وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الامارات .. الشينة منكورة    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالم الجريمة التاريخية لتعلية الروصيرص : تشريد السكان وتلويث البيئة ونشر الامراض والنزاعات القبلية
نشر في سودانيات يوم 28 - 11 - 2012


[b]
معالم الجريمة التاريخية لتعلية الروصيرص : تشريد السكان وتلويث البيئة ونشر الامراض والنزاعات القبلية
(حريات)
كشف الأستاذ شكر الله أحمد علي – الناشط المدني من ولاية النيل الأزرق – في ندوة ل(حريات) 22 نوفمبر – معالم الجريمة التاريخية في حق شعوب الولاية الناجمة عن تعلية خزان الروصيرص .
وشارك في الحديث بالندوة المك عبيد أبوشوتال والأساتذة مأمون حماد الامين ، صلاح مصطفى محمد شعبان ، عباس كارا، حسن نصر ، داؤود ادريس ، مبارك عبد الرحمن وترايو احمد على ، والذين سنورد إفاداتهم غداً بإذن الله تعالى .
وقال الإستاذ شكر الله ان وحدة تنفيذ السدود أهدرت العدالة بتشريدها (120) ألف من مواطني النيل الأزق (... تفتقت عقلية الانقاذ الاجرامية فى استخدام المياه لاجبار السكان على الرحيل القسرى فتم قفل كل ابواب السد لتغمر مياه البحيرة كل القرى حولها حيث يعيش اكثر من 120 الف من المتاثرين. وامام مياه البحيرة المتدفقة بقوة والتى هاجمت القرى بوحشية لا مثيل لها لم يجد السكان سبيلا سوى الفرار من قراهم لانقاذ حياتهم وحياة اطفالهم تاركين خلفهم معظم امتعتهم وممتلكاتهم وسط المياه).
وأوضح شكرالله بمعلومات دقيقة وعميقة الآثار البيئية والإجتماعية الخطيرة للتعلية ، من تلويث للبيئة وإغراق للاراضي وتجريف للشواطئ ونشر للأمراض كالبلهارسيا والملاريا والنزلات المعوية ، إضافة إلى تغذية النزاعات القبلية وطمس الهوية وإغراق الآثار التاريخية ، مستنتجاً بأن سلطات حكومة المؤتمر الوطنى تريد الموارد الطبيعية بدون البشر ، ولا تتورع في ذلك عن إبادتهم بتدمير مصادر عيشهم وإقتلاعهم من جذورهم الإجتماعية وشن الحرب عليهم وتشريدهم قسرياً إلى معسكرات اللجوء والنزوح .
( نص افادة الاستاذ شكرالله احمد على ادناه ):
يهدف هذا العرض عن خزان الرصيرص الى كسر حاجز الصمت والتعتيم المتعمد الذى ضربته السلطة فى الخرطوم على الاثار الكارثية لخزان الرصيرص وحقوق المتاثرين من تعلية الخزان ضمن مؤامرتها الكبرى التى تستهدف شعوب النيل الازرق لنهب مواردهم وطمس هويتهم ومحوهم من الوجود كما قصدنا ان نكشف بها زيف الاحتفالات التى تجرى هذه الايام فرحا باكمال المشروع واخرها زيارة النائب الاول لرئيس الجمهورية على عثمان طه الى الدمازين والتى تاتى كحلقة جديدة فى مسلسل الخداع والاحتيال وتسويق الوهم الذى تنتهجته وحدة تنفيذ السدود منذ بداية تنفيذ تعلية خزان الرصيرص للالتفاف على حقوق المواطنين والذى تمكنت بموجبه من الانتهاء من التعلية دون الايفاء باستحقاقات السكان المحليين والى تمخضت عن مشروعات بائسة للتوطين وخدمات ضعيفة ومنازل هشة سيئة التصميم اوكل امر تنفيذها فى عطاءات مشبوهة الى شركات وهمية وفاسدة تابعة لنافذين كبار فى الدولة وهى بحق لا تصلح لسكن البشر ويتوقع انهيارها جميعا خلال عام او اثنين وتصدع بالفعل العديد منها قبل استلامها وتطاير بعضها فى الهواء حتى قبل ان يصل اليها ساكنيها كما حدث فى كرمة فى مايو الماضى.
منبر تعلية خزان الرصيرص
تعود معظم الافكار التى يتضمنها هذا العرض الى الجهد الذى قام به ناشطون من ابناء النيل الازرق الذين اسسوا فى صيف العام 2008 (منبر تعلية خزان الرصيرص) بمركز شباب الرصيرص بعد ان عجزت وحدة تنفيذ السدود فى القيام بواجبها برعاية منابر الحوار والبحث وورش تبادل الراى قبل الشروع فى قيام التعلية وسارعت عمليا فى تنفيذ رؤيتها الاحادية القاصرة دون الاعتبار الى راى شعوب النيل الازرق والمتاثرين من التعلية.
وقد نبه المشاركون فى المنبر الى مخاطر السد والى المنهج التامري الذى تسير فيه وحدة السدود التى تتعمد اقصاء المتاثرين واهل الولاية اجمعين وتفرض سياجا اعلاميا وامنيا على قضاياهم الحيوية وتوصلت هذه المجموعة فى ذلك الوقت المبكر الى الحقائق التالية:
مستوى الشفافية ضعيف ومعدوم والحصول على المعلومات التى تخص السد ممنوع حتى على الجهات الرسمية بالولاية.
لا توجد برامج ولا خطط لمشاركة الذين يتحملون مخاطرتنفيذ التعلية وتم اقصاء متعمد لمؤسساتهم الرسمية والشعبية كالمجلس التشريعي الولائي والمجالس المحلية والادارة الاهلية والمختصين بالولاية فى الوزارات المختلفة كوزارة الزراعة الولاية والحكم المحلى... الخ من المؤسسات المختصة بالولاية
التقييم البيئى مجهول واذا وجد فهو لم يستوف الشروط المطلوبة ولا يعدو كونه تبريرا لقيام التعلية.
لا يوجد تعريف شامل وواضح للمخاطر وتم حصرها فى المناطق التى تغمرها البحيرة ليتم تجاوز المخاطرالتى تقع على المجتمعات اسفل النهر والمجتمعات المضيفة للمرحلين وغيرها.
برامج اعادة التوطين مبهمة ولا تستند الى اى نوع من الدراسات وصفحاتها بيضاء لم يكتب عليها حتى مواقع اعادة التوطين والتى ظلت مجهولة.
لا توجد برامج ولاخطط ولا ميزانيات واضحة محددة ومعروفة للمشاريع المصاحبة.
ولاية النيل الازرق ليس ضمن المستفدين من المياه والطاقة المنتجة من السد وتم اقصاء متعمد لشعوب النيل الازرق بشكل كامل من مشروعات المياه.
لا توجد خطط تدريبية ولا برامج لاستيعاب العمالة والكادرالمحلي فى انشطة السد.
لقد كان من الممكن لهذا المنبر ان يواصل اعماله ويساهم فى تفادى من الكثير من الكوارث التى سببها السد للسكان ولكن من المؤسف ان هذا الجهد المخلص قد ووجه بالقمع والارهاب فتم تهديد كل المشاركين فى المنبر بواسطة الاجهزة الامنية بالاعتقال والتعذيب وقطع الارزاق كما تم استدعاء الناشطين منهم الى مكاتب الامن وتعرضوا الى استجوابات طويلة ومذلة انتهت بتعهدات تحت التهديد بايقاف نشاط المنبر وعدم التطرق الى السد.
لقد ضربت وحدة تنفيذ السدود ستارا حديديا على اثار السد وحقوق السكان واصبح الحديث عنها من المحرمات وكانها اسرار عسكرية يحظر الاقتراب منها ليس فقط على المجتمع المدنى والاهلى وانما ايضا المؤسسات الرسمية بالولاية فتم اقصاء ممنهج للمحليات ومجالسها التشريعية والوزارات والادارات المختصة بالولاية وحتى المجلس التشريعى الولائى رغم خضوعه التام الى سياسات المؤتمر الوطنى لم يتمكن حتى اليوم من الاطلاع على وثائق السد دع عنك مناقشتها واتخاذ قرارات بشانها وفضل ممارسة الصمت الذى تعود ان يتوارى خلفه خجلا وخوفا على الامتيازات والمناصب كما واجهت وحدة تنفيذ السدود بقوة كل المبادرات التى حاولت الاقتراب من منطقة السد المحرمة وتم ايقافها عند بداياتها مثل ما حدث للجنة التى كونت من المجالس التشريعية لمحليات الرصيرص وقيسان والدمازين لمتابعة حقوق المتاثرين وهى المحليات الاكثر تاثرا بالتعلية تم تهديدهم بالاقصاء من عضوية المجلس بواسطة احمد كرمنو نائب الوالى ورئيس المؤتمر الوطنى بالولاية اما اللجنة المكونة من معتمد محلية الرصيرص محمد يونس بابكر ورئيس المجلس التشريعى المحلى حاج الطاهر ابوبكر ونائبه ادم يوسف والتى تكبدت مشاق السفر الى الخرطوم لمقابلة الوزير اسامة عبدالله فكان مصيرها الازدراء والسخرية والاساءة ايضا. فقد حرصت وحدة تنفيذ السدود على واد اى محاولة لمناقشة قضايا المتاثرين الحيوية مستخدمة فى ذلك كل الاساليب بما فيها الاساليب الفاسدة التى برع فيها اهل الانقاذ وجارتهم فى ذلك حكومة الولاية التى صارت طوع بنان وزارة السدود وتسبح بحمد وزيرها اسامة عبدالله رجل الانقاذ القوى الذى لا يتوانى فى توزيع المغانم والنعم على المتعاونين مع مخططه الجهنمى كما اصبحت وزارة التخطيط العمرانى بالولاية بقيادة وزيرها احمد كرمنو نائب الوالى ورئيس اللجنة العليا لتعلية خزان الرصيرص فى ذلك الوقت ثم وزيرها فيما بعد محمد سليمان جودابى الذى ابتعثته الخرطوم خصيصا لتنفيذ مخططاتها الاجرامية بالنيل الازرق المركز الرئيسى الذى فيه تحاك المؤامرات التى تهدف الى الالتفاف على حقوق المواطنين والتنصل منها.
استثمار الحرب للتنصل النهائى من استحقاقات السكان
لقد استثمرت حكومة المؤتمر الوطنى حالة الحرب التى فرضتها على الولاية وما تبعها من تصفية للمؤسسات الشرعية والمنتخبة وتعيين حكومة وصاية عسكرية من خارج الولاية لاكمال مخططاتها الجهنمية والتنصل نهائيا من استحقاقات السكان فى التعويض واعادة التوطين والتنمية المصاحبة كما استغلت حالة الطوارىء لمواجهة السكان المحتجين والمطالبين باكمال الحد الادنى من الحقوق المتفق عليها بالقهر والعنف والاكراه والذى بلغ مداه عندما تفتقت عقلية الانقاذ الاجرامية فى استخدام المياه لاجبار السكان على الرحيل القسرى فتم قفل كل ابواب السد لتغمر مياه البحيرة كل القرى حولها حيث يعيش اكثر من 120 الف من المتاثرين. وامام مياه البحيرة المتدفقة بقوة والتى هاجمت القرى بوحشية لا مثيل لها لم يجد السكان سبيلا سوى الفرار من قراهم لانقاذ حياتهم وحياة اطفالهم تاركين خلفهم معظم امتعتهم وممتلكاتهم وسط المياه. لقد اجبرت ادارة السدود المواطنين على قبول الامر الواقع دون تعويضات ودون توفير الترحيل كما اجبرتهم على السير على الاقدام قسرا وسط الاوحال والامطار المتواصلة الى المواقع الجديدة التى تفتقر الى خدمات الطرق والتعليم والصحة والمياه التى لم تكتمل حتى اليوم وتعانى منازلها من انعدام الاسوار ودورات المياه وتحولت (ليلة القدر) التى بشر بها الرئيس (بعد رقصته المشهورة) مواطنى الولاية فى مخاطبة عامة بمدينة الرصيرص فى منتصف اعسطس 2008 الى كابوس وماساة انسانية حقيقية وواحدة من ابشع جرائم التشريد القسرى وانتهاك حقوق الانسان فى السودان ووجه اخر من حملة الابادة المنظمة التى تستهدف استئصال شعوب النيل الازرق ومحوها من الوجود.
وكان المواطنون قد رفعوا مذكرة الى السلطات مطالبين بتاجيل ترحيلهم الى ما بعد الخريف الذى يعتمد عليه السكان فى معاشهم وهومصدر الزرق الوحيد اضافة الى صعوبة الحصول على الترحيل واستحالة التنقل فى فصل الخريف فى تلك المناطق المطيرة والمعزولة ذات التربة الطينية الثقيلة اضافة الى ان المواقع الجديدة نفسها تغمرها مياه الخريف بسبب الاختيار السىء للمكان ونتيجة لسياسة الاقصاء للمجتمع الذى كان يصرخ على الدوام بان بعض المدن يقع فى اماكن منخفضة وغير صالحة للسكن كما طالبوا باكمال الخدمات خاصة المياه وخدمات الصحة والتعليم والتى لم تكتمل حتى اليوم حيث بلغ سعر برميل المياه فى ود الماحى مثلا 10 جنيهات وتم نقل المياه بالتناكر لاستقبال نائب رئيس الجمهورية اضافة الى عدم اكمال الخدمات التعليمية حيث ظلت المدارس مغلقة حتى اليوم رغم ان العام الدراسى بدا فى بقية الولاية فى يوليو الماضى لمدارس المجموعة (ا) واول اكتوبر الماضى لمدارس المجموعة (ب) نتيجة لعدم توفر المعينات الدراسية للمدارس وهو ما ينطبق ايضا على الخدمات الصحية حيث ظلت المراكز الصحية مغلقة دون ادوية وكادر طبى واجهزة طبية ويعانى المواطنون الذين يعيشون فى منازل بدون اسوار ومراحيض من ظروف صحية بالغة السوء بسبب البعوض والذباب الذى وجد فى مياه الامطار الراكدة داخل المواقع الجديدة بيئة مناسبة للتكاثر والانتشار وامعانا فى التزييف والنفاق تم اكمال الاسوار وبعض الخدمات فى كرمة (1800 اسرة) والرقيبة (1800 اسرة) وهى من المواقع الصغيرة واعدت خصيصا لاستقبال الاحتفالات والصحفيين . وفى ود الماحى (3600 اسرة) اكملت فقط اسوار المنازل التى تقع على الشارع الرئيسى لايهام العابرين على الطريق ان المدينة مكتملة ولاخفاء مناظر السكان الصادمة وهم فى العراء بدون اسوار.
كما احتج المواطنون بشدة على عدم صرف التعويضات واضعين فى اعتبارهم تجربة التعويضات بسد مروى التى مازالت تراوح مكانها اضافة الى وجود شكوك قوية حول نية الحكومة للتحايل على هذه التعويضات التى لم يتم حتى الان نشر كشوفات مستحقيها كما لم يتم تقييم للمغروسات والمبانى.
لقد ادمنت وحدة تنفيذ السدود الكذب وتنكرت لكل الوعود التى تحتال بها على السكان وقد سبق و التزمت فى العام 2008 وامام موجة الاحتجاجات التى بدات فى النمو فى ذلك الوقت بانها لن ترفع (معلقة ) واحدة من الخرصانة لبناء السد قبل وفائها بكامل استحقاقات التعويض واعادة التوطين والتنمية المصاحبة وادعت ان كل ما تقوم به فى ذلك الوقت لا يعدو كونه ترتيبات اعدادية اولية وعندما تنكرت لوعدها وشرعت بالفعل فى تشييد الجسم الخرصانى قطعت وعدا جديدا لامتصاص غضب المواطنين الذين انتابتهم الشكوك فى نيتها للغدر بهم اكدت اكتمال الاستحقاقات فى نوفمبر2010 ثم استبدلته بنوفمبر 2011 وفشلت فيه ايضا ولكن عند اكتمال الجسم الخرصانى فى يوليو 2012 طلبت فورا من السكان مغادرة قراهم الى المواقع الجديدة الغير مكتملة وعند احتجاجهم ورفضهم اغرقتهم بالمياه فى سبتمبر 2012 اى بعد شهرين فقط من اكمال السد وسط ذهولهم وذهول كل المتابعين لهذه الماساة الانسانية وهاهى تعود اليوم لتقيم الاحتفالات والكرنفالات وتصلى صلاة الشكر (للانجازالعظيم )وسط اشلاء ضحاياها غير عابئة بالامهم وتاوهاتهم.
وتؤكد التجارب الماثلة فشل كل مشروعات اعادة التوطين فى العالم حتى الجيدة التصميم والتنفيذ وهو ما توصلت اليه المفوضية العالمية للسدود التى اجرت دراسة معمقة لاربعين حالة اعادة توطين فى العالم بسبب السدود وهو ما نعايشه اليوم بالتجربة العملية فى مشروعات اعادة التوطين الاكثر فشلا فى السودان فى جبل اولياء وخشم القربة واخيراً مروى والتى سببت الما كبيرا لضحاياها الذين انتهكت حقوقهم ولكن الحقيقة الاليمة ان ما يحدث فى النيل الازرق اكثر فظاعة وقسوة فمشروعات اعادة التوطين التى بدات فى العام 1938 فى جبل اولياء لم يخطر ببال السلطات ان تعاد او يطبق ولو جزء يسير منها فى الرصيرص عند مرحلته الاولى فى منتصف الستينات دع عنك ان تطور بحكم فارق الزمن حيث ان حالة الرصيرص اتت بعد ربع قرن من التجربة الاولى ولكن وبطريقة فيها كثير من الظلم حتى بمعايير ذلك الزمان . تم طرد السكان الذين غمرت المياه قراهم واجبروا علي حمل اطفالهم ليذهبوا حيث يشاء القدر فهاموا فى الغابات والاحراش دون مساكن او خدمات او مشروعات للاعاشة وتشتت بهم السبل. واليوم يعاد انتاج نفس الازمة ويفقد المتاثرون بتعلية خزان الرصيرص حتى المستوى البائس لتجربة مروى التى شهد العالم كله على فظاعتها ولكن بالمقارنة بين التجربتين نجد ان ما يحدث فى الرصيرص اكثر فظاعة وبشاعة رغم ان تجربة تعلية الرصيرص الاخيرة لاحقة لتجربة مروى والتى كان من الممكن الاستفادة منها لتفادى الاخطاء وتطوير الاداء. لقد توفرت لحكومة الانقاذ فرصة من ذهب لتفادى اخطاء الماض وجبر كسر الضحايا فى النيل الازرق خاصة ان سد الرصيرص قائم منذ نصف قرن ورفد الخزينة العامة للدولة بموارد مهولة ولكنها للاسف اهدرت الفرصة وسارت على نفس الطريق القديم الذى تحكمه العقلية العنصرية للنخب الحاكمة فى السودان والتى تنظر باستحقار لشعوب النيل الازرق فمنحتهم من الظلم مكيالين.
بدات المفارقة بان خصصت وحدة السدود فقط ثلاثة عشر مليون دولار كاستحقاقات للتعلية ورفعت بعد ضعط واحتجاجات السكان الى مائتين واربعين مليون دولار فى الوقت الذى خصصت فيه اكثر من مليار ونصف دولار الى استحقاقات مروى واذا قارنا على سبيل المثال برامج التنمية المصاحبة خصص لمروى اكثر من ثلاثة عشر مشروعا شملت اربعة طرق من الاسفلت احداها 176 كيلومتر وسفلته كاملة لكل الطرق بمروى واربعة كبارى ومستشفى صخم لا يوجد له مثيل فى السودان ومطاردولى فى حين نفذت بالنيل الازرق طريقين ترابيين وغير مطابقين للمواصفات احدهما 45 كيلومتر والاخر 78 كيلومتر ورفضت حتى صيانة الكبرى القديم والوحيد الذى يربط شرق الولاية بغربها والايل للسقوط وانهارت بالفعل عدد من الاعمدة التى تحمله نتيجة لعدم الصيانة التى لم يتذوقها منذ خمسين عاما اضافة الى ازدياد الضغط عليه وتمر عليه يوميا الاف السيارات بما فيها الشاحنات العملاقة التى تحمل محصولات الشركات الكبيرة وشاحنات الكروم الثقيلة ومتوقع ان يسبب الكبرى كارثة صاعقة فى القريب العاجل ما لم يتم تدارك الامر بالسرعة المطلوبة.
خزان الرصيرص الدور الكبير فى اعادة انتاج التخلف
ان خزان الرصيرص هو احد الانشطة الاقتصادية التى تسببتت بشكل واضح فى التطور الغيرمتوازن فى السودان والذى عانت منه النيل الازرق ومناطق اخرى . هو مصدر رئيسى للتوترات الاجتماعية والسياسية وتسبب فى جر البلاد الى هاوية الحروب الاهلية وخلق سودانين ومهدد لوحدة ما تبقى من البلاد. ان هذا التطور المشوه الذى سار علية السودان واصبح احدى صفات نموه الاقتصادى لم يحدث نتيجة للصدفة او لان المناطق التى نمت كانت اكثر قدرة للعطاء والعمل والفهم، او لان المناطق التى تاخر نموها اهلها كسالى وفشلوا فى تطوير مناطقهم لعجزهم عن بذل الجهد الكافى للنمو وعدم درايتهم بالطرق والاساليب العلمية للتطور، فهذا التحليل بجانب عنصريته ومجافاته لحقائق التاريخ وبعده عن العلمية وخلطه الفاضح لاسباب التخلف ونتائجه فهو يدخل فى باب الايديولوجيا التى ترفعها النخبة الحاكمة فى السودان لتبرر به ما ارتكبته من جرائم فى حق هذه المناطق واهلها وتتنصل به من مسؤليتها عن التشوهات التى حاقت بالاقتصاد والمجتمع فى السودان واذا وضع هذا النمو فى سياقه التاريخى فهو نتيجة طبيعية للنشاط الاقتصادى الذى ساد السودان فى القرنين الماضين, فقد كان السودان وحتى بداية القرن التاسع عشر فى مستوى شبه متقارب من حيث النمو الاقتصادى والتطور الاجتماعي وان القوى المنتجة وعلاقات الانتاج كانت على درجة واحدة من التطور عدا تفاوت نسبى محدود وغير مؤثر هنا وهناك ولكن سيادة علاقات التبادل الغير متكافئة هو الذى رسخ لقيام تشكيلة اقتصادية واجتماعية فى السودان اساسها العلاقة بين المركز والهامش وهى السبب الذى يحرم على الدوام اقتصاديات الهامش من النمو والتطوروالعافية ومن تقدمها الا بمقدار ما يقوى علاقات التبعية والتهميش. فالتبعية والتهميش ليست كلمات مرادفة للتجاهل ولكنها مجموعة العلاقات التى حولت الهامش الى تابع ذليل للمركز يدور حوله ويغذيه باسس التراكم والنمو وبينما لا يملك الهامش وهو المنتج الحقيقى للفائض الاقتصادى سوى ان يستجدى الضروريات فالتبعية مفهوم مناقض للندية والمساواة فحين تعنى الاخيرتان التبادل العادل للخيرات والمنافع والتكامل المبنى على المصالح المشتركة لا تعنى التبعية سوى الاستغلال والاذعان والتهميش.
ان نزيف الفائض الاقتصادى التى تتعرض له النيل الازرق طوال عقود من الزمان يحدث بعدة طرق منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مباشر فالنظرة الفاحصة الى علاقلات التبادل الغير متكافىء والتى تحكم مجمل علاقات التبادل السلعى والنقدى التى تحدث داخل كل النشاط الاقتصادى للولاية والدراسة الجدية للسياسات النقدية والاقتصادية سيكشف الوجه الاخر للتطور الغير متوازن الذى راحت ضحيته النيل الازرق ويفضح اسبابه وجذوره . وسيكشف كيف ان مجتمعاتنا حرمت من ثمار مواردها الطبيعية وجهد العمل الذى بذلته طوال العقود الماضية . وقد كان خزان الروصيرص اهم هذه الانشطة الاقتصادية والتى ساهمت بشكل مباشر فى خلق التنمية الغيرمتوازنة بمساهمته المباشرة فى نمو الزراعة والصناعة والخدمات فى مناطق المركز. فالزراعة المروية التى نمت واعتمدت بشكل كبيرعلى المياه المخزنه فى خزان الرصيرص ساهمت بدورها فى نمو قطاع النقل والقطاع الصناعى وقطاع الصادر والوارد والمصارف والتامين الخ من الانشطة الاقتصادية المختلفة التى ساهمت بشكل كبير فى تحسين نوعية الحياة وايجاد فرص العمل وفى رفد الخزينة العامة بموارد مالية ضخمة خلال الاربعة عقود الماضية بما تدفعه هذه القطاعات من ضرائب على السلع والارباح والدخل بجانب الجمارك ورسوم الانتاج اضافة الى الرسوم الاخرى. وما حدث فى الزراعة ينطبق ايضا على الكهرباء المنتجة فى خزان الرصيرص التى ايضا ساهمت بدورها فى النموالاقتصادى وتحسين نوعية الحياة فى المركز واذا اضفنا الى ذلك الايرادات المباشرة للخزان من رسوم الكهرباء وخدمات المياه نجد ان الخرطوم استاثرت بموارد ماليه هائلة دون ان تلتفت الى المناطق التى تاثرت بالسد وتخزن المياه على ارضها.
فولاية النيل الازرق والتى كان من المفترض ان تكون المستفيد المباشرمن قيام الخزان حرمت من نصيبها فى ايرادات النمو التى خلقها قيام الخزان ومن الايرادات المباشرة للخزان نفسه وظل اقتصادها يعانى من شلل فى النمو والتطور وانعدمت الخدمات الاساسية والبنيات التحتية وقد صنفت من اكثر الولايات تخلفا فى السودان حيث ياتى ترتيبها فى القاع حسب مؤشر التنمية البشرية ( HDI) كما ان شعوبها تعيش تحت خط الفقر (73,2%) حسب مؤشر الفقر(HPI)) وان (23,7%) فقط يحصلون على مياه نظيفة ومعدل الامية (76,2%).
كما حرمت الولاية ايضا من مشروعات الرى المروى وهى الولاية الوحيدة فى السودان التى تقع على النيل التى تم استثناؤها ولا يوجد بها مشروع واحد للرى المروى مع مفارقة انها تحمل على ظهرها كل المياه التى تروى الزراعة فى السودان كما حرمت ايضا من الكهرباء التى لا تغطى سوى جزء من مدينتى الدمازين والرصيرص ويعم الظلام كل الولاية ولا يتجاوز عدد المشتركين فى خدمات الكهرباء حتى العام العام 2011 ثلاثة عشر الف مشترك رغم انف ال 1200 ميقاواط التى ينتجها الخزان ورغم الزيادة الكبيرة فى الانتاج الكهربائى التى حدتث بسبب التعلية والبالغة 1800 الا ان وزارة السدود اكتفت بتوصيل الكهرباء جنوب السد وفقط فى المناطق حول البحيرة بينما تركت متبقى الولاية فى اظلام كامل.
من الجانب الاخركان الخزان خصما على موارد الولاية الطبيعية فقد اقتطع مساحات واسعة من الغابات والمراعى والاراضى الزراعية والجروف والاطيان اضافة الى حقول تعدين الذهب بعد ان غمرتها المياه جنوب السد اما شمال الخزان فانجرفت الجزر وتلاشت الجروف وحدث تاكل كبير فى الشواطىء تدمرت بسببه الجنائن وانقرضت الاسماك والاحياء المائية الاخرى, لقد دمر الخزان الاقتصاد الطبيعى والمعيشى لانسان النيل الازرق دون توفير البديل المناسب, ففى الوقت الذى كان فيه الخزان يخلق النمو وفرص العمل ويرفد المجتمع بالموارد فى مناطق المركز من السودان كان يفعل فعله العكسى فى ولاية النيل الازرق لقد كان يخلق التخلف. فبتدمير الاقتصاد الطبيعى فقد الالاف سبل كسب العيش التقليدية وانخرطوا اما فى مهن هامشية ومهينة او اصبحوا بلا عمل مما زاد من حدة الفقر.
وقد فاقم الامر سوءا ان للخزان الكثير من الاثار السالبة وعلى راسها الامراض كالملاريا والبلهارسيا والتهاب الكبد والتيفويد والديدان وغيرها من الامراض المرتبطة بالمياه العذبة والضحلة waterborne diseases التى انتشرت واستوطنت وفتكت بالسكان واصبحت عبئا جديدا على مواردهم الشحيحة والمعدومة اصلا وبسبب هذه الامراض فقد الالاف ارواحهم وضاعت منهم الملايين من ساعات العمل على فراش المرض والتى كان يمكن ان تساهم فى التطور والنمو الطبيعى لهذه المجتمعات.
وامام كل هذه الكلفة من المؤسف ان البعض ما زال يردد ان الطاقة المائية هى الارخص منطلقين من مواقف طبقية وعنصرية تستبعد التكاليف الاجتماعية والبيئية وتستبيح موارد هذه المجتمات وممتلكاتها غير عابئة بالنتائج الكارثية لعبثها ونظرتها الدونية للاخرين.
التنمية والعدالة وجهان لعملة واحدة
من الجيد بل من الواجب ان نفكر فى قيام وانشاء مشاريع للمياه والكهرباء ومن الجيد ايضا ان نعمل على زيادة العائد من التنمية ولكن من الخطا ان نفعل ذلك بنفس الطريقة التى ادت الى اهدار العدالة وافقرت اطراف السودان وصنعت التهميش وخلقت التخلف وقادت السودان الى دروب الحرب الاهلية وقذفت به الى المحرقة وهددت اساس وجوده. كما ان البحث عن تطوير العائد يتطلب تغييرا جوهريا فى كيفية صناعة القرارات والبحث عن رؤى جديدة واسلوب جديد يمكن من بناء الاجماع وينظر الى مشاريع المياه والكهرباء بطريقة اعمق تبحث بدراية فى البدائل المتاحة والممكنة وتعكس المعرفة بفوائد السد واثاره كما ان خزان الرصيرص الذى تصل سعته التخزينية الى سبعة مليارات ونصف متر مكعب عند تعليته والتى تساوى 2500 ضعف للمقياس العالمى الذى عرف السد الكبير بالذى يخزن اكثر من ثلاثة مليون متر مكعب من المياه كان يجب النظر فى امر تعليته بطريقة جدية تعطى الاعتبار الى مخاطر السدود الكبيرة والتى يدور جدل كثيف حول جدواها واثارها الكارثية على البيئة والعدالة الاجتماعية واستصحاب تجربة الخزان السابقة والتى امتدت الى نصف قرن من الزمان والاسترشاد بمعايير المفوضية العالمية للسدود (WCD) التى وضعتها كشرط لقيام السدود الكبيرة وتلك الورادة فى برنامج السدود ومشروعات التنمية (DDP) التابع للامم المتحدة والاستناد الى المواثيق والحقوق الدولية كمرجعية لا غنى عنها لحفظ حقوق المواطنين وعلى راسها الميثاق العالمى لحقوق الانسان والاعلان العالمى للحق فى التنمية 1986 (DRD) واعلان ريو حول البيئة والتنمية 1992. ولكن وحدة تنفيذ السدود ومع سبق الاصرار ولاسباب تعلمها سارت على الطريق الملتوية وصارت تتحايل على الحقائق للالتفاف حول حقوق المتاثرين بالاساليب الفاسدة واستخدام سياسة الامر الواقع واطلاق الوعود الكاذبة وانصاف الحقائق وفرض حظر وتعتيم على قضايا السد خاصة تلك التى تتعلق بحقوق السكان واستخدام الاساليب الفاسدة وتسخير الاجهزة الامنية للقمع والقهر.
تحقيق العدالة....... الاعتراف بالحقوق ......تقييم المخاطر
من المؤسف ان تعلية خزان الرصيرص تمت بالتضحية بالعدالة والبيئة مما اخرجها من كونها مشروعا تنمويا لسبب بسيط يعرفه كل دارس مبتديء لعلوم التنمية وهى ان المشروع التنموى لابد من ان يتكون من ثلاثة عناصر اساسية وهى ان يكون مجدي اقتصاديا وعادل اجتماعيا ومستدام بيئيا. هذه العناصر الثلاثة مجتمعة هى وحدة واحدة ولامجال لانفصام اى منها واذا حدث ذلك فانها تنتج مسخا سيكون له تداعيات كارثية فى الحاضر والمستقبل. فالعدالة هى احد اركان التنمية وتحقيقها يبدا بالقطيعة الصارمة والواضحة مع منهج الاحتياجات والذى تجاوزته علوم التنمية منذ زمن خلفها وتخطاه العالم فى القرن الماضى والاعتماد على المنهج الذى يتبنى الاعتراف بالحقوق وتقييم المخاطر فى كل مراحل السد بدا من التخطيط مرورا بالتنفيذ وحتى التقييم وذلك لتطوير وسائل التنمية وعائداتها وخلق الاجماع والقبول الشعبى والتقليل من احتمالات الجدل والخلاف فى الحاضر والمستقبل وخلق تنمية عادلة ومستدامة. فاذا كان منهج الاحتياجات يعنى التطلع الى المكاسب فان المنهج المبنى على الحقوق يعترف بتلك المكاسب ويقننها بالقانون والتشريعات ويفتح الطريق للحصول عليها فى النظام العدلى وبذلك يوفر الوسائل المناسبة التى تمكن من حل التناقضات الكامنة بين المجموعات والمصالح المتنافسة فى حال ظهورها استنادا الى القوانين المحلية والاقليمية والدولية.
مرجعيات تحقيق العدالة
ان تحقيق التنمية لا يتم الا بالاحترام الكامل للحقوق الاساسية الواردة فى المواثيق الدولية كشرط ضروري لمشروعات المياه والكهرباء والفشل فى ذلك سيقود حتما الى العديد من المخاطر السياسية والاقتصادية واهم هذه المواثيق :
1. الميثاق العالمى لحقوق الانسان.
2. الاعلان العالمى للحق فى التنمية ( DRD) الذى اصدرته الجمعية العامة للامم المتحدة فى العام 1986 الذى حدد المسؤليات عند تنزيل الاعلان العالمى لحقوق الانسان الى مستوى التنمية. وكسر الاعلان حاجز الفهم الفردى للحقوق وخرج به الى رحاب العلاقات بين المجموعات المختلفة فى المجتمع ومصالحها وعلاقتها مع الدولة لقد وضح الاعلان العالمى للحق فى التنمية دور الدولة فى ممارسة الحقوق والواجبات والمسؤوليات عند تخطيط وتنفذ المشاريع والبرامج التنموية والذى لابد ان يعكس الاعتراف بحق المجتمع ودوره فى اخضاع سلطات الدولة ومسؤولياتها له. وفى نفس الوقت يجب ان تخضع الدولة الى شروط الحكم الراشد كتلك الواردة فى الاعلان العالمى لحقوق الانسان وسيادة حكم القانون وحرية الحصول على المعلومات. ومن اهم المبادىء التى اشاراليها الاعلان :
ان التنمية اجراءات شاملة تقود الى التحسن الدائم والمستمر فى حياة كل السكان على المستوى الاقتصادى والمدنى والثقافى والاجتماعى والحقوق السياسية.
ان السياسات القومية للتنمية يجب ان لاتتم بدون مشاركة فاعلة وحرة وذات معنى لجميع المواطنين.ويتم التوزيع العادل للمكاسب الناتجة عن المشروع التنموى.
اكد على حق الشعوب فى السيطرة على مواردها وثرواتها الطبيعية.
3. اعلان ريوحول البيئة والتنمية الصادر من مؤتمر الجمعية العامة للامم المتحدة حول البيئة والتنمية 1992المنعقد بريودى جانيرو والذى اكد ليس فقط على اهمية العلاقة بين البيئة و التنمية انما ايضا على اهمية دور المجتمعات المحلية والمجموعات الاصلية وحقها فى تشكيل استراتيجية التنمية على المستوى القومى والمحلى ويحتوى الاعلان على 27 مبدا وتعرف بمبادىء ريو ويمكن ان نلخص بعضا منها:
المبد الاول يؤكد ان الانسان هو مركز اهتمام التنمية المستدامة.
المبدا الثالث يؤكد الاعتراف بحق التنمية ويؤكد انه يجب ان يتم بطريقة عادلة تعطى الاعتبارلحق للاجيال القادمة كما تعطيه للمشاركين الحاليين فى التنمية.
المبدا الرابع يؤكد على ان البيئة جزء اصيل من عملية التقدم فى التنمية وانها تشكل الحلقة المركزية فى اهداف هذا التقدم.
المبدا العاشر يشير الى ان كل المواطنين اطراف عند التعاطى مع الشئون البيئية ولابد من مشاركتهم فى صناعة القرار. هذه المشاركة يجب ان تصحب بحرية الحصول على المعلومات وبفرص البحث عن التعويض واصلاح الاخطاء فى حال عدم احترام المواثيق والاتفاقات.
المبدا الثالث عشريؤكد واجب الحكومات فى دفع التعويض عند حدوث دمار فى النظام البيئى وعليها ان تصدر من القوانين مما يمكن من تحديد المسؤولية القانونية.
المبدا الثانى والعشرون يؤكد الاعتراف بالدور الهام للمجموعات الاصلية والمجتمعات المحلية فى الادارة البيئية والتنموية وعلى الحكومات ان تعزز مشاركتهم الفعالة لتحقيق التنمية المستدامة.
التامر على التقييم البيئىء
لقد عملت وحدة تنفيذ السدود ومن البداية ليس فقط للتعدى على المبادىء الواردة فى اعلان ريو للتنمية والبيئة وانما ايضا على التامر على التقييم البيئء نفسه. فالمعلومات المتوفرة حاليا تؤكد ان لتعلية خزان الرصيرص كما للخزان نفسه الكثير من الاثار السالبة تحتاج الى تقييم بيئي للكشف عن هذه الاثار وعلى وضع حلول وبرامج فى كيفية معالجتها او التقليل من اضرارها. ولان هذه الاثار متعددة ومعقدة وعميقة فهى قطعا تحتاج الى تقييم بيئى جاد وعميق تقوم به استشارية ذات سمعة عالمية وعلمية مرموقة معترف بها وتمتاز بالنزاهة والاستقامة وان تكون لديها خبرات كافية وتجارب معروفة فى مجال التقييم البيئى للسدود. كما انه لن يكون ذا قيمة اذا لم يشارك فيه الجميع خاصة المتاثرين واصحاب الاختصاص فى المركز والولاية على ان تطرح فية كل الاراء المختلفة بحرية وشفافية وتعلن للجميع دون حجر لاحد. ولكن ما يثير الريبة حقا ويدعو للاسف ان التقييم البيئى لخزان الرصيرص اجرى فى الظلام بعيدا عن مشاركة المختصين والمتاثرين واهل المصلحة دون ان يدرى احد وتتكتم حتى الان وحدة تنفيذ السدود على نتائجه كانها اسرار عسكرية خطيرة .
وقد عهد بالتقييم البيئى الى شركة لامير الالمانية المشبوهه والمطرودة من التعامل فى السدود لتورطها فى جرائم فساد فى جمهورية لوسوتو حوكمت بسببها وادينت قضائيا وطردت من البلاد وقد قام البنك الدولى الممول للسد باجراء تحقيق مستقل توصل ايضا الى ادانة الشركة ووضعها فى لائحة الشركات السوداء التى يحظر البنك التعامل مها.
ان اهمية التقييم البيئى الجاد والمحترم تنبع من كونه يمثل الركن الاساسى فى اتخاذ القرار حول التعلية وفوق ذلك فهو شرط تضعه مؤسسات التمويل العالمية بما فيها البنك الدولى الذى قام بتمويل خزان الرصيرص وشركات الانشاءات لمشاركتها فى السدود. كما ان التحايل على اجرائه بالطريقة الصحيحة والمعروفة والتهرب من الاستحقاقات البيئية هو احد الاسباب التى تقف خلف تدهور العلاقات بين وحدة السدود والمنظمات المالية العالمية والشركات المرموقة وهو السبب وراء شراكتها الحصرية للصناديق العربية والشركات الصينية ذات السمعة السيئة فى التعامل مع البيئة.
من حيث التسلسل الزمنى يجب ان يكون التقييم البيئى قبل وقت كافى ومع نشوء الفكرة وقبل اخذ راى المختصين او المسؤلين او المتاثرين او المستفيدين من السد وذلك لان رايهم لن يكون ذا جدوى قبل ان يطلعوا على التقييم البيئى فهو يلعب دورا حاسما فى استمرارية الصرف على الدراسات الفنية والاقتصادية للسد .
وترافقت كثير من ظوهر عدم الكفاءة والتامر مع الكيفية التى وافقت بها الحكومتان الاتحادية والولائية على قيام تعلية خزان الرصيرص قبل ان ترى التقييم البيئى والذى ظل مكانه سرا حتى اليوم كما ان وحدة تنفيد السدود اختطت طريقا ملتويا اعتمد على الخم والكلفتة والسرعة بغرض التضليل لاخذ راى قادة الادارة الاهلية بغرض اضفاء شرعية كاذبة للتعلية متفادية الطريق السليم الى يبدا بتمليكهم التقييم البيئى اولا مع منحهم الوقت الكافى لدراسته بطريقة جادة ومناقشته بشفافية ووضوح وحرية مع اهلهم وجماهيرهم وعندها فقط يمكن ان يصدروا رايهم وقرارهم النهائى بشكل سليم .
نماذج من الاثار البيئية
وقد راكم العالم تجارب ثرة وكبيرة فى تقييم وادارة الاثار البيئية للسدود وكيفية درء مخاطرها وخرج بخلاصات مهمة وضرورية فى كيفية اجراء التقييم البيئى ومتى يقام ومن يقوم به والقضايا التى يجب ان يغطيها ويمكن حصر الاثار البيئية فى الاتى:
الاثار الناجمة عن ازالة الغابات والتركيبة العشبية نتيجية لبحيرة السد.
الاثار الفيزيائية والكميائية والمورفلوجية المتاثرة والمرتبطة بقفل النهر وتلك التى لها علاقة بالتوزيع الطبيعى للمياه والتدفق الزمنى النهر.
الاثار التى تؤدى الى تغير فى النمو الاحيائى الاولى للنظام البيئى بما فيها حياة النباتات على حوض النهر وضفتييه والحياة النباتية على الاراضى الرطبة الواقعة اسفل النهر.
الاثار على الاحياء المائية كالاسماك وغيرها والتى تنتج عن قطع الهجرات الطبيعية وهجرات التوالد اوتلك التى تنتج عن نقصان الكائنات الحيوانية والنباتية المعلقة والطافية فى المياه.
التلوث البيئى واوهام الطاقة النظيفة
ان اى تعديل فى النظام البيئى سيؤدى حتما الى تغير فى الدورة الاحيوكيميائية biochemical للنظام الطبيعى فى حوض النهر وضفتيه كما ان بحيرة السد التى تربك تدفق الكربون الطبيعى الى اسفل النهر تقود الى تصاعد غازات الانحباس الحرارى(greenhouse-gases) كغاز الميثان وثانى اكسيد الكربون والاكسيد النترى وهى غازات ذات تاثيرات ضارة على الطبيعة وعلى الانسان وتؤدى الى تدهورفى صحة الانسان والحيوان وتدهور فى الانتاجية الزراعية وتقود الى هشاشة فى النظام البيئى وتجعله اكثر عرضة للكوارث كالجفاف ، السيول والاعاصير.
لقد اثبتت التجارب العلمية ان حجز تدفق الكربون الطبيعى فى بحيرات السدود وخاصة تلك التى توجد فى المناطق المدارية يؤدى الى تصاعد كميات كبيرة من غاز الميثان وثانى اكسيد الكربون والاوكسيد النترى الامر الذى ينفى ما كان متعارف عليه عن نظافة الطاقة المائية فهى ضعف الغازات التى تتصاعد من الفحم وهو من اكثر انواع الطاقة سوءا واربعة اضعاف المتصاعدة فى الطاقة المنتجة من الغاز الطبيعى. ويتكون غاز ثانى اكسيد الكربون من :
تحلل المواد الطبيعىة التى تتدفق الى البحيرة فى فصل الخريف فالامطار والخيران تجرف الطمى ومتبقى الحشائش والاشجار وتغسل كل ما تجده فى طريقها وتدفع به الى بحيرة السد.
تحلل الاعشاب والحشائش التى تنمو وتموت فى حوض البحيرة فى فترة انحسار البحيرة وتمددها .
خروج البحيرة من المجرى العميق للنهر الى المرتفعات يؤدى الى تكوين المياه الضحلة حيث تنموالاعشاب المائية وتحتفظ البحيرة بثانى اكسيد الكربون الموجود بالجو الذى تحدثه عملية التمثيل الضوئى للشجيرات والاعشاب المائية.
وتكون البحيرة بهذا الوضع عرضة لتصاعد غاز الميثان وهو اكثر خطورة فاثاره الضارة تساوى 25 ضعفا لثانى اكسيد الكربون وتسببه البكتيريا التى تحلل المواد العضوية فى المياه فقيرة الاكسجين والتى توجد فى عمق البحيرة ومناطق الاطماء وتزداد فى المناطق المدارية. ويعتبر تصاعد غاز الاكسيد النترى هو الاكثر خطورة حيث تساوى اضراره 300 ضعفا لثانى اكسيد الكربون ويحدث من التحلل البكتيرى للنتروجين واكدت القياسات ان تصاعده ربما يقل فى المناطق الشمالية البارده ولكن هذه الكميات تزداد وتتضاعف فى المناطق المدارية. وتتصاعد هذه الغازات على طول سطح البحيرة ويمتد التصاعد اسفل النهر من خلال المياه المتدفقة من الابواب والمولدات.
لقد حصرت وحدة تنفيذ السدود اعترافها بمخاطر السد على المتاثرين بالبحيرة (فشلت ايضا فى الايفاء باستحقاقاتهم) ضمن نهجها فى التعدى على حقوق السكان المتاثرين واحتالت لاسقاط العديد من المخاطر التى يسببها السد وعلى سبيل المثال نذكر منها الاتى:
1. المؤامرة على المجتمعات شمال السد :
المجتمعات الموجودة شمال الخزان وهى من اكثر المجتمعات تضررا من السد ولكن تعتيما متعمدا قد جرى لحجب الاضرار التى تواجهها هذه المجموعات والتى تعتمد فى حياتها على تدفق مياه النهر كما تم ابعادهم عن كل القرارات التى تخص طبيعة السد وعن كل اللجان التى تناقش حقوق المتاثرين بما فيها اللجنة الاولى لزعماء الادارة الاهلية والتى جمعت على عجل بالكرمك فى صيف 2008 لاضفاء شرعية زائفة لتعلية الخزان واللجنة العليا التى كونت فيما بعد. ومن المؤسف ان المؤامرة على المجتمعات شمال الخزان والتى قادتها وحدة تنفيذ السدود وجدت سندا بالصمت بسبب التامر او الخوف او الجهل بحجم الاضرار التى ستدفعها هذه المجتمعات رغم استنادها على حجج واهية حين حصرت اثار التعلية واضرارها على المناطق الواقعة اعلى النهر والتى تغمرها مياه البحيرة. فهى بذلك تجافى الحقائق الماثلة والمعلومة عن السدود واضرارها وتناقض ما توصلت اليه علوم السدود الحديثة والتى تستند الى وقائع عملية وتجربة حقيقية لاكثر من اربعين الف سد والى خبرة تراكمية امتدت لقرون والتى تؤكد على خطورة المضار التى تحيق بالسكان اسفل النهر حين تشييد السدود وهو ما خلصت اليه ايضا المفوضية العالمية للسدود التى اشترطت قيام السدود بحفظ حقوق السكان اسفل النهركما ان التجربة الماثلة لخزان الرصيرص نفسه والتى امتدت لنصف قرن من الزمان والتى دفع فيها سكان هذه المناطق ثمنا باهظا تكفى لكشف حجم الضرر المتوقع لهذه المجتمعات والتى لم تجد من يذرف الدمع على تضحياتها او الاعتراف بخسائرها الغير محدودة دع عنك تعويضها او عمل التعديلات البيئية التى تخفف من حجم الضررالواقع عليها. فلقد تسبب خزان الرصيرص فى تاكل كبير فى شواطى النيل الازرق على طول المنطقة التى تقع اسفل الخزان والتهم مساحات كبيرة من اراضى السكان الزراعية ومساكنهم ايضا وهو ما اشارت اليه العديد من الابحاث العلمية والتقارير الدولية ومن بينها التقرير الذى اصدره برنامج الامم المتحدة الانمائى لعام 2008UNDP والذى اكد على التدهور الكبير الذى سببه خزان الرصيرص على نظم الاراضى الرطبة على النيل الازرق وذلك نيتجة لحجز مكونات المياه الطبيعية من طمى واشجار واعشاب وخلافه خلف السد والتى تعود النهر ان يرفد بها الشواطىء فى عملية ابدال طبيعية تخلق التوازن البيئى وتحفظ الشواطىء من التاكل والانجراف وبما ان النهر فى هذه المنطقة يمتاز بسرعة الجريان نتيجة لاندفاعة من علو الهضبة الاثيوبية مع الانحدار النسبى الكبير فى سطح الارض المكونة للمنطقة وعند السد حيث يفقد النهر مكوناته الطبيعية من الطمى والاشجار والاعشاب تتكون الظاهرة المرعبة والتى عرفت بالنهر الجائع (The Hungry River)والذى يعوض ما فقده من مكونات من اقرب الشواطى التى يمر بها.
وبسبب ذلك كما تؤكد الحقائق والتجربة العملية الماثلة امامنا اختفت من الوجود العديد من الجزر الواقعة قبالة قنيص والروصيرص وفقدت المتبقى منها نصف مساحته واكثر بسبب تاكل الشواطئ كما ان مساحات واسعة من الجروف والاراضى الرطبة فى الجرف والكرورى وود افودى وابوهشيم وحلة الحجر وساوليل وديوه وابوزور والطرفة وبدوس وغيرها من المناطق شمال الخزان قد انجرفت مع النهرالجائع الذى لم يكتفى بالجنائن والجروف والجزر فزحف على المساكن والتهم العديد منها وهدد بازالة قرى شانشا والدومة وحلة الحجر وود افودى وطيبة وابوزور ويكشف ايضا عن هذا الواقع الاليم العديد من المستندات والخرط وشهادات البحث لالاف الافدنة النيلية التى بحوزة العديد من المواطنين كانوا يملكون اطيانا حقيقية اصبحت الان مجرد اوراق ومستندات لا تسمن ولا تغنى ولكنها تقف شاهدا على الجريمة والحقوق التى كانت يوما ما.
وقد ازداد هذا الوضع سوءا بالحفريات التى جرت داخل المجرى الريئسى للنيل بالرصيرص ووقنيص بغرض توفير المواد المحلية لتشييد التعلية والتى تسببت فى عمل كارثة بيئية كبرى دفع ثمنها الالاف وستمتد اثارها الكارثية للمستقبل القريب والبعيد على السواء فادارة السدود التى ظلت تغمض عينيها عن الاثار البيئية لم تجد حرجا فى انشاء السد الترابى والجسم الخرصانى من المواد الماخوذه من داخل مجرى النهر رغم وجود البدائل المتاحة ووجود الجبال والاراضى الواسعة بالولاية والولايات المجاورة والتى كان من الممكن وبقليل من الجهد ان توفر بديلا مناسبا للمواد الخام التى يحتاجها تشييد السد وتغنى عن مخاطر الحفر داخل المجرى الرئيسى للنهر ولكنها للاسف تركت كل ذلك جانبا واخذت تحفر فى عمق النهر رغم احتجاج السكان المحلين لمخاطر التدخل فى النهر المقدس الذى يستمد منه الالاف اسس الحياة والبقاء ورغم تحذيرات المختصصين فى البيئة الذين كان مصيرهم الاستجواب داخل زنازين الامن والاستخبارات والانذار بالاعتقال والتعذيب وغيره من اساليب القمع واشارات التهديد بالويل والثبورالتى درجت الاجهزة الامنية استخدامها لكبت الاراء الحرة والشريفة فادارة السدود التى لا تريد ان تبذل جهدا وتقتات على حقوق الاخرين فى تشييد امجادها التى يطبل لها اعلام النظام فى الخرطوم وجدت فى الخرصانة الموجودة بالرصيرص وقنيص والتى لا تبعد سوى كيلومترات معدودة عن السد فرصة لتوفير الجهد والاحتفاظ بالمال غير عابئة باثار البيئية المدمرة التى سيخلقها عملها الطائش وغير المسؤول فدفعت باكثر من ستمائة قلاب كبير سعة 20 متر مكعب وعشرات اللودرات تعمل على مدار اليوم فى حفر النهر ونقل الخرصانات لتشييد الجسم الخرصانى بارتفاع عشرة امتارعلى طول الخزان والذى يحتاج الى 155 الف متر مكعب من الخرصانة المسلحة اضافة الى السد الترابى الذى تمت زيادته ليبلغ طوله 24 كيلومترا بدلا من 12.5 كيلومترا بكميات ردميات ترابية وصخرية بلغت 17 مليون متر مكعب.
وقد قاد هذا الوضع الى تعرية كاملة لقاع النهر مما تسبب فى الحرمان المباشر لكل المزارع الموجودة على الضفة الشرقية عند مدينة الرصيرص من المياه وتم الحكم عليها بالجفاف والفناء ودفع باصحابها الى الفاقة والفقر بعد ان فقدوا مصادر دخلهم وغذائهم كما تسبب فى الجانب الاخر فى جرف عدد من الجزر منها جزيرة النوحى التى فقدت عشرون فدان فى خريف واحد وجزيرة ام سدر التى اقتلعها النهر من القاع و اصبحت فى لمح البصر اثرا بعد عين كما تسبب فى تعرية الشاطى عند مدينة الرصيرص الامر الذى وضع مبانى تاريخية وسياحية وخدمية فى غاية الاهمية تحت خطر الازالة مثل مبانى المستشفى وبيت الشباب والسجن العمومى ومحطة المياه ومشتل الرصيرص والجنينة العامة واستاد الرصيرص وقد خاطبت محلية الرصيرص ادارة السدود منبهة للخطر الجاثم الذى يهدد المدينة فاكتفوا بالوعد بعمل كورنيش خرصانى لحماية المدينة دون تنفيذ.
وتسبب هذا الوضع ايضا فى تفاقم تلوث المياه التى يعتمد عليها السكان فى شربهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.