يبدو انه الحالة الاقتصادية في السودان وبعد الغاء مجانية العلاج جعلت الامور عندنا تضرب بعضها البعض .. بعد ان اضطر الناس اللجوء للطب البديل من فقراء ودجالين واعشاب استفحل الامر فطال الاطباء انفسهم .. من عدة نقاشات وونسات في مناسبات عديدة جمعتني باهلي السودانيين داخل وخارج الوطن .. لاحظت ظاهرة جديدة وغريبة في ذات الوقت انه اهلنا اصبحوا يقيموا براعة الطبيب ليس بالجامعة الفتية التي تخرج منها ولا لنبوغه المبكر ولكن لسبب آخر .. وهي البركة والكرامة اي الاشياء التي كانت تطلق في السابق على الشيوخ والدجالين وغيرهم من المعالجين .. مثال عادة تجد امرأة تنصح صديقتها بان تذهب لدكتور فلان لان ( ايدو لاحقة ) وتمهر بجمل من نوع دكتور فلان داك ما بيخت يدو في زول اكان ما اتوضا .. او صلى ركعتين .. او ما بيدا العلاج في العيادة اكان ما قرا ورده اليومي ... واخرى تقول ( مما خت يدو فيني جسمي ارتعش وروحي اتشحتفت وشعرت بحاجة قالت تح كدا وطلعت من قلبي دا ) .. صحيح انه الموهبة موجودة والالهام موجود وكذلك الذكاء والتوفيق لكن هذه القسمة موجودة بين جميع البشر وفي جميع المهن وليست لها اي علاقة بكرامة او صلاح الانسان والا لما تفوق علينا الخواجات في كل شئ ووضعونا في الصفوف الخلفية .. ثم ان الطب هذا من زمن ابقراط مرورا بابن سينا والرازي وحتى تاريخ اليوم قائم على العلم التجريبي وقرائن الاحوال عبر مليارات الابحاث ... مات الآف الضحايا متبرعين باجسادهم ليوفروا لنا العلاج الذي يجعلنا في صحة كريمة والتجربة لازالت مستمرة وستستمر .. واكيد اخوتنا الاطباء الذين لاحظوا ان المرضى اصبحوا يتعاملون معهم بتقديس زائد عن المهنية لايرضون هذا الشئ .. واكيد سيسعون ليفهموا مرضاهم ان مجرد لمسهم باليد لن يشفيهم .. وهذه الظاهرة لو استفحلت يمكن ان تطال باقي المهن فنسمع (بالميكانيكي فلان ايدو لاحقة من تفل على العربية طوالي دورت بدون ما يفتح الكبوت ) فنجد انفسنا محاصرين بكفي ميكانيكي وفكي دكتور وفكي بنا و و وو الخ. لكن من باب الاحتياطي نقول لاصحابنا الاطباء سامي محمود وعاطف فضل ومحمد علي الوحش علقوا سبحة لالوب في رقابكم بدل السماعة قبل ما يفوتكم القطار ..