تعهد زعيم المتمردين في السودان ياسر عرمان بمقاومة حكومة عمر البشير في السودان، و محاربة الإسلام السياسي الذي يحكم البلاد، وقال في تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "ديلي مافريك" أنه على الرغم من سعادته بنجاح جنوب السودان في تحقيق ما كان يرغب فيه إلا أن ذلك بالنسبة له ليس نهاية المطاف.وتقول صحيفة "غارديان" البريطانية عنه "لا تبدو على ياسر عرمان زعيم المتمردين في السودان ملامح الزعيم، فهو ليس في مظهر تشي جيفارا، ولا يرتدي ملابس الحرب والقتال، ولكنه يرتدي بذلة داكنة وكرافيت رمادية، كما أن كرشه الكبير لا يتناسب مع مقولة أنه يمضي أكثر وقته في الخطوط الأمامية للقتال". و تشير الصحيفة إلى أسلوبه في القيادة، قائلة أنه يصدر أوامر بصوت عال، اعتقادًا منه أن هذا الصوت هو ما يقود، وما ينصاع له الجنود. و تضيف الصحيفة أن ياسر عرمان هو الأمين العام لكل من أحدث وأقدم حركة مقاومة، وهي الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال. وهي الأحدث لأنها تأسست العام الماضي، وهي الأقدم لأنها أحد افرع الحركة التي تحولت إلى الحزب الحاكم لجنوب السودان، والتي أصبحت تحكم بلدًا، كما أن معظم رفقاء عرمان في السلاح قد أصبحوا الآن وزراء أو رجال أعمال في الجنوب. لم تكن طموحات عرمان تنحصر في تحرير الجنوب، وإنما كانت تحرير السودان كله من النظام الحاكم في الخرطوم، ولهذا السبب استطاعت أن تجذب مؤيديين لها من كافة أنحاء البلاد، وبعضهم من مديرية النيل الأزرق، والبعض الآخر من جنوب كردفان، وبالنسبة لهؤلاء فإن الحرب على النظام لازالت مستمرة. وفي أعقاب انفصال الجنوب قام عرمان وبقية من أفراد الحركة الشعبية لتحرير السودان في الشمال بتشكيل حزب جديد أطلقوا عليه اسم "الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال"، وجعلوا له جناح عسكري، وعلى مدى الثمانية عشر شهرًا الماضية قاموا بشن هجمات في إطار حرب أهلية ضد حكومة الرئيس عمر البشير. و تقول صحيفة "تلغراف" أن القتال في كل من جنوب كردفان والنيل الأزرق قد أسفر عن تشتت وتشريد ما يقرب من نصف مليون فرد، كما خلق أزمة على المستوى الإنساني في جنوب السودان، حيث تعاني الدولة الناشئة هناك من تدفق اللاجئين إليها. كما أن الحكومة السودانية في الخرطوم تمنع منظمات الإغاثة من الوصول إلى مناطق الصراع، كما تعرضت الحكومة السودانية أيضا لانتقادات دولية بسبب قيامها بشن هجماتها ضد الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بنفس الطريقة التي اتبعتها في دارفور، حيث القصف الجوي العشوائي بلا تمييز، ومهاجمة المدنيين، واتباع سياسية تدمير الأخضر واليابس، التي سوف تعيق عملية التنمية لعشرات السنين. وفي تلك الأثناء، لم يلتزم المتمردون الصمت والهدوء، فقد قاموا بشن عدة هجمات ناجحة ضد مواقع القوات الحكومية. ومن سوء طالع الحكومة السودانية قيام الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بتوحيد حركات المعارضة السودانية التي كانت منقسمة على نفسها على نحو لا يشكل أي تحد أو صعوبة لنظام عمر البشير، وذلك في إطار تحالف جديد اسمه "الجبهة الثورية للسودان"، يضم كل من "الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال" وبعض المتمردين من دارفور وبعض الفصائل السياسية في العاصمة السودانية الخرطوم ، وقد استغرق ذلك الكثير من الجهد والنقاشات الصريحة. ويقول عرمان أن تحالف "الجبهة الثورية للسودان" يعد بمثابة خطوة هائلة نحو المستقبل، وقال أنه ليس بتحالف تكتيكي، وإنما هو تحالف عسكري وتحالف سياسي، وأن الهدف هو أن يتحول إلى تحالف استراتيجي، على النحو الذي قام به المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا، ولكنه لن يكون نسخة مطابقة له، وإنما سوف يستعين بالدروس المستفادة من هذا النموذج، وميثاق الحرية الذي صدر عام 1955، من أجل تحويل السودان إلى سودان ديموقراطي موحد وعلماني، أي إلى سودان جديد. وقال أيضًا أنهم لن يستطيعوا الانتظار حتى تنقض عليهم الخرطوم وتقضي عليهم. وأضاف قائلاً "إن الهجمات المنسقة التي تشنها الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال في "الجنوب الجديد" وفي دارفور قد ألحقت أضرارًا بالجيش السوداني، وشتت شمل قواته". و تقول الصحيفة أن تحالف المقاومة الجديد يشكل إزعاجًا خطيرًا للحكومة في الخرطوم، التي كانت تعتمد في السابق على سياسة فرق تسد، حتى تتمكن من احتواء المعارضة السودانية. يذكر أن السودان بلد منقسم بطبيعته مثله في ذلك مثل بقية الدول الأفريقية، فهو يضم 570 جماعة عرقية، تتحدث ما يقرب من 130 لغة مختلفة، وأن احتمالات نشوب صراعات وحرب أهلية تظل قائمة بصفة دائمة. ولهذا فإن عرمان يرى أن السودان بحاجة ماسة إلى مشروع قومي يجمل كل هذه الأشتات في كيان واحد، وقد تأسس هذا المشروع القومي في القومية العربية أو الجامعة الإسلامية. و يقول عرمان أن ما يوحد السودانيين ليس الإسلام أو المسيحية أو أي ديانة أفريقية، وإنما لكونهم سودانيين. كما انتقد محاولات تصوير الصراع في السودان على أنه صراع بين مسلمين ومسيحيين، أو بين الشمال و الجنوب، أو بين العرب والأفارقة. كما أعرب عرمان عن قلقة إزاء العلاقة التي تربط الدولة في السودان بالإسلام، وقال أنه يتطلع إلى دولة علمانية تفصل تمامًا بين الدين والدولة، وهي دعوة ترفضها تمامًا الحكومة السودانية ذات التوجهات الإسلامية. وقال أن مشكلة الأسلام السياسي لا تقتصر على السودان وحده، فهي منتشرة في أنحاء القارة الأفريقية. وأضاف أن العديد من الزعماء الأصوليين قد وجدوا لأنفسهم الملاذ الآمن في الخرطوم، ومن بين هؤلاء زعيم تنظيم "القاعدة" الراحل أسامة بن لادن، وزعيمها الحالي أيمن الظواهري. وقال أيضًا أن التحالف الجديد من شأنه أن يشكل جبهة لمحاربة الإسلام السياسي، ويكون بمثابة شريك في الحرب على "الإرهاب"، الأمر الذي سيمنحه الدعم والانتباه الدولي. كما أعرب عرمان عن رغبته في إعادة توحيد السودان من جديد، وخلق ما أسماه "الاتحاد السوداني"، الذي يجمع بين الجنوب والشمال، والذي يعمل على أساس دولتين تتمتعان معًا بالاستقلال.