يتعرض السودان لأزمة اقتصادية طاحنة بسبب نقص حاد في العملة الصعبة بعد خسارة ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط بسبب استقلال جنوبه عام 2011. ومثلت إيرادات النفط مصدرا أساسيا للدخل في موازنة السودان وكانت توفر العملات الأجنبية المطلوبة لاستيراد السلع الحيوية كالغذاء والدواء. وتدهورت الأوضاع بشكل كبير في الأسابيع القليلة الماضية بعدما أطاحت التوترات الجديدة مع جنوب السودان بآمال استئناف صادرات النفط من الجنوب، وبإمكانية مرور النفط عبر السودان مقابل رسوم مرتفعة. وأوقف جنوب السودان إنتاج النفط قبل عام بعد تعذر الاتفاق على رسوم مرور النفط في خط أنابيب عبر السودان. ولم يتمكن السودان من وقف هبوط عملته الجنيه السوداني منذ أن فقد ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي حينما انفصل جنوب السودان في عام 2011، وأدى تراجع الجنيه إلى ارتفاع التضخم بنسبة 44 في المئة وأصبح حصول المواطن السوداني على الدواء أكثر صعوبة وأعلى كلفة. وهذا يزيد خطر تفجر الغضب الشعبي ويفاقم معاناة 32 مليون مواطن عاشوا عقودا من الصراعات العرقية والفقر والأزمات الاقتصادية. وكانت إيرادات النفط المصدر الرئيسي للإيرادات في الميزانية وأيضا مصدرا للدولارات اللازمة لتمويل واردات الغذاء الأساسية مثل القمح والسكر وإنتاج السودان ضعيف للغاية ولا يكفي لإطعام شعبه البالغ 32 مليون نسمة. ويقول اقتصاديون إن بنك السودان المركزي والبنوك التجارية يجدون صعوبة متزايدة في توفير دولارات تكفي السوق. وقد أجبر ذلك الراغبين في السفر للخارج والمستوردين على التعامل مع تجار السوق السوداء. وتوقع المحلل السياسي أنور سليمان، في حديثه "للأناضول"، أن تصل الأزمة الاقتصادية التي خفضت سعر الجنيه السوداني إلى7.8 دولار إلى "مراحل حرجة للغاية بحيث يعجز المواطن عن مواجهة تكاليف المعيشة لأن الدولة باتت تعتمد كليا علي الجبايات، "رخص - ضرائب - جمارك تحويلات." ورأى، أن "العلاقة بين المواطن والحكومة ستصل إلى مرحلة القطيعة ثم المواجهة، وهذه نتيجة حتمية لأن النظام لا يمتلك أي حلول ناجعة كليا أو جزئيا حتى". واتهم سليمان الحكومة ب"التسبب في توتر الأوضاع مع الجنوب".وتابع موضحًا؛ لأن هذه الحكومة أعجز من أن تحل أي مشاكل سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية، فالحزب الحاكم عبارة شلل (جماعات مصالح) وليس كتلة واحدة لها رؤية وقيادة واحدة تعمل لمصلحة البلاد. وحول تقديره لمجريات الوضع قال؛ ربما يكون عام 2013 هو العام الذي يغاث فيه السودانيون بعد طول عنت، إذ بات من الواضح تماما أن إنهاء المعاناة الاقتصادية والتردي العام والكبت والتضييق على الحريات يمر عبر بوابة إسقاط النظام.