نيروبي/الخرطوم - رويترز قال السودان، اليوم الثلاثاء: "إن تكلفة الدخول في صراع شامل مع جنوب السودان لن تمنعه من استعادة السيطرة على حقل هجليج النفطي، المتنازع عليه، وأن حقول النفط المستغلة حديثا ستساعد في دعم اقتصاده الذي يواجه صعوبات." وسيطر جنوب السودان الأسبوع الماضي على منطقة هجليج النفطية المتنازع عليها، ما دفع البرلمان السوداني إلى وصف جنوب السودان أمس الاثنين بأنه "عدو" ودعا إلى استعادة هجليج بسرعة. وسيمثل الوضع الاقتصادي المتعثر في كلا البلدين عاملا مهما على الأرجح في نتيجة الصراع. وقال السفير السوداني لدى كينيا، كمال إسماعيل سعيد: "على الرغم من التكلفة المرتفعة للحرب، وعلى الرغم من الدمار الذي يمكن أن تحدثه ...فإن خياراتنا محدودة للغاية. يمكننا تحمل بعض التضحيات حتى نتمكن من تحرير أرضنا". وأردف قائلا للصحفيين في نيروبي: "نعم (التكلفة) باهظة بالنسبة لنا لكن ذلك لن يعوقنا ولن يمنعنا من بذل كافة الجهود لتحرير أرضنا". "خضنا حربا بدون نفط لعدة سنوات وبقينا قادرين على تسيير أمورنا... في واقع الأمر ...الأنباء الجيدة هي أننا طورنا مصادر أخرى وحقولا نفطية وهو ما سيعوض خسائرنا فعليا". وتسبب القتال بشأن رسوم عبور النفط وبشأن الأراضي في تراجع إنتاج الخام في كلا البلدين. وحقل هجليج حيوي لاقتصاد السودان لأنه ينتج نصف إنتاج الدولة البالغ 115 ألف برميل يوميا والذي بقي تحت سيطرته عندما انفصل جنوب السودان في يوليو تموز الماضي. ويقول مسؤولون: "إن إنتاج الحقل توقف بسبب القتال". وكان جنوب السودان الذي لا يطل على سواحل بحرية قد أوقف بالفعل إنتاجه البالغ 350 ألف برميل يوميا بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق على المبلغ الذي يتعين عليه أن يدفعه لتصدير النفط عبر السودان، من خلال خطوط أنابيب وميناء على البحر الأحمر ومنشآت أخرى. وبددت أحدث اشتباكات الآمال في أن يتوصل السودان وجنوب السودان قريبا إلى اتفاق بشأن قضايا؛ مثل إعادة ترسيم الحدود التي تمتد لمسافة 1800 كيلومتر وتقسيم الديون ووضع مواطني كل دولة في أراضي البلد الآخر. وأحدث فقدان هجليج صدمة لدى كثير من السودانيين وأثار توترا في الشمال. وقال وزير الداخلية السوداني اليوم الثلاثاء: "إن كلية الشرطة فصلت طلابها من جنوب السودان بعد تجاوزهم لوائح الشرطة واحتفالهم باحتلال هجليج". وعبرت نافي بيلاي مسؤولة حقوق الإنسان بالأممالمتحدة عن انزعاجها من احتلال جنوب السودان "غير المبرر" لهجليج ودعت الجانبين إلى وقف العنف بما في ذلك حملة القصف التي يشنها السودان ضد جنوب السودان. وقالت في بيان: "أدين القصف الجوي العشوائي الذي تقوم به القوات السودانية في مناطق مدنية في جنوب السودان، بما في ذلك في مايوم وبنتيو في ولاية الوحدة والذي أدى إلى مقتل ثمانية مدنيين على الأقل، ووقوع كثير من الإصابات منذ يوم السبت". وأضافت: "شهدنا في الأسبوع المنصرم استخدام طائرات الأنتونوف بشكل كثيف، بالإضافة إلى مقاتلات تسقط قنابل وتشن هجمات صاروخية، بما في ذلك على مناطق قريبة من مكاتب منظمات دولية. يجب وقف مثل هذه الهجمات المؤسفة فورا". وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان: "إن مواقعهم العسكرية تعرضت للقصف أمس الاثنين، لكن لم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات اليوم الثلاثاء". وقال المتحدث فيليب إقوير: "نعلم أنهم يحاولون التقدم والجيش الشعبي لتحرير السودان (جيش جنوب السودان) مستعد للتصدي لهم" واصفا الصراع بأنه "حرب محدودة". وأصر السفير السوداني لدى كينيا على أن بإمكان الخرطوم تحمل الصراع الأخير الذي رفع أسعار المواد الغذائية، وخفض قيمة العملة، بينما يحاول المسؤولون تعويض الخسارة المفاجئة في العائدات. وقال: "إن الإنتاج من الحقول الجديدة في غرب منطقة كردفان وفي دارفور وفي ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق سيعوض معظم الخسائر من هجليج." وأضاف: "كنا ننتج 115 ألف برميل يوميا قبل الهجوم، وفقدنا نحو 40 ألف برميل، وسنحصل الآن على 30 ألف برميل أخرى." ويصر جنوب السودان على أن هجليج جزء من الجنوب، ويقول إنه لن يسحب قواته ما لم تنشر الأممالمتحدة قوة محايدة لمراقبة وقف لإطلاق النار. وقال سعيد: "إن ذلك غير مقبول". وتابع: "أمامهم خياران؛ إما أن ينسحبوا بسرعة جدا أو ينسحبوا. سنحتفظ بحق استخدام جميع الوسائل المتاحة لطردهم من هناك، وسنفعل ذلك...سيجري طردهم من هناك سريعا جدا." وعبرت بيلاي والأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون، عن انزعاجهما بشأن تقارير عن حشد لميليشيات في منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها. ولم يذكر بيان الأممالمتحدة تفاصيل عن الحشد أو مصدر هذه التقارير، لكنه وصف ذلك بأنه انتهاك لاتفاقية يونيو حزيران التي تعهد فيها الجانبان بسحب قواتهما من المنطقة. وطالب بان الخرطوم "بضمان الانسحاب الكامل والفوري لتلك العناصر من المنطقة". وكانت أبيي التي تشتهر بأراضيها الخصبة للرعي، وتنتج بعض النفط موقعًا رئيسيًا للمعارك، أثناء الحرب الأهلية السودانية ولها أهمية رمزية للجانبين. وسيطرت الخرطوم على أبيي في مايو الماضي، بعد هجوم جنوبي على قافلة للجيش، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. وفوض مجلس الامن نشر قوات حفظ سلام، تابعة للأمم المتحدة قوامها 3800 فرد في أبيي في يونيو.