان حواراً وطنياً ثراً ومفيداً ويدفع بكثير من تقارب وجهات النظر للخروج بوطننا من النفق وعنق الزجاجة الذى وضعته فيه حكومة الأنقاذ. وأننا لنتساءل لماذا لم يحاول الحزب الشيوعى لتفويض أى من قياداته وكوادره الموجودة بالخارج ونعلم أن هنالك فى أنجلتر وهولندا وفرنسا قيادات تاريخية وقيادات وسيطة نضالية للحزب الشيوعى ضحت من أجل الحزب والوطن أكثر من القيادات الحالية بالداخل للحزب الشيوعى. أليس واحد من هؤلاء قمين على الدفع بمبادئ الحزب الشيوعى فى اى حوار وطنى أم أن ذلك فى الحزب حكراً على صديق يوسف والخطيب ويوسف حسين؟ لماذا لم يفعلوا مثلما فعل حزب المؤتمر الشعبى الغريم الذى عندما أوقف كمال عمر من السفر قاموا بتفويض دكتور على الحاج؟ ونحن نعتقد أن الحزب الشيوعى ليس قميناً وجاداً للعمل من أجل تحقيق الديمقراطية التى وأدوها فى 25 مايو 1969م وهذا ينطبف على كل الأحزاب العقائدية التى تعلم أنها لن تصل الى الحكم بالآلية الديمقراطية والتفويض الشعبى ولذلك لهم هوس من هذا التفويض وأشهل طرقهم هى الأنقلابات العسكرية كما فعلت الجبهة القومية السلامية فى 30 يونيو 1989م برغم ان حظها فى النظام الديمقراطى أوفر من الحزب الشيوعى فى بلاد السودان ولكن الأستعجال للوصول للحكم هو قشتهم التى تقصم ظهر بعيرهم. ونأتى سقطة الحزب الشيوعى الكبيرة المدوية وذلك بأن يقوم وفد من هذا الحزب يقوده صديق يوسف يزيارة للدكتور التجانى السيسى رئيس السلطة الأنتقالية لدارفور لتقديم مبادرة لحل مشكلة دارفور وأيقاف الحرب ونزيف الدم بدارفور. أى خطل هذا الذى اصاب هذا الحزب الذى يريد أن يوقف الصراع فى دارفور بعد أن فشلت فيه كل المحاولات الداخلية والأقليمية والدولية وهو يعلم أن الحل بيد المؤتمر الوطنى وحكومته وليس بيد التجانى السيسى. هذا حزب يعطى نفسه حجماً أكثر من حجمه والأحسن له ألا يقع من شاهق فيتحطم. هذا غير أن الحزب الشيوعى أحد مكونات قوى الأجماع الوطنى وأن قوى الأجماع الوطنى قد أتفقت على الحل السياسى الشامل وليس الحلول الجزئية وهو نفس الأمر الذى أتفقت فيه مع الجبهة الثورية وكل حركات دارفور المسلحة التى تقاتل حكومة الأنقاذ داخل الجبهة الثورية مؤمنة على الحل الشامل ورافضة رفضاص باتاً للحلول الجزئية فكيف خرج الحزب الشيوعى مما أتفق عليه مع بقية القوى السياسية المعارضة والجبهة الثورية؟ وكيف يقدمون مبادرة لحل مشكلة دارفور ويتجاوزون جبال النوبة والنيل الأزرق والشرق ومشروع الجزيرة ما لكم كيف تحكمون؟ ما بال الحزب الشيوعى صار يتهاوى يوماً بعد يوم بعد لأن فقد القيادة الكريزمية برحيل المناضل محمد أبراهيم نقد. ختاماً يجب أن تعلم قيادة الحزب الشيوعى أنها ليست وصية على الأحزاب المكونة لقوى الأجماع الوطنى المعارض ولن يكونوا قيادة للمعارضة السودانية مهما تكاثرت لافتاتهم تحت مسميات مختلفة ، فالقوى السياسية واعية ومدركة ومستدركة وقارئة للتاريخ البعيد والقريب ويكفى ما حدث فى ثورة أكتوبر وتعدد لافتاتهم فى جبهة الهيئات وأيضاً ما حدث فى التجمع الوطنى الديمقراطى وكلاهما أفشل تجربتين سياسيتين تمران على الشعب السودانى بسبب الشيوعيين ومن الأفضل لهم أن يمدوا أرجلهم بقدر ما تسع عناقريبهم. ومن بعد ثورة أمتوبر ومن بعد أنتفاضة أبريل فقد فطنا ودخلنا معهم معارك نقابات العاملين وأكتسحناها منهم جميعها فى نقابة السكة حديد وأتحاد نقابات العمال وكذلك أتحادات المزارعين وقد أنتفت القاعدة التى كانوا يعتمدون عليها أن بحركون النقابات ورجعوا تنظيماً صفوياً معتمداً على بعض طلاب المدارس والجامعات.