عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق أمريكية تنشر لأول مرة عن عبود (2) :الميرغني يرفض الرئاسة ويحرج المهدي...خليل قال إنه يريد إدخال الاتحاديين في الوزارة، لكن زروق لا يثق فيه
نشر في سودانيات يوم 10 - 06 - 2013

خلاف بين الميرغني وعلي عبدالرحمن حول التعاون مع الاتحاديين
زروق: السفارة الأمريكية اشترت النواب الجنوبيين بعشرة آلاف جنيه
وزراء من حزب الأمة يستقيلون لإدخال الاتحاديين
الانقلاب: واشنطن: يبدو بدون تدخل خارجي
خبير اسرائيلي: انقلاب موال للغرب
رئيس وزراء اثيوبيا: انقلاب موال لمصر
زروق: تتعمد الصحف السودانية نشر تصريحات مثيرة بهدف زيادة توزيعها!
--------------------------------
واشنطن: محمد علي صالح
هذه ثاني حلقة من الجزء الرابع، وقبل الأخير، من الوثائق الامريكية عن السودان:
الجزء الاول: الديمقراطية الاولى، بقيادة اسماعيل الازهري، اول رئيس وزراء (1954-1956). وكان خمسة وعشرين حلقة.
الجزء الثاني: الحكومة العسكرية الثانية، بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، آخر سنة كشفت وثائقها). وكان ثمانية وثلاثين حلقة.
الجزء الثالث: سنوات عبدالله خليل، رئيس الوزراء في الديمقراطية الأولى (1956-1958). وكان اثنتين وعشرين حلقة.
وهذا هو الجزء الرابع: الحكومة العسكرية الأولى، بقيادة الفريق إبراهيم عبود (1958-1964). وسيكون ربما عشرين حلقة.
ثم الجزء الخامس، والأخير: الديمقراطية الثانية (1964-1969). وسيكون ربما عشرين حلقة، إن شاء الله.
///////////
وزارة آخر لحظة:
12-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... حسب معلوماتنا، وحسب اتفاق آخر لحظة، سيعلن عبدالله خليل، رئيس الوزراء، وزارة جديدة، كالآتي:
ستة من حزب الأمة: امين التوم، محمد احمد محجوب، ابراهيم احمد، عبدالرحمن علي طه، زيادة ارباب، عبدالرحيم الأمين.
أربعة من الحزب الوطني الاتحادي: مبارك زروق، يحي الفضلي، ابراهيم المفتي، حسن عوض الله.
ثلاثة من حزب الشعب الديمقراطي، من بين: محمد احمد ابو سن، ميرغني حمزة، محمد نور الدين، سيد احمد عبد الهادي، سرور رملي.
ثلاثة من الجنوبيين، من بين: بوث ديو، سانتينو دينق، ساترنينو، اليالوب وايواي، جوزيف ادوهو.
ملاحظات:
اولا: لا يوجد اسم علي عبدالرحمن، زعيم حزب الشعب، ووزير الداخلية.
ثانيا: ربما سينال اتحادي وزارة الشئون الاجتماعية، وليس ابو سن.
رابعا: ربما سينال اتحادي وزارة الخارجية. ربما زروق، بدلا عن محجوب..."
*****
مقابلة عبدالله خليل:
13-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: الوزير
"... حسب تعليماتكم، قابلت اليوم عبدالله خليل، رئيس الوزراء. وقال إن الموضوع "سرى للغاية" بأنه يريد إدخال اتحاديين في الوزارة. وإنه أرسل، اليوم، اثنين من وزراء حزب الأمة الى مبارك زروق للتشاور.
لكنه قال إن معلوماته عن مفاوضات اسماعيل الأزهري، زعيم الحزب الوطني الاتحادي، في القاهرة مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر توضح أن عبدالناصر يريد من الأزهري أن يتشدد، ويضع شروطا أصعب للدخول في الوزارة...
وقال إن مشكلة أخرى هى أن السيد علي الميرغني، راعي حزب الشعب الديمقراطي، لا يريد الاشتراك في وزارة مع الاتحاديين.
في الجانب الآخر، قال إن الجنوبيين متحمسون للتحالف مع حزب الأمة لأن كلا من الحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب يعارضان المعونة الامريكية. ويرى الجنوبيون أن هذه المساعدات ستشملهم ربما أكثر من أي منطقة أخرى في السودان...
وقال خليل إنه طلب من محمد صالح الشنقيطي، رئيس مجلس النواب، تأجيل افتتاح البرلمان من 17-11 الى 12-8. وأنه يفكر في السفر الى القاهرة للاجتماع مع عبدالناصر..."
*****
طلب مقابلة زروق:
13-11-1958
من: وزير الخارجية
الى: السفير، الخرطوم
"... نتفق معكم في اقتراحكم بمقابلة مبارك زروق، زعيم المعارضة، لاستطلاع رأيه فينا. وايضا، في احتمال دخوله الوزارة، مع أخبار بأنه ربما سيكون وزيرا للخارجية، بدلا عن محمد أحمد محجوب.
أنتم مفوضون لتقولوا لزروق إن الولايات المتحدة لا تعارض، أكرر لا تعارض، دخوله الوزارة.
ونحن نعرف أن عبدالله خليل، رئيس الوزراء، يبذل جهودا كبيرة لإدخال اتحاديين في وزارته..."
*****
مقابلة زروق:
14-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... حسب طلبكم، قابلت اليوم مبارك زروق في منزله. وبعد كلمات المجاملة، تحدثنا في مواضيع كثيرة. وأجاب على كل أسئلتي في صراحة ووضوح، وأحيانا في ردود طويلة ومكررة:
اولا: مناورات تشكيل حكومة قومية: ظل الموضوع يناقش منذ شهور. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، اهتم حزب الأمة أكثر بالموضوع.
ثانيا: الوضع السياسي العام: كل الأحزاب منقسمة: الوطني الاتحادي، والأمة، والشعب الديمقراطي، والجنوبيين. حزبا الأمة والشعب الديمقراطي "حزبان مضى عليهما الزمن، ويعتمدان على الطائفية." بينما الحزب الوطني الاتحادي "حزب حديث." والجنوبيون "لا يفهمون أبدا ما يحدث."
ثالثا: المعونة الامريكية: لم يشارك خليل أحزاب المعارضة في مفاوضات قبول المعونة الامريكية إلا يوم تقديم قانون قبولها للبرلمان. ولا يعرف زروق تفاصيل الموضوع، ولا يعرف أن حكومة خليل كانت تفاوض المسئولين الامريكيين منذ فترة طويلة.
رابعا: هدف عبدالله خليل: كلما أحس بأن وزارته آمنه، تملص من مفاوضات الحكومة القومية او الائتلافية. وكلما أحس بأن حكومته ضعيفة، جاء الى الاتحاديين للتفاوض. ويتفاوض مع الاتحاديين، ليس لإدخالهم الوزارة بالضرورة، ولكن نكاية في حزب الشعب الديمقراطي.
خامسا: الختمية: فقد السيد علي الميرغني السيطرة على حزب الشعب الديمقراطي. وخاصة جناح علي عبدالرحمن، وزير الداخلية. ويحس الميرغني أن الاتحاديين خانوه منذ أيام إعلان الاستقلال. ولهذا، لن يقبل أبدا التحالف معهم. "لكنه سياسي، والسياسيون يغيرون آراءهم."
علاقة خليل مع مصر: فشل خليل في كسب ود المصريين. ويقدر الاتحاديون على ذلك، مع المحافظة على استقلال السودان وسيادته. ولابد للسياسيين السودانيين ان يعرفوا اهمية مصر بالنسبة للسودان، تاريخيا، وجغرافيا، واقتصاديا، وسياسيا...
بعد ان شرح زروق هذه النقاط عن الوضع السياسي السوداني، رأيت ان اواجهه، بطريقة دبلوماسية، في المواضيع التي تخصنا:
قلت: استغرب لزيارات قادة الحزب الوطني الاتحادي للقاهرة، ومقابلاتهم الكثيرة للكولونيل ناصر، وهي مقابلات يركز عليها الاعلام المصري.
قال: ظلت علاقتنا مع مصر قوية. ونحن لا نتفق مع حزب الأمة في شكوكه نحو المصريين. نعم، نعرف ان هناك عوامل تاريخية (المهدية، وعداء المصريين لها). لكن، لا يقدر شخص على ان يقلل من أهمية مصر بالنسبة للسودان.
قلت: ها هو اسماعيل الازهري في القاهرة، يقابل ناصر، وينتقد حكومة خليل. تبدو تصريحاته بالنسبة لي وكأنها تصريحات مصريين، اكثر منها تصريحات سوداني، وزعيم سوداني مرموق.
قال: صحيح، أدلى الازهري بتصريحات متطرفة حول هذا الموضوع. ونحن، في قيادة الحزب، نحاول دائما ان نقلل من تصريحاته التي تسبب لنا مشاكل. لكن، أحيانا، بدون فائدة. ولا تنس تقاليد الكرم والامتنان السودانية. نحن نعتبر ان كثيرا من تصريحات الازهري في القاهرة هي تصريحات امتنان لضيافة المصريين (يشيد بهم وهو في بلدهم).
قلت: لكن، هذه تصريحات علنية، لا خاصة. ونشرتها اجهزة الاعلام المصرية، وغير المصرية. هذه تصريحات زعيم سوداني كبير، ويحاسب عليها. لن يقدر على التنصل منها سواء هي تعبر عن رأيه الحقيقي او لا.
قال: تتعمد الصحف السودانية نشر تصريحات مثيرة بهدف زيادة توزيعها. ولهذا، تثير، وتبالغ في تصريحات الأزهرى التي تنشرها. وهي صحف لا يمكن الثقة بها، وتنشر كثيرا من الأكاذيب والمبالغات.
قلت: أكاذيب ومبالغات، لكنها هي صحف السودان. وهي تؤثر على الذين يقرأونها، وعلى الرأي العام السوداني، وعلى مجري السياسة السودانية.
قال: يستطيع الصحفيون أن ينشروا أي شيء يريدونه.
قلت: لكن، للكلمة المكتوبة "سحر" في السودان لا يوجد له مثيل في الدول الغربية.
قال: أتفق معك في هذا.
قلت: كمثال لأهمية ما تنشر الصحف، نشرت صحيفة "الأيام"، يوم 12-11، التصريح الآتي على لسانك (قرأ ترجمته): "عندنا معلومات مؤكدة، ومن مصادر موثوق بها، أن سفارة غربية كبيرة تهتم بزيادة نفوذها، وتريد تنفيذ مخططات لها في السودان، أجرت اتصالات مع كتلة في البرلمان، وأغرتها لتؤيد الحكومة الحالية مقابل عشرة آلاف جنيه..."
ألا تقصد السفارة الامريكية؟ وألا تقصد شراء النواب الجنوبيين؟
قال: هذا تصريح صحيح. ونعم أنا قلت إن السفارة الامريكية تشتري نوابا في البرلمان.
قلت: ماهي هذه "مصادر موثوق بها"؟
قال: لن أقلها لك. لكني متأكد مما قلت.
قلت: شيء آخر. قلت ل (...، شخص يعرفه الاثنان) إن الولايات المتحدة تعادي الحزب الوطني الاتحادي. وتعمل على تحطيمه. لكني أقول لك إن هذا ليس صحيحا. ما هي الأدلة التي تثبت ذلك؟
قال: عندي دليلان: الاول: أيدتم حزب الأمة في انتخابات فبراير سنة 1958. الثاني: يبدو أن عبدالله خليل يحصل على أموال من جهات لا يعلنها.
قلت: هل معنى ذلك أننا نعطيه أموالا؟
قال: إذا لم تأت الأموال من امريكا، من أين تأتي؟
قلت: لم أكن هنا في الخرطوم في فبراير الماضي عندما جرت الانتخابات. لكني متأكد أن السفارة لم تسلك أي سلوك خطأ خلال الانتخابات. والنقطة الثانية هي أن أموال خليل ليست مسئوليتنا، ولا نديرها، ولا نساهم فيها. ولا أعرف من أين أتيت بهذه المعلومات.
قال: هذه مصادر خاصة ولن أقلها لك.
قلت: هناك نقطة أخرى، وهي أن عداء الحزب الوطني الاتحادي للولايات المتحدة غير مبرر، ويسبب مشاكل كثيرة، ويخلق هذا الانطباع بأننا نعاديه. لا يفوت قادة الحزب فرصة بدون أن ينتقدونا. وأحيانا في أشياء صغيرة، وبأساليب تافهة. مثلا: أنتم والشيوعيون تعارضون اتفاقية المعونة الاميركية. وتريدون من البرلمان إلغاءها. نحن أكثر دولة تقدم مساعدات للسودان. وظللنا كرماء في تلبية طلبات المساعدة من حكومة السودان. وبدون مساعدات خارجية، يواجه السودان كارثة اقتصادية. وسؤالي لك هو: من أين ستحصلون على مساعدات إذا ألغيتم قانون المعونة الامريكية؟
قال: عارضنا الاتفاقية لأن رئيس الوزراء لم يشاورنا قبل عرضها على البرلمان. وفي الحقيقة، المعونة الامريكية، وهدية الأسلحة البريطانية، ليستا إلا مواضيع مفيدة بالنسبة لنا، نستغلها للهجوم على الحكومة.
قلت: أنتم تعادوننا أكثر مما تعادون حكومتكم.
قال: لكن حكومتكم تتعاون مع حكومتنا ضدنا.
قلت: أعتقد أنكم تضخمون دورنا في السياسة السودانية. ونحن لا نريد للسودان غير الاستقرار والسلام، وأحزاب تخدم وطنها بدلا من أن تتعارك مع بعضها البعض. وإذا اتفقتم على تشكيل حكومة قومية، سنكون نحن سعداء جدا..."
*****
رئاسة الميرغني والمهدي
15-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... نشرت اليوم صحيفة "صوت السودان"، الناطقة باسم السيد علي الميرغني وحزب الشعب الديمقراطي، تصريحات لمحمد احمد ابو سن، من قادة الحزب ووزير الشئون الاجتماعية، تعارض ما قال إنه اقتراح من حزب الأمة بأن يصبح السيد عبدالرحمن المهدي رئيسا للجمهورية، ثم، بعد وفاته، يخلفه الميرغني. وقال أبو سن: "مولانا حفظه الله أكبر من هذه المناورات والألاعيب السياسية. رفض، قبل سنوات كثيرة، عرضا من البريطانيين بأن يكون ملكا على السودان. كيف يريد أن يكون رئيسا الآن؟ إنه يرى أن تاجه هو الشعب السوداني..."
رأينا:
اولا: يعني هذا أن الميرغني لن يكن رئيسا.
ثانيا: صار المهدي في وضع حرج: كيف يقبل وظيفة رفضها الميرغني؟.
ثالثا: يستمر مستقبل الحكم في السودان غير واضح..."
*****
استقالات وزراء:
15-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... علمنا أن وزراء في حكومة عبدالله خليل تقدموا باستقالاتهم ليقدر خليل على إعادة تشكيل وزارته. ومنهم: وزير الخارجية محمد احمد محجوب. ووزير الصحة محمد نور الدين. ووزير الحكومة المحلية عبدالرحمن علي طه. ووزير الدولة؛ وأحيانا قائم بأعمال وزارة الخارجية، عبدالله عبد الرحمن نقد الله. ووزير الدولة برئاسة الوزراء امين التوم. ووزير المواصلات مأمون حسين شريف. ووزير المالية ابراهيم احمد. ووزير الأشغال فردناند ادينق...
ونشرت صحف الخرطوم تصريحات لرئيس الوزراء عبدالله خليل بأنه يريد فرصة لإعادة تشكيل وزارته، وليسافر الى مصر للتفاوض مع الرئيس عبدالناصر. وأنه، لهذا، يفضل تأجيل استئناف جلسات البرلمان.
ونشرت الصحف أيضا تصريحات مناوئة من قادة الحزب الوطني الاتحادي. عارضوا تأجيل استئناف البرلمان، وقالوا إنهم لم يستشاروا، وإن هذه سابقة خطيرة... "
*****
محجوب:
16-11-1958
من: السفير
الى: وزير الخارجية
"... قال اليوم لنا محمد احمد محجوب إن البرلمان لن ينعقد غدا، 17-11، ولكن يوم 8-12..."
*****
الانقلاب:
17-11-1958
من: وزير الخارجية
الى: السفراء في: الخرطوم، القاهرة، لندن
"... أعلن المتحدث باسم الخارجية، في مؤتمره الصحفي اليوم الآتي:
"حسب معلوماتنا، نجحت القوات المسلحة في السودان، بقيادة قائدها الفريق إبراهيم عبود، في الاستيلاء السلمي، بدون إراقة دم، على الحكم في السودان، في ساعة مبكرة من صباح اليوم. حسب معلومات سفيرنا في الخرطوم، لم تحدث اضطرابات، ولم يصب مواطن اميركي بأذى. لاحظنا أن بيانات الانقلاب الاولى قالت إن الحكومة الجديدة تريد تحسين العلاقة مع الدول المجاورة، وخاصة مصر. وأن الفريق عبود طمأن الأجانب على سلامتهم..."
وردا على سؤال من صحفي، قال المتحدث: "نواصل جمع مزيد من المعلومات. وحسب معلوماتنا الحالية، لا نعتقد أن الانقلاب وقع لأسباب خارجية، او تدخلات دول أخرى..."
*****
بيان الانقلاب:
من: السفير، الخرطوم.
الى: وزير الخارجية
17-11-1958
"... هذا ملخص إرسال إذاعة "هنا أم درمان" اليوم:
6:30 صباحا: بيان الفريق إبراهيم عبود، باللغة العربية (الترجمة مرفقة). وكررت الإذاعة إذاعة البيان كل نصف ساعة، ثم تقدم أناشيد وطنية.
10 صباحا: قالت باللغة الانجليزية إنها ستذيع بيان عبود باللغة الانجليزية في 10:45 صباحا. (أجلت مرتين. وأذاعته أخيرا في 1:45 مساء).
10:40: قالت إن القائد الأعلى تلقى برقيات تأييد من كل القيادات العسكرية، وأن الوضع في العاصمة هادئ.
10:45: قالت إن الفريق عبود سيجتمع مع السفراء الأجانب في الساعة 12:00
وبعدها قال تعليق إن "الجفوة المفتعلة" في العلاقات بين السودان ومصر ستنتهي.
12:30: قالت إن مطار الخرطوم مفتوح للسفر من والى خارج السودان.
2:40: أذاعت ثلاثة بيانات عسكرية: اولا: إعلان حالة الطوارىء في كل السودان، وتعيين قادة القيادات العسكرية حكاما عسكريين في مناطقهم. ثانيا: تجميد الدستور مؤقتا، وحل البرلمان. ثالثا: وقف كل الصحف والمطابع. قرأ البيانات البكباشي عثمان نصر.
2:45: أذاعت بيانين، واحد من السيد عبدالرحمن المهدي، والثاني من السيد علي الميرغني. وأيد البيانان الانقلاب. ثم أذاعت برقيات تأييد من عشرات من السودانيين. واحد من أحمد جلي، قائد شرطة دارفور، وواحد من موسى مادبو، زعيم قبيلة الرزيقات، ومن قادة لحزب الأمة في محافظات مختلفة...
5:00: فجأة توقفت الإذاعة. وقال مسئول فيها، عندما اتصلت به السفارة، إنهم سيعودون للإرسال في 6:30 مساء..."
*****
بيانات وتعليقات:
18-11-1958
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... أمس، واصلت إذاعة "هنا ام درمان" برامجها، مع استمرار إذاعة بيانات عسكرية:
6:30 مساء: واصلت البرامج.
7:45 : بيان من القيادة الشمالية في شندي "نؤيدكم تأييدا كاملا."
7:48 أناشيد وموسيقى وطنية.
9:00: تعليق عن أسباب الانقلاب، ومعظمه من بيان الفريق عبود...
ملخص البيانات والتعليقات:
اولا: القوات المسلحة سيطرت على الحكم بسبب "الفوضى والفساد."
ثانيا: تعمل الأحزاب السياسية لمصلحتها، لا لمصلحة السودان.
ثالثا: ستكون الحكومة الجديدة خادمة للشعب ومن أجل استقلال وتطور السودان.
رابعا: ستحترم كل الاتفاقيات الخارجية، وخاصة مع الدول العربية.
خامسا: لن تتدخل في شئون الدول الأخرى، ولن تقبل تدخل الدول الأخرى في شئون السودان.
سادسا: حل الأحزاب، وحل البرلمان، ووقف الصحف بهدف حماية أمن البلاد..."
*****
خبير اسرائيلي:
17-11-1958
من: السفير، أديس أببا
الى: وزير الخارجية
نسخة الى: السفير، الخرطوم
"... جاء لزيارتي في مكتبي اليوم شيلو، دبلوماسي سابق في السفارة الاسرائيلية في واشنطن، ومعروف بمعلوماته الاستخباراتية...
قال إنه ظل يستمع لإذاعة "هنا أم درمان" منذ الصباح الباكر، وتابع أخبار الانقلاب العسكري هناك...
وقال إن رأيه هو أن الانقلاب ليس معاديا للغرب. وإن الفريق عبود هو الذي اتصل بالسيدين علي الميرغني وعبدالرحمن المهدي، واقترح عليهما أن يصدر كل واحد بيان تأييد "بهدف المحافظة على الاستقرار."
واقترح شيلو أن تعترف سريعا الولايات المتحدة بالحكومة الجديدة.
بعد شيلو، جاء لزيارتنا رئيس وزراء اثيوبيا اكليلو، ومعه في جيبه ترجمة بالفرنسية لبيان عبود. وعكس شيلو، قال إن انقلاب عبود يمكن أن يكون مواليا للرئيس المصري جمال عبدالناصر، لأن الانقلاب تحدث عن "إزالة الجفوة المفتعلة مع مصر"...
*****
الحلقة التالية: رد الفعل المصري: انقلاب أمريكي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.