!! منتصر نابلسى [email protected] سنوات تتخطى الاحساس، وتمضى مغتصبة منه عمر مضى ،غير قابل للاسترداد...ومثلما تسرق الكوابيس الاحلام الجميلة ،تتسلل حلاوة الايام ونغماتها ....عبر نوافذ الهجرة..حين تستقل قطارات الغربة ، وهى تعزف على وتر الاحزان (برتمها) وايقاع رتابتها الصاخب الصامت.... لايهم كيف تشتريك الغربة او تستلبك ولكن المهم جدا، كم تدفع لها المقابل الباهظ من انسانيتك وكيانك. قطار التغرب لا تجد فيه زاد الا ما اختزنته من عواطف مدفوعة مسبقا، عبرت الحدود معك...وفى نفسك حقيبة مليئة بالذكريات التى تجتر بعضها، كانها حبوب مسكنة، تتناول منها عند اللزوم لتخفف بها الام الغربة.... هجرة تستصحبك ،فيها الامال الممزوجة بالامانى.. فى عودة ..مرتقبة... الى وطن يلتحف سماء الغلاء ويفترش الواقع... المحزن. وبين الخوفين تتارجح الاشواق ..خوف من الوطن الهزيل المنزوع (الدسم)...وخوف علي الوطن الجريح واحزان ( لا تنحسم) هكذا يستدرج ...الاغتراب فريسته ...ويمدد امامها سنوات الابتعاد المبرر... ليسرق بالمقابل سنوات هائلة..من رصيد الاحلام... كثيرا ما كان يقرر ان يعود ادراجه الى الوطن ،وان هذه السنة ستكون السنة الاخيرة، فى حساباته على ارض المهجر ثم ما يلبث ان تتجدد العلاقة بينه وبين الغربة عندما يتذكر حجم الالم المختبىء هناك داخل اسوار الوطن ... تتعثر خطوات رحيله الى الديار...كلما احس بالمجهول المنتظر والحالة.. المعلنة عن حجم الانفلات الاقتصادى.... والامنى ....الخ... فتمنحه التقلبات كل يوم مبرر جديد، ليدفن راسه فى رمال الغربة مكرها ... ويبقى مقيد الخطوات مصلوب على جمر الانتظار، والوطن لا يصبح عليه صباح الا والاوضاع تتردى . ترك الايام تجره الى اقصى قاع الاغتراب . تصاغرت الاشواق ثم تلاشت صورة الوطن .. فى خيالاته المترعة فما عاد يشعر بذلك الحب الملتهب الذى كان يملاء شرايينه وكانت قناعته من قبل انه يعشق الوطن حد الثمالة ولكنه يجزم انه حب من طرف واحد ترك الاشواق تترسب فى قاع وجدانه حتى لا تناوشه. انه لا يصدق ان عمر اغترابه الان يقارب خمسة وعشرون عاما...كيف استغفلته الايام هكذا بل كيف استباحت الايام احاسيسه ثم انسلخ عمر طويل بكل زخمه عمر مخصوم من دفتر احلامه او مضاف الى رصيد احزانه. حاول ان يحسب حجم الارباح التى جناها فى الغربة بعد ان جمع كل اشجانه المتكدسة... وقسمها على كل سنوات الاغتراب ثم خصمها من اجمالى الفوائد الغير مقروءة فتاكد تماما ان خسارته اليوم تفوق حجم الارباح بفارق 25 سنة.