انتخبت قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أباباالجنوب أفريقية دلاميني زوما رئيسة لمفوضية الاتحاد بعد جدل بشأن المنصب، بينما تتواصل القمة اليوم في يومها الثاني والأخير ويسيطر عليها الوضع في مالي والكونغو الديمقراطية والخلافات بين السودان وجنوب السودان. وبذلك تكون زوما -وهي طبية ودبلوماسية والزوجة السابقة لرئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما- أول امرأة تتولى هذا المنصب، بعد تغلبها على الغابوني جان بينغ الذي يرأس المفوضية منذ عام 2008. ومثل موضوع اختيار رئيس جديد للمفوضية من أهم الموضوعات المدرجة على جدول القمة بعد فشل القمة السابقة التي عقدت في يناير/كانون الثاني في بلوغ هذا الهدف، والتي ترشح فيها أيضا زوما وبينغ، وحل الأخير بالمقدمة لكنه لم يحصل على ثلثي الأصوات المؤهلة للفوز. دلاميني زوما انتخبت رئيسة للمفوضية بعد صراع حاد مع جان بينغ وبخصوص الوضع في مالي، فقد اتفقت الدول الأعضاء أمس على دعوة المجلس العسكري الحاكم لتقديم استقالته وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانقلاب الذي شهدته البلاد في مارس/آذار الماضي وأدى إلى فقدان الحكومة سيطرتها على الشمال الذي تنتشر فيه جماعات إسلامية مسلحة. وقال القادة الأفارقة إن حكومة الوحدة الوطنية التي يأملون في إعلانها قبل نهاية الشهر الجاري، سيكون أمامها مهام جسام مثل التعامل مع الأزمة الأمنية وتمهيد الطريق لإجراء انتخابات جديدة. وفي هذا الإطار، عبر مفوض الاتحاد الأفريقي للسلام والأمن رامتاني لامارمرا عن أمله في أن يمثل تشكيل الحكومة عودة لسلطة الدولة في مالي. ووصف جان إليسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة، الموقف في مالي بأنه الأكثر خطورة، داعيا إلى ضرورة أن يتنبه العالم للأزمة الإنسانية الدائرة في مالي حيث تهدد المجاعة 18 مليون شخص وتسبب النزاع في نزوح نحو ثلاثمائة وعشرين ألف شخص فر معظمهم إلى الدول المجاورة. الوضع بالكونغو ومن ناحية أخرى أعلن الرئيس الرواندي بول كاغامي أنه اتفق ونظيره في جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا على إنشاء قوة دولية لمواجهة المليشيا المتمردة في شرق الكونغو الديمقراطية ومراقبة حدودهما المشتركة. وقال جان بينغ لدى افتتاح القمة إن الاتحاد الأفريقي مستعد للمساهمة في قوة إقليمية لوضع حد نهائي لتحركات المجموعات المسلحة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتنص الوثيقة التي أقرها رؤساء دول منطقة البحيرات العظمى على "العمل مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لتشكيل فوري لقوة دولية محايدة للقضاء على الحركات المتمردة في منطقة البحيرات العظمي. يُذكر أن الكونغو شهدت انشاق جنود متمردين خلال الأشهر الأخيرة عن القوات المسلحة التي انضموا إليها في إطار اتفاق السلام المبرم مع كينشاسا يوم 23 مارس/آذار 2009، واحتلوا منذ ذلك الوقت عدة بلدات في شرق البلاد، واتهم تقرير أممي رواندا المجاورة بدعم المتمردين لكن كيغالي نفت بشدة. طرفا السودان وبجانب ذلك شهدت القمة لقاء جمع الرئيس السوداني عمر البشير مع نظيره رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وقال مسؤولون إن الرئيسين أصدرا تعليمات بضرورة الإسراع بالمفاوضات واتخاذ قرارات جريئة في المجالات الرئيسية. سلفاكير والبشير في أول لقاء لهما بعد اندلاع التوترات الحدودية بين البلدين وقد لفتت أنظار المتابعين حرارةُ اللقاء بين الخصمين، حيث تبادلا التحية بود رغم شدة الخلاف بينهما، وهو مارآه كثيرون بارقة أمل في تحسن العلاقات بين الجانبين خاصة عقب استئناف المفاوضات في أديس أبابا. ومن جهته أعرب الرئيس المصري محمد مرسي في كلمة له أمام القمة عن أمله في أن يتمكن قادة المنطقة من إنهاء الصراع في الصومال وضمان الاستقرار في مالي وغينيا بيساو. وشدد على أهمية تحقيق التنمية والعدالة وإشاعة القيم الديمقراطية في دول المنطقة. وتعد زيارة مرسي لأديس أبابا الأولى لرئيس مصري منذ عام 1995، وهي أيضا المشاركة الأولى له في قمة أو مؤتمر خارجي منذ تسلمه السلطة مطلع الشهر الجاري. وقبل افتتاح القمة عقد السبت اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي حيث كان من اللافت غياب الكثير من القادة الأفارقة عن الاجتماع الذي ترأسه رئيس ساحل العاج الحسن وتارا، ورئيس بنين الذي يتولى رئاسة الاتحاد بوني يايي، والوسيط بأزمة مالي رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري. وطالب الاجتماع بحل المجموعة الانقلابية في مالي "فعليا" منددا "بتدخلاتها غير المقبولة" في العملية الانتقالية القائمة. كما رحب المجلس باستئناف دولتي السودان وجنوب السودان مفاوضاتهما بشأن المواضيع العالقة بينهما. وحث مجلس السلم والأمن الطرفين على اغتنام هذه المناسبة للتوصل إلى اتفاقات في كل المسائل العالقة بينهما، ولا سيما الأمن والنفط والحدود، ووضع رعاياهما والوضع النهائي لمنطقة أبيي التي يتنازعان السيادة عليها. وألقى كل من البشير وميارديت كلمة بشأن الأزمة بين البلدين، وأبديا رغبتهما في الحل السلمي لكافة القضايا محل الخلاف.