الخرطوم عبد القيوم عاشميق انتهت في إثيوبيا الثلاثاء، الجولة الخامسة من المباحثات الثنائية بين الرئيس السوداني عمر البشير، ونظيره رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميرديت، دون أن الإعلان عن اتفاق نهائي بشأن القضايا العالقة بين البلدين، فيما ينتظر أن تجرى جولة مباحثات جديدة الأربعاء. وقال مصدر إثيوبي، إن "الجولة ناقشت تبعية منطقة آبيي وترسيم الحدود بين البلدين، بالإضافة إلى الملف الاقتصادي والأوضاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان"، فيما يُنتظَر أن يلتقي البشير وسلفاكير، الأربعاء، لمواصلة الحوار. من ناحيته، قال مستشار وزير الإعلام السوداني الدكتور ربيع عبد العاطي، إن "حكومة الخرطوم موقفها واضح من منطقة الميل 14، التي تحتل دولة جنوب السودان جزءًا منها، حيث إنها تطالب بالانسحاب الكامل منها"، لافتًا إلى أنه بخصوص الجدل حول تبعية آبيي وخطره على نسف القمة، فإن "الحكومة تطالب بإشراك كل القبائل في عملية الاستفتاء لتحديد مستقبل المنطقة بتبعيتها للشمال أو إلى دولة الجنوب". وأكد عبد العاطي في وقت سابق، الثلاثاء، ل"العرب اليوم"، أن "القمة يمكنها تفجير مفاجآت في اللحظات الأخيرة، بالنظر إلى أهمية الجولة والاهتمام الإقليمي والدولي بها، وبما ستخرج به من اتفاق حول الخلاف بين السودان والدولة الوليدة". وقد انخرط البشير وسلفاكير مساء الثلاثاء في جولة من المباحثات المغلقة، هي الخامسة من نوعها، لتناول مختلف القضايا، ولم يتم التوصل إلى حلول نهائية بشأن الملف الأمني، وتبعية آبيي، وملفات أخرى عالقة، فيما نجحت جهود إثيوبية، الثلاثاء، في الترتيب لعقد جولة جديدة من المحادثات التي استمرت لليوم الثالث على التوالي بين البشير وسلفاكير؛ من أجل التوصل إلى حلول للقضايا التي رفعت إليهما من قِبل وفدي التفاوض والوساطة الأفريقية، وذلك بعد ما اختتم الرئيسان جلستهما الرابعة، الاثنين. وقال مندوب الإذاعة السودانية الرسمية:" إن الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي ظل يجري جولات مكوكية بين أطراف التفاوض لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، حيث من المقرر أن يغادر أمبيكي أديس أبابا، ليل الثلاثاء الأربعاء، في طريقه إلى نيويورك، لتقديم تقرير، الخميس المقبل، لاجتماع مشترك، أطرافه عربية وأفريقية ودولية، لمعرفة التطورات الخاصة بالعملية التفاوضية. وقد طالب مجلس الأمن الدولي، الدولتين بحل خلافاتهما، بعد منحهما مهلة انتهت، السبت الماضي، لتبقى كل الاحتمالات واردة في حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، من خلال جولة مفاوضات أديس أبابا الحالية. وقال مصدر في مقر المفاوضات (رفض الكشف عن اسمه)، في تصريح ل"العرب اليوم": إن مقر المفاوضات يشوبه تفاؤل حذر، بعدما استعصى خلاف الخرطوم وجوبا بشأن المناطق الحدودية المتنازع عليها بين البلدين خلال الجولات التفاوضية السابقة. وأضاف:" إن دولة الجنوب ترغب في التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين البلدين، بشأن ملف النفط والقضايا الاقتصادية والتجارية، إلا أن الخرطوم ترى أن الاتفاق بشأن الملف الأمني يجب أن يكون أولاً، وهو موقف أعلنته الخرطوم قبل جولة المفاوضات الحالية"، مشككًا في أن "تكون الجولة الحالية هي الأخيرة بين الرئيسين"، لكنه توقع أن "يحدث تحول في المواقف في أية لحظة". من ناحيته، قال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية السفير العبيد أحمد مروح أن "اللقاء قد اهتم بالنقاش بشأن منطقة آبيي المتنازع على تبعيتها بين البلدين"، و قال مروح أن "الخلاف بشأن منطقة الميل 14 بدأ يضيق شيئًا فشيئًا". مشيرًا إلى "توفر الإرادة السياسية من الطرفين، للوصول لاتفاق نهائي". و أضاف مروح أن "هناك خلافات فرعية بشأن شركة "سودا بت" السودانية العاملة في مجال خدمات البترول، و التي استولت حكومة الجنوب على أصولها إبان اشتداد خلافات البلدين، كما تستمر الخلافات بشأن مواعيد ترسيم الحدود، والمناطق الخمسة المختلف بشأنها". كما توقع مروح، وفقًا لوكالة السودان للأنباء، و الإذاعة الرسمية السودانية، أن يتم التوقيع على اتفاق إطاري، و في حال تعذر ذلك، فمن من المرجح -بحسب قوله- أن تتجه الوساطة الأفريقية، بقيادة ثابو أمبيكي، لوضع خارطة طريق لما يتبقى من قضايا، و وصف جولات المباحثات بين البشير و سلفاكير بأنها صعبة جدًا، و قال أن الجانبين قد يوقعان اتفاقًا غير مفصل، و لكنه قد يكون اتفاقًًا عامًا، فيما يتعلق بكل الموضوعات الاقتصادية و السياسية و غيرها، و أن لقاء الأربعاء بينهما قد يحدد ذلك. وقد غادر رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام المفاوضات، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن قدم مقترحًا توفيقيًا لحل قضية آبيي، كما أناب رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفاكير، الدكتور رياك مشار للمشاركة في اجتماعات نيويورك، مفضلاً الاستمرار في القمة مع البشير. وفي تطور لاحق كلف الرئيسان البشير وسلفاكير رئيسي وفديهما إدريس عبد القادر وباقان أموم ب"صياغة مسودة اتفاق بشأن القضايا التي اتفق عليها الطرفان". وفي غضون ذلك، كان الاتحاد العام لمنطقة المسيرية في الخرطوم عقد اجتماعًا طارئًا مع لجنة ملتقى كادقلى، المزمع انعقاده مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل، والذي تشارك فيه الأحزاب والقوى السياسية السودانية إلى جانب رجالات الإدارة الأهلية لحل أزمة ولاية جنوب كردفان ومنطقة أبيي. ومن جانبه قال رئيس الاتحاد العام لمنطقة المسيرية محمد خاطر: إن الملتقى من شانه أن يدعم طرفي التفاوض في أديس أبابا لحل الأزمة، مشددًا على "تمسك المسيرية بمنطقة آبيي، وكل المناطق التابعة للشمال"، مجددًا "استعداد قبائل المسيرية إلى الدفاع عن أراضيهم". وأضاف خاطر في تصريح إلى "العرب اليوم" أنه "على الحكومة ألا تساوم بإرضاء المواطنين، ويجب إثبات حق المسيرية في الاستفتاء، الذي سيحدد تبعية المنطقة للسودان أو إلى الجنوب". وكان ناظر قبيلة المسيرية، الذي يعد من أقوى رجالات الإدارة الأهلية مختار أبو نمر، أكد في تصريح له، أن قبيلته "على استعداد للدفاع عن آبيي، وعدم التنازل عنها مهما كلفها ذلك من ثمن"، مشيرًا إلى أنهم "لا يريدون نفطًا إنما يريدون أرضهم"، مشددًا على أن "الاستفتاء مرفوض جملة وتفصيلاً، لأن مجرد قبول فكرة الاستفتاء، يعني إقرار حق آخرين في آبيي".