هل مصر قادمة على فترة مظلمة؟ ميدل ايست أونلاين لمجرد قيام الفنانة إلهام شاهين بالاعتراض أو الانتقاد أو رفض للواقع السياسي، تعالت الأصوات "تعو..." عليها وعلى الفن والفنانين من كل حدب وصوب، وسط تواطأ إعلامي يندى له الجبين، فهل كان أحد يتخيل أن تتواطأ المجلات الفنية والصفحات الفنية المتخصصة بالصمت والتجاهل لما يقع لفنانة سيذكر لها التاريخ أنها قدمت للسينما والتليفزيون العربيين عددا من أهم وأبرز الأعمال الفنية، وأنها حصلت على جوائز دولية، وكانت ولا تزال سفيرة فنية تتشرف مصر بها وكذلك المصريين. إن ما يؤلم في الأمر أن هذه الشتائم من أنصار رئيس مصر "الإخواني القطبي" نسبة لشيخه سيد قطب البديعي نسبة لشيخه محمد بديع مرشد الإخوان المسلمين وجد تواطأ من الإعلام المصري الذي تم السيطرة عليه أخيرا من قبل جماعة الإخوان وأنصارها ومؤيدها، ويكفي أن يكون صلاح عبد المقصود عضو مكتب الإرشاد ومدير "حملة العياط" وزيرا للإعلام. لم يخرج وزير الإعلام ولا وزير الاستثمار ليندد بما لحق بالفنانة ويهدد بغلق قناة الحافظ التي سب شيخها "..." الفنانة وإتهمها بتهم معيبة...، لكن خرجا وأوقفا قناة الفراعين وأرسلت الجماعة مليشياتها لتحاصر الصحفيين والإعلاميين والكتاب بمدينة الإنتاج الإعلامي إرهابا وقمعا لكي لا تجرؤ على انتقاد الرئيس. لقد فوجئت بأحد رؤساء التحرير عندما واجهته بتجاهل مطبوعته لقضية قذف إلهام شاهين يقول "وجهة نظر"، فأخرجني قوله هذا عند شعوري، عن أي وجهة نظر تتحدث، عن السب والقذف، عن قذف وهتك أعراض الناس بالباطل لمجرد أنها تعترض على رئيسك وجماعته التي عينتك في موقعك هذا، عن هدم ركن حيوي من بنيان الدولة المصرية، أليس الفن فيلما ومسرحية ومسلسلا أحد الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها مصر، أليس هؤلاء الذين يسبون وتنتهك أعراضهم ويكفرون أعضاء هذا البنيان، إنك بالدفاع عنها لا تدافع عن شخصها ولكن عن شخصية مصر الريادة والمكانة والاستنارة والتنوير، ضد الظلام والجهل والتخلف. القضية ليست إلهام شاهين ولكن ما تمثله من فن كافحت مصر طويلا على مدار قرن أو يزيد لتحقق فيه مكان الريادة عربيا وشرق أوسطيا، قضية تكميم الأفواه وقمع الحريات وإرهاب المخالفين في الرأي والمعارضين من المبدعين والفنانين والإعلاميين والصحفيين، لتحويل مصر إلى مغارة يعشعش فيها الجهل والتخلف والمرض والجنون. إن ما لا يدركه شيوخ "العياط" وجماعته أن عامة المصريين استقبلوا الهجوم على إلهام شاهين وغيرها من الفنانين والفنانات كنور الشريف وهالة فاخر، بلعنهم، حيث رأوا أنهم تجاوزوا سقف الآداب والأخلاق العامة وأن ألفاظهم باتت من الانحطاط ما يندى له الجبين. هل الإسلام يقبل بانتهاك العرض والتكفير وسب الناس وقذفهم؟ لا، الإسلام برئ ممن يفعل ذلك؟ وتاريخه كله لم يحمل حادثة واحدة خرج فيها رجل دين لينتهك عرض هذا أو ذاك حتى إن كان على غير الإسلام؟ فعلى أي ملة ودين هؤلاء الشيوخ إذا كان الإسلام قرآنا وحديثا نبويا ليس فيه ذلك؟. إنهم يتحدثون كمفوضين عن الله ورسالته، يقذفون بهذا ويكفرون هذا ويحلون دم ذاك ويحكمون على ثالث بالنار وعلى هذه بالمعصية والزنا؟ وكأنهم للأسف مفوضون ضد إبداع وحرية معارضيهم ومخالفيهم، أما من هم منهم "كال..." الكاذب بنص تحقيقات النيابة، والآخر المدان بالفعل الفاضح في الطريق العام بنص تحقيقات النيابة، فلا يقربونهم لأنهم على شاكلتهم، لا ملة ولا دين، شيوخ "منصر وقطاعي طرق ولصوص". إن استمرار تمكن أمثال هؤلاء الذين يرون في أنفسهم مفوضين من الله ورسالاته السماوية يخرب مصر ويقضي على أي بادرة أمل في استعادتها لمكانتها الإبداعية والفنية، فهم فارغون من كل ذائقة جمالية ويرون كل إبداع فني تمثيلا أو كتابة سردية أو شعرية كالضلال والفجور، فأمس اتهم نجيب محفوظ وأعماله بالإلحاد والفجور واليوم أعمال نور الشريف وإلهام شاهين، ولا ندري على من الدور من رموز الفن والإبداع والكتابة في مصر في ظل حملة مسعورة لتكميم الأفواه وقمع الحريات وقطع الطريق على المخالفين في الرأي والمعارضين. إن القضية كبيرة وما هذه السطور إلا محاولة للإشارة إلى أن مصر قادمة على فترة مظلمة من تاريخها وما لم يتغمدها الله برحمته ويرفع عنها هذا الظلام الذي يكتم أنفاسها.