نتشرت في الآونة الاخيرة الكثير من المقاهى داخل احياء العاصمة المثلثة بشكل يتعارض مع خصائص المجتمع السودانى وعاداته وتقاليده، حيث اصبحت المكان المفضل لدي الكثيرين، وما أن يضع الزائر لهذه المحال رحاله حتى يعتقد للوهلة الأولى أنه داخل ملهى ليلى، دخان يخنق الأنفاس وهواء يأتي تارة بريح التفاح واخرى بالأناناس.. موسيقى صاخبة ورقص واضاءة خافتة وستائر حمراء، وصوت قهقهات الزبائن حول ست الشاي الاجنبية تملأ المكان.. حلقات الشباب من مختلف الاعمار يحملون اوراق الكشتينة والضمنة والبعض ملتف حول مجامر الشيشة ينفثون دخاناً يتصاعد تباعا إلى أن يختفي في فضاءات الاحياء، لتجذب الروائح وحب الاستطلاع صغار السن نحو الدخول الى عالم تدخين الشيشة وقضاء اغلب الوقت داخل هذه المقاهى التى تكون في بعض الاحيان مجرد سور. «الصحافة» التقت عدداً من مرتادى المقاهى للوقوف على ما يجري بداخلها، وذكر صبري على صبري أن سبب لجوء كثير من الشباب إلى المقاهي هو المسابقات الكروية المشفرة والتي تجعل الشباب يتسابقون إلى المقاهي في أوقات بث المباريات، اضافة الى الخدمة الممتازة من قبل العاملات الاجنبيات، مبيناً أنه يعمد مع مجموعة من أصدقائه إلى الذهاب إلى أحد المقاهي التي اعتادوا الجلوس فيها لمشاهدة مباريات المنافسات السودانية والعربية والأوروبية والعالمية، التي تغطي معظم أيام الأسبوع تقريبا، مما يجعل هذه المقاهي مليئة طيلة أيام الأسبوع. وقال حسين عبد الحى وهو شاب فى العقد الثالث من عمره إن شريحة الشباب هى أكثر الفئات تضرراً من انتشار المقاهي التي يديرها الإثيوبيون، وساهمت حالة العطالة في ذلك، وبات الشباب مشغولين بالتردد على تلك المقاهي، فطريقة العرض المغرية وراء ذلك. وادى الامر الى ارتفاع قيمة رسم الدخول الذي وصل الى 1.500 جنيه، كما أن المقاهي تقدم مشروبات ومأكولات برغم انها اخلت بالمظهر الاجتماعى. «الاغراء هو ما يجذب الزبائن» هكذا ابتدر احمد فتحى حديثه، ماضياً الى ان ما يجذب الرجال الى هذه المقاهي انها صممت بطريقة جاذبة من حيث الديكور والاضاءة الملونة والخافتة، مشيرا الى ان فتيات اية من الجمال والاغراء هن من يقدم الخدمات من الشاي او القهوة، بجانب البخور والفشار والبلح والشيشة، اضافة الى متابعة المباريات المشفرة حتى ساعات متأخرة من الليل. وذكر احمد ان بعض المقاهي توفر الخمور، مؤكدا ان هذا التوجه فيه اعتداء على الشارع العام، حيث يستغل الاثيوبيون الاسوار التى امام المنازل ويحيلونها الى مقاهٍ. ويصف مرتضى حسن زيارته شبه اليومية للمقهى بأنه امر اصبح لزاماً عليه، ويقول: «اعتدت على زيارة المقهى للقاء الاصدقاء الذين يجمعهم المقهى ويحررهم من الالتزام داخل المنزل، للعب الكوشتينة والضمنة» وأكثر ما يزعجه على حد قوله هو ارتياد بعض المراهقين وصغار السن المقهى وتدخينهم الشيشة او المعسل، وفي النهاية تكون حرية شخصية تقع مسؤوليتها على والديه اللذين لا يعلمان اين يذهب ابنهما واين يصرف نقوده. وللمقاهي في الخرطوم حكايات لا تنتهي، إلا أنه ومع تنوع خدماتها يبقى زبائنها الدائمون من مختلف الأعمار، ويشكل مرتادوها من الشباب «64» في المئة، فيما يشكل كبار السن «36» في المئة فقط.