ذم قوى المعارضة للإمام الصادق ومولانا الميرغني لن يحدث التغيير. السيدان فرزا عيشتهما، فلم لا تفعل قوى التغيير ذلك عوضا عن حرث البحر. أقوال السيدين وأفعالهما تفصح عن عدم رغبة في تغيير النظام الحالي. مصالح السيدين قد تصالحت منذ اتفاق القاهرة مع مصالح الطغمة الحاكمة. إصرار قوى التغيير على استصحاب السيدين يقدح في جديتها ويكشف ضعفها. جماهير الأنصار والختمية ليست على قلب رجل، واحد فهي تعاني الأمرين كبقية الشعب. على قوى التغيير مد جسور التواصل مع جماهير الطائفتين وترك السيدين في حالهما. ليس غريبا على دهاقنة النظام الحاكم حاليا اللا مبالاة وعدم الاهتمام بالمخاطر التي تحيط بالوطن من كل حدب وصوب نتاج سياسة المهاترات ولحس الكوع الأكثر فشلا وبؤسا في تاريخنا الحديث فأمثال نافع نافخ الكير ودفع الله حسب الرسول صاحب نظرية الدفاع ب (النكاح) يعملون بنظرية "ضرب الأعور على عينه " بعد أن خربوا الوطن واعتلوا قمة تل الخراب ينعقون كالبوم فليس بعد الكفر من ذنب. لكن المؤلم في الحالة الوطنية الراهنة هو الموقف المحير لبعض النخب السياسية وعلى رأس هؤلاء رموز تاريخية فقدت ظلها وأضاعت الحكمة وكتبت على نفسها سوء الخاتمة حين ارتضت أن تضع بيضها في سلال النظام الكثيرة الثقوب والعطب فبآت بإثم عظيم سيظل أثره العميق باقيا يضرب في مقتل محاولات المخلصين من أبناء الحزبين العتيقين الرامية للخلاص الصادق من تبعات مهادنة النظام ومشاركته بعد ما اشترى الزعيمان الإمام الصادق ومولانا الميرغني الترام وهما يدفعان بالأشبال لوكر الثعابين، ولكن هل اشترى السيدان ما اشتريا من "الإنقاذ" بثمن بخس كما يظن البعض؟!. يمكن فهم موقف زعيمي البيتين العتيقين من السلطة الحاكمة اليوم باعتباره موقفا صادقا يعبر عن حقيقة وضعهما الطبقي الذي لم يتحرر بعد رغم حدة المتغيرات وتسارع الإحداث وركض السنين من عقلية "شبه الإقطاع" التي خلقها فيهما المستعمر حين قرر استخلافهما على أرض السودان سدنة لمصالحه بعد الجلاء، واجتهد في أن تؤول مقاليد الأمور بعد خروجه لطائفتين دون غيرهما بعد أن لمس مدى الإخلاص والوفاء، واستبق الأمر وهيأ له بالدعم المادي السخي حيث أطلق يد حاجبي البيتين لتنال ما نالت من كنوز وخيرات البلد المحزون، أراضي وضياع ومشاريع زراعية وأملاك بغير حق، لا يحدها حدود وزاد وأسبغ عليهم التشريف بالأنواط وصولجانات الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس التي عز منالها على ملوك وأمراء الدول الأخرى. واليوم يريد دعاة التغيير بكل بساطة إعادة إنتاج السودان الحديث ونسف قدسية البيتين وسلب سادته تاج العز والفخار الذي توارثوه كابراً عن كابر!!. لا منطق يدعم ولا دوافع تجبر من ولد وفي فمه معلقة من ذهب من إن يتخلى عنها ويتركها ليقتات بأخرى من خشب ويغدو من غمار الناس فالتغيير الذي يرغب فيه السيدان يجب يأتي على مقاس مصالحهما الأسرية الضيقة وبمقاييس فائقة الدقة ومع توفير ضمان الجودة وإلا فليشرب الشعب السوداني كله بما فيه جماهير الطائفتين من البحر، هذه هي الخلاصة التي يلمسها كل من ألقى السمع وهو شهيد في تصريحات الزعمين ويراها في مواقفهما السياسية أما من لا زال يغالط ويمني النفس بغير هذا فهو ممسوس العقل مغشي البصر والبصيرة أو مريض بالهرطقة والعياذ بالله. على قوى التغيير إن كانت جادة ومخلصة لقضايا شعبها أن تغادر هذه المحطة وتستبعد البيتين العتيقين من المعادلة فهي معادلة يصعب وزنها كيمائيا في هذه الحالة وسدنة البيتين أدرى بذلك وقد صرح الإمام عدة مرات في خطاباته ضمنا وعلنا بفحوى هذا الأمر ولكن بعض "الأحباب" يصر على إحراج الرجل الذي آذاه "الانشباح" ما بين بين وسئم طول الانتظار وهو بكل جلاء ووضوح مشاعر الأبوة ليس على الاستعداد أن يقف مع الجماهير ولو كانت من "الأنصار" في وجه أميري القصر وجهاز الأمن من الأبناء فلم ترهقون الرجل من أمره عسرا؟! إن زعيمي الطائفتين الإمام الصادق ومولانا الميرغني يعلمان خير من غيرهما طبيعة التغيير الحتمي القادم في السودان وهما على يقين من أن معطيات المعادلة التاريخية التي حكمت السودان في القرن الماضي لم تعد تصلح لحكمه مستقبلا بعد أن برزت معطيات جديدة لذا سارعا بالاتفاق على دفع الأبناء لبهو القصر على أمل تعزيز السلطة القائمة التي على علاتها قد حفظت لهما الوضع الطبقي وحافظت على مصالحهما حين تراجعت فأعادت المصادر من الأموال والأملاك بل وعززت سلطة السيدين "البابوية" بالردة التي أحدثتها في الاقتصاد ووعي المجتمع الذي ارتد على عقبيه في عهد المسيرة الإنقاذية القاصدة ليرتدي شبابه "المرقع" والطاقية الخضراء من جديد. ودفاع السيدين عن السلطة القائمة بغض النظر عن ماهيتها واعتراضهما على التغيير الراديكالي رغم إصرار قواه على أن تحفظ لهما مساحة فيه، دافعه الأساسي غريزة حفظ النوع التي تحركها مشاعر حب البقاء والتشبث بالحياة، فكلا السيدين يعلم أنه في حال وقوع التغيير الراديكالي المنشود فسيودى ذلك لصعود قوى جديدة وبروز معطيات تحكم معادلة الحكم مستقبلا وتجعل منها معادلة مختلفة تماما عن سابقتها ويتقلص تبعا لذلك دور البيتين ويتم استبعادهما من دائرة الضوء ومركز اتخاذ القرار وحتى في حال تواضعهما ومشاركتهما في إحداث التغيير، فشروط اللعبة الجديدة وموازينها في ظل اندياح الوعي الجماهيري لن تكون أبدا في صالح "القداسة" العتيقة التي وفرت لهما كل أسباب هذا العز والجاه الذي يرفلان فيه. فماذا تريد قوى المعارضة والتغيير من السيدين بعد أن اتضح أن مصالحهما تتعارض ومصالحها بل ومصالح غالبية أهل السودان؟. ماذا تريد وقد ذهب الإمام الصادق بعيدا في الاستهانة والاستهزاء بها بوصفه لأحزابها بأحزاب "الطرور والصندل"؟!!، لم يعد التعذر بمواقف الإمام المعطلة لحراك التغيير يقنع رجل الشارع، وعلى قوى التغيير أن تغادر مربع هذه الأعذار الواهية وتمد صلتها بجماهير الحزبين الرافضة لمواقف الزعمين أو أن ترضخ لمساومات السيدين اللذين سيعملان في هذه الحالة على تفكيكها وبيعها بالتجزئة في سوق النخاسة الإنقاذي، هذا الموقف قد أدركته الجبهة الثورية والقوى الحاملة للسلاح منذ أمد ودفعها إلى تجاوز السيدين عمليا ومد جسور الحوار مع القيادات الوطنية الأخرى "التوم هجو ونصر الدين الهادي" داخل الحزبين وهو تكتيك صائب آتى أوكله وأغضب الإمام فغدا لا يفوت سانحة إلا شكك في مصداقية ووطنية القوى الثورية الحاملة للسلاح ورماها بتهم العنصرية وتنفيذ المخططات والأجندة الخارجية، ولا عجب فذاك لسان أهل السلطة الحاكمة نفسها التي يحلم الإمام مقاسمتها الكعكة عبر ما أسماه تجملا، "التفكيك الناعم للنظام الحاكم". ** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.