شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد.. صور الفنانة ندى القلعة تزين شوارع أم درمان.. شباب سودانيون يعلقون لافتات عليها صور المطربة الشهيرة (يا بت بلدي أصلك سوداني) والأخيرة ترد: (عاجزة عن الشكر والتقدير)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل سوداني غاضب يوجه رسالة للمغترين ويثير ضحكات المتابعين: (تعالوا بلدكم عشان تنجضوا)    شاهد بالصورة والفيديو.. عريس سوداني يحتفل بزواجه وسط أصدقائه داخل صالة الفرح بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعالت أجراس مزاد بيع بن لادن : البشير من مكة وعروة من واشنطن والصفقة طرده لجلال أباد.!
نشر في سودانيات يوم 14 - 10 - 2012

الشعب يريد ارجاع الفلوس حلقة 6 ( وثيقة )- الحلقة الاخيرة "كيف باع البشير بن لادن خوفا وطمعا؟"
عبدالرحمن الأمين
[email protected]
ترجمة نصية
مذكرة وكالة المخابرات المركزية الامريكية للواء الفاتح عروة
فندق حياة بأرلنغتون ، 8 مارس 1996
ورقة نقاش غير ملزمة
الاجراءات التي يمكن للسودان اتخاذها لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة
1-تزويدنا بمعلومات ( اسماء ، ارتباطات تجارية ونتائج تحقيقاتكم )لملاك والسائقين في التواريخ المحددة التالية للوحات المركبات السودانية المستخدمة في متابعة طاقم السفارة الامريكية . الحادثان يشار اليهما ادناه :
من الاول والي 18 يوليو 1995 ، فان عربة تايوتا بيضاء "نصف نقل " تحمل اللوحة رقم "1392" ضلعت في عملية رصد منسق مستهدفة مسكن احد الدبلوماسيين في حي الرياض بالخرطوم .قامت سلارة التايوتا بتنسيق الرصد بمرصد غير متحرك بالقرب منها .خلال ذات الفترة ، فان دراجات نارية لا تحمل لوحات ظلت تتابع هذا الدبلوماسي بانتظام من مسكنه والي السفارة .
*في 26 مارس 1995 غادر دبلوماسي السفارة واثناء ماكان يقود سيارته شمالا في شارع الحرية تم رصده وملاحقته بواسطة اثنين ذكور ذوي بشرة فاتحة اللون بلحي كثة وبلا غطاء رأس يتجهون جنوبا بشارع الحرية في سيارة ايسوزو نصف نقل رباعية الابواب موديل 1993 أو 1994 بلوحة رقم
KHA أو LAM تحمل رقم 792 أو 793
انعطفوا راجعين ( يو- تيرن) وبدأوا في الرصد من نقطة تبعد حوالي 100 متر من مؤخرة موظف السفارة . (لم تتوقف هذه الملاحقات) الا بعد تحذيرنا لحكومتكم احتجاجا علي هذه النشاطات .
2- تزويدنا باسماء ، توريخ وصول ، تواريخ مغادرة ووجهة المغادرة وبيانات جوازات السفر للمجاهدين الذين أحضرهم اسامة بن لادن للسودان .
*منذ منتصف 1994 سمحت حكومتكم بدخول أكثر من 200 من عناصر بن لادن للسودان .
3- تزويدنا بمعلومات ( أسماء ، ارقام وصور ) لجوازات والفيزات التي تستخدمها الجماعات الاسلامية المصرية ، الجهاد الاسلامي الجزائري ، حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية "حماس" والجهاد الاسلامي الفلسطيني عند دخولهم وخروجهم من السودان .
* تزويدنا .........باعضاء الحماعة مصطفي حمزه عزت ابو يسن وحسين احمد شاهد علي (واسم كنيته الاخر ايضا محمد سراج)-هؤلاء الارهابيون الثلاثة متورطون في الهجوم غليالرئيس مبارك ( تدعي جكومتكم ان الثلاثة غادروا السودان . نحن مقاتعون ان هذا الامر ان كان صحيحا ، فان حكومتكم يجب ان يكون لها معلومات تدلل الي اين ذهبوا ومتي
4- ازالة معسكر المرخيات العسكري المتواجد علي الاحداثيات الجغرافية 15-43-30 شمال و 32-24-07 شرقا الي الغرب من امدرمان . في التحذير الامريكي الي حكومتكم في 1994 أشرنا الي ان الولايات المتحدة لها جليل محدد ان هذا المعسكر يساخدم لتدريب حماس وغيرها من العناصر االارهابية
* تقديم دليل لنا ان هذا المعسكر تمت ازالته مثل السماح لمسؤول لمريكي بتفتيش لمعسكر
5-تقديم قائمة تواجد لكل المسؤولين وغير المسؤولين الايرانيين بما في ذلك الاعضاء المائتين التابعين للحرس الثوري الايراني الذين تخدث عنهم علنا مسؤولون ايرانيون كبار بالسودان .
6- اعادة توجيه المؤتمر العربي الاسلامي بعيدا من دوره الراهن كمنصة لاجتماع مجموعات المتشددين الاسلاميين المختلفة المتورطة في الارهاب
بعثرة الاطار الزمني للأحداث : الخرطوم في 1995
هنا الخرطوم....قلعة الخلافة الاسلامية الاستوائية المصدقة لهوس الرائد يونس محمود (إن البشير جاء ليلقي القميص على وجه السودان فيرتد بصيراً) ! فمنذ 1989 سكن جن نمرود مخيلة حكامها فأوهمهم ان الشعارات بمقدورها جعل النملة خرتيتا !
هنا الخرطوم ...المتنكبة دروب التحدي ومط اللسان امام الكل . فأمريكا دنا عذابها ، وروسيا في مهلة استتابة ، وشعب السودان ممنوع من "بغم" والا أريقت منه كل الدماء . تناوب مطلوبو الانتربول بلحاهم المخضبة علي مايكروفونات قاعاتنا متوعدين أنظمتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ! وفي بيوت الاشباح سجل جهاز نافع براءات اختراع في التعذيب والتنكيل بالخصوم . فحشر الناس في بيوتهم من الغسق الي الغسق التالي وأفرغت دواوين الخدمة المدنية ودور المعرفة والمؤسسات القومية من شهادات الكفاءة ودال أمرها لأناس التمكين.فشهقت الحياة بصرخة الموت !
هنا الخرطوم ... مدينة الهجرة 45 سنتقريد ، مقر الشيخ اسامة بن لادن ومجاهديه من العرب الافغان . وصلنا في أواخر 1991 وتدفق مقاتلوه بالباصات المظللة الي حزام المزارع والليل لباسا ! حل الاغراب في بلادنا لتنفيذ أشياء لا نعرفها. قالوا انهم سيرتبون العالم وفق مرئياتهم ، انطلاقا من أرضنا ! مزارعنا وقد كانت تطعم صغارنا حليبا ، ونعاجنا برسيما ، تمردت وحملت السلاح . خاصموا البيئة ، فشنقوا مثمر أشجارها وجففوا جداولها وطمروا آبارها . حلت الشواخص الخشبية والهمبول الطارد للطير علي تلالها ، فانقطع الخير اذ اصفرت السنابل وماتت قناديل أبو سبعين فجاعت العصافير ونفقت الأنعام . غدت المزارع حقولا للالغام ، والطوابير وفرقعات البارود ودروات الرماية والتصويب واقع الحال . اشتروا وئامنا وهدوءنا بحر مالهم فأحاطوا بنا من كل جانب: في الجريفات ، الحلفاية ، سوبا والمرخيات بل وتمددوا حتي الدمازين والقاش ، ونالوا رضا أمير المؤمنين بما أودعوا جيبه.
أصبحنا دار حرب !
ان تمشوا خارج أوكارهم ، عرفناهم بسحنات هي مزجة "بلندر " العصائر :جامعة عربية +مؤتمر اسلامي +سمرة أفريقيا وكثير من لون آسيا+ أردو وبشتو .. بشرات وحنك بكامل لونيات اللوحة.
هنا الخرطوم ...دنيا ملالي قم الجديدة . وقد أفصح المكتشف يازدي بأن مهمة الحرس الثوري بالسودان هي ( نشر رسالة الخميني ) .زادت لجنة التحقيق البرلمانية الامريكية في احداث 11 سبتمبر فأوردت ان ارسال ايران سفيرها السابق بلبنان ، ماجد كمال ، هدفه الباطن هو الاشراف العام علي عملياتها بالسودان . فأحضر معه مدربين من الحرس الثوري وتعلمجية من حزب الله لتعليم الانقاذيين صناعة القنابل وتفخيخ سيارات !
أولئك اشتروا المزارع ، وهؤلاء اشتروا شرف رعاية الدولة السنية بحرسهم الثوري
تحت عنوان " مثلث الحب القاتل ، لماذا تعشق ايران وحماس ديكتاتور التطهير العرقي بدارفور ؟" كتب جوناثان شانزر في 6 أغسطس2008 بصحيفة " ذا ويكلي ستاندارد " قائلا ان زيارة الرئيس علي اكبر هاشمي رافسنجاني في ديسمبر 1991 أرست الاساس لمحور الخرطوم –طهران بوفد قوامه 150 مسؤولا .أعلن رافسنجاني: ( الثورة الاسلامية في السودان الي جانب ثورة ايران الرائدة بامكانهما ، وبلا أدني شك ، ان تكونا مصدرا للحركات والثورة في كل العالم الاسلامي ) منحهم 17 مليون دولار كمساعدة مالية وسدد 300 مليون دولار لمشتروات اسلحة صينية . فاتحه الانقاذيون برغبتهم في الحصول على مساعدات لإستخراج النفط وطلبوا اقراضهم 200 مليون دولار . لم يتحمس لكنه وعدهم بتأمين حاجاتهم النفطية .وفي وقت لاحق تعهد بمليون طن من البترول كل عام ! ارسلت ايران 2 الف من حرسها الثوري لتأمين دولة الخلافة الاستوائية فزارنا وزير الدفاع ،علي أكبر توركان ، للمزيد - فولد الدفاع الشعبي في 1992 والتوي لسان العقيدة العسكرية السودانية لينطق بلسان فارسي أعجمي حيث تولي الحرس الثوري التدريب وانتصب المصحف في الطابور رافعا التمام ، آية أخري! رصدت المخابرات الغربية وجود 10 معسكرات تدريب بلغي مختلفة وسحنات متفرقة من الجهاد الارتيري ، حماس الفلسطينية ، الجماعات المصرية وغيرهم . تسيد هذه الامم المتفرقة اسامه بن لادن . وبالنتيجة ، أعلنت الخارجية الأمريكية في 1993 السودان ملاذا دوليا للأرهاب . في نوفمبر التالي زارهم ملالي طهران لمدهم بالمزيد . وما أن عادوا حتي أصبحت سوح ميناء بورتسودان ومرابط افراغ البضائع معرضا صينيا خالصا للمقتنيات العسكرية. في مايو 1996 جاء الايرانيون لتوسيع التعاون العسكري بتركيز علي التصنيع والتدريب.
من بواكير 1992 ، بدأ المحور الايراني السوداني في اجتذاب اهتمام الخارجية الامريكية كما يورد باحث جامعة فلتشر ، لورينزو فيدينو ، في كتابه ( وصول الاصولية الاسلامية للسودان،2006 ) فحذرت الخارجية وقالت لجنة بالكونغرس ان السودان وايران يخططان لهجمات في اوروبا!
هنا الخرطوم .. معترك أجهزة المخابرات المهنية المحترفة ، والمخبرين "البارتايم" الذين يصنعون من الشمار دولار !
أمتلات بهم فنادقنا ولما ضاقت ، تدفق البصاصون المحترفون للشقق المفروشة والفلل المحروسة ، وذهب المخبرون البارتايم لكراء المنازل بالأحياء الشعبية . تزاحم المخبرون صباحا علي عتبات السفارات يبيعون ماسمعوه ليلا من هلوسات هي من نسج خيالهم ، سمها "شمارات" بالقطعة! بائعو البهار الاستخباراتي الجائلون كانوا قوما كثر، فبلادنا مفتوحة لمن هب ودب وحبا . منهم كان المخبر التونسي علي مصطفي حميد الذي تردد علي السفارة الامريكية بالخرطوم فباعهم في كل زيارة قطعة سيناريو زاهية . حذرهم مرة من مخطط ارهابي دموي داهم، وفي أخري من هجوم وشيك يستهدف حفلاتهم وأسرهم . يخرج ويدخل آخر من ذات شبكة الشمار القطاعي بمعلومات أبدع تطريزا : مخطط لاختطاف دبلوماسي أمريكي !
تكسب المخبرون من هذه التفنيصات " وتعني لبنانيا التخريجات الكاذبة شاكلة ما عودنا عليه اعلامنا الرسالي ". طبخة التفنيص لا تحتاج الا لخيال جسور وحقائق بنكهة "ماجي" ! كانت محاولة اغتيال حسني مبارك في اديس أبابا في يونيو 1995 حدثا مركزيا لتنظيم القاعدة وللمخبرين بالخرطوم . بالنسبة للقاعدة ، كانت العملية أكبر مانفذته انطلاقا من أرض "الهجرة" السودانية . بل وان فشل العملية برأي المؤلف روهان قناراتنا في كتابه " داخل القاعدة" جعل التنظيم يؤجل تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام من 1996 لعامين بسبب الاسقاطات السالبة لفشل اغتيال مبارك بأثيوبيا .وقال ان من أسباب التأجيل الموت غرقا للمنفذ المفترض لتفجيرات شرق أفريقيا ، السعودي أبوعبيدة البنشيري. استفاد المخبرون من عملية مبارك فرفعوا سقف خيالهم تخويفا للامريكان ، فتضاعفت الدولارات! ادعي التونسي في أواخر 1995 وجود مخطط ارهابي هدفه قتل مستشار الأمن القومي في ادارة كلينتون ، توني ليك، بواشنطن . فزعت شرطتهم السرية فغيرت مقر سكناه ! وفي الخرطوم فزع الدبلوماسيون وأوصوا بقفل السفارة ، فنقلت عملياتها لنيروبي في مطع 1996 ...
رغم تأكد السي أي ايه من كذب الرواية ، الا انها رفعت الأمر لواشنطن التي كلفت سفيرها بالخرطوم، دون بيترسون، تبليغ الرئيس البشير تحذيرا شفاهيا شديد اللهجة يوم السبت 4 نوفمبر1995 ! أنظر نص التحذير كما أورده السفير في كتابه بعنوان ( داخل السودان : الاسلام السياسي ، الصراع والمأسآة ، 2003 ) وفيما يعتبر اعترافا بالخطأ ، فان الوكالة أفرجت عن وثائقها وحذفت النص ( http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-71833.htm )
تزامن وصول السفير الامريكي تيموثي ماكارني ، بديل بيترسون ، للخرطوم في نوفمبر 1995 مع اجتماع لجنة أعمال الطوارئ بالسفارة لبحث البدائل . قرر الاجتماع التوصية باغلاق السفارة ورفعوا الأمر لرئاستهم بواشنطن . تعود كوفر بلاك ، رئيس محطة السي أي أيه بالخرطوم (1993-1995) علي مشاكسة منسوبي القاعدة له في طرقات العاصمة رصدا ومضايقة . قال تقرير لنيويورك تايمز(21 سبتمبر 1998) ان التهديدات في 1995 زادت كثيرا مثل مطاردة اثنين من رجال بن لادن لدبلوماسي أمريكي بشوارع الخرطوم ونسبت لمسؤولين امريكيين قولهم ( بل وشملت حوادث اطلاق نار علي مسؤولين أمريكيين)! رغم ذلك اعترض السفير المحترف مكارني بشدة علي اغلاق السفارة وانتقد "نوعية " وقيمة التقارير التي تستند عليها الاستخبارات الامريكية . قال ان قفل السفارة سيرسل أشارة سالبة للخرطوم وسيدفعها للمزيد من التشدد . في واشنطن رفع الامر الي فريق الامن القومي الذي اجتمع 3 مرات ليبت في المسألة .
علم مكارني ان مدير الوكالة الجديد ، جون دويتش ، من أنصار الاغلاق .فطار لواشنطن لاقناع وزيرخارجيته ، وارين كريستوفر ، بعدم الاغلاق . وفي أوائل 1996 نصح دويتش رئيسه بأن الخرطوم أصبحت محطة "خطيرة" ولا داعي لوجود سفارة فيها ، فوافقه الرئيس وخسر السفير مكارني الرهان .عاد للخرطوم لتنفيذ الاغلاق وابلاغ الحكومة ان أمريكا حرصا علي سلامة دبلوماسييها ، ولوجود بن لادن فيها، قررت نقل السفارة والرحيل الي نيروبي ومباشرة أعمالها بالريموت كنترول !
غضبت الخرطوم. فالاغلاق هو شهادة سوء سير وسلوك للنظام فضلا عن ان سينسف أي جهد لاجتذاب الاستثمار. فشهادة بانعدام الامن والامان في أي بلد تعني رسوبا في مجمل مواد نسق التعامل مع العالم الخارجي .
في حفل الوداع الذي أقيم علي شرف السفيرتيموثي ماكارني في6 فبراير1996، دار حديث عميق عن العلاقات الامريكية السودانية مابين السفير ووزير الخارجية ، علي عثمان طه. قال السفير أن اسامه بن لادن هو المشكلة وان التطبيع معهم مرهون (فقط) بابعاده من الخرطوم وتزويدهم بمعلومات مفصلة عن امواله ومؤيديه في شمال افريقيا ، والا فلاشئ!
كيف تسبب السجين رقم 40087-083 في قرار قفل السفارة الامريكية بالخرطوم ؟
في الوقت الذي أصبحت فيه الخرطوم مزارا مقدسا لأجهزة المخابرات من كل صوب ونحلة ، كانت أمريكا مصدومة بفضيحة استخبارية مدوية ماأبقت للسي أي ايه من وقار مهني . اكتشفت الوكالة أن رئيس ادارة التجسس المضاد فيها المنوط بملاحقة نشاط مخابرات السوفيت(كي.جي.بي) داخل أمريكا ، كان نفسه عميلا سوفيتيا ولمدة تقارب العشرة أعوام ! قدم لهم قوائما بأهم المصادر العاملة لصالح السي أي أيه بموسكو ، فصفوهم الواحد تلو الاخر ورافقتهم أجهزة الاتصال المزودين بها الي صمت القبور !أصبح عام 1995 أسوأ أعوام أخطبوط السي آي ايه المهاب . فما حدث فاق الخيال العريض وفصلته هوليود في 1998 بفيلم ( الخائن الداخلي ) .
الجاسوس هو آميس ألدريش. قفز فوق حائط المغامرة المميت لسنوات عدة دون أن يبصر به احد ! استخدم ذات الملفات السرية التي ائتمنته عليها وكالته فباع كل شئ للروس وظل يبيع بدءا من ابريل 1985 والي يوم اعتقاله في 21 فبراير 1994.حافزه للخيانة كانت حاجته للمال بسبب طلاقه ولتمويل غرامياته الجديدة مع دبلوماسية كولومبية (ماريا ديل روزاريو دوبي) .سخي الروس وانفتحت شهيته للمزيد فأغدقوا كلما زاد سقف طلباتهم وانجز التكليف .مكتب ألدريش هو من يجند عملاء السي أي ايه من عسكر الروس بموسكو ، كشف الغطاء عنهم فقتل السوفيت 10 منهم فورا !
استمر الروس في موسم الاصطياد والقتل المفتوح لعملاء امريكا. أورد باول بل في كتابه "الخيانة : كيف قاد جاسوس روسي صحفي أمريكي الي عميل امريكي مزدوج " ان قرار تصفية العملاء جاء من الكرملين مباشرة . خاف آلدريش ان تقود التصفيات الكبيرة والمفاجئة لكشفه ، لم يكترث الروس ، بحسب ديفيد وايز في كتابه الذي كشف عنوانه اجمالي المبالغ التي دفعت للغواصة الامريكي ( الحمال الليلي : كيف باع الدريش اموس السي آي ايه للمخابرات الروسية مقابل 4.6 مليون دولار؟).
دوخ آميس وكالته ، لكن لكل شئ نهاية . راقبه لعام محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي وأعتقلوه في 21 فبراير 1994. تعاون وأعترف بكل شئ فنال الحكم المؤبد. أفاد محررا نيويورك تايمز ، تم وينر وجيمس رايزن ، 21سبتمبر 1998، أن السي آي ايه سحبت في يناير 1996 أكثر من 100 تقرير استخباري عن السودان "لعدم دقتها وفبركتها من قبل مخبرين هدفهم المال"! من نماذجها ، سعي بن لادن في الحصول علي اسلحة كيماوية ، او شراء غازات سامة لاستخدامها ضد القوات الامريكية الموجودة بالسعودية. ما ان أصبح العميل اميس ألدريش السجين رقم 40087-083 بسجن الينوود الفيدرالي (بنسلفانيا ) تعالت بواشنطن الاصوات الغاضبة مطالبة بتطيير رؤوس كبيرة ، فتحرك الرئيس كلينتون ضد جيمس ولسي ، مدير السي أي أيه ، فتتدحرج رأسه مفصولا من وظيفته فورا مطلع 1995 .
عين كلينتون مديرا جديدا هو جيمس جويتش ، نائب وزير الدفاع السابق . عند تنصيبه قال جويتش انه سيغير الوكالة ( من عظام الهيكل العظمي الاساسي ) وبدأ في اعادة ترتيب بيت السي آي أيه المنهار معنويا من الألف للياء! أبدي قائد الجاسوسية الجديد ولعا بالتجسس الاليكتروني واعتمادا أقل علي التجسس البشري . لذلك لم يكترث باغلاق سفارة الخرطوم بل أوصي به وأقنع الرئيس ! دخل مفهموم مكافحة الارهاب قاموس العمل اليومي .في يونيو 1996 وقع الرئيس كلينتون أول أمر رئاسي سري عنوانه (سياسة الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب ) وفيه جاء الامر صريحا للسي أي أيه بتنفيذ( برنامج صارم في الاستخبارالاجنبي يعتمد علي المزيد من تجميع المعلومات ، تحليلها ، مكافحة الارهاب واللجوء للعميات السرية ) اذا دعت الضرورة !
أهمية هذا الامر السري أن البيت الابيض ابتدع سياسة جديدة وسيقوم الرئيس بتنفيذها وأصبح ريتشارد كلارك مديرا لمكافحة الارهاب ملتحقا بمجلس الامن الوطني. أنشأت في يناير 1996 وحدة في خاصة هدفها الوحيد ملاحقة اسامة بن لادن !
الرواية من نصف الكتاب:الفاتح عروة " بتاع" الامريكان ، أم "عدوهم"..كيف ولماذا !
من يعرفون الفريق (معاش)الفاتح عروة عن قرب ، لن يتجادلوا مطلقا ، حول صفات له بحسبانها بديهيات : ذكاء متقد ، ذهن حاضر ، ذاكرة وثابة ومنطق مسنود بمعرفة موسوعية. أما "لماذا"أدي ما نفذ من ادوار فان الوصيد ان انفرج ، تزاحمت الخلافات في تقييم النوازع التي تحرك هذه الشخصية العامة المثيرة للجدل . علي الصعيد الاجتماعي، فالرجل من طينة الشخصيات التي لا تحتمل الا حكما قطعيا / اما ..أو ! شأنه شأن مينيو المأكولات الصينية : فاما ان تطعمها بشهية ونهم ، واما ان تعافها بالتمام وتنصرف عنها لأي شئ يقيم الأود ، ولو لصحن سخينة !
لسنا هنا بصدد رفعه لمنصة التحليل النفساني لمقاربة ماأوفت بوصاته ، أو ماعجزت سنتمتراته ، بلوغا للكمال . فمن ينشدون تلك الغايات لابد وان يجدوا في روحه المحبة للمغامرة كضابط ابن ضابط بعض شئ ، وفي حبه للسياسة الدولية وتعقيداتها كثير شئ ، وفي رغبته في العمل مع الانقاذ أكيد شئ . هذا "الأكيد شئ" كرسه ماأصابه من قروح ، يعتبرها ظالمة، ابان ديموقراطية السنوات الثلاثة . مأخذه انه أغمط سنينا من العطاء والخدمة المتميزة بجهاز أمن الدولة حين أكتفي من نحروا سمعته بفصل الفلاشا للحكم عليه ، فترخصوا في القدح واغتيال الشخصية. نعلم يقينا بأنه لا نسب تنظيمي يربطه بالمتسمين بالتيار الاسلامي أو تنظيميهم ، بل ونجزم ان كثيرا من قادة التنظيم الحاكم يتحسرون علي القبول به ، أصلا ، في طاقمهم كمستشار للأمن القومي أو كوزير دولة بالدفاع أو حتي سفيرا بالامم المتحدة !ونثبت الملاحظة ان الجنرال كثيرا ماأوغر صدر هؤلاء " الاسلاميين"الرافعين لمبدأ التمكين لأهل تنظيمهم فقط . فكثيرا ماجهر صراحة بأن لا عروة توثقه بالانقاذ الا رئيسها والفريق بكري! أغاظهم هذا ،وصلاهم أكثر انه كسب كل جولات تعاركه ضدهم ! وفي هذا بعض من متواترات الحرب السرية بين الانقاذيين العسكر ، والانقاذيين الملكية (راجع حيثيات تعارك فسطاط الرئيس معهم في أغسطس 2009 عندما أقال قوش وعرض الفاتح عروة كبديل ) !
في غضون 1995 ومع تزايد الضغوطات ، اقتنع الانقاذيون الا سبيل للفكاك من شباك الحصار السياسي والاقتصادي ، المنسوجة أمريكيا ، الا بابتعاث سفير " يفهم" الامريكان المؤسسات ، وليس الامريكان اللغة الانجليزية .فقد فشل السفير البروفسور عبدالله أحمد عبدالله ،خريج جامعة ديفز بكاليفورنيا، في احداث ولو ثقب في جدار المقاطعات ، ناهيك عن كسره ! أخيرا ، اعتقدوا ان السبيل لذلك هو ابتعاث من عمل مع الامريكان وتدرب علي فنون جاسوسيتهم منذ أوائل الثمانينات كقنصل "ظلي" لحسابهم في أديس مغستو الحمراء ( ولهذا طرده الاثيوبيون ) . ظنوا ان من تعامل مع الامريكان في ترحيل يهود الفلاشا في 1984 لاسرائيل، كاف لسفلتت دروب التواصل السياسية وبناء شراكة مصالح مع الامريكان ، ومافكروا في تغيير سياسات نظامهم وشعاراته المرفوعة! رحب عروة بالتكليف وحسبه تحديا موافقا لمقاساته ! ارسلت الخرطوم ترشيحه رسميا لواشنطن في مايو 1995. حماس البشير جعله يبلغ السفير الامريكي ، في أكثر من مناسبة ، أن اللواء هو مبعوثه المؤتمن .تصرف عروة كمن ضمن قبول ترشيحه فأعاد تعيين المقدم صفوت حسن صديق ومساعده جمال بسفارته الجديدة ، وهما عنصرا الامن بمحطة واشنطن قبل طوفان الانتفاضة . التقاليد الديبلوماسية تخضع قبول ترشيح السفير بثلاثة أشهر يجوز خلالها للدولة المضيفة الترحيب بالقادم او الاعتراض عليه بنعومة ان ارادت استبداله . هذه النعومة ، وهي تقليد أصيل في ألق الدبلوماسية وذوقها ، تذهب شوطا اضافيا . فان ارادت الدولة المضيفة رفض الترشيح بلين ومودة ، فما عليها الا انتظار انقضاء عدة الاشهر الثلاث ، فيقع طلاقها من المرشح تلقائيا والاهم ، تصل رسالة الاعتراض الناعمة ..ولا ضرر ولا ضرار !أما النادر وغير المألوف فهو تسجيل موقف علني برسالة أعنف حيث تعلن الدولة المضيفة اعتراضها وتبين الاسباب وتطلب مرشحا آخر !
ماذا فعلت واشنطن ...؟
انتظرت لشهور تتسلي بكتابات باشكتبة صحف الخرطوم يبشرون شعبهم بفتح قريب لواشنطن علي يد "الفاتح". استنسخ كتاب الاعمدة المليونية خيال بعضهم البعض ( وتلك اعمدة يقتلك ان مثيلاتها من مصنوعات الالمونيوم يؤدين مهاما اكثر فائدة اذ يحملن الطعام للمرضي والمحبوسبن ) .أوغلوا في نظرية المؤامرة وتراءت لهم أوهامهم سراب حقائق بقيعة فشطحوا بخيال أعرض!
وفجأة يجي الرد صاعقا بضغط تريلون وات كهربائي : رفضت واشنطن ترشيح اللواء الفاتح عروة رفضا مسببا !
كانت رسالة داوية وصفعة حارقة لتخرصات من حسبوه "ولد" أمريكا بل وان الانتظار الي يوليو 1995 لاعلان الرفض، وقد تبقت بضعة ايام لانقضاء أجل الثلاثة أشهر ، فيه ما فيه من دلالات التشفي !
عزت واشنطن رفضها للجنرال لقيادته هجوما علي جوبا ابان استوزاره بوزارة الدفاع وحملته "اعدام اثنين من عمال وكالة التنمية والمعونة الامريكية" ايام ماكان مستشارا للامن القومي .
تعامل البشير بغضبه المعهود الذي ما وقع الا بردا وسلاما علي من تقصدوا الفعل .استدعي السفير بيترسون محتجا ومطالبا باعادة النظر.اعتذر السفير فطلب من الرئيس مبارك التدخل بل وأوصل مناشدته حتي للسعوديين . وتمسكت واشنطن بالرفض !
تعامل اللواء عروة مع الرفض ببراجماتية وبرود مهني . فقد كان مهموما بالهرجلة التي لحقت بملفات الامن عقب فشل أغتيال مبارك في يونيو 1995 ! ظل يدير اللعبة من خلف ستار . هندس مشروع تعيينه سفيرا بالامم المتحدة لأنها لاتشترط موافقة أمريكا التي احتفظت بحقها في سجنه داخل نطاق مدينة نيويورك فقط الا باذن منها ، وهذا مافعلت ! حث الرئيس علي ضرورة الاسراع بتغيير رأس جهاز الامن المتورط في المغامرة ، فخلف قطبي المهدي نافع علي نافع في اكتوبر 1995 وانزوي علي عثمان في عتمة الاركان انتظارا لهدوء العاصفة . بعد الرسالة الامريكية الشفاهية الحادة في 4 نوفمبر 1995 ، أوعز عروة للرئيس بضروة التحرك باتجاه الامريكان غض النظر عن موقفهم منه شخصيا تحمس السفير ماكارني للفكرة فرتب له زيارة واشنطن في مارس 1996 وحضر الاجتماع !
بيع بن لادن ....الفصل الاخير !
بدأ اوكازيون بيع بن لادن حثيثا .
طار عروة لواشنطن ، والبشير لمكة في مهمة ظاهرها الحج وباطنها التخلص من بن لادن . اعترف شرف الدين بانقا، المشارك في لقاء الحج، ان وجود بن لادن أصبح مشكلة بين الخرطوم والرياض .قابل البشير ولي لعهد ، أنذاك ،عبدالله بن عبدالعزيزومدير مخابراته العامة ، تركي الفيصل . قال الفيصل للبشير أن المملكة سيسعدها استلام بن لادن وحبسه. عندما التمس البشير العفو عنه ، اجابه عبدالله (في المملكة، لا أحد فوق القانون )!
في واشنطن ، قابل عروة في فندق حياة في بمنطقة روزلين بولاية فيرجينيا السفير ماكارني واثنين من عملاء وكالة المخابرات المركزية ، قسم الشؤون الافريقية يوم 8 مارس. في هذا الاجتماع سلم العملاء الجنرال ورقة نقاش (غير ملزمة) صاغتها مجموعة عمل بالبيت الابيض ضمت السي أي ايه ، مجلس الامن القومي ، وزارة الدفاع ووزارة الخارجية.حملها عروة بعد اجتماعين وطار للخرطوم لبدء تنفيذ المطلوبات (الوثيقة المرفقة) .
كذب تقرير أمريكي رسمي الادعاءات السودانية اللاحقة ، بأنهم عرضوا تسليم بن لادن لواشنطن . فقد ورد في الصفحة رقم 110 من تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الامريكية في احداث 11 سبتمبر ما نصه (ادعي وزير الدفاع السوداني الفاتح عروة ان السودان عرض تسليم السودان لبن لادن الي الولايات المتحدة .لم تجد اللجنة دليلا يعتد به بأن هذا ماجري . التعليمات الصادرة للسفير مكارني انحصرت فقط بالضغط علي السودانيين لطرد بن لادن . لم يكن للسفير مكارني سندا قانونيا لمطالبة السودانيين بأكثر من طرده ، أنذاك، فلم يكن هناك حكما صادر ضده ينتظر التنفيذ ) ينسب ستيف كول في كتابه " حروب الاشباح ، التاريخ السري للسي أي أيه ، افغنستان وين لادن ) لكلينتون قوله (لم نتمكن من اتهامه لأنه لم يقتل أحدا بأمريكا ولم يفعل شئ ضدنا ).أيضا تجدد الدحض الامريكي للرواية السودانية في شهادة جورج تنيت ، مدير السي أي ايه ، امام لجنة المخابرات المشتركة بالكونغرس يوم 17 نوفمبر 2002 .بفذلكة مضللة قال قطبي المهدي لديفيد روس مؤلف (ملفات بن لادن) ان السودان لم يعترض علي التسليم ( قلنا ، هنا هو تحت المراقبة ونعلم أي شي عنه ، هنا في السودان هو تحت مراقبتا ) .
الرحلة الأخيرة ، والطرد بلا تذاكر عودة : الخرطوم -جلال أباد !
لازمت الاثارة بن لادن حتي سلم الطائرة في آخر رحلة جوية له في حياته منتصف مايو 1996 ! استحي الانقاذيون من مقابلته لابلاغه أمر طرده والجَفْنة (أي الكريم المضياف )ينكسر اللئام من مطالعة وجهه ان تناسوا أفضاله وضنوا بالعرفان ! أبلغه الرئيس عبر وسيط بالمغادرة وان الملأ يأتمرون بك ، ولم يقل أنه في رأس هؤلاء ! دبر بن لادن مع القطريين تزويد طائرته بالوقود في الدوحة في رحلة الطرد الخرطوم -جلال اباد( رواية أحمد باديب ، مدير مكتب تركي الفيصل)، الا أن خالد شيخ محمد أبلغ المحققين الامريكيين مؤخرا ان طائرة شركة أريانا الأفغانية المستأجرة قامت برحلتين وتزودت بالامارات وليس الدوحة ! يقول ستيف كول في كتابه (حروب ااشباح ) ان السودان أبلغ السفير ماكارني والبيت الابيض بمغادرة بن لادن فور اقلاعها تحمله هو وزوجاته الثلاثة وفرش داره وعدد من مقاتليه . بعد أسابيع قال بن لادن ان امريكا هي العدو الرئيس والسعودية عدو ثانوي مضيفا (العالم وصل الي بداية الحرب بين المسلمين والولايات المتحدة ).
قصة بن لادن ، وملابسات طرده بل ومقتله ، تبقي واحدة من أقصوصات الاستخبارات المثيرة . فهم ، أساسا، من صنعوه منذ ان هب مجاهدا ضد السوفيت في أول الثمانينات. وهم من جعلوه رجلا مطاردا رأسه أثمن من تذكرة لوتري ثمينة قيمتها 25 مليون دولار ! هم من استضافوه وحموه ...وهم أيضا من نهبوا ماله وأكلوه ، وما عبدالباسط حمزه الا نموذجا لاستباحة أموال الناس بالباطل والتنعم بالسرقة ومال السحت( للاستزادة http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-73618.htm) . عندما حان وقت بيعه ، دقوا عليه الجرس في سوق النخاسة الدولي وما رمش لهم طرف !
قصته في السودان - مابين وصوله في أخريات 1991 وطرده في منتصف مايو 1996- كانت أكثر فواصل الرواية ايلاما. فقد تجسس عليه داخل منزله بالخرطوم من سعوا اليه في مقره في حيدرأباد وأحضروه ! فهاهو يحي حسين بابكر، نائب قوش، يعترف لديفيد روس في كتابه (ملفات اسامه ) ان مخابراته ومنذ 1992 تجسست عليه وضرب مثلا علمهم باستضافة بن لادن لايمن الظواهري بداره . ويفاخر قطبي المهدي كيف ان جهاز الامن ابان رئاسته له صوروسجل كل شئ تعلق به أو بأنصاره المهاجرين بل تحسر علي تلكؤ الامريكان في عدم رغبتهم الاطلاع علي هذه الثروة المعلوماتية!
ماذا يسمي هذا في أدبيات الانقاذ ؟ ....لا علم لنا !
اما نهب أمواله فتلكم قصة أسهبنا في استعراضها ، ولابأس من مزيد قليل
قالت لجنة احداث سبتمبر ان الخرطوم صادرت كل مملتلكات بن لادن وغادرها بوفاض خال ! ( الصفحات 109 ، 170) من جهته أكد ريتشارد كلارك ، مسؤول مكافحة الارهاب في ادارة كلينتون ،حدوث هذه (الهمبتة ) الانقاذية الاسلامية في كتابه " ضد كل الاعداء: داخل حرب أمريكا ضد الارهاب " .أما المؤلف لورنس رايت فأوضح بتفصيل هذا التعدي الانقاذي علي أموال بن لادن في كتابه الحائز علي جائزة بولتزر " البرج العملاق المتداعي : القاعدة والطريق الي 11 سبتمبر ".وفي كتابه القيم ( من خلال عيون اعداءنا :اسامه بن لادن ، الاسلام المتطرف ومستقبل أمريكا ) قال مايكل شوير ان بن لادن غادر السودان ولم يمنح فرصة لتصفية استثماراته الضخمة في بنك الشمال الاسلامي فتركها خلفه . أهمية شهادة مايكل شويرانها تصدر ممن عمل 22 عاما بوكالة السي آي ايه بل هو من تولي مابين 1996-1999 رئاسة الوحدة السرية بالوكالة المكلفة بالبحث عن بن لادن والمسماة كوديا ( أكا – محطة ألك ). قام ديفيد كوهين ، مدير العمليات بالوكالة في 1996 بتأسيس محطة افتراضية بمساعدة توني ليك لتقفي آثار أموال بن لادن ( تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في احداث 11 سبتمبر ). كذلك تورد آن ليش في كتابها ( أعمال أسامه بن لادن في السودان ) الصادر في 2002 ان بن لادن منذ وصوله للسودان في أواخر 1991 استثمر حوالي 50 مليون دولار في المصارف السودانية الاسلامية . اما تقرير اللجنة البرلمانية للتحقيق في احداث سبتمبر 11 ، 2001 فقد أورد ان شركتي وادي العقيق والهجرة عملتا في الكثير من الانشطة وبالذات في محالات بناء الطرق والتشييد حيث عمل 1000 من منسوبيه وتدرب في معسكراته 2 ألف مقاتل .
يروي لورينزو فيدينو ، في مؤلفه ( وصول الاصولية الاسلامية للسودان ) ، ان السودانيين العارفين بثروة بن لادن المستجلبة للسودان يقدرونها ب 350 مليون دولار غير ن المؤلف يري انها أقل عن ذلك رغم تأكيده أن الرجل استثمر بقوة في السودان (للاستزادة http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-71935.htm)
وتورد دراسة صادرة عن مؤسسة شاهد دولي في ابريل 2003 بعنوان" من أجل دولارات اضافية قليلة كيف انتقلت القاعدة لتجارة المجوهرات" كيف انطلقت القاعدة من الخرطوم لتأسيس شركة استيراد في كينيا للاتجار في الجواهر وغسيل الاموال .
لعنات الانقاذ ، هل هي بعض من دعاء بن لادن عليهم ؟
تداول الاعلام تصريح بن لادن الأشهر عند طرده (لقد غدر بنا في السودان من الذين أحضرونا وسوف يمكر الله بهم). كثير من قيادات القاعدة عارضوا فكرة الهجرة لأرض الميعاد الاستوائية.بل ان المعارض السعودي ، محمد المصري، حذره علنا من السودان كخيار ، وتنبأ ( سوف يبيعونك يوما ما للسعوديين)!
بحسب افادة البروفسور ديفيد شن في كتابه ( القاعدة في شرق أفريقيا والقرن) ، ان بن لادن قال انه غادر السودان لأن الخرطوم لم تعد قادرة علي تحمل ضغوطات واشنطن !
ويتبقي السؤال ....هل أرضي طرده "أهل الاستكبار " ؟
نعلم ان الاجابة القاطعة هي لا ..وقد ظلت علي حالها "لا" منذ 1996 والي اليوم هذا ، 16 عاما بعد طرد بن لادن !
بعيدا عن الغيبيات ، بالامكان استمزاج ما قالوه وما فعلوه بعد اشهر قلائل .
بعد 4 أشهر من مغادرته سألت نيويورك تايمز ( 21 سبتمبر 1996) مساعدة وزير الخارجية للشؤون الافريقية سوزان رايس ، السفيرة الامريكية الحالية بالامم المتحدة " وهو منصب بدرجة وزير" تقييمها ،قالت ( باستثناء طرد بن لادن ، فان الامر لم تعقبه اي خطوات للتخلص من شبكته المالية ، لم يفعلوا شيئا أي شئ جدي أخر )!
بعد 6 أشهر قال ديفيد أتووي ، مراسل الواشنطن بوست ( 10 نوفمبر 1996) ان بن لادن غادر السودان الاان أمريكا تكترث بالامر كثيرا حيث قامت بدفع مبلغ 20 مليون دولار لجيران السودان ( اثيوبيا، ارتيريا ويوغندا ) ممن يساعدون الحركة الشعبية في حربها لاسقاط النظام !
وبرغم ذلك استمر الانقاذيون في الانكفاء والانبطاح ، والزحف علي أربع ، وماأجدي شيئا ..... !
**************************
للاطلاع علي مقالات الكاتب السابقة في ارشيف الراكوبة :
http://www.alrakoba.net/articles-act...cles-id-88.htm


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.