هذا بعد قرارت وزير الداخلية بمنع الاجانب من قيادة البودا بودا وهذا ليس حقدا على زيد او عبيد وانما يحس الواحد منا بالغضب والحسرة عندما يرى بان الاجانب يعملون واولاد البلد عطالة . وعندما رأيت شباب بلادي يقودون هم وحدهم وسيلة النقل تلك في شوارع جوبا كنت ابتسم واشكر في سري وزير الداخلية على القرار العادل وان ذلك كان بمثابة هدية قيمة اذ جاء القرار بعد ايام من احتفال العالم باليوم العالمي للشباب 12/ اغسطس ، كأنه اهدى بودا لكل شاب قرر ترك دروب العطالة ومقاطعة الضمنة والكشاتين وكأنه اهدى مصدر دخل لاسرة محتاجة او زاد دخل اسرة تعاني من الغلاء والمنصرفات الملحة والملاريات المتكررة . حتى شعورنا تغير تجاه ( الورر ورر وررر ) كان عبارة عن ازعاج وزحمة ولخمة وسبب للحوادث ، ولكنها اصبحت الان بصوت مختلف صوت التحرر من التسكع ومد الايدي للناس ، اي تكريس قيمة العمل والاسترزاق بالحلال وتصبب العرق ، كنت حقيقة اغتاظ لدرجة رمي اللوم على الشباب الجنوبي بانهم كسالى ولا يحبون العمل وانهم قد يستعلون على الاعمال الهامشية لانهم يرون انفسهم اكبر من هذا ( الورر ورر ورر ) كما يشاع ، لابد ان تعود الامور الى نصابها ، يجب ان يتذكر الجنوبيون بانهم من ماتوا وتشردوا ودمرت اراضيهم ايام الحرب وان اي عمل هو من حقهم في الاول واي فوائد هي استحقاق لكل مواطن ينتمي لهذه الدولة ومن ثم يأتي الاخرون وليس هناك عمل وضيع طالما انه حلال ويزيد من دخل الاسرة ويرفع بعض المعاناة . ان شعور المواطنين انهم ضيوف في بلدهم نابع من انهم لا يملكون مصادر للدخل ولا يستطيعون الدخول في استثمارات ولو كانت صغيرة ولا يستطيعون الحصول على عمل الا بعد وساطات مضنية ، بينما يستولي الاجانب على كل صغيرة وكبيرة من مفاصل الاقتصاد وفرص العمل وقد يوفرها لهم اخوتنا انفسهم بحجج قد تكون حقيقية او واهية كأن اذا اوكلت عملك لجنوبي سوف تندم ! لدرجة اني اتساءل اذا كان منطقياً ان يكون المستثمر اجنبي ما هو المنطق ان يكون الانسان الكادح اجنبياً ايضاً ؟ لان من السهولة وصف اليوغنديين في ممارستهم للاعمال الشاقة بجنوب السودان بالكادحين اذ كان يجب بالضرورة ان يكون هؤلاء الكادحون جنوبيين ! . ان ممارسة الاعمال مثل التجارة المتجولة وبيع الجرائد وسائقي البودا وبيع الزلابيا والوجبات الخفيفة ( الجباتي ) والعمل في الكافتريات وبيع العصائر وحتى بيع المياه والخدمة في البيوت وعمال النظافة وحضانة الاطفال وغسل الملابس (دوبي) ، هل هذه اعمال يستدعي ان نملأ بلادنا بمهمشين وفقراء من دول الجوار ونحن لم نستطع بعد حل ازمات تهميشنا وفقرنا في ظل قلة الموارد والتقشف والانفلات الامني؟ . ومن قال بان ذاك الاجنبي سيعتمد على مصدر دخله فقط دون ان يستغل بسطائنا للحصول على المزيد ، كأن يمارس الفهلوة والغش والسرقة او الافعال الفاحشة ، من يشق طرقاً صعبة ويتقبل الاذلال يستطيع فعل اي شئ يجلب له المزيد من المال ليحولها عبر المصارف الى بلاده في شكل عملة صعبة . وايضاً سياتي ذاك الاجنبي بامراضه النفسية والاجتماعية ليفرغها في مواطنينا . هذا الكفاح هو من نصيب الجنوبيين العاطلين عن العمل او المتطلعين لزيادة دخولهم ، حان الاوان ليكون هناك كادحون من هذه الدولة ، لان من المفارقات ان يجازف عائل الاسرة ليدفع اجر ترحيل ابنائه لسائق بودا يوغندي او عندما يشتهي ابناؤه الزلابيا او المنداسي يجري اطفاله ليشتروها من اليوغنديين والبنقلادشيين هذه مضحكة واكاد اجزم فعلاً بانهم يعدوننا اغبياء . الشئ الاكثر حيرة انهم يحتمون ببعض كبارنا ويستقوون بهم لان اذا وقعت مشكلة مع اي يوغندي يجري ويجيب ليك جنوبي زيك ويوقعكم في بعضكم والغريبة ان الجنوبي دون تفكير يقف معهم ضد اخيه دون حتى ان يسأل عن اصل المشكلة ، لذا يعتبروننا اغبياء وعلاقتنا هشة ويسهل كسرها لانه اصبح من الساهل ان تضرب وتسجن وتقتل جنوبي من ان توصل رسالة للاجنبي بان ذاك الذي اختلف معه هو اخيك في المقام الاول قبل ان يصبح اي شئ اخر . حان اوان ان نلتف حول بعضنا وان هؤلاء الاجانب اصبحوا اقوياء لان علاقاتنا ضعيفة ، اصبحوا نشطاء في العمل والتجارة لاننا غير مبادرين ، يعجبهم طريقة تفكيرهم عننا لاننا غير مبتكرين ، يستغلولنا لاننا لا نساوم وندفع ثمن شئ دون ان نقيم انه يستحق ذاك الثمن حقاً ، لانهم يلعبون على اننا لدينا ثقافة ان الغالي جيد حتى ولو كان تافهاً . فيتخذ اي جنوبي شعار انه اذا كان هناك عمل يستطيع ان يقوم به جنوبي يجب ان يستحوذ على تلك الفرصة ، ولو لزم الامر ان يتدرب ويتعلم ويخطئ ويصيب ، فقط يجب ان تتوفر الارادة ويجب ان نتغير من اناس يؤجلون العمل ويكثرون من التسويف ( واديني بتاع الموية والسجائر والاكل والسيكو وانا عندي بكا ) وتغيير الاتفاق والمطالبة بمزيد من النقود قبل اتمام العمل ، هذا غير الزهج والقرف كأنه مجبور على ذاك العمل ؟ هذا عيب موجود يجب ان نعترف به اي عدم الجدية في انجاز العمل في وقته المناسب وافتعال الاعذار والتمارض والسكر اثناء العمل كل هذه الاشياء تفقد الثقة بينك والاخرين ، مما يجعل الكثير من اخوتنا يفضلون الاجانب على الجنوبيين ، من اهم الاشياء للشعور بالمتعة في انجاز العمل هو ان تحب عملك لان له الفضل في حلحلة مشاكلك . واذا ذهبت للسوق يجب ان تشتري من اخيك لو كان لديه حاجتك ، واذا احتجت لبناء يجب ان يكونوا كذلك واذا احتجت لصيانة ابحث عن اخيك اولاً وهكذا لان هذه الفرصة الوحيدة لنقف مع بعضنا ونرفع بعضنا بتوفير فرص العمل للباحثين عن الرزق ، لا نريد تعليم الناس العنصرية ولكن يجب ان يعود الناس للتكاتف والتعاضد مثل ايام الحرب ونقول للاخوة الاجانب نحن لا نكرهكم ولكننا في حاجة ان نحب بعضنا اولا بالذات في هذه الفترة ولن يتم ذلك الا ان تفسحوا لنا المجال لنتعرف على بعضنا ونختبر بعضنا ونجد فرصة بان نخدم انفسنا بانفسنا ، نحن في حاجة ان نشعر باننا نبني هذه البلاد من دمنا وعرقنا ولسنا مجرد ضيوف في كنبة الاحتياط ! وشكراً لكم لقد فعلتم الكثير وليس هناك داعي للزعل لانه حتى في بلادكم تتم هذه الامور لان من العدل ان يحدث ذلك اشمعنا نحن ؟ وقد حان دورنا الان ، هل انت كجنوبي مستعد جاد لتقدم شيئاً لان هناك الكثيرين في انتظارك ؟ هل انت على استعداد لتغير الصورة السيئة التي تم تكوينها عننا ؟ لن يتم ذلك سوى بالمبادرة والتعلم والعمل الجاد.. ونعم نستطيع فعل ذلك .