( حريات ) “حليمة حسين عمر بكر" من الفاشر طاردتها وأسرتها نيران الحرب فى دارفور فسعت للخرطوم لتتعلم وتتجنب رصاص الحرب لتصيبها رصاصة مطاطية بعيداً عن دارفور ولكن قريبا من مجرمى حرب دارفور. ففى يوم الإثنين 9/7/2012 بجامعة الخرطوم كلية الزراعة اثناء هجوم الرباطة على الطلاب فقدت الطالبة حليمة عينها اليمنى جراء إصابتها بالرصاص المطاطى فى حوالى العاشرة صباحاً. ( حريات ) إلتقت النازحة حليمة وخلف دمعة ظلت تتدحرج من عينها المصابة ذكرت انها من قرية كورما غرب الفاشر وإن الحرب شتت شمل قريتها فنزحت أسرتها مثل الآف الأسر لأطراف الفاشر منذ العام 2003م حيث كانت تعمل ووالدتها فى النظافة فى البيوت لتوفير رزق الأسرة ووسط هذا الشقاء نجحت حليمة فى دراستها وإستطاعت ان تلتحق بجامعة الخرطوم كلية الزراعة ورغم ضيق ذات اليد الا إنها أصرت على مواصلة دراستها الجامعية فنزلت فى ضيافة خالها تقتسم مع أخيها الذى يعمل بمخبز"فران" نقود مصاريفها. ومع مصاعبها ومعاناتها يصيبها الرباطة برصاصة مطاطية أتلفت العين ولكنها لم تتلف الوجدان اذ قالت حليمة :" نحن مظلومين من قمنا , حرب مالقينا حاجة فى البلد، من حق أى مظلوم يفتش حقو “. وعن يوم الحادثة ذكرت انها لم تكن بالمظاهرة ولم تشارك بها بل كانت تذاكر للامتحان وذهبت لأخذ الجدول واثناء تحركها فى صالة داخل الكلية تفاجأت بضربة قوية وألم حاد جداً فى رأسها وعينها وكان الألم قاس لحد انها لم تعد تعى مايجرى حولها وسمعت الناس حولها يصرخون طالبين النجدة و ذهبوا بها لمستشفى بحرى حيث ظلت تصرخ من الألم دون أى إسعاف وعندما طالب من كانوا برفقتها ان يتم على الأقل علاجها كان رد المستشفى انهم لايستطيعون عمل اى شىء قبل حضور ولى أمرها وعندما حضر خالها أخبروه ان حالة عينها سيئة للغاية ويجب ان يذهبوا بها لمستشفى العيون فى الخرطوم فطالبهم بإسعاف فذكروا انه لايوجد اسعاف حالياً بمستشفى بحرى ! فى هذا الوقت كان زملاؤها يحاولون ختم الأورنيك المرضى للذهاب به لمستشفى العيون فتم سحب الأورنيك منهم من قبل الشرطة وعندما وصلت حليمة لمستشفى العيون تفاجأوا بان المستشفى يرفض علاجها دون الأورنيك فرجع زملاؤها للمستشفى فأخبروهم ان يذهبوا لقسم الصافية وهناك طالبوهم بالذهاب لقسم كوبر وفي كوبر طالبوهم بالذهاب لقسم سوبا ! كل هذا الوقت وحليمة تتألم وتصرخ بملء فمها ان ينقذوها ووصل الأمر بها حد" قمت من السرير براى مشيت للدكتورة فى مكتبها قلت ليها كان عندك رحمة وبتخافى الله عالجينى .." ردت عليها الطبيبة بانه لايمكنها عمل شىء الا انها خيطت الجرح الخارجى وأعطتها مسكن ومن ثم كتبت لها ورقة للدكتور عبد ربه دفع الله اخصائى العيون وعندما ذهبت حليمة للعيادة كانت الساعة قد تجاوزت السادسة مساء واثناء انتظار حضور الدكتور حضر الى العيادة ضابط يدعى عبد الله عثمان وبرفقته عسكرى وقام بالتحرى معها وسألها ان كانت معارضة أو تنتمى لحزب وان كانت فى المظاهرة فأخبرته انها لم تكن بالمظاهرة وان إصابتها تمت داخل حرم الجامعة فإكتفى بسؤاله وذهب وبحوزته الأورنيك وعندما طالبوه به أعطاهم رقم تلفونه وأخبرهم انه سيحضر الأورنيك لهم فى الغد. وبعد مقابلة الطبيب تم تحديد عملية فى اليوم الثانى بمستشفى مكة وتكفل الطبيب بكل تكاليف العملية وعند ذهابهم للمستشفى تفاجأوا بذات السيناريو يتكرر حيث طالبتهم إدارة المستشفى بالأورنيك وعند الاتصال بالضابط أخبرهم انه فى الطريق الى الجيلى ولكنه سيرسله مع عسكرى ولم يحدث هذا الى اليوم. تمت العملية بعد إلحاح الأسرة ولازالت حليمة تعانى من ألم شديد بالعين التى فقدت النظر بها كلياً. وعند سؤال ( حريات ) لحليمة حول موقف أو مساعدة ادارة الجامعة لها ذكرت انه لم يزرها أو يتضامن معها أى مسئول من جامعتها عدا زملائها وزميلاتها الذين ثمنت وقفتهم ووقفة عدد من الناشطين أيضاً. حليمة تدمع عينها ألماً وقلبها قلقاً على مستقبلها بعين لاترى.. وغبنها من ظلم بلا حدود..والدة حليمة لم تراها الى الآن لانها لاتملك ماتصل به الى الخرطوم ولاتستطيع ترك صغارها..أخواتها يبكين ويرفضن حتى تناول الطعام حزناً عليها..الا انه ورغم كل هذا حليمة لازالت تقول بملء الفم : ( العنده حق لازم يفتشو ) .