الحركات "الاسلامية " موجودة على طول التاريخ الاسلامي بأشكال مختلفة : دعوية،صوفية وسياسية.لكنها لم تعرف ذلك التطور السريع الا في غضون القرن العشرين،بسبب تطور آليات التواصل والاجتماع البشري. وكما أن اليسار في كثير من بلدان العالم،في العقد الاخير من القرن الماضي،قد عرف رجة كبيرة،لاسباب كثيرة يضيق هنا مجال تعدادها،وانساق جزء كبير منه الى تسيير دواليب السياسات الحكومية دون تطبيق حقيقي وفعلي لمبادئ المذهب الاجتماعي،فان حركات الاسلام السياسي،اليوم،تمر بمنعطف هو الاهم منذ تاريخ تكوينها. فهذه الحركات تمسك ، عبر ربوع شمال افريقيا والمشرق العربي،تمسك بزمام السلطة التشريعية،لانها تمثل القوة الاولى في المجالس النيابية.وهي مكون رئيس في كل الحكومات بجسم مهم من أعضائها،بل انها ترأس كل الحكومات،وترأس بعض البلدان. لقد كانت البداية،بداية المنعطف منذ أن قررت حركة حماس الدخول الى مؤسسات السلطة الفلسطينية والمشاركة في الحكم منذ حوالي ست سنوات،وكلنا يتذكر كيف أظهرت تعطشا كبيرا لممارسة السلطة. "الاخوان" يتواجدون في كل دواليب السلط من المحيط الى الخليج،لكننا نلاحظ نقوص كبيرا في الحقوق والواجبات واستصدارا لها،نلاحظ مزيدا من تكريس التبعية الاقتصادية والاجتماعية والتكنلوجية للغرب الرأسمالي،نلاحظ التضييق على الممارسات السياسية المعارضة التي تقودها حركات او أحزاب سياسية،ونلاحظ تقييد الصحافة والاعلام. لقد أفلس هذا المشروع لإنه مشروع يتجه الى غلق الحقل السياسي والثقافي والاجتماعي ويتغيى الشمولية في نهجه،يريد إعادة بناء الدولة ليس من أجل العدالة والكرامة والحرية ولكن من أجل بسط هيمنته على المجتمع.مشروع " الاسلام السياسي " فقد بريقه،ليس فقط عند المهتمين بالسياسة وإنما عند قطاع واسع من الشعب،وافتضت بكارته في كثير من التجارب التي نراها في البلاد العربية وسالت بسببه دماء كثيرة. لقد سقط شعار "الاسلام هو الحل" حين حادت كل الحركات الاسلامية الماسكة بالسلطة عن تطبيق مبادئ التشريع الاسلامي.واصبحت أدوات طيعة في يد الامبريالية العالمية بشكل مباشر أو عن طريق خدامها الفعليين من أنظمة مستبدة . إننا اليوم نشهد بداية الافلاس الفعلي لمشروع " الاسلام السياسي " كما بشر به أصحابه منذ عقود،هذا المشروع الذي انزاح وينزاح كل يوم ، عن مبادئ الدين الحنيف بما هو مرتكز على العدالة في كل ابعادها،وعلى الحرية بكل تفرعاتها. لهذا الحديث شجون كثيرة،لكن بالنهاية ماذا تنتظر من جماعات لا ولاءات وطنية لها