ألمحت الخرطوم إلى تراجع ضمني عن رفضها المطلق للتفاوض مع متمردي “الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال" التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين لدولة جنوب السودان التي انفصلت من الشمال العام الماضي. ودرجت الخرطوم على إعلان رفضها الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحركة، مما قاد الوساطة الإفريقية لإرجاء التفاوض لمنتصف الأسبوع المقبل، وأكدت أن الحكومة أبدت جملة اعتراضات، على رأسها إيكال رئاسة وفد الحركة للأمين العام للحركة ياسر عرمان. ونسبت صحيفة “الصحافة “ إلى مصادر خاصة قولها إن فريقاً من الوساطة سيصل الخرطوم خلال اليومين المقبلين لعقد مباحثات اللحظات الأخيرة لإقناع الحكومة للجلوس في طاولة التفاوض. وذكرت أن الوسيط الأفريقي أبلغ الطرفين بضرورة إيقاف التلكؤ لتطويل عمليات التفاوض والجلوس لطاولة التفاوض من دون شروط. وكشفت المصادر ذاتها، أن الوساطة شددت على الطرفين ضرورة الدخول في جولة حاسمة تناقش القضايا السياسية والعسكرية والإنسانية كافة كحزمة واحدة، بجانب الإيقاف الفوري لعمليات إطلاق النار، لإبداء حسن النوايا لاستئناف التفاوض. وكانت الإدارة الأميركية جددت طرح شروطها لرفع العقوبات التي تفرضها على السودان منذ نحو عقدين. وطالب القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم، جوزيف استافورد، الحكومة السودانية بإنفاذ جملة من الاشتراطات، من بينها التفاوض مع “الحركة الشعبية - قطاع الشمال"، وإنهاء النزاع عبر الحلول السلمية من دون اللجوء للحل العسكري. وقال في تصريحات أدلى بها قبل يومين: «إذا توقفت الخرطوم عن دعم الإرهاب العالمي لمدة 6 أشهر متتالية، ودفعت بضمانات بعدم دعمها لأي أعمال إرهابية مستقبلاً، واتخذت خطوات فعلية لحل ازمتي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب الالتزام بشروط أخرى الحكومة على علم بها، فإن ذلك سيقود لحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب». وافاد ستافورد بأن تلك الشروط تمنع واشنطن من إجراء حوار مفتوح، وأكد استعدادها للعمل من اجل تحقيق سلام شامل بمناطق النزاع. ورداً على ذلك ألمح حزب المؤتمر الوطني الحاكم بزعامة رئيس البلاد عمر البشير إلى إمكانية الاستجابة لهذا الشرط، على الرغم من رفضه “الضغوط الخارجية" في هذا الجانب. وقال الأمين السياسي بالحزب حسبو محمد عبد الرحمن، عقب اجتماع القطاع السياسي أمس الأول، في تصريحات نشرت في الخرطوم، أمس: «سنذهب للحوار ولكن من دون تحديد كيفية الدخول». وأضاف: «ندخل وفق أجندتنا ووفق الموقف التفاوضي للحكومة، ونحن نحدد طريقة الحوار من دون إملاءات من جهة ثانية»، وأكد قائلاً: «ليس هناك منطق أن تحدد جهة أخرى كيفية الحوار». وأكد أن الحكومة ستدخل المفاوضات المقبلة ولكن من دون أي شروط من أي جهة. وأضاف قائلاً: «سنطرح مواقفنا التفاوضية على طاولة التفاوض، ولن نسمح بتحديد أي شروط للحوار مع أي جهة أياً كانت».